إسرائيل لن تسارع لإبرام التهدئة طالما حظيت بوضع دولي مساند
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
نضال وتد من أبيب: لم يكن من باب الصدفة أن علقت إسرائيل الرسمية بأقطاب حكومتها الثلاثة؛أولمرت وبراك وليفني، رفضها لصيغة التهدئة المصرية، على مشجب استعادة الجندي الإسرائيلي الأسير لدى حماس، جلعاد شاليط. فإسرائيل تدرك أن باقي شروطها، المرفوضة حاليا من قبل حماس، كوقف تهريب الأسلحة، ووقف الهجمات الصاروخية، ووقف تسلح حماس وباقي المنظمات، هي شروط يمكن أن تعرضها في وقت لاحق، ويمكن لها دائما أن تدعي خرقها من قبل حماس لتبرر أي عملية عسكرية، أو اجتياح، سواء كان مباغتا أو منظما، فيكفي مثلا أن تقوم بعرض شريط جديد يتضمن كميات جديدة من الأسلحة تدعي العثور عليها في نفق من الأنفاق بين سيناء وغزة، أو يكفي أن تقوم خلية واحدة من الخلايا المسلحة في القطاع، والتي قد ى تكون بالضرورة من خلايا حماس بتفجير عبوة ناسفة، أو إطلاق قذيفة هاون باتجاه حدود إسرائيل، لتعلن الأخيرة سقوط التهدئة، وبالعكس يكفي اجتياح إسرائيلي واحد، أو عملية تصفية لعنصر من عناصر حماس لتعلن الأخيرة بدورها سقوط التهدئة ووقف إطلاق النار.
هذه الإمكانيات كلها واردة في موازين القوى القائمة بين حماس من جهة وبين إسرائيل من جهة أخرى، وهي كلها تصب في خانة الحرب الإسرائليية - الفلسطينية على شروط التهدئة، وكلها قد تشكل في الوقت ذاته سلاحا بأيدي خصوم ثلاثي الحكم في إسرائيل، للمزايدة على أولمرت، وبراك وليفين من قبل اليمين واتهامهم بالتفاوض مع حماس ومنحها شرعية دون مقابل.
في مثل موازين قوى كهذه، يصبح شاليط، القشة التي يتعلق بها أولمرت، إذا شئت، أو الورقة الرابحة الوحيدة التي تملكها حماس، خصوصا إذ أخذنا بعين الاعتبار أن إسرائيل تعتبر مصر ، وفق تعبير نائب وزير الأمن، متان فيلنائي، شريكا استراتيجيا لها، وإذا أضفنا لذلك تصريح ليفني اليوم، بأن "هناك مصلحة استراتيجية لجميع الأطراف في منع تعزيز قوة حماس في القطاع".
يدرك الثلاثي أولمرت وليفني وبراك، أهمية إدراج شاليط في صفقة التهدئة، لأن استعادته، هي المبرر الوحيد الذي يمكن لهم أن يسوقوه لجهة التفاوض مع حماس وإبرام صفقة مع منظمة تدعي الحكومة الإسرائيلية أن الأهداف الاستراتيجية لإسرائيل تقضي بإضعافها، إن لم يكن في الإمكان القضاء عليها كليا، لأن باقي شروط الصفقة، أيا كانت وفي حال تم التوصل إليها، الآن أم لاحقا هي شروط لا يمكن الحسم لجهة توفرها وتنفيذها، ولا يمكن عرضها في البازار الانتخابي القادم، إذا ما دهم الأخير إسرائيل أواخر الصيف الحالي، أو في مطلع نوفمبر القادم.
استعادة شاليط توفر لأولمرت دفعا بالغيب للمماطلة في الاستقالة من منصبه برغم الشبهات التي تحول حوله، مع ما يتعزز بأن النيابة العامة لا بد وأن تقدم لائحة اتهام ضده، فقد تكون استعادته، أخر إنجاز، وربما الإنجاز الوحيد الذي يمكن لأولمرت التلويح به، وهو في هذه الحالة يكون أول إنجاز تلوح به ليفني في حال تمكنت من الفوز بترشيح حزبها لها، أما بالنسبة لبراك، فسيكون ذلك وسام آخر يضيفه إلى الأوسمة والنياشين العسكرية التي حصل عليها طيلة مسيرته العسكرية.
استعادة شاليط إذا قد تكون طوق نجاة، أو مبرر يفسر صفقة مع حماس، لكنها لن تكون سدا أو حاجزا أمام استئناف أي عدوان إسرائيلي على قطاع غزة، بمجرد التلويح بخرق حماس للصفقة، والعودة إلى الموقف الرسمي الثابت بالعمل من أجل إسقاط حماس بكل ثمن، إذا نضجت الظروف لذلك، وأولها أخذ موافقة أمريكية، وضمان صمت عربي إن لم يكن تأييد عربي للخطوة، بدعوى إعادة الاعتبار للسلطة الفلسطينية، الشريك الفلسطيني الوحيد المتوفر حاليا، مهما كان هذا الشريك "ضعيفا" وفق الخطاب الإسرائيلي.
