الصحف السعودية.. نجاح يرتبط بالأساليب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
رؤساء تحريرها الكبار دعموا الشباب والتقنية
أساليب كلاسيكية وحديثة تزيد من نجاح الصحف السعودية الكبيرة
ممدوح المهيني من الرياض: يحضر رئيس تحرير جريدة الرياض السعودية الشهيرة الصحافي المعروف تركي السديري إلى الجريدة كل يوم في الساعة التاسعة أو العاشرة صباحًا، وقبل غالبية العاملين في الجريدة. وفي الساعة العاشرة ليلاً يقوم بجولة على مكاتب التحرير قبل أن يغادر إلى منزله، من خلال هذه الطريقة يفرض السديري نظامًا صارمًا على أوقات تواجد الصحافيين الذين يميلون بطبعهم إلى التمرد. ولكن هذا الأسلوب الكلاسيكي في العمل يمثل جانبًا واحدًا في طريقة إدارة السديري لجريدة الرياض منذ أكثر من ثلاثين عامًا حتى أصبحت واحدة من أكثر الصحف السعودية التي تملك مردودًا جماهريًا وماليًا بالإضافة الى الاحترام الذي تحظى به، وهذه النتائج هي التي يتمنى كل رئيس تحرير في العالم تحقيقها.
أما خالد المالك رئيس تحرير جريدة الجزيرة السعودية التي تملك إرثًا مهنيًا عريقًا استطاع أن يعيد للصحيفة خلال السنوات القليلة الماضية التي أعقبت عودته لرئاسة التحرير وهجها بعد نحو عقد من الركود والتراجع المهني. واستخدم المالك أيضًا أساليب قديمة وحديثة لإنجاح صحيفته والرفع من شأنها.
مزج هذا الأسلوب الكلاسيكي مع أساليب حديثة جدًا هو الخلطة الإدراية التي استخدمها كبار الصحافيين في السعودية للمحافظة على نجاح صحفهم منذ سنوات طويلة حتى ترسخت في وجدان القراء السعوديين، وأصبحت جزءًا من طقسهم اليومي (أو أشبه برائحة خبز الأم الذي لا يمكن نسيانه كما يقول أحد محبي صحيفة الرياض)، ولكن هذه الصحف لم تتوقف أبدًا عن ترسيخ مثل هذه المكانة في عقول القراء، وظهر ذلك بشكل واضح مع التوسع الذي شهده السوق الإعلامي السعودي في السنوات الأخيرة واشتداد المنافسة. وبات يدرك رؤساء تحرير هذه الصحف الكبيرة أن الاعتماد على اسم الصحيفة أمر لا يضمن بيع الصحيفة بشكل مستمر لذلك استعانوا بطرق جديدة ومختلفة لإبقاء صحفهم في المراكز الأولى.
استطاع هؤلاء الصحافيون أن يواكبوا المراحل الإعلامية المتغيرة باستمرار. في اجتماعات التحرير ينبه السديري العاملين لديه إلى طبيعة المرحلة الصحفية التي يعيشونها عندما يقول بطريقة ساخرة: "انتهت طريقة الصحافة الأدبية القديمة عندما تكتب قصيدة في الصفحة الأولى. الصحافة تعتمد الآن على المعلومة بشكل رئيس". وبالفعل فقد غابت تمامًا اهتمامات الصحف القديمة وارتفعت أهمية صفحات المحليات والفنون والرياضة التي تحظى باهتمام شعبي، وأصبحت أخبار الجرائم أهم بكثير من نشر قصيدة جديدة لشاعر معروف.
كما نجح رؤساء التحرير الكبار في السعودية في عدم الوقوع في خطأ رؤساء تحرير العديد من الصحف العربية عندما أصبحت صحفهم أشبه بتجمع للعواجيز المتقاعدين . انفتح هؤلاء الرؤساء على الجيل الجديد من الشباب لدرجة تحولت صحفهم في بعض الأوقات إلى صحف شبابية ذات نزعة متمردة تنشر صورة الفنانات الجميلات متجاهلة تعاليم وزارة الإعلام السعودية التي تمنع ذلك . سلًم هؤلاء الرؤساء العديد من أقسام التحرير الحيوية للجيل الصاعد. عماد العباد الصحافي في جريدة الرياض لم يتجاوز عمره الثلاثين ومع ذلك يشرف على العديد من الصفحات ويتولى مهام تحريرية أخرى .
