أخبار

واشنطن وبغداد تتفاوضان حول مستقبل العلاقات بينهما

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

بغداد: تتفاوض الولايات المتحدة والعراق حاليا على اتفاق يحكم شكل العلاقات بين البلدين بحلول نهاية العام الحالي وذلك عندما ينتهي التفويض الممنوح من الامم المتحدة لقوات التحالف للبقاء في العراق. أحد الأهداف الرئيسية لمؤتمر صحفي عقده في لندن مستشار السفير الأميركي في العراق فيليب ريكر كان توضيح بعض جوانب هذا الاتفاق الذي يطلق عليه اسم "اتفاق استراتيجي ثنائي" بين الولايات المتحدة والعراق.

هذا الاتفاق تناولته الكثير من وسائل الاعلام الغربية مؤخرا وتعرض لانتقادات شديدة، حتى قبل التوصل لصيغة نهائية له، وذلك من المشرعين الأمريكيين سواء الديمقراطيين أو الجمهوريين الذين ينتمون لحزب الرئيس الأمريكي جورج بوش. ريكر مستشار السفير الأميركي في العراق ريان كروكر، الذي قدم شهادته للكونجرس الأمريكي مؤخرا حول تطورات الاوضاع في العراق، قال ان العلاقات بين الولايات المتحدة والعراق تتركز هذا العام على التوصل لاتفاقين هما كما يوضح: "اتفاق ثنائي استراتيجي يحكم العلاقة بين الطرفين اضافة الى اتفاق يعرف باتفاق "وضع القوات" لوضع اسس عمل القوات الأميركية في العراق بعد نهاية العام الحالي والذي ينتهي معه التفويض الممنوح من الامم المتحدة لقوات التحالف في العراق".

الحكومة العراقية كانت قد قالت في اغسطس/اب الماضي انها لا ترغب في تجديد او تمديد هذا التفويض لكنها في الوقت نفسه ومع استمرار عدم استقرار الاوضاع في العراق تجد ضرورة لبقاء القوات الأميركية في البلاد، وهو ما دعا الى ضرورة العمل على اتفاق جديد يحكم شكل العلاقة بين الطرفين.

ووفقا لمسودة الاتفاق فانه يسمح للولايات المتحدة بالقيام بعمليات عسكرية في العراق واعتقال اشخاص اذ لزمت الضرورة لاسباب لأمنية. الا ان الاتفاق لا يضع حدا زمنيا لتواجد القوات الأميركية في العراق ما دعا البعض الى القول انه يخول الولايات المتحدة بالاحتفاظ بتواجد عسكري مفتوح الأمد في العراق.

لكن ريكر كرر ما سبق ان أكد عليه كروكر والقائد الأعلى للقوات الاميركية في العراق الجنرال ديفيد باتريوس مسبقا قائلا ان هذا الاتفاق لا يعني باي حال ان الولايات المتحدة أو الحكومة العراقية تسعيان الى اقرار وجود قواعد عسكرية في العراق.

وأضاف: " من المهم أن ندرك ان هذا الاتفاق لا يعني وجود قواعد عسكرية دائمة في العراق ونحن اعلنا كما اعلن العراقيون انه لن تكون هناك قواعد عسكرية دائمة في العراق كما ان الاتفاق ليس له علاقة بعدد القوات التي ستبقى في العراق او المدة التي ستبقى فيها فاتفاقية وضع القوت ستضع قواعد عمل قواتنا في لدعم العراقيين. " هذا الاتفاق قوبل بمعارضة واسعة من قبل المشرعين الأميركيين سواء الديمقراطيين او الجمهوريين.

ودعا بعض نواب الكونجرس الى عرض الاتفاق على الكونجرس للتصويت عليها في حين اتهم آخرون الادارة الأميركية الحالية بمحاولة فرض مثل هذا الاتفاق على أي ادارة أميركية قادمة. من جانبه قال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري ان مثل هذا الاتفاق عندما يعرض على البرلمان العراقي للتصويت عليه فانه سيؤدي بالتأكيد الى بعض المناقشات الحادة والساخنة.

ويرى مراقبون ان مثل هذا الاتفاق سيلقى معارضة قوية من بعض الجماعات السياسية او الجماعات المسلحة المناهضة للوجود الأمريكي في العراق مثل جماعة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر الذي سحب وزرائه من الحكومة العراقية احتجاجا على رفضها وضع جدول زمني لسحب القوات الأميركية من البلاد.

لكن في سؤال لبي بي سي حول تأثير مثل هذا التواجد اللانهائي للقوات الأميركية في العراق على الأوضاع الأمنية ومستويات العنف في العراق قال ريكر: "بعد يوليو/تموز سنقوم بمرحلة من التقييم للظروف على الارض لتحديد أي عمليات لاعادة نشر القوات او سحبها والفترات الزمنية التي سنقوم فيها بذلك. مهمتنا هي محاولة تقييم الظروف وتحديد ما يمكننا فعله واي تداعيات او عواقب لاي خطوة نقوم بها فالأمن هو اولويتنا القصوى ، لكن من المهم ان نأخذ في الاعتبار الظروف المحيطة واذا كان الوضع الامني هش وقابل للتغيير فسنحرض على عدم اتخاذ أي خطوات سابقة لاوانها يكون من شأنها التأثير سلبا على الاوضاع في العراق."

