السجون في المغرب..فوضى يجسدها تكرار الفرار والقتل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: تعيش السجون في المغرب ما يشبه حالة الفوضى، إذ بعد عملية الفرار الشهيرة، التي نفذها تسعة معتقلين من السلفية الجهادية في السجن المركزي في القنيطرة، ارتفعت وتيرة محاولات الهروب، في وقت سجلت فيه حوادث داخل هذه المؤسسات انتهت بمفارقة سجناء حياتهم.
ولم يكن نجاح تسعة إسلاميين في الفرار من سجن القنيطرة، بعد حفرهم نفقا طوله 25 مترا، إلا الحلقة الثانية من مسلسل طويل بدأ، منذ نيسان (أبريل) الماضي على يد محمد الطيب الوزاني المعروف بـ "النيني"، المدان بثماني سنوات سجن ضمن ملف "منير الرماش"، الذي "تحرر" من قضبان السجن نفسه، إثر تواطؤ موظفين معه، لتتواصل المحاولات التي انتهت بعضها بالفشل، كما حدث بالنسبة إلى السجناء السلفيين توفيق الحنوشي ومحسن بوعرفة، المحكومين بالإعدام، بحي "ج"، إضافة الى ياسر العثماني، المحكوم بـ 15 سنة، ومعتقلي الحق العام في سجن طنجة.
إلا أن هذا المصير لم يمنع آخرين من تكرار المحاولة، إذ استفاق المغاربة، نهاية الأسبوع، على خبر قيام أربعة أشخاص مسلحين بقنبلة مسيلة للدموع وسيوف بمهاجمة حارس في السجن الفلاحي بزايو في إقليم الناضور (شمال المملكة)، كان يرافق أحد السجناء من الإدارة إلى مركز السجن، الذي جرى خطفه واقتياده إلى وجهة مجهولة.
ويتعلق الأمر بالسوسي ميمون، الذي يقضي عقوبة سجنية لمدة ثماني سنوات نافذة بتهمة الاتجار في المخدرات، منذ 18 ماي2007.وتعد هذه العملية الثانية من نوعها، إذ سبق خلال السنة الماضية أن هرب معتقل يدعى منعم من السجن ذاته عبر الطريقة نفسها.
غير أن ما يزيد الطينة بلة، هو تسجيل، في الأسابيع الأخيرة، حوادث قتل سجناء على يد زملائهم، إثر دخولهم في عراك، ما جعل التساؤلات تطرح حول مدى توفر مراقبة دقيقة لهؤلاء النزلاء، الذين يمكنهم الحصول على كل ما يريدنه داخل السجن مقابل "الرشوة".
ووقع آخر حادث من هذا النوع، في الساعة الرابعة من عصر يوم الأحد بالسجن المحلي عكاشة في الدار البيضاء، عندما تعرض سجين لاعتداء من قبل سجين احتياطي آخر، نقل على إثره في الحال إلى المستشفى، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة.
وأصاب السجين الاحتياطي الضحية بجرح خطر في أحد شرايين العنق، بواسطة سكين من الحجم الصغير يستعمل لتنقية الخضر، وذلك في الجناح رقم 4 في السجن نفسه، حيث كان الضحية والمتهم يقيمان.
وعن سبب الاعتداء صرح السجين المعتدي أن "الضحية كان مارا ولمسه من ورائه"، وقال إنه "في سنة 2001، كان وقع عليه اعتداء جنسي من طرف الضحية نفسه، رفقة شريك له، خلال اعتقال سابق".
ويأتي هذا بعد أيام من إصابة أحد نزلاء السجن المركزي في القنيطرة زميله بجرح غائر في العنق، بواسطة قطعة من علبة السردين، ما أدى إلى وفاته على الفور.
ولم يمض على وجود الضحية الجيلالي (ب) داخل السجن المركزي إلا بضعة أشهر، قبل أن يوضع رفقة اثنين آخرين في الزنزانة الانفرادية بحي (ب)، الخاص بالمحكومين بالإعدام، حيث توفي نتيجة نزيف حاد ناجم عن قطع إبراهيم وريد عنق شريكه في الزنزانة.
وأكدت مصادر متطابقة أن إبراهيم محكوم بـ 20 سنة سجنا، أمضى منها 12 سنة، في حين أن الضحية بقيت له سنتان لمغادرة القضبان، بعد أن نقل، أخيرا، من سجن سلا.
يشار إلى أن الملك محمد السادس عين، أخيرا، مولاي حفيظ بن هاشم، مندوبا عاما لإدارة السجون وإعادة الإدماج.ويأتي هذا التعيين الجديد في إطار الإصلاح العميق الذي ستعرفه هذه المؤسسة، بمقتضى الظهير الشريف المتعلق بتعيين المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، وبتحديد اختصاصاته.
كما عين سفيان أوعمرو، مديرا مكلفا بسلامة السجناء والأشخاص والمباني والمنشآت المخصصة للسجون، وكذا مصطفى حلمي، مديرا مكلفا بالعمل الاجتماعي والثقافي لفائدة السجناء وبإعادة إدماجهم.
وأظهرت دراسة جديدة حول واقع السجون في المغرب الوضع الكارثي الذي تعيشه المؤسسات السجنية، وغياب أسس شروط الإيواء والأمن داخل السجون.
فالدراسة قدمت مشهدا صادما لواقع السجون المغربية، وبلغة الأرقام خلصت الدراسة إلى أن ستين ألف سجين يقضون عقوبتهم السجنية داخل ستين سجنا وهو ما يعني أن كل سجين يحصل على مساحة داخل السجن لا تتجاوز المتر ونصف المتر، علما أن المعايير الدولية تحدد المساحة في تسعة أمتار لكل سجين، وأشارت الدراسة إلى أن شخصا واحدا من بين ستمائة نسمة يوجد في السجن، وأن نصف عدد السجناء معتقلون احتياطيون في انتظار محاكمتهم وأن كل سجين تنفق عليه الدولة سنويا مائتين وثمانين دولارا.