ميدفيديف يدعو إلى عالم جديد بدون الولايات المتحدة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
موسكو : أطلق على منتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي مصطلح "دافوس الروسي". وشاركت فيه النخبة السياسية بمن فيهم وزراء بارزون. وشاركهم في ذلك قادة بلدان رابطة الدول المستقلة وحكام الأقاليم الروسية. وأعلن رئيس مجلس مديري المنتدى الاقتصادي العالمي كلاوس شواب أنه حضر "أشخاص يمثلون اكثر من "تريليون دولار". ووقعت في منتدى بطرسبورغ 17 اتفاقية استثمارية، بقيمة إجمالية تزيد على 6ر14 مليار دولار. وكان المنتدى زاخرا بالتصريحات الهامة من جانب المسؤولين الاقتصاديين الروس الكبار، وأما خطاب الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف فقد كان له وقع مثير.
فقال ميدفيديف إن "روسيا حاليا، هي لاعب عالمي، وبإدراكها مسؤوليتها عن مصير العالم، تود المشاركة في صياغة قواعد لعب جديدة، لا نتيجة "طموحات إمبراطورية"، وإنما لأنه تمتلك في هذا المجال موارد وإمكانيات كبيرة".
وكان وضع الاقتصاد العالمي السيئ للغاية، الأساس الموضوعي لهذا التصريح. فقال ميدفيديف إن الأزمة الاقتصادية التي قد تكون الأسوأ على مدى التاريخ، تظهر أن منظومة المؤسسات المالية العالمية بشكلها الحالي لا تناسب التحديات الراهنة. وأعلن ميدفيديف أن "عدم تناسب دور الولايات المتحدة الشكلي في الاقتصاد العالمي مع إمكانيتها الفعلية كان أحد الأسباب الأساسية للأزمة الجارية". ويجب أن تلعب دورها هنا روسيا التي أصبحت قوية. وتضمن قدرات المنظومة المالية الروسية على التنافس، تحول موسكو، حسب قول الرئيس الروسي، إلى مركز مالي عالمي قوي ، والروبل ـ إلى إحدى عملات الاحتياط الإقليمية البارزة.
ومن الممكن اعتبار طموحات روسيا التي عرضها ميدفيديف، بدور مركز سياسي واقتصادي عالمي، في وقتها تماما. فإن إصابة الاقتصاد الأمريكي بضعف يرغم بلدان العالم على البحث عن "مراكز جذب" جديدة. وبذا فإن فكرة بناء اقتصاد جديد بدون أمريكيا جزئيا أو كليا، في ظل تنامي نفوذ روسيا، قد تبدو للكثيرين فكرة مغرية. وبوسع تحول الهزات التي يتعرض لها النظام المالي الدولي إلى أزمة حقيقية، أن تتمخض عن تغيرات نظامية في تركيبة الاقتصاد العالمي، وستكون "مراكز الجذب" الجديدة عندئذ مطلوبة. ومع ذلك مازال مبهما مدى تأثير الأزمة، وكذلك انعكاسها على الولايات المتحدة. فقال يورغن إيلميسكوف، كبير اقتصاديي منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي بالوكالة، أن الهزات السيئة بالنسبة للأسواق المالية قد ولت.
ولهذا السبب يجدر اعتبار تصريحات ميدفيديف في المنتدى الاقتصادي الدولي الثاني عشر، على الأرجح جس نبض لمدى متانة النظام الحالي. وحتى في هذه الحال يعتبر تصريحه دليلا على أن السياسة الروسية الدولية حققت تقدما ملموسا. فقد أعلنت روسيا عن طموحاتها العالية والشرعية تماما لأول مرة. وبالتالي يحظى تصريح الرئيس الروسي في كافة الأوضاع باهتمام بالغ.
ويتوقف على الانطباع الذي سيتركه ميدفيديف لدى ممثلي البزنس، مصير الاستثمارات الأجنبية في روسيا. ومن الواضح الآن أن الغرب عازم على التعاون مع الرئيس الروسي الحديد. فبالرغم من تصريحات الرئيس الروسي المتشددة بخصوص حلف الناتو التي أدلى بها في العاصمة الألمانية وتوجيه اتهامات إلى الولايات المتحدة "بالأنانية الاقتصادية" في بطرسبورغ، لم يصب الشركاء الغربيون بالحيرة. وعلى ما يبدو انهم لا يزالون يعتبرون الرئيس الجديد ليبراليا، ولا يصدقون بقول بوتين بان الأمور لن تكون اسهل مع ميدفيديف.