ايران والدول العربية

وكان لايران نصيب وافر من الانتقادات من قبل ريكر، لكن هذه الانتقادات لم تسلم منها ايضا الدول العربية. وعلى الرغم من المفاوضات التي اجرتها الولايات المتحدة مع ايران برعاية عراقية لتحسين الاوضاع الامنية في العراق فإن ريكر قال ما سبق ان رددته القوات الأميركية والادارة الأميركية من توافر ادلة لديها على تورط ايران "السلبي" كما وصفه ريكر في العراق، سواء بامدادها اسلحة للجماعات المسلحة في العراق او تدريب بعض عناصر الميليشيات العراقية.

وأضاف ان هذا التدخل الايراني "ادى في الواقع الى اعاقة تحقيق أي تقدم في مجال الامن في العراق ويتعارض مع السياسة المعلنة من قبل ايران بالرغبة في تعزيز الامن في العراق وهو ما نرحب به ووافقنا على المشاركة في مفاوضات مع ايرن بدعوة من العراق فيما يتعلق بالوضع الامني في العراق." وقال ريكر ان من مصلحة ايران على الامد الطويل ان يكون العراق مستقرا وآمنا ومزدهرا لأن العراق سيبقى جارا لايران حتى بعد رحيل القوات الأميركية منه حسب قوله.

وأضاف ان التأثير السلبي لايران على الوضع الامني في العراق لا يزال يعد مصدر قلق بالنسبة للولايات المتحدة مؤكدا على اعلان بلاده استعدادها لاجراء جولة رابعة من المفاوضات رغم انها لم تر مستوى التقدم الذي كانت تأمل فيه من إيران، ووصف الحوار مع ايران بأنه "قناة مفتوحة مفيدة ورغم مرور عام على اول جولة من المفاوضات مع ايران فلم نر ادلة واضحة على أي تغيير في السلوك الايران.

ولم تخرج هذه الاجتماعات بنتيجة واضحة لكن كما قال السفير كروكر فانه من المفيد اجراء هذه المفاوضات لذلك فنحن لا زلنا مستعدين للتفاوض مع الايرانيين." وانتقد عدم وجود أي تمثيل دبلوماسي عربي في بغداد وعدم زيارة أي وزير عربي للعراق.

وتساءل ريكر عن غياب أي دور عربي في العراق قائلا: "لماذا ابتعد العالم العربي عن العراق الذي ان عضوا مؤسسا لجامعة الدول العربية ويقع في قلب العالم العربي على مر التاريخ ومن مصلحة العالم العربي وجيران العراق ان يتحقق الاستقرار وهذا لن يتحقق الا اذا تحقق الاستقرار في العراق"

ودعا ريكر الدول العربية الى القيام بما وصفه بمسؤوليتها تجاه العراق ودعمه ومساعدته، مضيفا ان باتريوس وكروكر يقومان حاليا بزيارة الى السعودية اضافة الى تحركات دبلوماسية أميركية اخرى في المنطقة لايصال الرسالة نفسها.

استقرار هش

ريكر قدم ايضا تقييما عاما للأوضاع في العراق قائلا انه على الرغم من التقدم الذي تحقق فيما يتعلق بتحسن الأوضاع الأمنية فان الوضع لا يزال غير مستقر في العراق. وأضاف: "التحديات لا تزال كبيرة والتقدم الذي حققناه لا يزال هشا ومن الممكن ان يتغير في أي وقت ، ورغم ان هناك تقدم امني كبير ، فان الاحداث الامنية ستظل موجودة سواء تلك التي تقوم بها القاعدة مثل التفجيرات التي شاهدنها هذا الاسبوع، واعمال العنف الكبيرة التي تهدف الى زرع الخوف ولفت الانتباه أو التحدي المستمر للحكومة التي تحاول بسط سيطرتها كما رأينا في البصرة"

ريكر ايضا امتدح الحكومة العراقية لما حققته من تقدم على الناحتين السياسية والاقتصادية، وهو التقدم الذي اعتبره نتيجة مباشرة لتحسن الأوضاع الأمنية. واضاف ان مظاهر التقدم السياسي ظهرت جلية في عدد من النواحي مثل مثل "عدد التشريعات التي تم تمريرها خلال شهر فبراير/شباط.

كما قال ان "تحسن الوضع الامني مكن بعض المشرعين من التركيز على مهامهم الرئيسية وهي تشكيل ائتلافات سياسية كما ان المجلس التشريعي اصبح اكثر نشاطا الآن فقد اصبح يضم العديد من الفصائل والاحزاب السياسية التي تمثل النسيج العراقي المتعدد الأعراق والطوائف وتمكن من اتخاذ القارارت الصعبة التي تعد جزءا من عملية الحكم."

وقال ان الحكومة تمكنت بنجاح من تحقيق بعض الانجازات الاقتصادية التي ترتبط بالتقدم في العمليتين السياسية والأمنية مثل التصديق على ميزانية قيمتها 48 مليون دولار لعام 2008 وهو ما اعتبرها ميزانية قياسية بالنسبة للعراق لكنه قال ان التحدي الاكبر الذي يواجه الحكومة فيما يتعلق بالناحية الاقتصادية هي تنفيذ بنود هذه الميزانية.

كما اشار ريكر الى اشادة صندوق النقد الدولي بالخطوات التي اتخذها العراق فيما يتعلق بالتعامل مع الديون مشيرا الى ان نسبة التضخم في العراق منخفضة في الوقت الذي حقق فيه الدينار العراقي مكاسب قوية، لكنه ركز على ضرورة تمرير العراقيين لقانون النفط قائلا انه السبيل لجلب الاستثمارات الاجنبية الى العراق.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف