أخبار

خبير أميركي يعدد مكاسب إسرائيل من سلام مع سوريا

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

واشنطن: في الوقت الذي تُواجه فيه حكومة إيهود أولمرت تحديات قد تُهدد بسقوطها والإعلان عن انتخابات مبكرة؛ لتورط رئيسها في قضايا فساد ورشوة، بدأت حكومة أولمرت مفاوضات سلام مع سوريا بوسيط تركي بشأن هضبة الجولان التي احتلتها إسرائيل في عام 1967. ويأتي تحرك الحكومة الإسرائيلية بعد فترة من الجمود والتوقف في تلك المفاوضات خلال أربعة رؤساء سبقوا أولمرت، والذين أخفقوا في الوصول إلى اتفاق مع سوريا بشأن الأراضي التي تحتلها تل أبيب.

وتنقسم الآراء حول نتائج إعادة إحياء المفاوضات السورية - الإسرائيلية بواسطة تركيا إلى اتجاهين. الاتجاه الأول رافض لتلك المفاوضات انطلاقاً من أن تنازل إسرائيل عن هضبة الجولان يُمثل مساساً بالأمن الإسرائيلي نظراً للموقع الاستراتيجي والاقتصادي لتلك الهضبة، ويرون أنها محاولة من أولمرت للخروج من الأزمة التي يمر بها ائتلافه الحاكم حالياً استناداً إلى مبدأ الشرعية الرجعية، وإشغال الداخل الإسرائيلي بشيء يُسيطر على الجدل والنقاش (الداخلي والخارجي) بدلاً من التركيز على قضايا الفساد المتهم فيها. في حين يري الاتجاه الأخرى أن تلك المفاوضات سوف تصب في مصلحة إسرائيل وأمنها، حيث من شأنها تحقيق الاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط، استنادا إلى فرضية أنه في حال تحقيق مثل هذا الاتفاق فإن سوريا ستتوقف عن دعم جماعات المقاومة الفلسطينية (حماس) واللبنانية (حزب الله)، فضلا عن كونها بادرة كسر التحالف الاستراتيجي السوري - الإيراني، وبذلك تفقد إيران أحد أزرعها في ملفات منطقة الشرق الأوسط الفاعلة. بالإضافة إلى أن مثل هذا الاتفاق يجعل الفلسطينيين في مواجهة إسرائيل بمفردهم؛ مما يسهل التأثير عليهم في ملفات الصراع (القدس، اللاجئين، المياه.).

ومن مؤيدي الاتجاه الثاني "جوشوا لانديس Joshua Landis"، المدير المشارك لمركز دراسات الشرق الأوسط ومدير مركز دراسات السلام التابعين لجامعة أوكلاهوما University of Oklahoma، والمدرس المساعد للدراسات الشرق أوسطية بكلية الدراسات الدولية والمناطق the School of International and Area Studies، والخبير في الشأن السوري أيضاً. فيري في حوار أجراه معه "برنارد جورتزمان" Bernard" "Gwertzman من مجلس العلاقات الخارجية Council on Foreign Relations، أن عملية السلام بين الجانبين السوري والإسرائيلي ممكنة، ولكن هناك شكوك حول إمكانية تحقيقها في المدى القصير. ولكي يكون هناك اتفاق سلام دائم بين الجانبين يؤكد "لانديسLandis " على أهمية تخلي تل أبيب عن هضبة الجولان، وإعادتها إلى السيادة السورية. والمقابل الذي تقدمه سوريا سيتمثل في التوقف عن دعم جماعات المقاومات الفلسطينية واللبنانية وكسر تحالفها مع الجانب الإيراني.

وفيما يلي نص الحوار.

