أخبار

جرأة الصحف تتراجع في الجزائر

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

الجزائر: فشلت سلسلة من جرائم القتل في سحق الصحافة الجزائرية المزدهرة خلال التسعينيات لكن بعد أن وضعت الحرب الاهلية أوزارها وحل محلها سلام يشوبه التوتر ربما تكون الصحافة فقدت في عهد الحرية ما اكتسبه في عهد الأمن.

وفي بلد قتل فيه الصحفيون العلمانيون اما رميا بالرصاص أو بالذبح كانت مسألة حرية الصحافة في الذاكرة القريبة مسألة حياة أو موت.

ويقول عمر بلهوشات رئيس تحرير صحيفة الوطن الجزائرية الذي نجا من محاولة اغتيال في عام 1993 "اليوم استطيع الجلوس والاسترخاء في أي مقهي. لم يكن هذا ممكنا من قبل. كنا نعيش حياة شبه سرية."

لكن الصحفيين يقولون ان تغطية الصحافة المستقلة الغضة باتت أقل جرأة وهو نهج يعزوه البعض لمحاولات أنصار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لدرء الانتقادات الموجهة له قبل الانتخابات المقررة عام 2009 والتي من المحتمل أن يخوض المنافسة فيها.

وقال محمود بلحيمر وهو نائب رئيس تحرير صحيفة الخبر اليومية التي تنتقد القطاع الخاص الراكد والبيروقراطية الحكومية "مساحة الحريات ضاقت بالمقارنة مع التسعينيات."

وساهم ارتفاع أسعار النفط والغاز اللذين يمثلان 98 في المئة من عائدات صادرات الجزائر إلى حد بعيد في بلوغ نسبة النمو الاقتصادي 4.6 في المئة خلال عام 2007.

وقال بلحيمر لرويترز "الصحفيون باتوا أقل حماسا وعزما وأقل جرأة في مقالاتهم. نحن في مرحلة تراجع."

وحكم على عدد من الصحفيين بالسجن بتهمة القذف خلال السنوات الاخيرة. ورغم أن أيا منهم لم يدخل السجن ولايزال يزاول مهنته فان الخطر لايزال قائما بانتظار نتائج الاستئناف.

ويقول رؤساء التحرير ان أضرار فرض القيود على الصحافة لا تقتصر على السياسة فهي تساعد على ترسيخ ثقافة الكتمان في الحكم الامر الذي يعرقل اقامة اقتصاد سوق معاصر يقدر على خلق فرص عمل وتعزيز الاستقرار الاجتماعي.

وقال بلهوشات رئيس تحرير الوطن التي تصدر باللغة الفرنسية "نحن نخوض شكلا من أشكال حرب العصابات مع السلطات... هناك ضغوط من جميع الانواع. الامور اليوم متوترة إلى حد بعيد."

وينبع حديث الصحفيين عن الجرأة والمعارك مع السلطات من جذورهم. فقد أتيح انشاء صحف مستقلة بعد رفع احتكار الدولة للصحافة عام 1990 لكن ذلك تزامن مع تجربة كارثية للتعددية السياسية في البلاد.

ففي عام 1992 انزلقت الجزائر إلى هاوية العنف بعد أن ألغت الحكومة المدعومة من الجيش نتائج انتخابات كان حزب اسلامي متشدد حديث العهد آنذاك مهيأ للفوز بها. وقتل أكثر من 150 ألف شخص في أعمال العنف.

واستهدف مقاتلو الجماعة الاسلامية المسلحة الذين يسعون للاطاحة بالحكومة الصحفيين العلمانيين متعهدين بأن "من يهاجمنا بالقلم سيموت بالسيف."

وقتل أكثر من 60 صحفيا ونحو 20 من العاملين المساعدين بينهم موظفون في وسائل إعلام حكومية. ولجأ عشرات الصحفيين للعيش تحت حماية الدولة في فندق المنار بسيدي فريج قرب العاصمة الجزائر.

وفي خضم ذلك نمت روح قتالية. وظهرت عشرات الصحف اتسم كثير منها بالصراحة. واليوم يوجد أكثر من 65 صحيفة يومية رغم أن البث الاذاعي والتلفزيوني لايزال حكرا على الدولة.

وتبيع الصحف اليوم 2.1 مليون نسخة يوميا بين السكان البالغ عددهم 33 مليون نسمة. وتصدر نحو 70 في المئة من هذه الصحف باللغة العربية و30 في المئة باللغة الفرنسية. ويفضل الجيل الاصغر الصحف العربية في حين يميل متوسطو العمر وكبار السن والنخبة الحاكمة للصحف الفرنسية.

