بغداد: وثائق سرية تُظهر تنظيماً متقدماً للقاعدة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بغداد: أظهرت وثائق فائقة السرية أن تنظيم القاعدة في العراق أدرك منذ أعوام أن سياسة تنفيذ عمليات الإعدام الجماعية ستضر بقدراته على مقارعة الجيش العراقي والقوات الأميركية، وذلك قبل أن تتنبه واشنطن لذلك.
وتضم الوثائق، التي تعتبر أكبر تسجيلات من نوعها لهذا التنظيم تقع بين يدي جهات غير عسكرية، تسجيلات فيديو ترصد تصفيات جماعية، وخططا عسكرية توازي الخطط الأميركية، وبيانات رواتب وطلبات انتساب، إلى جانب لوائح بأسماء معتقلين ورسومات لتحصينات عسكرية أميركية.
وخلافاً لبعض الأفكار التي كوّنها البنتاغون عن القاعدة في العراق، فإن الوثائق تُظهر أن التنظيم كان ومازال يتمتع بهيكلية تنظيمية دقيقة ومتطورة بقيادة عراقية، وقد شبّه مصدر استخباراتي أميركي هيكلية القاعدة بما كان سائداً في حزب البعث أيام الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين. وفي مقر رئيسي واحد من مقرات القاعدة، عُثر على قرابة 80 شريط فيديو لعمليات إعدام لم يعرضها التنظيم سابقاً، بل أعدها عناصره لمجرد إثبات حدوث التصفية لقادتهم.
وتُثبت وثيقة أن أحد قادة القاعدة حذّر من خطر الاستمرار في التصفيات الجماعية وعرضها علناً، متوقعاً أن يتسبب بذلك بنكسة للتنظيم، تدفع مؤيديه للانفضاض من حوله. وقال أحد عناصر قوات الصحوة التي كان بعض أفرادها في صفوف القاعدة قبل أن ينقلبوا عليها، أن الملاحظات التي وجدت في مقر قيادة القاعدة في الأنبار كتبها قيادي يدعى "فارس أبوعزام،" قتل قبل 18 شهراً. وكتب أبوعزام قائلا:"يجري تنفيذ عمليات إعدام بصورة خاطئة، وبشكل شبه علني، لذلك فإن العديد من العائلات ستبحث عن الثأر، وهذا يرتب حالياً مخاطر على المستوى الاستخباراتي."
وقال الأميرال باتريك دريسكول، الناطق باسم الجيش الأميركي في العراق، والذي وضع بدوره يده على نسخة من هذه الوثائق، إنها تقدم "لمحة وافية عن أوضاع تنظيم القاعدة في العراق خلال المرحلة التي كان فيها في أوج قوته." وأضاف: "تؤكد الوثائق وجود قيادة متقدمة ونظام سيطرة، وقد شكل مستوى التوثيق الذي اعتمده التنظيم مفاجأة لي."
من جهته، أكد المدعو، أبوسيف، وهو قيادي سابق في القاعدة ترك التنظيم قبل فترة صحة الوثائق، وقال إن التنظيم ما كان ليقوم لولا اعتماده الهرمية الصارمة والهيكلية الدقيقة، داعياً للنظر إلى بيانات الرواتب التي دفعت لمئات العناصر في فصائل مشاة ودعم ناري مسلحة بالصواريخ ومدافع الهاون.
وقال أبوسيف إن التنظيم كان يدقق في هوية مقدمي طلبات الانتساب إلى صفوفه، ويقتلهم إذا ثبت كذبهم، مستعيداً حادثة بقاء طالب انتساب لأربعة أشهر في منزل اتضح أنه يعود إلى أحد كبار المسؤولين عن التجنيد الذي كان يخضعه لرقابة مشددة.
ويبرز في الوثائق وجود خطط لتنفيذ موجات متتالية من الهجمات لمدة ثلاثة أشهر باستخدام الصواريخ والمهاجمين الانتحاريين عام 2005، خضعت لموافقة "أمير" منطقة الأنبار الذي لم يرد اسمه الحقيقي في التقارير. وقد أطلق التنظيم على العملية اسم "درع الصحراء،" وتضمنت تفاصيل عسكرية تقوم بها عادة الجيوش المحترفة، بما فيها الجيش الأميركي، وتشمل ضرب خطوط التموين والجسور والمروحيات والمطارات لمنع وصول الإمدادات للقوات الأميركية في المحافظة.
ويبرز في إحدى الوثائق دعوة "قائد أركان" العملية سائر "ضباطه" إلى عدم كشف تفاصيل الخطة لقادة المجموعات الميدانية، وتركهم يعتقدون بأن كل مجموعة منهم تنفّذ أهدافاً منفصلة. وكان من المقرر أن تنطلق المرحلة الأولى من العمليات في منتصف يناير/كانون الثاني 2006 لمدة 90 يوماً، تتبعها المرحلة الثانية التي ستمتد إلى كافة المناطق السنيّة في العراق "لشغل قائد القوات الأميركية الجنرال ديفيد بتريوس."
وفي السياق عينه، طلب مذكرة عُممت على القادة الميدانيين للتنظيم تقديم اقتراحات حول الأهداف التي يمكن ضربها، فبرز ترشيح "مطار بغداد الدولي" ليكون هدفاً محتملاً، وقدم القادة رؤيتهم لنوعية الأسلحة التي يمكن استخدامها، والتي تشمل صواريخ أرض أرض، وأخرى من طراز غراد وكاتيوشا، إلى جانب العبوات الناسفة والانتحاريين.
ووفقاً لمصدر استخباراتي أميركي، فإن قيادة العمليات والسيطرة ما تزال قائمة حتى الساعة في تنظيم القاعدة رغم الضربات التي تعرض لها وانضمام 100 ألف مسلح إلى مجموعات "الصحوة" السنيّة التي تقاتله. وشبّه المصدر الذي لم يرغب بالكشف عن اسمه مستوى التنظيم في القاعدة بذلك الذي كان سائداً في حزب البعث في حقبة الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، وذلك دون أن يستغرب هذا الأمر باعتبار أن الإثباتات تؤكد بأن قادة التنظيم هم من العراقيين.