أخبار

براءة قطع الحديد والخردة.. هكذا حال أطفال غزة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

نجلاء عبد ربه من غزة: كعادة الأطفال في الدول المختلفة، يستغلون إجازتهم المدرسية لقضاء صيف جميل على شواطئ البحر والمتنزهات وحدائق الحيوانات، فضلاً عن وسائل تسلية وألعاب تطور من عقله وإدراكه توفرها الحكومة لهم، إلا أن أطفال غزة يقضون إجازاتهم في البحث عما يساعدهم لعام دراسي جديد، وكأن الواحد منهم يستعجل الكبر والشقاء منذ نعومة أظافره.

فطفولة الغزيون غير مستغلة بالشكل السليم، بل وتسير تسير في طريق مليئة بالأشواك والمعيقات التي تعوق سير حياتهم بالطريقة التي يجب أن تسير عليها.. طفولة مختبئة بين أسلاك الحديد وقطع الخردة والأشياء القديمة والتي بات أطفال قطاع غزة يبحثون عنها منذ طلوع الشمس حتى مغيبها لتوفير ولو شيء من المال الذي سيوفر لهم ولو جزء بسيط مما يحلموا بشرائه وتحقيق جزء من سعادتهم.

وهذا هو الفرق بين أطفال غزة وأطفال العالم وخصوصا مع بداية العطلة الصيفية... فأين هي طفولة أبناء غزة من هذه الطفولة وكيف هي طبيعة استغلالهم للعطلة الصيفية وما مدى توفر العوامل المساعدة لهم وهل استغلال بعضهم للوقت في البحث عن الحديد المتهالك والخردة لبيعة وكسب النقود والتجول من شارع لآخر هو مدى تفكيرهم وطموحهم؟.. هو في النهاية أسلوب حياة يعيشونها، لكن السؤال يبقى يراود المواطن، وهل هم اختاروه لأنفسهم أم هو فرض عليهم وبالقوة لعدم وجود أسلوب أفضل من هذا؟ .

"بدنا أنعيش" هو شعار يسير عليه الكثير من أطفال قطاع غزة, خالد "9 سنوات" يقول لمراسلة إيلاف " أنا كغيري من الأطفال.. يخطر ببالي في لحظة من اللحظات أن أشتري كيس من الشبسي أو قطعة من الشيكولاته أو قطع من الحلو ... وعندما أخبر أبي بذلك يقول لي بس أقدر أوفر لكم رغيف الخبز لك أنت وأخوتك حتى أحضر مثل هذا الكلام الذي لا يسمن ولا يغني من جوع , هذا ما دعاني أبحث وبكل الطرق لتوفير القليل من المال لأشتري به ما يدور في بالي والذي أحب أن أعرف ما هو طعمه, ففكرت كثيرا ولم أجد سواء البحث عن أسلاك الحديد وقطع الخردة و بيعها لتاجر الخردة الذي يمر بسيارته كل يوم ويقول بالميكروفون " حديد ألمنيوم" وأتقاضى منه القليل من المال واذهب مسرعا إلي البقالة الموجودة في قريتنا وأشتري ما يحلو لي " .

وبينت نتائج أحدث مسح حول ظروف عمل ونشاط الأطفال الفلسطينيين خلال العام 2007، أن نسبة الأطفال العاملين سواءً بأجر أو بدون أجر بلغت 4.6 % من إجمالي عدد الأطفال، بواقع 6.5 % في الضفة الغربية و1.7 % في قطاع غزة. وأن أكثر من ثلثي هؤلاء الأطفال العاملين (74.0 %) يعملون لـدى أسرهم بدون أجر (96.0 % من بين الإناث العاملات و70.7 % من بين الذكور العاملين)، مقابل 20.9 % يعملون مستخدمين بأجر لدى الغير.

وحول القطاع الذي يعمل فيه الأطفال أظهرت البيانات أن 41.8% من الأطفال العاملين في الأراضي الفلسطينية يعملون في قطاع الزراعة بـواقع (46.7% في الضفة و12.0% في قطاع غزة)، و34.0% يعملون في قطاع التجارة والمطاعم والفنادق بـواقع 27.8% في الضفة و71.8% في قطاع غزة.

