الأردن: الفشل في مواكبة قانون جديد للإحزاب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
عمان: وسط انتقادات واسعة وتلويح باللجوء للقضاء، تستعد نصف أحزاب الأردن الـ36 لحلّ نفسها مع انتهاء مهلة حكومية لتصويب أوضاعها طبقا لشروط قانون أحزاب جديد يدخل حيز التطبيق الأربعاء بعد سنة من اعتماده.
وأخفقت غالبية الأحزاب في جمع الحد الأدنى من المؤسسين أي 500 منتسب، وهو عشرة أضعاف الحد الأدنى السابق بموجب أول قانون لتنظيم الأحزاب الصادر عام 1992. في المقابل تؤكد الحكومة أن القانون الجديد ضروري لتنظيم الحياة الحزبية وقد يحفز الاحزاب المتجانسة فكرا ومنهجا على الاندماج فيما بينها.
بموازاة ذلك قرّرت أربعة تنظيمات يسارية وقومية الطعن بالقانون لدى محكمة العدل العليا. القانون الجديد يرفع الحد الأدني من مؤسسي الحزب من 50 إلى 500، على أن يكونوا بالتساوي في خمس على الأقل من محافظات المملكة الاثنتي عشرة.
هذا إلى جانب سلسلة شروط أخرى مثل رفع عمر الحزبي إلى 21 عاماً، وأن يكون حاصلا على شهادة "عدم محكومية". وقد صدر القانون الجديد بعد 15 سنة على وضع أول تشريع لتنظيم عمل الأحزاب، منهيا آنذاك 35 عاما من الحظر الرسمي على التنظيمات السياسية.
الحكومة تدافع
وزير التنمية السياسية كمال ناصر يؤكد أنه من المبكر الحكم على القانون الجديد معتبرا أن إيجابيته تكمن في "حصانة مقرات الأحزاب وإعفاء الحزبيين من المساءلة عن أفكارهم السياسية". وحول عدم قدرة الأحزاب على رفع عدد منتسبيها من 50 إلى 500 بموجب القانون الجديد، يتساءل الوزير القادم من الساحة النقابية: "لماذا لا تتجه الأحزاب للإندماج لا سيما إذا كانت متماثلة بالفكر والمبادئ والأهداف؟"
لكن وزير التنمية السياسية السابق محمد العوران أمين عام حزب الأرض العربية (قومي التوجه) لا يؤيد مقاربة خلفه حول دور القانون في دمج الأحزاب. ويقول العوران "فقط 14 من 36 حزبا تثبتوا رسميا بموجب القانون. لقد أدى إلى شراء الأحزاب وشراء ضمائر الناس للوصول للحزبية. هذه النتيجة التي وصلنا إليها".
ويستذكر العوران تعليقه الانتقادي "هذه جريمة بحق الوطن" حين سنّت الحكومة، التي كان عضوا بها، قانون الأحزاب موضع الجدال في ربيع العام الماضي. ويصف العوران القانون بأنه "مجحف بحق الأحزاب" رافضا تطبيقه بأثر رجعي على الأحزاب القائمة. ويؤكد توجه حزبه للطعن فيه قضائيا إلى جانب الأنصار العربي برئاسة عدنان زهران، وحركة حقوق المواطن " حماة" برئاسة يعقوب الكسواني وحزب العمل القومي برئاسة محمد الزعبي. ا
أحزاب توفق اوضاعها
جبهة العمل الإسلامي- الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين الأوسع نفوذا على الساحة الحزبية الأردنية- كانت في مقدمة الأحزاب التي نجحت في مواكبة شروط القانون الجديد. أمين عام الجبهة زكي بني ارشيد يرى في القانون الجديد "تكريسا لهيمنة وزارة الداخلية باعتبارها وزارة أمنية على العمل السياسي الحزبي" لافتا إلى أنه "يفتقر إلى بند يضمن تداول السلطة سلميا بين الأحزاب أو الائتلافات صاحبة الأكثرية في الانتخابات".
بني ارشيد، الذي تسيطر جبهته على ستة من مقاعد المجلس النيابي البالغ عددها 110، يعتقد أنه كان بالإمكان "إضافة فقرة تنص على إمكانية التداول السلمي للسلطة. هذا يعني أن الملك "يمكن أن يكلف الحزب الأكبر أو الائتلاف الحزبي الأكبر".
بموجب الدستور، للملك صلاحية تعيين رئيس الحكومة وخلعه ويوافق على أعضاء الحكومة بتنسيب من رئيسها، وهو رئيس السلطات الثلاث. في هذا السياق، يقول بني ارشيد: "على كل الأحوال، الدستور كائن حي متطور وضع لخدمة المجتمع. ولا يوجد أي معنى لإصلاح سياسي إن لم يكن هنالك تداول سلمي للسلطة".
في اللحظات الأخيرة أدى اندماج الحزب الشيوعي الأردني والشغّيلة الشيوعي الأردني تحت مظلة مشتركة إلى نجاحهما في اجتياز اختبار الحد الأدنى من المؤسسين. على أن أمين عام الحزب الشيوعي منير حمارنة يؤكد أن القانون لم يساهم في الاندماج بل "انضجه" مشيرا إلى أن مشروع الاندماج كان قيد التفاوض الداخلي منذ ثلاث سنوات.
ويرى حمارنة أن من أهم أهداف القانون الجديد "التضييق على عمل الأحزاب وتقليل عددها تحت بند الدمج". وهو يصر على أن الدمج "لا يتم عن طريق قانون. بل من خلال تقارب الظروف الموضوعية بين الأحزاب".
الأحزاب التي صوبت أوضاعها تنتمي إلى التيار الوسطي، المقرب من السلطة، جبهة العمل الإسلامي وشريكيها في خندق المعارضة- الحزبين اليساريين ذات جذور فصائلية فلسطينية "الوحدة الشعبية" و "حشد" فضلا عن البعث التقدمي، جناح البعث السوري.
أحزاب ستحل نفسها
في المقابل يستعد 16 حزبا على الأقل لحل نفسها، بعد أن وجهّ بعضها نتقادات الى للقانون بعاتباره يرقى الى حكم الاعدام. فؤاد دبور أمين عام حزب البعث العربي التقدمي (قومي معارض) يرى في القانون "تقييدا للحريات الحزبية والعامة، مخالفة دستورية ستسهم في التضييق على الحريات العامة".
وزارة الداخلية تؤكد أن القانون جاء لتنظيم العمل الحزبي في بلد ينتشر فيه 36 تنظيما سياسيا، أي حزبا لكل 160 ألف أردني. تشير سجلات الوزارة إلى أن عدد المنتمين إلى الأحزاب لا يتجاوز 5000 شخص، غالبيتهم من أنصار جبهة العمل الإسلامي.
ويؤكد رئيس قسم الأحزاب في وزارة الداخلية عبد الباسط الكباريتي أن المحكمة ستكون مرجعية حل الحزب في حال أخفق في تصويب أوضاعه. وبينما ينتقد مسؤولون عدم قدرة الأحزاب على الانتشار والتأثير في المجتمع، يرى حزبيون مخضرمون أن التشريعات والبيئة السياسية تعوق الانتشار، في بلد حظر العمل الحزبي بين عامي 1957 و 1992. يذكر ان الأردن 14يوجد بها نقابة مهنية تضم حوالي 150 ألف منتسب، وهي تتحرك بفعالية على الساحة الحزبية إذ ملآت فراغ غياب الأحزاب خلال فترة حظرها رسميا.