النكبة غائبة عن الثقافة والتربية في إسرائيل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ورغم محاولات وصفت بالخجولة من أوساط إسرائيلية، مثل يولي تامير، وزيرة التعليم، للاعتراف بمصطلح النكبة، إلا ان "النكبة الفلسطينية ومأساة الشعب الفلسطيني في حرب 1948 لا تزال غائبة وبعيدة عن منهاج التدريس والتربية في المدارس الإسرائيلية بما فيهم المفكرين الجدد في إسرائيل الذين لا زالوا يعيشون في أزمة أخلاقية في تناول موضوع نكبة عام 1948" كما يقول عيسى قراقع النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني.
ويرى قراقع بأن "الرواية الثقافية الإسرائيلية لا تزال تتهرب من التطرق وبجرأة إلى نكبة الشعب الفلسطيني"، معتبرا أن "هذه الثقافة مسيسة تخدم أهدافا سياسية في محاولة لاستبدال الواقع وإحلال واقع جديد مكانه وتزوير وتشويه للتاريخ والجغرافيا"، مؤكدا بان مناهج التعليم في إسرائيل تلعب "الدور الأبرز في غرس مبادئ التطرف والعسكرة والعدائية والتعصب لدى الطلبة اليهود تجاه العرب، وأن فلسطين من بحرها إلى نهرها هي أرض الأحلام القومية والدينية لليهود".
وبعد ستين عاما، كما راى قراقع "لم يطرأ تحول جذري في الفكر الثقافي والتربوي في إسرائيل، فصورة الفلسطيني والعربي في مناهج التدريس لا تزال صورة سلبية ويوصف كل عربي بأنه إرهابي ومتخلف وعدواني"، وكذلك فان "كتب الجغرافيا والخرائط التي تدرس في المدارس الإسرائيلية تتجاهل بصورة مطلقة القرى والبلدات الفلسطينية وحلت محل أسماءها، أسماء عبرية وتوراتية وهذا يخدم التوجه الأيديولوجي للصهيونية الرامي إلى إظهار فلسطين قبل هجرة اليهود بأنها قفراء خالية من السكان لمحو وشطب الحق الفلسطيني والعربي في هذه الأرض".
واعتبر قراقع أن عدم رسم حدود لدولة إسرائيل وعدم وجود الخط الأخضر في كتب الجغرافيا والخرائط الإسرائيلية "هو تكريس للنزعة الصهيونية بإلغاء الوجود الفلسطيني وتكريس للدولة الواحدة والسيطرة تحت الحكم الإسرائيلي، وأن وعي الحدود بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي غير موجود في العقل الثقافي الإسرائيلي مما يعني أن حكومة إسرائيل لا تسعى إلى إقامة دولتين لشعبين بل تسعى إلى استمرار السيطرة على الجغرافيا والسكان الفلسطينيين في آن واحد، وما تقوم به من توسع في بناء المستوطنات والجدران في أراضي 1967 يدل على هذا التوجه".
وقال قراقع "حكومة إسرائيل وجهازها الثقافي شن حملة مغرضة على المفكرين الإسرائيليين الذين تجرأوا في أبحاثهم للتطرق إلى مذابح ومآسي اللاجئين خلال حرب 1948 كالكاتب الإسرائيلي ايلان بابيه وبني موريس، وتم إلغاء بعض الكتب من مناهج التدريس لأنها تحدثت عن جرائم لا إنسانية جرت خلال الحرب".
وتفاوتت طريقة تناول ما يطلق عليهم المؤرخون الجدد في إسرائيل، لموضوع النكبة، فمنهم من قدم اطروحات في غاية الجرأة، مثل الان بابيه، الذي وصف ما حدث في عام 1948، بأنه تطهير عرقي، ولكن آخرين، رغم اعترافهم بوقوع مجازر، مثل بني موريس، إلا انهم رأوا أنها كانت مبررة في سياق المعارك.
