الأزمة التركية بشأن الحجاب تعرقل خطوات الإصلاح
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
اسطنبول: توقفت خطوات تركيا نحو مزيد من الحرية الدينية والتي يراها البعض علامة على تطور مجتمع مسلم معتدل بسبب أزمة سياسية يمكن أن تؤدي إلى حظر حزب العدالة والتنمية الحاكم. يقول محللون أتراك إن رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان - الذي أثار مسعاه لرفع الحظر عن ارتداء الحجاب في الجامعات الازمة - لن يدعو على الارجح الى مزيد من الاصلاحات الدينية حتى اذا كسب القضية المرفوعة ضد حزبه.
ولا تتأثر الاغلبية المسلمة فحسب بهذه الازمة بل يتأثر بها المجتمع المسيحي الصغير الحجم الذي كان يأمل في تخفيف القيود على حريته. ويعتقد كثير من مسلمي تركيا أن الصفة العلمانية الرسمية للدولة مقيدة لحريتهم. وقال دوجو ارجيل عالم الاجتماع بجامعة أنقرة "لقد قلصوا من ترسانتهم الاصلاحية وهذا أقصى ما يستطيعون الوصول اليه." ويشير جنكيز اكتر المتخصص في العلوم السياسية بجامعة باهجشير في اسطنبول إلى ان الاصلاح الديني "جمد. وسيبقونه مجمدا لبعض الوقت."
وتبحث المحكمة الدستورية التركية ما اذا كان يجب حظر حزب العدالة والتنمية الذي يضرب بجذوره في الاسلام السياسي لتحديه السياسة الرسمية التي تفصل بين الدين والحياة العامة وتحتفظ بسيطرة محكمة للدولة على المساجد والائمة. ويصف خبراء الشؤون الاسلامية حزب العدالة بأنه ينتمي الى ما يطلق عليها حقبة "ما بعد الاسلام" لانه تخلى عن الحلم بجمهورية اسلامية نوعا ما منذ نحو عشرة أعوام واستبدل ذلك بديمقراطية حديثة تجلب في طيات الحقوق الاساسية التي توفرها حرية دينية اكبر من تلك التي تسمح بها تركيا في الوقت الحالي. كما يوصف اردوغان وأنصاره "بالمسلمين الديمقراطيين" وهو مصطلح مستعار من المسيحيين الديمقراطيين الذين ظهروا في غرب اوروبا في حقبة ما بعد الحرب.
اردوغان الذي سجن ذات يوم بصفته متطرفا اسلاميا حقق نصرا كبيرا عام 2003 حين أصبح رئيسا للوزراء بالرغم من المعارضة الشديدة من قبل النخبة العلمانية التي تضرب بجذورها في الجيش والقضاء وطبقة المثقفين والحركات السياسية الوطنية في تركيا. ونجح منهجه التدريجي الذي ركز على الاقتصاد ومسعاه للانضمام الى الاتحاد الاوروبي في ترسيخ كتلة أنصاره من الريف الاكثر تدينا كشركاء في هيكل السلطة الذي تهيمن عليه النخبة العلمانية التي تنتمي الى المدن.
وأرجأ أردوغان أي اصلاحات دينية صريحة لخمسة أعوام بينما كان يؤكد أهمية الحقوق الديمقراطية ككل. ونظر الى حذره على أنه نموذج للمسلمين الذين يريدون الجمع بين الاسلام والديمقراطية. لكن بعد الانتصارات التي حققها حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية والرئاسية عام 2007 تحرك اردوغان لرفع الحظر على ارتداء الحجاب في الجامعات وهي قضية شديدة الرمزية قادت الى قيام مدع عام برفع دعوى قضائية لاغلاق الحزب. وقال اكتر "اعتقدوا أنهم يستطيعون فعل أي شيء يريدونه وهذا خطأ كبير."
ويتلاءم تضاؤل الامل في تطبيق اصلاح ديني مع صورة اكبر لرغبة الحزب الحاكم المتضائلة في تطبيق الاصلاحات الديمقراطية اللازمة اذا كانت تركيا تريد الانضمام لعضوية الاتحاد الاوروبي. وقال ارجيل "لم يطلبوا سوى مكان في نظام السلطة. ومتى وصلوا اليه توقفوا." ويشير روسين جاكير مؤلف عدة كتب عن الاسلام والسياسة في تركيا ان النفوذ السياسي وليس الدين كان دوما الاساس للمواجهة بين حزب العدالة والتنمية والنخبة العلمانية. وأضاف "انه نوع من الصراع الطبقي ولكل جانب أداته الايديولوجية اما العلمانية أو الدين."
وذكرت مصادر بارزة بحزب العدالة والتنمية لرويترز في الاسبوع الماضي أن الحزب يستعد لفرض حظر عليه بالاضافة الى منع أردوغان من ممارسة السياسة لخمسة أعوام. وقد يتم تشكيل حزب ليخلفه وربما يستمر في الحكم لكن بأهداف اكثر اعتدالا. وقال جاكير ان هذا لا يعني أن "مشروع ما بعد الاسلام" انتهى وأضاف "العملية مستمرة. لم تنته بعد."
وأثار مسعى الاصلاح المرتبط بعضوية أنقرة في الاتحاد الاوروبي الامال بين المسيحيين في تركيا الذين صودرت ممتلكاتهم وقلصت حقوقهم باسم العلمانية. وتعلق الكنيسة الارثوذوكسية امالا عريضة على الضغوط التي يمارسها الاتحاد الاوروبي لتستعيد معهدها اللاهوتي الوحيد الذي أغلقته تركيا عام 1971 . لكن في ظل تناقص الرغبة في عضوية الاتحاد الاوروبي قل هذا الضغط.
وقال مسؤول في مقر البابا بارثولوميو الزعيم الروحي لجميع المسيحيين الارثوذوكس باسطنبول "الاقليات كانت قضية ساخنة لبعض الوقت لكن في العامين المنصرمين لم يكن هناك اي تحرك على الاطلاق." وأضاف أن الدولة صادرت مبنى كنيسة مؤخرا وقال "نحن محبطون للغاية."
وتأمل كنيسة الروم الكاثوليك في الحصول على اذن بتحويل متحف في تارسوس الى كنيسة بمناسبة الاحتفال بعام القديس بول والذي يبدأ في 21 يونيو حزيران. وولد القديس بول في تارسوس. غير أن عضوا بارزا بالكنيسة قال ان هذا لا يعني تحسنا كليا في اوضاع الاقليات الدينية. وأضاف "ما زلت يجب أن أسافر بصحبة حارس."