يقول عماد: "العمل مع قامة إعلامية كالأستاذ تركي السديري الذي يعد حاليا الأب الروحي لصحافيي المملكة والخليج هو شهادة خبرة كبيرة، إذ لا يمر يوم دون أن تتعلم منه خصوصًا وأنه يحرص كثيرًا على أن يمرر خبراته إلى الجيل الجديد من الصحافيين، ليصنع كوادر إعلامية جديدة قوية ومؤهلة تأهيلاً جيدًا، السديري في أكثر من موقف ومناسبة أكد على انه يقف بكل ثقله وراء الصحافيين الشباب وسيدعمهم بدورات تدريبية، صُرف عليها بالفعل مئات الآلاف وهو ما صنع جيلاً جديدًا قويًا ومتمكنًا وممتنًا له بالكثير ..كما انه حرص على أن يقوي الجيل الصاعد في الجريدة ويمنحه الكثير من الثقة من خلال الترحيب بالأفكار الجديدة ودعمها وتسليم مسؤوليات كبيرة للمحررين الشباب الأمر الذي ساهم كثيرًا في صقل مواهبهم".
ولكن الأمر المثير هو قدرة هؤلاء الرؤساء على الرغم من تقدمهم بالسن على مواكبة التعقيد الذي تحول إليه عمل الصحافة خلال السنوات القليلة الماضية. فلم يعد عمل رئيس التحرير يقتصر على الشأن التحريري فقط. بل لكي تكون رئيس تحرير ناجحًا عليك أن تملك حسًا تسويقيًا عاليًا وتدخل عناصر التقنية الحديثة على صحيفتك. يجب أن توقع عقود تعاون كثيرة، وأن يكون لديك موقعًا الكترونيًا ناجحًا يروج للصحيفة. على الرغم من تمسكهم بالكتابة بالقلم والورقة وعدم معرفتهم بالبريد الإلكتروني، إلا أنهم قاموا بدعم مثل هذا التحديثات الجديدة على سوق الصحافة السعودية عبر تخصيصهم لأقسام كبيرة تكون مسؤولة عن الجانب التقني في الصحيفة.
الآن أكثر من مليون زيارة يوميًا يشهدها موقع صحيفة الرياض الالكتروني، وتخصص الجزيرة نائبًا للرئيس مهمته متابعة الشئون التقنية في الصحيفة، وتطلق هذه الصحف خدمات إخبارية متنوعة. ومن الطريف فعلاً أن رؤساء التحرير استطاعوا أن يظهروا صحفهم بوجه تقني ناجح أكثر من رؤساء التحرير الشباب الذين لم ينجحوا حتى الآن في تقديم مواقع الكرتونية مميزة.
كما أن حجم الإعلانات، وعلى الرغم من ثورة القنوات التلفزيونية ودخول صحف ومجلات جديدة إلى السوق، إلا أنه في تصاعد مستمر .وتنشر هذه الصحف عشرات الإعلانات التي تكلف مبالغ مالية كبيرة وترتبط بعقود ضخمة مع شركات عملاقة مثل شركات الاتصالات .
الحس التسويقي لرؤساء التحرير جعلهم يظهرون بصورة أكثر واقعية وأقل نضالية وكان هذا هو التصرف الصحيح. فلم يعرقلوا عمل المسؤولين عن الإعلانات بحجة حماية العمل التحريري بل منحوهم الحرية الكاملة، وتعاملوا مع الإعلان بتواضع وعقلانية كبيرة مدركين أن المال بمثابة القلب الذي يجعل الصحيفة تستمر في الحياة،ويجعل الموظفين يأخذون رواتبهم في آخر الشهر. السيد تركي السديري ينقل مقاله من مكانه المعروف في الصفحة الثالثة إذا ما جاء مكانها الإعلان وهو يعلن للموظفين لديه أن الإعلان يأتي في المقام الأول. كما يلعب السيد خالد المالك دورًا مهمًا في جذب الإعلانات إلى صحيفته.