أعلن في 21 مايو الماضي بدمشق والقدس وأنقرة بصورة متزامنة عن لعب تركيا دور الوسيط في المفاوضات بين الجانبين السوري والإسرائيلي الهادفة لتحقيق اتفاق سلام شامل. ما مدي إمكانية تحقيق هذا الاتفاق؟

أعتقد أنا هذا ممكناً. ولكني أشك في إمكانية تحقيقه في المدى القصير. وتحتاج الأطراف إلى إدراك أنهم لو توصلوا لحل لهذا الصراع وتمكنوا من تحقيق النظام على الحدود الشمالية لإسرائيل، وتلك الجنوبية السورية واللبنانية، فإن بعض الاتفاقيات في هذا الإطار يمكن تحقيها.

كان الطرفان على مقربة من تحقيق اتفاق في عام 2000. وقد لعبت واشنطن دور الوسيط في هذا الاتفاق في الوقت الذي كان فيه إيهود بارك رئيساً للوزراء. وعلى الرغم من لقاء الرئيس السوري حافظ الأسد نظيره الأميركي إلا أن المحادثات توقت وانهارت. ما سبب وراء تراجعها وتوفقها؟

هذا يعتمد على أي رؤية تقبلها. فإعلان كل من كلينتون وبارك هو الذي جعل الأسد يترك طاولة المفاوضات. فقد قال الأسد أن تلك المفاوضات ليس جدية؛ لأن دينس روس، المبعوث الأميركي السابق للسلام بالشرق الأوسط، كان في صف عرض بارك، وهو العرض الذي لا يرقي إلى حدود 1967. إسرائيل تريد الحفاظ على 100 متر من الأراضي على الاتجاه الأخر من نهر الأردن والجليل.

هذا يسمي حدود 1923؟

نعم هي حدود 1923 التي صنعتها فرنسا وبريطانيا عند ترسيم حدود فلسطين وسوريا. وخلال حرب 48 احتلت سوريا الأراضي الفائضة. وفي عام 1967 هزمت إسرائيل الدول العربية واحتلت هضبة الجولان. وتريد سوريا الرجوع إلى حدود حرب 1948، بينما تريد إسرائيل الرجع إلى ما حصل عليه البريطانيين من الفرنسيين عام 1923. وفي ذلك الوقت كان البريطانيون يريدون الأراضي التي تضمن لهم تأمين وحماية إمدادات المياه، ولاحقاً للإسرائيليين، والتي تضمن لهم أمن المياه. وكان السؤال الجوهري في عام 2000 أنه إذا وقعت سلاماً مع سوريا وتخلت إسرائيل عن هضبة الجولان سوف لن يتم إنجاح عملية السلام مع الجانب الفلسطيني؛ لأن قضية هضبة الجولان سوف تنال من مصداقية حكومة باراك (ستحدث اضطرابات في حكومة باراك). ووضع بارك جعله يدرك أن إحداث اتفاق سلام مع الفلسطينيين يكون أكثر أهمية من نظيره مع السوريين.

وفي مذكراته يقول كلينتون أن خطوات الإسرائيليين كانت ضعيفة. وربما كان السوريون سيقبلون العرض. ونحن لا نعرف الحقيقة حتى يحكم التاريخ. وبصرف النظر عن الوضع، أعتقد أن الفرصة أفضل لسلام مع سوريا، حيث يري الإسرائيليون أن مصالحهم سوف تُنجز من خلال السلام مع السوريين قبل انجاز سلام مع الجانب الفلسطيني، حيث يُفقد الأمل في الموقف الفلسطيني في حين يكون تحقيق سلام على الجانب السوري ممكن في الوقت الحالي.

يقول السوريون اليوم إن الإسرائيليين يوافقون على مبدأ الرجوع إلى حدود 1967. ولكن الإسرائيليين لم يؤكدوا هذا، والشيء الجلي أنهم لن يدخلوا في المفاوضات إلا بعد طرحها على الطاولة.

يقول كل من رئيس الوزراء الحالي إيهود أولمرت والرئيس السابق إرئيل شارون "نعرف ثمن المفاوضات مع سوريا، ولكننا لن ندخل في مثل هذا النوع من المفاوضات؛ لأننا نعرف ما سوف يطلبونه منا. فلو دخلنا في مثل تلك المفاوضات فإننا سنضطر إلى إيقافها".

