المعلومة الأمنية .. حلقة لا تزال مفقودة في الجزائر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الجزائر تسحب اعتماد مراسلي رويترز والأنباء الفرنسية
المعلومة الأمنية .. حلقة لا تزال مفقودة في الجزائر
كامل الشيرازي من الجزائر: يرى مراقبون للشأن الأمني في الجزائر، أنّ ما شهدته الأخيرة خلال اليومين الماضيين، وما وكب "فضيحة" ترويج خبر مغلوط عن اعتداء إرهابي شرق البلاد، يعيد إلى واجهة النقاش مسألة "المعلومة الأمنية" في الجزائر، طالما أنّ هذه الأخيرة ظلت الحاضر/الغائب منذ نشوب الأزمة الأمنية في الجزائر وما رافق مختلف منعرجاتها على مدار الستة عشر سنة المنقضية، وهي اعتبارات جعلت من المعلومة الأمنية حلقة مفقودة ولا تحظى بالتأطير اللازم في الجزائر، رغم أنّ التطورات التي شهدتها، تقتضي خلاف ذلك.
ويرى الإعلامي الجزائري البارز "محمد شراق" أنّ المطب الذي وقع في نقل حقيقية ما حدث في اعتداء الأخضرية وكذا (منزلق) رويترز بشأن حكاية البويرة، ينم عن مشكل طرحته الصحافة المحلية المستقلة على الخصوص منذ افتتاح عهد التعددية قبل عشريتين، ويتعلق الأمر بحسب المختص "عبد النور بوخمخم" رأسا بالإنكماش المسجّل على مصادر الخبر، ويتفق كلا من "شرّاق" و"بوخمخم" في تصريحات خاصة بـ"إيلاف" في كون السلطات ترغب في تسيير المعلومة الأمنية وفقا لإرادتها، ويدخل ذلك في إطار ضبطها إستراتيجية مكافحة الإرهاب، ومراعاة عدم الخروج عن أبجديات المحاربة.
ويصرّ "شرّاق" على أنّ ما حدث لا يدخل في سياق شامل لانحراف إعلامي، ويجزم بأنّها "حادثة معزولة"، لكنها تؤشر بقوة - بحسبه - على ضعف التسيير المعلوماتي الأمني في الجزائر، وهو أمر لا يتحمل مسؤوليته الصحفي لوحده، وإنما كافة المتدخلين في قطاع الإتصال، ويحيل الصحفي الجزائري على وزير الاتصال الجزائري الذي اعترف نفسه بهشاشة مصادر الخبر والإنغلاق الإعلامي.
ويؤيد "هيثم رباني" المختص في شؤون الجماعات المسلحة، رأي "محمد شرّاق" في اعتبار ما حدث لوكالتي "رويترز" و"الأنباء الفرنسية"، بـ"السابقة" في التناول الإعلامي للخبر الأمني، فقد سبق وأن ارتكبت هفوات في نقل المعلومة الأمنية خاصة فيما يتعلق بعدد الضحايا في الإعتداءات الإرهابية، لكن أن تنقل وكالة خبرا بحجم 20 قتيلا دون أن يكون مؤسسا أو صحيحا، فهذا يدخل إعتبارات أخرى قد تتصل بطبيعة علاقة المؤسسة أو الوكالة مع مصادر أخبارها، ما يعني بحسبهما أنّ هناك ثمة مناورات إعلامية لتغليب طرف على آخر.
سحب اعتماد مراسلي رويترز والأنباء الفرنسية
و كان وزير الاتصال الجزائري عبد الرشيد بوكرزازة، أعلن في وقت سابق اليوم عن سحب بلاده الاعتماد من مراسلي وكالة الأنباء البريطانية "رويترز" ووكالة الأنباء الفرنسية إثر نشرهما "أخبارا أمنية مغلوطة".
