أخبار

63 عاماً على مجازر الثامن من مايو في الجزائر

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

المعلومات الفرنسية التي كشفت قليلة وتحمل مغالطات كثيرة
63 عاماً على مجازر الثامن من مايو في الجزائر

كامل الشيرازي من الجزائر: تذكرت الجزائر الخميس نحو 45 ألفا من شهدائها ممن سقطوا في المجازر المروعة التي ارتكبها جيش الاحتلال الفرنسي ضدّ مدنيين عزل في الثامن من مايو / آيار 1945، عندما خرج الجزائريون في مناطق سطيف، قالمة وخرّاطة في مظاهرات سلمية مطالبين بالاستقلال وجلاء القوات الفرنسية عن الجزائر، بعد فوز الحلفاء على النازية، لكن القيادة الفرنسية آنذاك أصدرت أوامر صريحة بقتل المتظاهرين، ما تمخض عن ارتكاب جريمة مدوية لا تزال كثير من آثارها ماثلة إلى اليوم، على نحو جعل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة يشبّه الذي حدث في ذاك اليوم الأسود بما اقترفته "أفران النازية"، ما أدى إلى نشوب أزمة حادة آنذاك مع باريس، أيام الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك.

ويقول الوجه الثوري الجزائري المخضرم الأخضر بورقعة لـ "إيلاف"، إنّ الوضع العام قبيل تلك المجازر، طبعته جهود حثيثة من مختلف ناشطي الحركة الوطنية التحررية في الجزائر لتحرير كبار القيادات على غرار أب الحركة الوطنية "مصالي الحاج"، بجانب سعيهم لتحرير الجزائر من ربقة احتلال بدأ في يوليو/تموز 1830.

وبحسب المجاهد البارز أحمد محساس، فإنّ المظاهرات السلمية التي نظمها مواطنوه مباشرة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، نادت بالحرية والاستقلال، وسعت بشكل ما إلى ممارسة ضغط على الفرنسيين من خلال إظهار قوة الحركة الجزائرية ووعي جماهيرها بمطلب الاستقلال، ويضيف محساس أنّ المظاهرات عمت كل القطر الجزائري في الفاتح مايو 1945، ورُفعت خلالها الراية الجزائرية، كما جرى فيها استنكار الاضطهاد الفرنسي للسكان المحليين.

واتخذت الادارة الاستعمارية الفرنسية مقتل اثنين من شرطييها في عاصمة الجزائر، لتبدأ سلسلة من الاعتقالات والضرب وجرح الكثير من الجزائريين، بينما تكثفت المظاهرات الشعبية الحاشدة في مدينة سطيف (300 كلم شرق العاصمة)، لتشتدّ وطأة الرد الفرنسي باقدام عسكرييها على انتهاج أسلوب القمع والتقتيل الجماعي، في مخطط إبادة شاملة استخدمت فيه القوات البرية والجوية والبحرية، ما أسفر خلال يومي الثامن والتاسع مايو 1945، عن مقتل45 ألف جزائري وتدمير أكثر من ثمانية آلاف قرية بأكملها، ووصلت تقديرات أخرى إلى الحديث عن سقوط بين 50 إلى 70 ألف شهيد في مجزرة بشعة عرّت مستوى التحضر والحرية والإنسانية الذي طالما تفاخر الفرنسيون بتعاليمها.

ويقول المجاهد المخضرم إبراهيم عليوش إنّ الكشّاف الجزائري بوزيد سعال أول من قتل في تلك المجازر عندما رفض إنزال العلم الجزائري فأطلقت الشرطة النار عليه، وأعقب تلك الإبادة فرضا للأحكام العرفية في كامل المنطقة واعتقال أربعة آلاف شخص حكم على 99 منهم بالاعدام، كما جرى إحراق المزيد من البلدات.