يريد الإسرائيليون أن يتخذ السوريون قرارات سياسية جوهرية لاستعادتهم هضبة الجولان، ولا أعتقد أن السوريين سيتخذون مثل تلك القرارات الجوهرية. فهم يردون من سوريا خفض علاقاتها مع حزب الله اللبناني وإيران. هل هذا كله ممكن؟

حسنا، قال السوريون أن لديهم رغبة في التوقف عن تدعيم ومساندة حزب الله اللبناني. فقد عبر الرئيس السوري بشار الأسد عن شيء قريب من هذا. وليس من المنطقي أن تتمسك سوريا بمثل هذا الموقف؛ لأن ذلك سيثير تساؤل مفاده ما هي المصالح الأمنية السورية بلبنان؟. في واقع الأمر هناك مصلحتين، الأولي تتمثل في رغبة سوريا في إيجاد قوي مقاومة مسلحة تقتل الإسرائيليين وترغم إسرائيل على ترك الجولان. فلو حصلت سوريا على هضبة الجولان فلم يعد من المبرر وجود قوي مقاومة مسلحة بلبنان.

لسوريا مصالح أمنية قوية بلبنان وتحتاج أن تكون الأخيرة جزءاً من نفوذها وتأثيرها. وتستطيع أن تحصل سوريا على مصالحها الأمنية بلبنان عن طريق اللبنانيين والشيعة بدون الحاجة إلى قوي مقاومة مسلحة؛ إذا كان لديهم نصيب كبير في الحكومة اللبنانية. فليس من المستغرب أن نجد تقدم في المحادثات السورية - الإسرائيلية حول أن حزب الله أصبح مركزي في السياسة اللبنانية (كجزء من العملية السياسية التي تمخضت عن حوار الدوحة).

أعتقد أن لحزب الله نوع من القوة بالحكومة اللبنانية الجديدة. فقد اتفقت الأطراف على تأجيل مناقشة قضية تسلحه. وأعتقد أن هذا سوف يكون أحد محاور المفاوضات السورية - الإسرائيلية.

هذا صحيح لأن هناك مصالح ثنائية سورية بلبنان. فبجانب الرغبة في الحفاظ على وجود قوي مقاومة مسلحة لاستعادة هضبة الجولان، يريد السوريون أن تظل لبنان في فلك تأثيرهم ونفوذهم، لذلك فهم لا يريدون أن تُستخدم للنيل من الاستقرار السوري كما حدث خلال السنوات الماضية بواسطة الولايات المتحدة الأميركية بالضغط على مجلس الأمن لتمرير قوانين كمنع تسلح حزب الله والقرار 1559 والقانون الذي يمنح الأمم المتحدة التحقيق في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق "رفيق الحريري" في اتهام لسوريا. وفي حال تمكن قوي المعارضة الموالية لسوريا من أن تكون أكثر قوة في الحكومة الجديدة فإنهم قد يرفضون ويعارضون تحقيقات الأمم المتحدة في اغتيال "الحريري"، وربما تقول الحكومة اللبنانية "نحن لا نريد هذا، نحن نريد تحقيقات وطنية".

وربما يحدث هذا مما يعوق من قدرات الأمم المتحدة في تلك القضية لأنها تحتاج إلى الإذن من الحكومة اللبنانية. وترحب الحكومة اللبنانية بإعطاء الأذن للأمم المتحدة، والذي من شأنه أن يكون هناك سلاح في يد الولايات المتحدة الأميركية تستخدمه بقوة وفاعلية ضد سوريا. واليوم وبحصول المعارضة على الثلث المعطل بالحكومة اللبنانية فإن مثل هذا الشيء (إعطاء إذن للأمم المتحدة) سيكون صعب المنال. فسوريا ستحمي نفسها من تأثير الخارج واستخدم لبنان كورقة ضغط في مواجهتها. ولذا فإن حزب الله اللبناني يُعد هدف جوهري لسوريا والذي يضمن عدم تحول لبنان إلى دولة ضد سوريا أو استخدامها في مواجهة سوريا.

