الأمن في بيروت يخطف الضوء ويتقدم على السياسة مجدداً
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بيروت، وكالات: تدخل مساعي المعنيين بالطبخة الحكومية في سباق مع الوقت، حيث تنشط اللقاءات والاتصالات بالقيادات والأطراف كافة في محاولة حثيثة لإعلان التشكيلة العتيدة قبل وصول الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى بيروت السبت المقبل الذي سيرافقه وفد رسمي رفيع هو الأكبر في تاريخ العلاقات الخارجية الفرنسية، إذ يأمل الرئيسان ميشال سليمان وفؤاد السنيورة في استقبال ضيفهما الرفيع المستوى والى جانبهما حكومة أصيلة ومتوازنة تمثّل كل التوجّهات والأحزاب والمناطق لا حكومة تصريف أعمال، وذلك لكي تكون شاهدة وشريكة حقيقية في كلّ ما يمكن أن يوقّع بين البلدين من إتفاقيات ومعاهدات ستشكّل إرتدادات لمؤتمرات "باريس" الثلاث السابقة مع كلّ ما يعود بالخير للإقتصاد اللبناني، وستؤكد أيضاً حرص "الأمّ الحنون" ورئيسها على الوقوف الى جانب لبنان ومساعدته على تخطي محنته الإقتصادية وتجاوز أزمته السياسية لما لها من علاقة جيدة مع مختلف الفرقاء اللبنانيين، وهي التي استضافتهم في مؤتمر "سان كلو" في شهر تموز الفائت وكان نصيبه الفشل.
لكنّ تأليف الحكومة دونه عقبات كثيرة لن تُحلّ إذا لم يبادر كل طرف إلى تقديم بعض التنازلات تماماً كما حصل في اتفاق الدوحة، فتعمّم بالتالي هذه التجربة الناجحة على الوضع الحكومي، إلا أنّ هذه المرّة بإرادة لبنانية بحتة، فيكون الأبطال محليين والسيناريو والحوار محليَين وكذلك الإخراج، أما الطباخون العرب فيكون دورهم هذه المرّة المراقبة والمباركة والتشجيع فقط لا غير. وإذا كان الرئيس السنيورة قد امتنع مراراً عن الكشف عن طبيعة العراقيل التي يواجهها، الا أنّ المتتبعين لمجريات الأمور يؤكّدون أنّ العقدة الرئيسة تكمن في السقف العالي للعماد ميشال عون من خلال إصراراه على الحصول على خمس حقائب وزارية من بينها حقيبتان سياديتان إضافة الى التباين القائم بينه وبين الرئيس نبيه بري حول عدد من الوزارات التي يتمسك بها الطرفان.
أما لناحية وزراء "14 آذار" في التركيبة المنتظرة فيبدو أنّ الصورة أصبحت واضحة وشبه محسومة، وإن بقيت الأسماء المطروحة طي الكتمان حتى الساعة بانتظار جلاء المزيد من الأمور التي تبدو "ضبابية" ويتحكم بها سوء رؤية سياسية على الرغم من أنّ البلاد على أبواب صيفٍ يأمل منه اللبنانيون في أن يكون حاراً بقدوم السياح ومزدهراً بعودة المغتربين الى أحضان وطنهم الأمّ.
الى ذلك عاد الموضوع الأمني الى الواجهة مجدداً ليطغى على مسار الاتصالات والمساعي الجارية لحلحلة العقدة الحكومية المستعصية، وتمثل هذه المرّة بحادثة بئر حسن ليل الثلثاء التي شهدت اعتداءً على مناصر لتيار "المستقبل" من قبل عناصر من شرطة المجلس النيابي، ما جعل النائب سعد الحريري يتجه الى تعليق مشاركته في المشاورات الجارية لتشكيل الحكومة حتى إيجاد حلّ نهائي للممارسات الشاذة التي تحصل بين الحين والآخر في أحياء متفرّقة من العاصمة، وقد سارع الرئيس بري الى إبلاغ الرئيس السنيورة الذي زاره مساء أمس في عين التينة أنه يرفع الغطاء عن أيّ شخص يخالف القانون ويعتدي على الناس حتى لو كان من أنصاره أو من أنصار المعارضة، في حين ذكرت معلومات مقرّبة من قريطم أن رئيس كتلة "المستقبل" في صدد طلب لجنة عربية لتقصي الحقائق الأمنية في مدينة بيروت. كما اتصل بري بالحريري بعد مغادرة السنيورة لشرح موقفه مما يجري على الأرض، كذلك وُضع رئيس الجمهورية ميشال سليمان في صورة هذه اللقاءات والاتصالات وأعطى توجيهاته الصارمة لمعالجة الإشكالات الأمنية جذرياً.