على ضوء ما تقدم، فمن الواضح أن الحكومة الإسرائيلية، ستستخدم ورقة شاليط لأقصى درجة ممكنة للضغط على حماس، حتى تتخلى الأخيرة، عن الورقة الرابحة الوحيدة التي تملكها في الظروف الحالية، لا سيما وأن حريق لبنان المشتعل بفعل حزب الله، يهدد بحرق ما تبقى للحركة من جسور في العالم العربي. وستواصل إسرائيل التلويح بما يحدث في لبنان، كدليل بصحة موقفها الرافض لأي مفاوضات مع الحركة التي يتم الزج بها حاليا، وبدرجة أكبر بعد أحداث لبنان في خانة المحور الإيراني السوري.
في المقابل وفي حال أصرت حماس على عدم التفريط بآخر ورقة تملكها، فإن إسرائيل لن تكتفي بتصعيد لهجتها وتهديداتها، بل ستسعى لاقتناص أو فرصة سانحة للقيام بالعملية الواسعة النطاق في القطاع، التي طالما هددت بها، ولا تزال تهدد بالقيام بها تحت ذريعة عدم التسليم مع العمليات الإرهابية والقصف الصاروخي لحدودها الجنوبية.
الرفض الإسرائيلي للمبادرة المصرية ولوثيقة الفصائل، هو رفض تكتيكي يهدف إلى ابتزاز المزيد من التنازلات من حماس والفصائل الفلسطينية، من جهة، ولتجنيد الرأي العام المحلي والعالمي لتفهم وتقبل هجوم مستقبلي على القطاع، لا سيما وأنها تستضيف هذا الأسبوع بالإضافة إلى الرئيس الأمريكي جورج بوش، أكثر من 25 شخصية دولية بين رئيس جمهورية ورئيس حكومة، سابق أو حالي، سيشاركون في المؤتمر الخاص الذي ينظمه الرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس، يوم الخميس بمناسبة 60 عاما على إقامة إسرائيل.
التعليقات
فلسطين المحتلة
سارة -ترى لو أن مجزرة غزة التي أزهقت أرواح سيدة وأنجالها الأربعة حدثت في الاتجاه المعاكس، فهل ستسكت منظمات حقوق الإنسان في الدول الأوروبية والأمريكية؟ قطعاً لا، بل ستتحرك جميع القنوات والوسائل الإعلامية والدبلوماسية متسابقةً من أجل تجريم الحدث، وتضخيمه. لكن أن يكون الفاعل هو إسرائيل فالصمت هو الغالب إن لم يسبقه أو يتلوه التأييد وتغيير ذلك بأنه دفاع عن النفس. فالهجوم الإسرائيلي على الأبرياء، خاصة النساء والأطفال، ليس له ما يبرره بأية لغة أو مسلك إلا إذا كان شعب الله المختار قد تصرف لأنه يملك ما لا يملكه غيره من شعوب الأرض. فالذي حدث يوم الأحد الماضي مأساة دولية جعلت الدول الكبرى تصغر أمام إسرائيل فلا تستطيع أن تمارس دورها في تأييد الحق أو تجريم الباطل، بل العكس صار مواقف الدول الغربية ومؤسساتها الإنسانية تتلون باللون الذي يرعى مصلحة إسرائيل مع أنها هي الغاصبة للأرض التي تكونت فيها. وبالمقابل، فإن الدولة التي سُلبت أرضها يصنف دفاعها عن حقوقها على أساس أنه عدوان. ومن الذي يصنفه؟ إنهم دعاة الحرية والمساواة والعدل. لكن يظل الأمر في غاية الخطورة - في ظل عدم توحيد المواقف بين الإخوة الفلسطينيين - وهذا هو الذي يضيع حقوقهم وبخاصة إذا ما أضيف إليه فرقة العرب والمسلمين في مواقفهم السياسية، فالكل (مع الأسف) يسعى إلى اتخاذ موقف يراه ما دام يبرزه كعنصر مخالف، أو ذا رأي مستقل، وأي استغلال ذلك الذي يشتت المواقف ويضيع الحقوق المشروعة. ليتنا ندرس سيرة نبينا وقائدنا محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام في تعامله مع المواقف المختلفة، في بدر، وفي الحديبية، وفي أحد، وما قادته تلك المواقف إلى نصر مؤزر للإسلام والمسلمين، ففيها دروس قيمة. ليتنا نتذكر تحذيره عليه الصلاة والسلام من الفرقة والتحزب حينما قال بأننا سنكون غثاء كغثاء السيل من كثرة العدد وقلة الفعالية، بل إن هذا الأثر يعدُّ من معجزات النبوة. ليتنا نتوقف لنراجع تاريخنا السياسي المعاصر حيال مشكلة استلاب الأراضي الفلسطينية، وكيف أننا ساومنا ورفضنا حلولاً كانت مطروحة في بداية المشكلة، ثم استسلمنا لمواقف تقل عما رفضناه من قبل، واليوم نساوم على مواقف لا يؤيدها تحزبنا ومساوماتنا على الأرض وما ينجم عنه من ضياع المزيد من الأرض والأرواح. ولو كان المحيط الدولي عادلاً في التعامل مع المشكلة - كما يتظاهر أمام أخطائنا - لاستطعنا أن نحقق شيئاً مما نرنو إ