قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
خلف خلف من رام الله: بينما ترتفع حدة الحوار العام في إسرائيل حول موضوع اتفاق السلام مع سوريا. وتتواصل تلميحات رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود اولمرت والرئيس السوري بشار الأسد كل للآخر عن نواياه للتوصل لاتفاق، في مركزه انسحاب إسرائيلي من هضبة الجولان. خرج الرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس ليفجر قنبلة، معلنًا بأنه محظور في الوضع القائم، الانسحاب من هضبة الجولان والوصول إلى اتفاق مع الأسد. وقد نقلت صحيفة معاريف الصادرة اليوم الجمعة عن بيرس قوله في محفل مغلق: "نحن لن نسلم هضبة الجولان للإيرانيين". وأضاف: "الأسد يفضل لبنان والعلاقة مع حزب الله على هضبة الجولان. فإذا لم يقطعوا أنفسهم عن حزب الله والإيرانيين، فمحظور إعطاءهم لجولان. باراك، نتنياهو ورابين اقترحوا على السوريين كل الهضبة، ولكنهم يفضلون لبنان علينا. كلنا نريد السلام، السؤال هو عما نتنازل وعما يتنازل الطرف الآخر". وقال احد مستشاري بيرس الذي حضر اللقاء المغلق، إن لدى بيرس شك كبير فيما إذا كان الرئيس السوري يريد السلام، وأن الأسد يقف أمام خيار القطيعة عن إيران التي يرتبط بها. وحسب أقواله، محظور إعطاء الجولان إلى جار إيراني، والأسد يريد أن يواصل مساعدة حماس وحزب الله. وأضاف بان إسرائيل لن توافق على تحويل لبنان إلى فرع لإيران، وان الأسد هو جزء من أقلية علوية ويخاف فقدان حكمه إذا ما عقد سلاما مع إسرائيل. وفي لقاء قبل شهر مع نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني حذر بيرس من أن سوريا تصبح جريرة لطهران في المنطقة، في ظل محاولة السيطرة على لبنان. وقال إنه "رغم أن إسرائيل ممدودة دوما للسلام، فلا يمكن تجاهل اللعبة المزدوجة التي يلعبها الأسد". وشرح بيرس لتشيني بان كميات هائلة من السلاح والوسائل القتالية اشتريت بتمويل إيراني تنقل كل يوم عبر الأراضي السورية إلى حزب الله. وشرح الرئيس الإسرائيلي بان "سوريا تصبح عمليا قمرا يدور في فلك إيران، التي تحاول السيطرة على لبنان، وعلى نحو يشبه المسيرة الجارية في غزة من قبل حماس". في هذه الإثناء، تناقلت تقارير إسرائيلية اليوم تصريحات نسبتها إلى وزير الخارجية السوري وليد معلم يوضح خلالها لشخصية غربية حلت في ضيافة دمشق أن بلاده لن تطالب بمصادر المياه في هضبة الجوالان، وبأنه يمكن لإسرائيل أن تستخدمها جميعها، ولكنه أوضح بان دمشق ستطلب تعويضها عن فقدان المياه بواسطة استيراد من تركيا، أو إقامة منشأة تحليه في أراضيها على شاطئ البحر المتوسط. وقضية المياه في المفاوضات عرضت لها العديد من الحلول، وعلى رأسها التحلية، ولكن هذه العملية تكلف أربعة أو خمسة أضعاف تكلفة استخدام المياه الطبيعية، لذلك تستخدم مياه التحلية للشرب فقط، وليس لأغراض زراعية. ومياه التحلية لا يمكن أن تشكل حلا لدول كبيرة مثل مصر وسوريا، بل لمناطق صغيرة فقط. وثمة لمنشآت التحلية أيضا ثمنا بيئيا يتمثل بتلويث الجو وكذلك أشغال مكان شواطئ استجمام. لذلك فان التحلية توفر حلولا محلية فقط، وقد تكون لإسرائيل فقط. ويعتقد العديد من المراقبين أن للمياه سيكون دور مركزي جدا في المفاوضات بين سوريا وإسرائيل في حال استأنفت. وشعبيًا في إسرائيل ما زالت التلميحات عن المفاوضات مع دمشق، تربك الجمهور، حيث كتب جاكي خوجي اليوم مقالا، يرى خلاله أن الرئيس السوري سرب للصحافة الخبر الذي نقله له اردوغان حول موافقة اولمرت على الانسحاب التام من هضبة الجولان، واولمرت صاحب التلميحات صامت لأن التسريب يخدم حاجته لمعرفة رد فعل الجمهور الإسرائيلي. ويقول خوجي: "للمرة الثالثة في الأشهر الأخيرة ينشأ في هذا الأسبوع تحالف صامت آخر بين القدس ودمشق. المرتين السابقتين تتعلقان بهجوم سلاح الجو على العمق السوري والثاني اغتيال عماد مغنية في دمشق. من تابع في هذا الأسبوع رد ديوان رئيس الوزراء على التسريبات السورية وجد أن اولمرت قد رفض الإصابة بالذهول. مناورة الأسد تخدمه هو أيضا. هي تعتبر بالون اختبار يتيح له تدارس موقف الجمهور الإسرائيلي من الانسحاب من الجولان. ليس غريباً أن يصمت اولمرت رغم وجوده في إجازة انتجاعية - كم هو رمزي هذا - في مشاهد الجولان الخلابة. اولمرت