حركة مكوكية لترويكا الرؤساء على صعيد تشكيل الحكومة اللبنانية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بيروت: تحولت الردود على طرح العماد ميشال عون إعادة النظر في صلاحيات رئيس الحكومة إلى ما يشبه كرة ثلج، حيث سارع حلفاؤه قبل خصومه الى رفض ذلك. وراوحت المواقف بين انتقاد التوقيت وبين الرفض المطلق لهذا الطرح. في هذا الوقت، شهدت البلاد حركة مكوكية بين قريطم وعين التينة وبعبدا حيث تداول الرؤساء الثلاثة ثنائياً في سبل حلحلة العقد امام تشكيل الحكومة المرتقبة. ويُستبعد ان تبصر النور هذا الاسبوع او الذي يليه، بسبب احتفال تطويب الاب يعقوب الكبوشي الاحد وسفر الرئيس السنيورة الاثنين الى مؤتمر فيينا للدول المانحة لاعادة اعمار مخيم نهر البارد. إلا ان السنيورة بحسب صحيفة "السفير" لم يستبعد حصول مفاجآت قبل ذلك. هذا، وجرت امس خطوة بارزة تمثلت في نجاح الجيش اللبناني في رعاية مصالحة في ثكنة ابلح لإنهاء ذيول الاشتباكات التي شهدتها بلدتا سعدنايل وتعلبايا.
فقد سارع حلفاء عون في 8 آذار ومعظم نظرائه في "نادي رؤساء الحكومة السابقين" للرد على طرحه اعادة النظر بصلاحيات رئيس الحكومة. الرئيس كرامي اعلن ان "الافتئات على حقوق طائفة سيؤدي لتفجيرالوضع"، وحذّر انه من غير الوارد لدى السنة أن يعود رئيس مجلس الوزراء "باش كاتب" عند أحد. اما الرئيس سليم الحص فرأى ان حديث عون "في غير محله فهذه الصلاحيات هي نتاج عملية وِفاقية شاقة تمت في الطائف والاخلال بها قد يؤدي الى نتائج لا تحمد عقباها". والرئيس نجيب ميقاتي شدد انه "اذا كان النائب عون يدرك تداعيات هكذا تصريح وصرح به فهذه مصيبة واذا كان لا يدرك ذلك فهي مصيبة اكبر". واعرب عن اعتقاده "ان النائب عون لا يريد المشاركة في الحكومة ويريد ان يخوض المعركة الانتخابية القادمة في صفوف المعارضة وهذا شأنه".
من جهته، رأى الرئيس نبيه بري ان "هذا الموضوع ليس أوانه على الاطلاق، ويناقش لاحقا". بري الذي حاول من جهة تطمين عون عبر كلامه من قصر بعبدا ان لا احد يمكنه استهداف تمثيل "التيار الوطني الحر"، وجّه له رسالة "مبطنة في المقابل عبر قوله انه "لا يمكن لأحد ان يمنن رئيس الجمهورية او يفرض عليه شيئا، والرئيس التوافقي ليس "رئيس لا شيء" بل هو اهم واقوى رئيس. وبالتالي، فهو مجرد عن اي "تربيح جميلة".
اما على صعيد قوى 14 آذار، وفي وقت لم يصدر اي تعليق من قريطم، فقد حمل رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط على "اصحاب مشاريع وحروب الإلغاء الذين بنظرياتهم التعطيلية يريدون الغاء اتفاق الدوحة كما حاولوا الغاء اتفاق الطائف سابقاً والغاء الرئاسة ودورها وموقعها الوسطي والوطني". كذلك اعتبر رئيس الهيئة التنفيذية لحزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ان عون "يرفع سقفه كل مرة وتستفيد من ورائه سوريا وحزب الله". واعتبر انه يطرح مسألة الصلاحيات في وقت غير مناسب كلياً، وسخر من التكتل المسيحي الذي يعمل عون على اقامته قائلاً: "اقترح تسمية هذا التكتل تكتل جميل السيد ورستم غزالي وانا مطمئن الى وجود صديقي القديم كريم بقرادوني فيه".
ورد عون على منتقديه، معتبراً أنهم جميعاً "لم يميزوا بين الإصلاح والصلاحية، فإذا كانت الصلاحية مسألة موقف، فالإصلاح مسألة جدوى وفاعلية، لذلك فإن القصد مجرد فصل التنفيذ عن الرقابة كمبدأ مسلم به في أبسط قواعد الإدارة العامة"، معتبراً أن "من المحزن أن يواجه أي اقتراح منطقي حديث بكلام عصبي رجعي...".