وينسب الصحفيون اليوم إلى الحكومة الفضل في الدفاع عن حقوقهم في العمل بعد أن سنت الحكومة اطار عمل تشريعيا جديدا بشأن الاجور وظروف العمل في القطاع الذي عادة ما يتسم بأجوره الزهيدة.

وقال عبد الرشيد بوكرزازة وزير الاتصال خلال مؤتمر صحفي في ابريل نيسان "الجزائر تبذل جهودا دائمة لضمان حرية الصحافة. لو نظرتم إلى الاطار القانوني فستلاحظون أن جميع البنود القانونية وضعت للارتقاء بحرية الصحافة في الجزائر."

ولكن رغم هذا الاطار القانوني يقول رؤساء تحرير ان القيود على الصحافة تزيد. وتنتقد منظمات معنية بحقوق الإنسان بينها اتحاد الصحفيين الدولي الجزائر للجوئها بشكل مستمر للتحرك القانوني لاسكات الصحفيين الذين يسببون ازعاجا لزعمائها.

وتسيطر الحكومة التي تنفي ذلك الاتهام على الإعلام من خلال قانون الطواريء الذي أعلن عام 1992 ووسع سلطاتها ومنحها القدرة على اغلاق الصحف التي تضر بأمن الدولة.

كما تسيطر الدولة على المطابع وتتحكم في تدفق أموال الإعلانات. وبموجب قانون صدر عام 2001 يمكن سجن الصحفيين لمدة تصل إلى ثلاثة أعوام اذا أدينوا بالاساءة لكبار المسؤولين في الحكومة والجيش. ويجرم قانون اخر صدر عام 2006 الانتقاد العلني لتصرفات قوات الأمن خلال فترة الحرب.

ويقول بلهوشات انه حوكم أكثر من 150 مرة منذ عام 1992. وفي أحدث القضايا أقرت محكمة الاستئناف حكما بسجنه لمدة شهرين بتهمة القذف فيما يتصل بخبر عن حاكم احدى الولايات. ولايزال طليقا بانتظار نتيجة استئناف اخر.

وكتب محمد بن شيكو وهو رئيس تحرير صحيفة لوماتان في رسالة تضامن مع بلهوشات "في ظل هذا القمع المتزايد باتت صحافتنا أكثر ضعفا وأكثر عزلة من ذي قبل."

وقضى بن شيكو نفسه عامين في السجن بين عامي 2004 و 2006 بسبب تجاوزات في صرف العملة في قضية قال حلفاؤه انها كانت ذريعة لاسكات هجماته الشرسة على بوتفليقة. ونفت الحكومة الاتهام.

ويقول صحفيون انه حتى بالمقارنة مع الاوضاع قبل أعوام قليلة تبدو الصحافة الخاصة وكأنها فقدت الثقة.

وخلال الاستعدادات لانتخابات عام 2004 الرئاسية هاجمت الكثير من الصحف اليومية الخاصة بوتفيلفة آنذاك واصفة اياه بانه مستبد ولا علاقة له بشعبه.

ويعتقد معلقون صحفيون أن هذه الانتقادات كان يقف وراءها معارضون كبار لبوتفليقة الذي يحكم البلاد لفترة ولايته الثانية والأخيرة. لكن الانتقادات العنيفة أصبحت نادرة هذه المرة.

ويقول البعض ان غياب النقد يبرز توافقا في الآراء بين النخبة الحاكمة بأن بوتفليقة ينبغي أن يخوض المنافسة في انتخابات عام 2009 وهو ما يمكن عمله بعد تعديل الدستور لرفع القيود على فترات الولاية.

وفي ظل السلام الذي يشوبه التوتر في البلاد يشعر الصحفيون بالضغوط من جانبين. فرغم أن خطر الاسلاميين تراجع منذ الحرب الاهلية فان تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي وهو جناح القاعدة في شمال أفريقيا هدد علنا من ينشرون أخبارا عما يصفه بأكاذيب الحكومة بشأن خسائره في معارك مع الجيش.

وخوفا من الخطف أو التعرض لهجوم من قبل متشددين اسلاميين تقول سليمة تلمساني مراسلة الشؤون الأمنية في صحيفة الوطن انها تحد من الانشطة الترفيهية كالذهاب إلى الشاطيء لانه "ينبغي على المرء أن يتوخى الحذر.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الصحافة في الجزائر
بوعزة -

للجزائر رب يحميها خلونا رانا املاح