ادانة رفض الاردن الترخيص لأحياء النكبة وتعرض بابيه إلى الفصل من جامعة حيفا، بعد إشرافه على رسالة ماجستير قدمها الباحث ثيودور كاتس، عن مجزرة قرية الطنطورة قرب حيفا. وينظر باحثون مستقلون، إلى أن ما قدمه المؤرخون الإسرائيليون الجدد حول النكبة، رغم أية اختلافات وتحفظات وملاحظات، يبقى، افضل بما لا يقاس، مما قدمه باحثون فلسطينيون وعرب حول نفس الموضوع.
وبالإضافة إلى محاولات المؤرخين الإسرائيليين الجدد، فانه خلال السنوات الماضية، شهدت الساحة السياسية الإسرائيلية محاولات من قبل رموز يسارية شاركت في الحكومة الإسرائيلية من اجل تصويب بعض المفاهيم، مثل قرار وزيرة التعليم يولي تامير، توضيح الخط الأخضر (حدود عام 1967) في الكتب الدراسية الإسرائيلية، وقرارها إدخال مصطلح النكبة، كمصطلح توضيحي في كتاب التاريخ للصف الثالث الابتدائي المخصص للعرب، بجانب المصطلح الاسرائيلي "حرب التحرير"، ولكن هذين القرارين قوبلا بعاصفة سياسية من قبل المعارضة اليمينية وزملاء تامير في الحكومة.
وفي جميع الإحصاءات والنشرات التعريفية التي أصدرتها إسرائيل بمناسبة 60 عاما على ما تسميه استقلالها، فإنها تتحدث عن جميع الأرض الفلسطينية الانتدابية من البحر الأبيض المتوسط إلى نهر الأردن، باعتبارها ارض إسرائيل. وهو ما يجعل الكثير من الفلسطينيين، مثل قراقع يرون ان "الحقيقة على الأرض تشير أنه بعد ستين عاما فان إسرائيل قد كرست الدولة الواحدة بنظام قوانين تمييزي بين فئات السكان في هذه الدولة، فالفلسطينيون في ارضي 1948 يواجهون قوانين وتشريعات عنصرية ويعاملون كمهمشين من حقوقهم المدنية والسياسية والاجتماعية، وكذلك الفلسطينيون في القدس لا تنطبق عليهم فيما ينطبق على اليهودي من حقوق وواجبات وتسعى القوانين الإسرائيلية إلى تهجيرهم من المدينة أما سكان الضفة الغربية فتحكمهم الأوامر العسكرية الإسرائيلية".
ورغم الظروف التي يعيشها الفلسطينيون في إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة، فانهم أطلقوا فعاليات لاحياء ذكرى النكبة، تزامنا مع احتفالات إسرائيلية ضخمة بذكرى ما تسميه الاستقلال. ونظم العرب داخل إسرائيل مسيرات إلى القرى المدمرة والمهجرة، فيما نشطت الفعاليات السياسية، كالحركة الإسلامية إلى تنظيم محاضرات، كما حدث في النقب.
وقال الشيخ حماد أبو دعابس رئيس الحركة الإسلامية في النقب " نحن في النقب أكثر من يلمس على جلده آثار النكبة، بل إن نكبة الشعب الفلسطيني في النقب ما زالت مستمرة متمثلة بالاعتداءات المتكررة على أهل النقب في الأرض والمسكن ووسائل العيش". أما إسرائيل فإنها بدأت احتفالات ستستمر نحو عام، فرحا بذكرى تأسيسها الستين، وستستضيف مدينة القدس مؤتمرا لرؤساء الدول المتضامنة مع إسرائيل، الذين سيأتون مهنئين بذكرى قيام إسرائيل، وفي مقدمتهم الرئيس الأميركي جورج بوش.
وأعلنت الشرطة الإسرائيلية، بأنها سترفع اعتبارًا من اليوم الثلاثاء، مستوى التأهب لقواتها إلى درجة واحدة دون الدرجة العليا تمهيدًا لافتتاح مؤتمر الرؤساء. وأشارت مصادر الشرطة، بان نحو 8000 شرطي سيطلعون بحماية المشاركين في مؤتمر الرؤساء، وستنشئ الشرطة 5 مقار قيادة خاصة للإشراف على عمل القوات وستغلق الشوارع المحيطة بمقر رؤساء إسرائيل والكنيست والمنزل الرسمي لرئيس الوزراء الإسرائيلي في القدس، لأسباب أمنية.