واعتبرت مصادر سياسية لصحيفة "الحياة" ان رد بري السريع على عون يأتي في سياق قطع الطريق على محاولة تحميل بعض المعارضة الأعباء السياسية للمطالبة بتعديل صلاحيات رئيس الحكومة. وسألت المصادر المواكبة عن أسباب مطالبة عون بتقليص صلاحيات رئيس الحكومة وقالت ان من نصحه بالعودة الى ركوب هذه الموجة يحاول ان يبعد عنه شبهة استهداف رئيس الجمهورية بحجة ان ما يطالب به يؤدي الى تعزيز صلاحيات الرئيس، خصوصاً ان الجميع واثق بأن لقاء سليمان - عون الذي عقد الاثنين الماضي انتهى الى تمسك الأول بحقيبتي الداخلية والدفاع وإصرار الثاني على استبعاد الياس المر.
وعلمت صحيفة "النهار" ان اللقاءات التي جمعت تباعاً رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري في قصر بعبدا ومن ثم الرئيس بري ورئيس الوزراء المكلف فؤاد السنيورة الى غداء في عين التينة، وأخيراً اللقاء الذي جمع الرئيسين سليمان والسنيورة مساء في القصر الجمهوري، لم توفر معطيات ايجابية جديدة لحلحلة العقد التي تتحكم في تأليف الحكومة. وأكدت مصادر مطلعة على مجريات المشاورات الجارية ان اي جديد لم يطرأ على المطالب والمطالب المضادة من هنا وهناك، اذ ان السلتين اللتين وضعهما الرئيس السنيورة لا تزالان على حالهما على اساس ان تختار المعارضة واحدة منهما.
اما الحقيبتان الامنيتان الدفاع والداخلية فمحسومتان لرئيس الجمهورية ومن غير الوارد ان تعطيا لأي فريق آخر. وقالت إن الحقائب السيادية، وفق العرف، محددة ولا يمكن الاجتهاد في شأنها، واذا كانت الدفاع والداخلية لرئيس الجمهورية فليس امام الموالاة والمعارضة سوى الاتفاق على الاختيار بين المال والخارجية، مشيرة الى ان حقيبة الاتصالات هي خارج السلتين ولا يمكن تصنيفها سيادية.
وأفادت مصادر أخرى "النهار" ان طرحاً جديداً كان موضع بحث خلال لقاء الرئيسين سليمان وبري في قصر بعبدا وعرض على الرئيس السنيورة، ويرجح ان تكون الاكثرية قد رفضته، بدليل ما رشح عن رئيس الوزراء المكلف من استمرار العقد على حالها وإن يكن الباب لم يقفل نهائياً امام احتمال حصول مفاجآت. وثمة من قال ان بري في وصفه حقيبة الاتصالات بأنها "الحقيبة الأساسية اليوم التي تسيطر على الجو والبر والبحر"، منتقداً "تحييدها كونها امرأة القيصر" اوحى بان هذه الحقيبة عادت تتصدر مجموعة العقد التي تعترض توزيع الحقائب.
وقال مصدر في المعارضة لـ"السفير" إن بري أبدى استعداده للتنازل عن وزارة الخارجية مقابل حصول المعارضة على حقيبة سيادية للعماد عون بالإضافة إلى حقيبة الاتصالات إما لـ"أمل" أو لـ"حزب الله" مقابل جعل الحقائب السيادية 6 بدلاً من 4 وذلك بإضافة الاتصالات والعدل إليها ومن ثم توزع على أساس غير طائفي مثالثة بين رئيس الجمهورية والمعارضة والموالاة. وعلمت صحيفة "الحياة" ان اقتراح بري اعتبار وزارة الاتصالات وزارة سيادية، جاء بمبادرة شخصية منه لم ينسق في شأنها مع السنيورة الذي، يبدي بحسب ما تقول مصادره، انفتاحاً على المخارج التي تطرح لتبديد العقبات التي تؤخر إعلان الحكومة، إضافة الى استعداده للبحث في أي اقتراح شرط ان يؤدي الى الإسراع في ولادة الحكومة العتيدة.