كما تقدم هذه الصحف العديد من الجوائز المغرية للقراء المتمثلة في مبالغ نقدية كبيرة وسيارات فارهة واشتراكات مجانية وهواتف نقالة ورحلات سفر حول العالم، وكل ذلك يأتي بهدف جذب القارئ بشكل مستمر لشراء الصحيفة وعدم الإتكاء على شهرة الصحيفة وانتشارها بين الناس .
ومع كل ذلك لم تفقد مثل هذه الصحف رؤيتها الليبرالية الأولى التي تحارب التطرف وتدعم التقدم،ورغم الضغوطات المستمرة التي يواجهها رؤساء التحرير من قبل التيارات المتشددة إلا أنهم أظهروا شجاعة كبيرة في الحفاظ على مواقفها ولم تنحرف عن مسارها أو تسقط في يد المتطرفين.يقول الكاتب عبدالله بن بخيت: " رؤساء التحرير حافظوا على القيم الليبرالية الأساسية التي قامت عليها الصحافة السعودية منذ البداية. من الرائع أن نرى الآن أنها لم تنجرف مع موجة الصحوة الكاسحة".عبر مجموعات من الكتاب اللامعين والتحقيقات الموسعة استطاعت هذه الصحف أن تشن حربًا على الأفكار المتطرفة المتغلغلة في ثقافة المجتمع، وشكلت هذه الصحف دورًا جوهريًا في محاربة الإرهاب عندما استقطبت العديد من الكتاب البارزين الذين قاموا بحملة نقد واسعة على رموز التكفير في السعودية وكشفت عن الجذور الثقافية المؤدية للتفكير الإرهابي.
من خلال هذه الأساليب الجديدة والقديمة والمتنوعة استطاعت هذه الصحف أن تحافظ على نجاحها وتحقق أرباحًا عالية في آخر كل عام، الأمر الذي يجعل أعضاء مجلس الإدارة يعيشون أوقات في غاية السعادة. على الرغم من دخول وسائل إعلامية جديدة للسوق السعودي وتوقع لإطلاق صحف جديدة قريبًا، فإن مسألة زعزعتها عن مكانتها المتعاظمة ليس بالأمر السهل أبدًا. ليس من السهل أبدًا بناء سمعة جريدة في السعودية وإبقائها ناجحة طيلة ثلاثين عام.
التعليقات
الصحفي السكرتيرة
حسين المحروس -هذه المادة جيدة فعلا... لو تعمقت أكثر في طبائع رؤوساء التحرير وأثرها في مهنتهم المتعبة حقاً.. مع ذلك أنا لست مع تحويل الصحفيين إلى موظفين تحسب عليهم لحظات دخول الصحيفة والخروج منها.. هذا صحفي وليس سكرتيرة!! نحن بحاجة إلى الصحفي الذي فيه من القط كثرة تردده على الأشياء وقفزاته من سطح بيت إلى بيت وعودته إلى المكان حتى بعد طرده منه !! بحاجة إلى صحفي قط الشوارع لا القط البيتي الجميل المريّش!!! الأخ ممدوح المهيني شكراً لك ...
الصحافة السعودية
وحيدالأزلي -الحقيقة لم أتعرف على الصحافة السعودية إلا من خلال إيلاف ، قبل ثلاث سنوات حيث كانت هي البوابة لتعريفنا نحن القراء العرب بالصحف السعودية وعلو اداءها ومهنيتها ، وأصبحت متابعاً لجريدتي الوطن والحياة ، إضافة إلا أنها غيرت الصورة النمطية التقليدية عن السعودية .فشكراً لإيلاف وشكراً لكم بتعريفنا بها وإن كنت أخذ عليكم بهذا التحقيق عدم شموليته بيحث يشمل جميع الصحف مدعماً بالمعلومات كتأريخ الإنشاء عدد روؤساء التحرير عدد المحررين ، وليت فكرة هذا التحقيق تأخذ بعداً عربياً ، ليكون مرجعاً للباحثين والنقاد .التحقيق من وجهة نظر بسيطة غيرمكتمل .
yes,but
najla -i agree about it all,but all news paperes become abook not a paper,imagen a news paper with 60 and 75 pages,it is a wast,whatever was wretten theire,i suggest that all stick to 20 or 30 max. than you