سعيد "11 عام" فكر كثيرا مثل خالد ولم يجد غير بيع الحديد كعمل له, لكن السبب يختلف عن زميله. يهلل سعيد سبب عمله هذا لـإيلاف " أبي توفي منذ حوالي السنتين وأعيش أنا وأمي وأربعة من أخوتي أنا أكبرهم ولا يوجد لنا من يعولنا غير بقرة تقوم أمي كل يوم بحلبها وصناعة الجبن وبيعة لمن يريد من الجيران، وما تجمعه أمي من المال لا يسد إلا جزء بسيط من متطلبات البيت وشراء العلاج لأمي التي تعاني من مرض الضغط, فهذا ما دعاني للخروج والبحث عن أي عمل أستطيع من خلاله مساعدة أمي المسكينة في مصاريف البيت التي أتقلت ظهرها ولم أجد أمامي غير البحث عن قطع الحديد والخردة وبيعها للتاجر المتجول في حارتنا".

ويمنع القانون الدولي تشغيل الأطفال دون سن الـ 18 مستندا ً بذلك على المادة رقم 32 المتعلقة بالاستغلال الاقتصادي للطفل. وكذلك الأمر في قانون العمل الفلسطيني من خلال المادة رقم 7 لعام 2000 والتي تنص على منع تواجد الأطفال اقل من سنة 15 سنة منعا باتا في المصانع وأماكن العمل، وهناك ظروف خاصة يجب توفرها في هذه الأماكن من مأكل ومشرب والإجازة السنوية وتوافق ساعات العمل ". كما أن موافقة ولي أمر الطفل شخصيا ً حسب القانون الفلسطيني هو شرط رئيسي لعمله في أي ظرف من الظروف.

وقال الحقوقي محمود أبو عايش لإيلاف أن هناك تشريع فلسطيني، "لكن للأسف لم يأخذ دورة بشكل كامل، إضافة إلى أن وزارة الشؤون الاجتماعية لم تعط الحلول المناسبة سوى السطحية منها للحد من عمالة الأطفال وذلك من خلال معالجة قضية الفقر. وفرّق أبو عايش بين مفهومي تشغيل الأطفال وعمالتهم قائلا " عمالة الأطفال هي كافة الأعمال غير التطوعية التي يعمل بها الطفل دون اجر وبالتالي تؤثر على جسم الطفل وعقله صحته ومستقبله "، بينما لفت إلى أن تشغيل الأطفال هي كافة الأعمال التي يزاولها الطفل والتي لا تضر به ولا تعيق نموه الجسمي والعقلي والعاطفي والاجتماعي.

وأشار فؤاد الشرقاوي، يعمل مدرساً لمدرسة أساسية إلى أن تلك الأرقام تزداد فترة الإجازة المدرسية، فالطفل الفلسطيني يعاني من قلة مصروفه اليومي الذي يأخذه من والده، نظراً لأن الأخير يعاني أصلا من الدخل اليومي المدني له، وأحياناً كثيرة ينعدم هذا الدخل لدى آلاف الأسر خاصة في ظل الحصار الإسرائيلي المفروض على المناطق الفلسطينية بشكل عام وعلى قطاع غزة على وجه التحديد، فيلجأ الطفل لبديل البحث عن مصدر رزق يستطيع ولو بأدنى الأجور وأكثر شقاء وتعباً كالبحث عن الحديد المتهالك والألمونيوم والنحاس لبيعه.

وفي قطاع غزة يوجد مليون وأربعمائة ألف فلسطيني يعيشون تحت خط الفقر في غزة والقطاع، ويشكل هؤلاء 82 % من عدد سكان غزة، و55 % من عدد سكان الضفة. وأكد الأخصائي الإجتماعي محمد العقاد لإيلاف أن بسبب تلك الأعمال التي يقوم بها الأطفال طوعاً أو كرهاً على حد السواء، فإن ذلك يؤدي إلى سوء توافقه النفسي والاجتماعي والمهني مستقبلاً، إضافةً لإحتمال وقوع الطفل ضحية للاعتداءات الجسدية والاستغلال الجنسي، بينما يحد من علاقته الاجتماعية ويطور بعض السلوكيات السلبية عند الطفل كنقص التقدير للذات والعدوانية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف