قرار المحكمة التركية خطوة لحظر الحزب الحاكم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أنقرة: يبدو واضحا أن قرار المحكمة الدستورية برفض التعديل البرلماني لارتداء الحجاب في الجامعات قضى على آخر أمل للمحجبات باستكمال تعليمهن الجامعي بعد أن عشن أحلام يقظة أياما معدودة في أن تنصفهن المحكمة وتثبت حقيقة ان الحجاب لن يكون عائقا امامهم لممارسة حقوقهن الطبيعية في التعليم. وأثارت قضية الحجاب جدلا كبيرا لدى الرأي العام بعد أن حاول البرلمان الذي يشكل فيه حزب العدالة والتنمية (الحاكم) الأكثرية في فبراير الماضي فك هذه العقدة المزمنة التي تعتبرها الشخصيات العلمانية البارزة في البلاد وفي مقدمتهم القضاة وجنرالات الجيش تهديدا لمبدأ الفصل بين الدين والدولة لأسباب تتعلق بالموروث التاريخي المكتسب عبر الحقبة الكمالية.
ويؤكد خبراء أن هذا القرار لم يكن مفاجئا بل كان محسوما سلفا اذ ان قضاة المحكمة الدستورية ال11 محسوبون على الخط العلماني التقليدي الصارم وقضية "الحجاب" تعتبر من المسائل الحساسة في بلد أكثريته مسلمة ويخضع منذ اكثر من 80 عاما لحكم علماني. وبناء عليه فاذا كان قرار المحكمة حسم جدلا اجتماعيا فانه فتح الباب أمام جدل سياسي كبير اذ يعتقد وعلى نطاق واسع أن هذا القرار انما هو خطوة تمهيدية لحظر الحزب الحاكم الذي يواجه دعوى قضائية بتهمة أنه أصبح بؤرة للنشاطات المناهضة للعلمانية.
ويؤكد الخبير في الشؤون السياسية محمد كاينار أن المحكمة بهذا القرار الذي اتخذته أثبتت بالدليل القاطع تهمة "الأصولية" على الحزب الحاكم "فلم يبق أمامها سوى خطوة واحدة تحاكمه فيها على كونه بؤرة لتحظره من العمل السياسي". ويرى كاينار أن حظر الحزب الحاكم في وقت تأججت فيه الصراعات في المنطقة يشكل خطرا كبيرا على تركيا لأنه سيعرضها لعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي وحتى الأمني والاجتماعي مشيرا الى أن مثل هذا الحظر سيؤدي الى انتخابات مبكرة قد لا تتحمل وطأتها البلاد.
وأضاف "أرى أن هذا القرار سيؤثر بشكل مباشر على الحزب الحاكم فهو من أصر على رفع الحظر عن الحجاب في الجامعات .. وهو الدليل المادي الوحيد الذي استند عليه كبير المدعين العاميين ليرفع دعوى الحظر ضده الى المحكمة".
وقال الخبير التركي ان تلك القضية "هي التهمة الأساسية للحزب الحاكم .. وبناء عليه فلو كانت المحكمة رفضت دعوى الحجاب لكانت أزالت بدورها أهم سبب يهدد بحظر الحزب .. لكنها وافقت وهذا يعني أن أسطورة الحزب الحاكم أوشكت أن تزول .. هي مسافة أسابيع قليلة فقط وتصدر المحكمة الدستورية قرارها والمؤشرات الحالية تدل بقوة على أن الحزب الحاكم سيكون في عداد المحظورين". ووفقا للخبراء فان هذه القضية هي ايديولوجية بحتة متعلقة بالعقيدة الفكرية وليست مسألة سياسية أو قانونية فهي حرب علمانية ضد حزب بقيت جذوره الاسلامية تلاحقه كظله مهما ادعى بأنه أصبح ومنذ توليه السلطة علمانيا ديمقراطيا.
واعرب العديد من الخبراء عن اعتقادهم بأنه على الرغم من أكثرية الحزب الحاكم والشعبية الساحقة وكفاءته السياسية وقوة علاقاته الخارجية فان كل هذا لم يشفع للحزب من أن يكون هدفا للمؤسسات التركية المحكومة تاريخيا من قبل القوى العلمانية التي ترى فيه أنه ما زال يشكل خطرا كبيرا على علمانية الدولة.