مصادر فرنسية وسورية تنفي إمكانية زيارة الأسد بيروت
الى ذلك نفت مصادر فرنسية وسورية صحّة ما ذكرته صحيفة "السفير" في عددها أول من أمس، عن زيارة الرئيس السوري بشار الأسد الى بيروت في النصف الثاني من هذا الشهر، واعلانه اقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين من قصر بعبدا. ونقلت صحيفة "السياسة" الكويتية عن مصادر فرنسية معنيّة بالملف اللبناني في الخارجية قولها، "إن ما ذكر عن زيارة الرئيس السوري المرتقبة الى بيروت ليس جدياً، وهو محض تمنّ مبني على ما قاله الأسد في دبي لجهة أنه كان أول من طرح فكرة اقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين منذ العام 2005".
وأضافت المصادر عينها "ان من غير الممكن أن يقوم الرئيس السوري بزيارة الى لبنان، قبل أن يقوم الرئيس اللبناني بزيارة سوريا، ليس فقط تلبية لدعوة الرئيس السوري له، بل لأن هذا غير وارد في المنطق السياسي والديبلوماسي السوري"، مشيرة الى انه في ما يتعلق بأن الزيارة ستكون لتقديم التهاني للرئيس اللبناني بانتخابه، فإن وزير الخارجية السوري وليد المعلم قام بالواجب البروتوكولي حين حضر مراسم انتخاب سليمان وقدم له التهاني بإسم الرئيس السوري.
وكشفت المصادر أن قوى "14 آذار" تلقّت توجيهات بعدم السماح لأي زيارة من هذا القبيل بالحصول، فيما لو حصلت بشكل طبيعي، وبالتصدي لها عبر مظاهرات احتجاجية، "وهو ما لا يمكن أن يتقبله الأسد، خصوصاً وأن هذا قد يعيد الصدام الى الشوارع، حيث ستعمد أحزاب المعارضة وخصوصاً حركة "أمل" و"الحزب القومي" الى تسيير مظاهرات ترحيبية مضادة، فتتحول مناسبة الزيارة الى فتنة بدلاً من أن تكون مناسبة للتطبيع".
في سياق متصل، ذكرت صحيفة "الوطن" السورية في عددها أمس، أن سليمان سيزور دمشق الاسبوع المقبل، ونقلت عن مصادر لبنانية قولها إن الرئيس اللبناني سيقوم بتحديد موعد الزيارة بدقة، بمجرد اداء الحكومة اللبنانية اليمين الدستورية. وتوقعت المصادر عينها ان تجري زيارة سليمان منتصف الاسبوع المقبل، موضحة انه في حال تعثر تشكيل الحكومة طوال الاسبوع المقبل، من المرجح ارجاء زيارة سليمان الى الاسبوع الأخير من الشهر الجاري، نظراً لجدول أعمال الرئيس السوري المزدحم.
الاسد يؤكد استعداد بلاده لفتح سفارة
وقد اكد الاسد في تصريحات نشرتها الصحف الكويتية الخميس ان بلاده على استعداد لفتح سفارة في بيروت بعد تشكيل حكومة وحدة وطنية في لبنان يتمثل فيها جميع الاطراف وتؤمن تحسن العلاقات بين البلدين. وقال الاسد ان موضع التبادل الدبلوماسي بين البلدين "طرحناه عام 2005 بناء على الظروف المستجدة" في اشارة الى الانسحاب السوري من لبنان و"لم يكن مناسبا فتح سفارة والعلاقة غير جيدة مع لبنان".
واضاف "كان شرطنا ان تكون هناك حكومة وحدة وطنية اولا وان تكون العلاقات جيدة معها، ومن البديهي اذا كانت هناك حكومة وحدة وتمثل كل الاطراف اللبنانية فستكون علاقتنا بها جيدة". وتابع الاسد "عندما تتهيأ هذه الظروف فسنتبادل قريبا ان شاء الله السفارات مع لبنان بعد دراسة وضع المجلس الاعلى السوري اللبناني".
الى ذلك، اعتبر الاسد ان لبنان الذي شهد في ايار/مايو سلسلة احداث دموية متنقلة اخذت طابعا طائفيا "كان على حافة الانفجار ولم يعد كذلك بعد اتفاق الدوحة الاخير". وعن اتهام سوريا بعدم الاعتراف بلبنان، قال الاسد "اعترفنا بلبنان عام 1976 ولم يكن موضوع السفارات مطروحا حيث كان المجلس الاعلى السوري اللبناني يحل محل السفارة وكانت له بنية ديناميكية". وتساءل "كيف لا نعترف بلبنان وبيننا وبينه اتفاقيات رسمية وكيف يتم توقيع اتفاقية رسمية تشمل الحدود والجمارك والزراعة والعلاقات مع طرف لا تعترف به".