وفيما يصف الكاتب الفرنسي رانسيس زانمبوني مجاز الثامن من مايو في الجزائر بكونها تضاهي تلك المجازر المرتكبة ضد الهنود الحمر، يقول الحقوقي الفرنسي جيل مونسرون، إنّ المجازر المرتكبة كانت فظيعة للغاية، وارتكب فيها السفاح "أندري آسياري" وميليشياته جرائم عديدة، حيث جرى التنكيل بجثث آلاف الشهداء، غالبيتهم من الأطفال والرضع والنساء، وتمّ استخدام غاز " not;الكلورفورومnot; " الذي أدى إلى وضع كثير من المدنيين العزل في أكياس وحرقهم أحياء وهم مخدرين، علما إنّ الغاز المذكور يؤدي إلى تنويم الناس وشل أعضائهم وتعطيل نشاط الدماغ.

ويبرز شهود لـ"إيلاف" همجية جنود الاحتلال الفرنسي وقتئذ، حيث في صباح ذاك اليوم الأسود، هاجم أفراد الجيش الفرنسي السكان المحليين، مستعملين مدفعيات محشوة بمادة الكلورفورومnot; ، قبل وضع ما يقارب 2500 شهيد في أكياس وحرقهم أحياء، وهي جريمة دفعت المؤرخ الفرنسي جان لوي بلانش إلى وصف مجاز الثامن من مايو بـ"إرهاب دولة"، وأوضح بلانش الأستاذ بجامعة باريس، أنّ مصالح المخابرات الأميركية التي عرفت آنذاك باسم" أو اس اس" والتي تم حلها في سبتمبر 45 لتستخلفها المصالح المعروفة اليوم بـ"السي أي إيه" أشارت في تقاريرها الى أن ما حدث قبل 63 سنة "يعدّ إرهابا مباشرا ارتكب في حق الجزائريين".

ويروي يلس عبد الله الذي لا يزال على قيد الحياة، بعدما أصيب في رجله اليمنى وكان سنه وقتها لا يتجاوز الـ20 ربيعا، أنّ عناصر بوليس الاحتلال كانوا في حالة سعار غريب، حيث راحوا يهجمون على المتظاهرين العٌزل كـ"الوحوش الضارية"، وتعالت بحسبه "الطلقات الهمجية" مخلفة وراءها بركانا من الدماء، ويروي يلس عبد الله بلهجة دامعة:"رأيت بأمّ عيني جثثا مرمية في الخلاء".

ويكشف "لكحل ربيع" (76 عاما) متأثرا أنّ ما خفي من الجريمة كان أدهى وأعظم، إذ قام المحتلون ببقر بطون عشرات النساء وتحويل جثث الأبرياء إلى رماد، ويحكي أنّ 14 امرأة جرى بقر بطونهنّ في ليلة واحدة من طرف السفاح المدعو "أشمول"، ويضيف العجوز باكيا أنّ المحتل ترك جثث الضحايا متراكمة لترهيب السكان المحليين.

المثير، أنّه بعد سماع الإدارة الكولونيالية بقدوم لجنة تحقيق أوروبية للتحري بشأن ما وقع في المجازر، سارع الجنود الفرنسيين إلى حرق الجثث لمحو آثار التقتيل والتنكيل الهمجي'' !.

ويقول محمد الشريف عباس الوزير الجزائري للمجاهدين القدامى إنّ المعلومات الفرنسية القليلة التي جرى كشفها للرأي العام تحمل مغالطات كثيرة ومشوهة، على خلفية تخوف السلطات الفرنسية من الكشف عن بعض الخطايا التي قد تدفع فرنسا الرسمية لاعتراف بخطايا فرنسا الكولونيالية، وأعطى الوزير أرقاما عن المقابر المخصصة للشهداء و المقدرة ب 1200 مقبرة على المستوى الوطني، فيما تمّ سجن ما يربو عن مليوني جزائري إبان الحقبة الاستعمارية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف