حماس لن تنصرف عن الحلبة السياسية حتى لو حطمتها إسرائيل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
مكانة فتح الجماهيرية مرتبطة بتقدم المسيرة السلمية
حماس لن تنصرف عن الحلبة السياسية حتى لو حطمتها إسرائيل
خلف خلف - إيلاف: صبيحة الرابع عشر من حزيران ( يونيو ) 2007، كانت شوارع قطاع غزة على موعد مع اقتتال دامي بين حركتي فتح وحماس، انتهى بإحكام الأخيرة سيطرتها العسكرية على القطاع. هذا التحول كان سريعًا وحاسمًا حتى بالنسبة لإيقاع الشرق الأوسط، فقد حرق الكثير من أوراق اللعب، وغير دفعة واحدة عددًا من الوقائع على الأرض. اعتقد كثيرون حتى ذلك الحين أنه سيتم الحفاظ عليها في الحياة السياسية في المجتمع الفلسطيني.
وبعد مرور ما يزيد عن العام على هذا الحدث، يجد الفلسطينيون الذين طالما راهنوا على وحدة الدم والمصير قناعاتهم تعرضت لضربة شديدة، كما لحقت الأضرار بصورة نضالهم أمام الرأي العام العربي وكذلك العالمي، بل أكثر من ذلك، فالانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة ما زال مستمرًا، ولم تفلح كافة الوساطات في إعادة اللحمة بين المتخاصمين، واستنادًا على الدلائل والمؤشرات، وتصريحات قادة الجانبين، فأنه لا يلوح في الأفق القريب اتفاق مصالحة.
فحركة "فتح" ممثلة بالرئاسة الفلسطينية تشترط المصالحة بإعادة "حماس" الوضع في قطاع غزة إلى ما كان عليه قبل الانقلاب العام الماضي. أما حماس، التي لا تعارض هذا المبدأ فأنها تطالب بان يتحقق في إطار اتفاق أوسع. هذا الاتفاق يتضمن: "إعادة بناء الأجهزة الأمنية الفلسطينية على أسس وطنية ومهنية، والتزام اتفاق مكة عام (2007) واتفاق القاهرة عام (2005) والتزام وثيقة الوفاق الوطني المتفق عليها بين الفصائل الفلسطينية عام (2006)، والتمسك بحق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال ما دام الاحتلال قائماً، وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيلها على قاعدة الانتخابات الحرة وبمشاركة جميع القوى والفصائل والشخصيات المستقلة والأطياف السياسية الفلسطينية في الداخل والخارج".
وان كان كل طرف متمسك بشروطه، إلا أن مكاسبه في الوقت ذاته من المصالحة مغرية، فحركة حماس معنية بأن تشارك كجهة شرعية في اللعبة السياسية - ومعنية من اجل أن تصبح جزءا مشروعا من هذه اللعبة بالإقلال من معاناة الشعب الفلسطيني وبتقديم مصالحة كما تفهمها وعلى أساس تصورها، كل ذلك بالطبع إلى جانب عدم تناسي مصالحها الحركية. والدليل على ذلك موافقة الحركة على توقيع اتفاق التهدئة الذي استقر رأيها عليه في قصد إلى أن تصبح كما حدد ذلك رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل شريكا في مسار اتخاذ القرارات الفلسطيني.
بالنسبة للرئاسة الفلسطينية بقيادة "فتح" فأن مكانتها الجماهيرية مرتبطة بتقدم المسيرة السلمية، وإنهاء الصراع مع إسرائيل باستعادة حقوق الشعب الفلسطيني وإقامته دولته المستقلة، لكن بغير تهدئة المواجهة الفلسطينية الداخلية لا يمكن لذلك أن يتحقق. أثبتت حماس في الماضي قدرتها على التشويش على المسيرة السلمية. اعترضت مسيرة أوسلو حتى عندما كانت مكانتها الجماهيرية والعسكرية أضعف من الوقت الراهن. لهذا من الواضح أن قوتها الحالية ستمنحها قدرة على التشويش على محاولة إقامة تفاوض سياسي مع إسرائيل لا تشارك فيه الحركة.
وتدرك الرئاسة الفلسطينية أن حماس كحركة سياسية اجتماعية لا يتوقع أن تغيب عن الساحة السياسية - فهي تمثل طبقة واسعة من المجتمع الفلسطيني. وهو ما أكده الرئيس محمود عباس في عدة خطابات وتصريحات سابقة، وتعززت هذه الحقيقة أيضًا مع فوز الحركة في انتخابات البرلمان الفلسطيني في كانون الثاني 2006. اعتمادا على ذلك يتبين أن حماس لا يتوقع أن تغيب أو أن تنصرف عن الحلبة السياسية الفلسطينية حتى لو نجحت إسرائيل في تحطيم قوتها العسكرية أو في عزلها في الساحة الإقليمية والدولية. يضاف لذلك أن الانفصال الجغرافي والسياسي بين الضفة والقطاع لا يعفي قيادة فتح من المسؤولية عن مصير سكان غزة.
في الوضع الحالي يبدو أن الهاوية الفاغرة فاها بين فتح وحماس صعبة التجاوز، ولكن يبدو أن هذه الجهات ستجد آخر الأمر طريقة لتقريب الفروق بينها من اجل تقديم المصالح الوطنية الفلسطينية، والدخول في حوار وطني شامل، ولكن قبل ذلك، يجدر بهما أن يبحثوا سبب فشل نتائجه السابقة في اكتساب صفة الديمومة.