ويرفض العلمانيون "بشدة أي ديمقراطية تأتي من خلال الاسلام" وفي هذا الاطار يرى المحامي ألبير غنج أن قرار المحكمة يدين الحزب الحاكم ويقوي أيضا من شوكة كبير المدعين العامين عبد الرحمن يالتشين كايا. وأضاف ان كايا يصر في التقرير الثاني الذي رفعه الى المحكمة الدستورية قبل يومين على رأيه في أن هذا الحزب بمحاولته رفع الحظر على "الحجاب" الذي يعتبر رمزا سياسيا في البلاد انما يكشف عن النية الحقيقية للاسلاميين بأن هذا الحزب اسلامي الصبغة وليس علمانيا ديمقراطيا كما يدعي.
وأشار الى أن المحكمة على ما يبدو اقتنعت فعلا بدليل "الحجاب" وهذا وحده كفيل بحظر الحزب الحاكم معربا عن اعتقاده بأن قرار الحظر المتوقع ضد الحزب الحاكم سيزيده قوة وان لم يسقطه شكلا فسيفتح طريقا له تحت مسمى حزب آخر. وأوضح أن حظر المحكمة سيكون منحصرا على هذا الحزب وبناء عليه فبوسع أعضاء الحزب الحاليين تأسيس حزب جديد باسم آخر وبامكان رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان أن يرشح نفسه نائبا مستقلا ويصبح مجددا رئيسا للوزراء بتكليف من صديقه الرئيس عبد الله غول. وأعرب عن اعتقاده "بأن هذا ما يراهن الحزب عليه حاليا وهو أن يخرج بقوة شعبية أكبر .. قوة قد تكون هذه المرة بالفعل بمثابة ضربة شعبية قاصمة للعلمانية".
من جانبه قال الباحث في الشؤون الاسلامية نجاتي كوتشوك ل(كونا) ان المعضلة الأساسية القائمة هي أن الدستور التركي لا يتضمن أي اشارة للاسلام أو الشريعة لذا ينطلق الاسلاميون من دفاعهم عن الحجاب ضد الدولة من مبادىء الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان وليس من أصله الشرعي الاسلامي. وأضاف ان "هذا ما يزيد الأمر صعوبة عليهم بخلاف الحال في معظم الدول الاسلامية الأخرى التي يعطي النص على الاسلام باعتباره دينا رسميا في دساتيرها منطلقا قويا للاسلاميين في الدفاع عن الحجاب فتصبح العقبة الأساسية أمام التقدم في موضوع الحجاب هي عدم تطور الديمقراطية في تركيا".
ويبقى القول ان مشكلة حزب (العدالة والتنمية) الحاكم الكبرى هي أن الحجاب في تركيا لم يعد مجرد التقيد بتعاليم الشريعة الاسلامية بتغطية رأس المرأة بل تحول الى مواجهة سياسية بين من يرون فيه رمزا سياسيا وبين من ينظرون اليه على أنه أحد متطلبات الايمان. وان السؤال الذي يطرح نفسه هو اذا كان الحزب قد أخفق حتى الآن في حل قضية أصغر بكثير مثل معاهد "الأئمة والخطباء" فكيف له أن يحل المشكلة الكبرى المتمثلة "بالحجاب".
وتعد هذه المشكلة التي لها تاريخ طويل في تركيا من القضايا الخلافية التي فرضت نفسها على الساحة منذ عقدين من الزمن ما يعني أن الحزب الحاكم يواجه حاليا أزمة حقيقة يتوقف عليها مستقبله بما أن الحجاب بالمنظور العلماني الأتاتوركي سيبقى تهديدا رئيسيا لأمن البلاد ويخدم هدف هدم النظام العلماني واستبداله بآخر اسلامي.
التعليقات
اتاتورك
علي محمدجمعه -لابدان اتاتورك يدفع الان في قبره ثمن كرهه للاسلام وهومن سن العلمانية لتركيا فهو يتحمل وزرها ليوم القيامة