في صمت مطبق". أما الخبير الاستراتيجي الإسرائيلي موشيه معوز، فيعتبر أن لهضبة الجولان أهمية إستراتيجية - عسكرية، سياسية واقتصادية، سواء لسوريا أم لإسرائيل، وهي تنطوي على شحنة إيديولوجية ومشاعر في العلاقات المتبادلة بين الدولتين. ويستعرض جانباً تاريخيًا من المفاوضات بين الجانبين، قائلاً: "في أعقاب مؤتمر مدريد (1991). ومنذ منتصف السبعينيات، ولا سيما في نهاية الثمانينيات، عرضت سوريا على إسرائيل تسوية سلمية (أي - وقف حالة الحرب) مقابل استعادة كل الجولان وكذا الأراضي المحتلة الأخرى وإحقاق حقوق الفلسطينيين". ويضيف: "بيد أن حكومات إسرائيل بقيادة حزبي العمل والليكود رفضت هذه الاقتراحات وواصلت الزخم الاستيطاني في الجولان، وذلك بعد أن أقرت الكنيست في العام 1981، بأغلبية الأصوات، قانون الجولان الذي فرض القانون والقضاء والإدارة الإسرائيلية على هضبة الجولان". ويتابع: "لقد أعربت أغلبية الجمهور في إسرائيل وقادته على مدى فترة طويلة رفضها لإعادة هضبة الجولان حتى ولو لقاء اتفاق سلام مع دمشق. وبعد إقامة الحكومة برئاسة اسحق رابين في حزيران 1992 فقط، أبدت إسرائيل لأول مرة الاستعداد للانسحاب من هضبة الجولان مقابل اتفاق سلام مع سوريا، اتفاق يتضمن علاقات دبلوماسية وتطبيع وترتيبات أمنية ملائمة. ويمضى معوز قائلا: "غير أن محادثات السلام التي بلغت مراحل متقدمة وحققت تفاهما متبادلا، انقطعت في آذار 1996. وفي عهد حكومة نتنياهو (1996 - 1999) أجريت بعض المحاولات لجس النبض بهدف استئناف المفاوضات، ولكنها لم تعط أي نتائج حقيقية. وفقط بعد انتخاب اهود براك لرئاسة الوزراء في أيار 1999 نشأت آمال طيبة لاستئناف المحادثات بل ولتحقيق اتفاق سلام إسرائيلي - سوري". ويعتبر الباحث شلومو بروم في تقدير استراتيجي" - صار عن مركز يافا للدراسات الإستراتيجية في جامعة تل أبيب أن المفاوضات تاريخيًا بين دمشق وتل أبيب واجهت مصاعب لعدة أسباب، منها:
1- شخصية الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، والذي كان إنسانا حذرًا، بطيئًا، منغلقاً، متخوفاً، وشكاكًا. وأسلوبه غامض في المفاوضات، يفضل إجراء مفاوضات بواسطة موفدين ووساطة أميركية. 2- الضغوط السياسية التي مورست على رئيس الحكومة الإسرائيلية حينذاك اسحق رابين جعلت من الصعوبة بمكان إجراء مفاوضات متزامنة مع سوريا والفلسطينيين وإقناع الجمهور الإسرائيلي بالحلول التي تستدعي تنازلات مؤلمة في المسارين خاصة في ظل معارضة واسعة ومعادية. 3- أخطاء في الوساطة الأميركية: كانت إدارة كلينتون، بدافع من حماسها للتقريب بين مواقف الطرفين، تميل إلى تشويش الفجوات في قضايا مبدئية. ونتيجة لذلك لم تكن دائما دقيقة في نقل الرسائل من هذا الطرف إلى ذاك. وهذا خلق إحساسا بعدم الثقة بين سوريا وإسرائيل مما الحق الأضرار بالمفاوضات. 4- وجود فجوات كبيرة بين مواقف الطرفين. فمن جهة لم يستطيع الأسد تجاوز سابقتين: الأولى سابقة اتفاقيات السلام مع مصر ومع الأردن التي انسحبت بموجبها إسرائيل من كل شبر أرض احتلته في حرب حزيران، والسابقة الثانية هي اتفاق فصل القوات في هضبة الجولان بعد حرب تشرين الذي تم في إطاره الاتفاق على ترتيبات أمنية متناظرة بين الجانبين ومتساوية من حيث عمقها في طرفي خط الفصل. ولم يكن إحراز اتفاق سلام ضروريا للأسد إلى درجة تدفعه إلى قبول اتفاق أسوأ، من ناحية إقليمية، من الاتفاقيات التي وقعتها إسرائيل مع مصر والأردن. أضف إلى ذلك حقيقة أن قرب دمشق النسبي من الحدود مع إسرائيل يصعب عليه الموافقة على ترتيبات أمنية في عمق الأراضي السورية. ويعتبر الباحث الإسرائيلي من جهة أخرى أنه إذا وافقت إسرائيل على الانسحاب الكامل من هضبة الجولان فإنها ستكون ملزمة بتقليص حجم المخاطر الأمنية الناجمة عن ذلك، من خلال ترتيبات أمنية غير متناظرة وعميقة، مثل الترتيبتات الأمنية الواردة في اتفاق السلام مع مصر. ويقول بروم: "ولا شك أن مساحة هضبة الجولان الصغيرة وقرب دمشق من الحدود الإسرائيلية يشكلان عقبة كأداء أمام إيجاد حل وسط بين مواقف الطرفين المتعارضة. لذلك، فقد تمحورت المداولات التي جرت فيما سبق بين إسرائيل وسوريا، حول أربع قضايا أساسية، هي: الانسحاب من هضبة الجولان، والتطبيع، والجدول الزمني، والترتيبات الأمنية."