وبلهجة حادة أبدى المسؤول الجزائري في مؤتمر صحافي، غضبه إزاء تسبّب المراسلين المعنيين في "ترويع السكان المحليين" وخلق حالة من "البلبلة والخوف ما أورث صدمات لدى عموم الشارع الجزائري".
وأتى الإجراء يوما واحدا بعد قيام وزارة الاتصال الجزائرية باستدعاء مراسلي الوكالتين المذكورتين، وجاء في بيان للوزارة نقلته وكالة الأنباء الرسمية، أنّها أصيبت بخيبة أمل تجاه "عدم المسؤولية الذي طبع تعاطي المراسلين المعنيين مع أخبار أمنية حساسة كتلك المتعلقة بالإرهاب''، و"انسياقهما وراء معلومات خاطئة''، كما استهجنت الوزارة في بيان لها "ممارسة المعنيين سلوكات غير مسؤولة خصوصا عندما يتعلق الأمر بالإرهاب الذي يتغذى أساسا على الدعاية".
وكان عبد العزيز بلخادم رئيس الحكومة الجزائرية، توعدّ "مروجي الأخبار الأمنية المغلوطة" بـ"إجراءات عقابية صارمة"، وأوعز بلخادم في لقاءه مع صحافيين، أنّ بلاده ستتخذ إجراءات تراها مناسبة ضد مراسلي بعض الوكالات الأجنبية المعتمدة في الجزائر، إثر نقل وكالة الأنباء البريطانية "رويترز" ووكالة الأنباء الفرنسية، أمس، أخبار كاذبة حول اعتداءات إرهابية.
ووسط استياء جماهيري ورسمي عارم، ذكر بلخادم أنّ إجراءات ضرورية ستتخذ ضدّ مراسل رويترز الذي بث خبر كاذب حول اعتداء إرهابي بمنطقة البويرة، وقدم حصيلة 20 قتيلا، إضافة إلى مراسل وكالة الأنباء الفرنسية الذي قام بتضخيم حصيلة الاعتداء الإرهابي الذي وقع في منطقة بني عمران، وتحدث عن سقوط 13 قتيلا لم يتردد في نسبها إلى "مصادر أمنية"، بينما لم تتجاوز الحصيلة الحقيقية ضحيتين هما المهندس الفرنسي بيار نوفاك (57 سنة) وسائقه الجزائري سمير صيد (39 سنة)، بينما نجا مواطن فرنسي يدعى دومي من موت محقق، ولم يتوان كثيرون عن إبداء استيائهم الشديد إزاء ما اعتبروه "تضخيما مبالغا فيه" للاعتداء الارهابي وحصيلته.
واستنكر رئيس الوزراء الجزائري جنوح البعض إلى إطلاق شائعات عن تفجير قنابل في أماكن معينة، واعتبر هذا السلوك "حملة مغرضة تستهدف الجزائر ومؤسساتها"، في غضون ذلك، شنت فعاليات المجتمع المدني والطبقة السياسية في الجزائر حملة شرسة ردا على "نشر أخبار أمنية مغلوطة" ووصفت ما حصل بـ"الهجمة المغرضة واللاأخلاقية"، وشدّد أحزاب الموالاة كما المعارضة، ناهيم عن العائلة الثورية وقيادة الكشافة الإسلامية الجزائرية على ضرورة وضع حد لكل "التجاوزات والمزايدات".
وأشهرت هذه التنظيمات رفضها أي مساس بأمن البلاد وإستقرارها، ودانت التلاعب بمشاعر الجزائريين والكذب عليهم بنشر أخبار أمنية عارية من الصحة، في وقت أبدى سكان محليون بما في ذلك المقيمين بولاية البويرة، غضبهم للأنباء التي سوّقت لانفجار قنبلة في محطة الحافلات التابعة للمدينة وسقوط 20 قتيلا، وهو ما خلق حالة من الإرباك والترويع وسط الشارع المحلي، بينما تساءل كثيرون عن "غرض الجهات التي روجت للتفجير الوهمي من وراء نشرها لخبر من صنع خيالها.