هناك الكثير من الشكوك والمعارضة حيال المفاوضات مع سوريا داخل إسرائيل.

فالكثير من الإسرائيليين يريدون الاحتفاظ بهضبة الجولان.

بالتأكيد، من لا يريد؟، حيث الطبيعة الساحرة والموقع الاستراتيجي.

يواجه حاليا رئيس الوزراء الإسرائيلي مأزقاً سياسياً. فيحقق معه لحصوله على رشوة مالية، والتي قد تؤدي إلى استقالته ولكن هذا لا يعني أن الحكومة الإسرائيلية ستتوقف عن استمرار المفاوضات والحوار مع سوريا، بل هناك صعوبة للوصول إلى صفقة في ظل رفض الكثير من الإسرائيليين للتعامل مع السوريين.

أنها صفقة صعبة. أعتقد أن سوريا على الجانب الآخر سوف تكون رجل أمن لحماية إسرائيل بدلاً من كونها عدو يريد تحقيق الكثير من الاضطرابات لإسرائيل عن طريق تدعيم حزب الله اللبناني أو تدعيم حماس أو جماعات فلسطينية أخري تريد قتل الإسرائيليين.

هل تعتقد أن سوريا سوف تطلب من قيادات حماس بدمشق العودة إلى غزة؟

سوريا لن تفعل شيء يُعرض خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس للقتل. فسوريا لن تجعله هدفا سهلا لإسرائيل للقبض عليه.

أعتقد أنهم قد يرسلونه إلى إيران.

سيجد مكاناً أخر للذهاب إليه، ممكن أن نقول قطر أو أي دولة أخري. وقد يقول تطوعاً أنه سيترك سوريا، فقد قضي وقتاً طويلاً ومهماً بسوريا، ولكنه يحتاج إلى الحفاظ على الأعمال في أماكن أخري. ولكنك على صواب في ذهابك إلى أنه من مصلحة سوريا التخلي عن الفلسطينيين. وهو الشيء الذي ستطلبه إسرائيل من السوريين.

أنت تتحدث عن تخلي سوريا عن فلسطين؟

الفلسطينيون سوف يتصرفون كما تصرفوا مع الرئيس المصري الراحل "أنور السادات" بعد توقعيه في عام 1979 معاهدة سلام مع إسرائيل، بقطع علاقاتهم والإبحار لوحدهم، والتصرف بمفردهم وبمعزل عن الدول التي توقع معاهدة سلام مع إسرائيل.

كيف تكون الصفقة الكبرى داخل سوريا لاستعادة الجولان؟، وهل هذا في صالح بشار؟

سوف يكون هذا في صالحه. وستغير من موقعه داخل دمشق، فقد أثبت نفسه خلال السبع أو الثماني سنوات الماضية؛ لقدرته على تجاوز الكثير من العواصف. فالكثير يرونه دكتور عيون يتحرك ببط (فقد درس طب العيون ببريطانيا) مرتبكاً خطأ تلو الآخر، والذي سيجعله يسقط ويفشل. ولكنه مازال مستمرا.

وماذا عن العلاقات السورية - الأميركية؟

حسنا، أعتقد أن فرص التقرب بين الجانبين خلال حكم بوش الابن ضعيفة وفرصها قليلة. وعلى الجانب الآخر كانت إدارة بوش هادئة جدا حيال هذا الاتفاق. فمنذ أسبوع أو اثنين رفضت الإدارة سلوك حزب الله الخارج عن السيطرة، فيقولون ليس من الكياسة أن يعطي اللبنانيون حزب الله الثلث المعطل بالحكومة الجديدة ولكنهم الآن يقبلونه لتصرفات حزب الله.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف