الأردن تحاكم رسام الكاريكاتير الدنماركي...ولكن!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
خلف خلف - إيلاف: تتواصل في أروقة محكمة أردنية إجراءات محاكمة رسام الكاريكاتير الدنماركي في قضية الرسوم المسيئة للنبي محمد، وعدد من الصحف التي نشرت الرسوم، وبينما ينظر الأردنيون بجدية إلى هذه المحاكمة، إلا أنهم غير واثقين من تنفيذ أي من القرارات التي قد تصدر عنها، وبخاصة إذا ما كانت لصالح الجهة المدعية، وهي "حملة رسول الله يوحدنا"، إلا أن هناك من يعتقد أن قرارًا لصالح الجهة المدعية سيكون معنويًا بالنسبة للكثير من المسلمين في العالم، وسيؤدي لإيجاد خطوات مماثلة ومشابه في الكثير من الدول العربية والإسلامية.
ويستمع اليوم الأربعاء مدعي عام عمان الدكتور القاضي حسن العبداللات لشاهدين من النيابة العامة بخصوص القضية المتعلقة بملاحقة رسام الكاريكاتير (جيرت فستر جورت) ورؤساء تحرير الصحف الدنماركية التي شاركت في حملة الإساءة للرسول. والشاهدان هما: النائب ناريمان الروسان، وبلال حسن التل أمين عام رابطة علماء بلاد الشام ورئيس تحرير صحيفة اللواء الأسبوعية، وهو ما سيرفع عدد الشهود للنيابة منذ تسجيل الشكوى إلى 18 من أصل 20.
والقاضي حسن العبداللات كان استمع أمس الثلاثاء أيضا إلى شهادة كل من سمير الحياري، وعبد الناصر الزعبي رئيس تحرير صحيفة الأيام الأردنية. كما استدعى للشهادة قبل ذلك بيوم كل من طارق المومني نقيب الصحفيين السابق، وهاني الدحلة رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، وغازي السعدي مدير عام دار الجليل للدراسات والبحوث. وفقًا لما ورد في صحيفة الدستور الأردنية.
ويأتي هذا بينما شكل المدعي العام لجنة خبراء للبحث في القضية، وهم: نزيه خليفات مدير قسم جرائم الحاسوب في إدارة المختبرات والأدلة الإجرامية، ونبيل أحمد أبو سل رئيس قسم إدارة الإنترنت والنطاقات في مركز تكنولوجيا المعلومات. ومهمة اللجنة تنحصر في ترجمة وتصنيف المواد المتعلقة بالقضية، ثم تحليل انعكاساتها على ذهنية القارئ العربي والمسلم، مما سيساعد المحكمة في اتخاذ قرارها النهائي.
والمسألة أخذت أبعادها القانونية في المحكمة الأردنية منذ نحو عشرة أيام، ففي تاريخ 22/4/2008 استمع المدعي العام العبداللات لثلاثة من شهود النيابة العامة بخصوص الموضوع، وهم: النائب على الضلاعين، ورئيس الحملة الدكتور زكريا الشيخ، ونقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق، وقد أدلوا بشهادتهم أمام المحكمة التي طالب وكلاء المشتكين بإحضار المشتكى عليهم لقاعتها.
ونقلت وكالة الأنباء الأردنية "بترا" عن محامي الحملة طارق الحوامدة قوله إن دعوى الادعاء بالحق الشخصي تقضي بالمطالبة بالأضرار المادية والمعنوية التي سببتها الرسومات الكاريكاتورية المسيئة للرسول الأكرم في الصحف الدنماركية. مشيرًا إلى أنه تم تأسيس الدعوى الجزائية على اتفاقيات دولية "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" وأحكام قوانين العقوبات والمطبوعات والنشر والمعاملات الالكترونية.
وقال المحامي الحوامدة إن الدعوى "ستطالب الصحف بجبر الضرر الناشئ عن أفعالها" منوهاً في الوقت ذاته، لعدم تقديرهم لقيمة التعويض بسبب فداحة الضر، وأضاف: "الأسس القانونية المتوفرة تتيح مقاضاة الجهات الإعلامية وغيرها التي شاركت في حملة الإساءة".
ولائحة الشكوى التي قدمت للمحكمة الأردنية تستند إلى المواد 18و19و20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والتي صادق الأردن عليها رسميًا، ودخلت حيز التنفيذ بعد نشرها في الجريدة الرسمية الأردنية عام 2006. كما استندت اللائحة إلى المادتين 273 و278 من قانون العقوبات الأردني والمادة 38 من قانون المطبوعات والنشر والمادة 38 من قانون المعاملات الالكترونية.
وتستند اللائحة كذلك في طلبها إلى المادة الخامسة من قانون أصول المحاكمات الجزائية، والتي تنص على انه "يجوز إقامة دعوى الحق العام على المشتكى عليه أمام القضاء الأردني إذا ارتكبت الجريمة بوسائل الكترونية خارج المملكة وترتبت آثارها فيها، كليا أو جزئيا أو على أي من مواطنيها".
وكانت صحيفة شيحان الأسبوعية الأردنية أعادت في العام 2006 نشر الرسوم المسيئة الأمر الذي أثار غضب الشارع الأردني حينها. ووصف الحدث بـ "الفعلة" غير مبررة، وتعرض رئيس تحرير الصحيفة جهاد المومني إلى الاعتقال على إثر ذلك.
إلا أن الصحيفة دافعت عن نفسها، وكتبت مقالا تحت عنوان "انتفاضة إسلامية ضد الإساءة الدنماركية", دعت فيه المسلمين إلى استخدام العقل، وقالت: "أيهما يسيء للإسلام أكثر من الآخر أجنبي يجتهد في رسم الرسول أم مسلم يتأبط حزاما ناسفا ينتحر في حفل عرس في عمان أو أي مكان آخر، وأيهما يهيئ العالم للإساءة إلى الإسلام والمسلمين رسوما كاريكاتورية أم مشهد واقعي لعملية ذبح رهينة بالسيف أمام الكاميرات على وقع هتاف الله اكبر؟".
ويعبر زكريا الشيخ، رئيس الحملة الأردنية لنصرة الرسول عن سعادته بقبول القضية في محكمة أردنية، وتعهد برفع قضية أخرى لملاحقة النائب الهولندي "جيرت فيلدرز" الذي بث في نهاية مارس الماضي فيلم "الفتنة" المناهض للإسلام على شبكة الانترنت. وقال الشيخ إن الفترة القادمة ستشهد أيضا رفح دعاوي قضائية مماثلة في عدد من الدول العربية والإسلامية.
والصحف الأردنية الصادرة بتاريخ 27/2/2008 وعددها حوالي 20 صحيفة يومية وأسبوعية أردنية كانت نشرت على صدر صفحاتها الأولى عنوانا موحدا يدافع عن الإسلام كرسالة حضارية، وعن شخص الرسول محمد. واختارت الصحف الأردنية هذا اليوم موعدا لنشر "المانشيت" الموحد، على اعتبار أن الصحف الدنمركية أعادت نشر تلك الرسوم في يوم الأربعاء 13-2-2008.
ومنذ نحو عامين وقضية الرسوم المسيئة للرسول ما تكاد تهدأ حتى تشتعل مجددًا في الساحتين العربية والإسلامية، بل أنها تحولت أحيانًا للمادة الرئيسة التي يتداولها العامة والساسة. وطالبت العديد من الجهات والجمعيات وبخاصة الإسلامية منها بمقاطعة المنتجات الدنماركية كتعبير عن رفض مثل هذه الرسوم التي اعتبرتها تمس شعور المسلمين في جميع أنحاء العالم.
وسجل أيضا في غالبية الدول العربية والإسلامية مظاهرات ضد نشر الرسوم، وأنقسم المراقبون في قراءة أبعادها والشكل الذي خرجت به، فبينما اعتبرها البعض بأنها رد طبيعي على ما أقدمت عليه الصحف الدنماركية، رأى آخرون بأنها تضر في صورة المسلمين والعرب، لأنها جاءت في قالب غير منظم واصطحبها موجة من العنف ضد بعض المراكز الدينية المسحية وغيرها من الديانات.
ويذكر أنه ليست هذه المرة الأولى التي يرفع فيها قضية ضد رسام الكاريكاتير الدنماركي، بل أن أمين طاهر البديوي الباحث السعودي في الشؤون القانونية اتفق سابقًا مع ثلاثة محامين عرب يقيمون في الدنمارك لرفع قضية أمام محكمة دانماركية ضد رؤساء التحرير لصحيفتين، بالإضافة إلى الرسام الدنماركي، وذلك بتهمة نشرهم صور مسيئة للنبي محمد.