رئيس دولة الامارات يختتم زيارته إلى كازاخستان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
استانا : اختتم الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة االامارات اليوم زيارة رسمية لجمهورية كازاخستان استغرقت عدة أيام .. وغادر الرئيس الاماراتي متوجها إلى أوروبا في زيارة خاصة.وقد مثلت هذه الزيارة لكازاخستان التي تعد كبرى دول آسيا الوسطى وأغناها موارد محطة هامة في مسيرة العلاقات بين البلدين.
وعبر حرص الشيخ خليفة على تطوير علاقات الإمارات بدول آسيا الوسطى بشكل عام وكازاخستان بشكل خاص عن فهم عميق للأهمية الاستراتيجية لهذه الدول وما تتيحه علاقات التعاون معها من فرص وما تفتحه من آفاق في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.
ولعل من أبرز المظاهر التي تعكس ذلك الفهم تواتر وانتظام الاتصالات واللقاءات بين الرئيس الاماراتي والرئيس الكازاخستاني نور سلطان نزارباييف واتساع دائرة التعاون بين البلدين بحيث باتت تغطي طيفا واسعا من مجالات التعاون الحيوية التي تؤسس لعلاقة شراكة طويلة الأمد.
فكازاخستان التي تعد تاسع أكبر دولة في العالم من حيث المساحة حيث تبلغ مساحتها قرابة ثلاثة ملايين كيلومتر مربع .. تعد نسبيا من دول الجوار لمنطقة الخليج وهذا الجوار النسبي يعني إعطاء دولة الإمارات عمقا آسيويا جديدا لا يقتصر تأثيره على كازاخستان نفسها بل يمتد الى دول أخرى في المنطقة ترتبط معها الإمارات بروابط ثقافية من جهة وتمثل خيارا استثماريا واعدا من جهة ثانية .
وباستقراء الوجه الآخر لهذه المعادلة الجغرافية نجد أن كازاخستان ترى من جانبها في الإمارات العربية المتحدة بوابة ليس لمنطقة الخليج فحسب إنما إلى قوس واسع يمتد إلى شرق افريقيا ويعبر بها إلى دول الشرق الأوسط وصولا الى الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط.
واذا ما وضعنا هذه الخلفية التاريخية وتلك الحقائق الجغرافية في أي سياق للتعاون نجد أن كازاخستان أرض بكر بكل ما في هذه الكلمة من معنى وبكل ما تحمله من أبعاد .. وهذه الميزة لا تعني فقط حاجة كازاخستان للتنمية بل تعني حاجتها الى من يساعدها أو يشاركها في استثمار موارد هائلة تزخر بها ولم يستثمر منها إلا " النذر اليسير "..فهي بلد منتج للنفط والغاز ولديه إمكانات تطور كبيرة في هذا المجال كما أنه لديه موارد طبيعية أخرى تشمل أنواعا مختلفة من المعادن كالحديد والالمنيوم والذهب وغيرها .. يضاف الى ذلك امكانات زراعية كبيرة تجعل من كازاخستان سلة غذاء لآسيا في حال توفرت الموارد اللازمة لاستغلال تلك الامكانيات .
وهذه الموارد ليست هي عنصر الجذب الوحيد بل أن أهميتها تتعلق بعاملين : الأول أن استثمار واستغلال تلك الموارد بالشكل الأمثل يتطلب تطوير المرافق والبنى التحتية اللازمة لجذب رأس المال الاجنبي .. وهذا معناه أن جاذبية الاستثمار في كازاخستان لا تقتصر على ما يستثمر في تنمية الموارد الطبيعية بل تشمل أيضا ما يوظف في مشروعات البنية التحتية وفي مجال توفير الخدمات الأساسية التي يحتاجها الاستثمار الأجنبي.
أما العامل الثاني فيتمثل في تحرر الاقتصاد الكازاخستاني من القيود السياسية والبيروقراطية التي منعته في السابق من استقطاب استثمارات ذات معنى .
وفي مناخ من هذا النوع تبرز قدرة الامارات على الاستفادة من الفرص التي يتيحها هذا المناخ خاصة وانها تملك بالاضافة الى الموارد المالية تجربة استثمارية خارجية تحظى بالاحترام والترحيب من الجميع .
ولعل التطور الهائل في هيكل القطاع الخاص الإماراتي سواء من خلال ازدياد مواردة وملاءته المالية أو تطور امكانياته الفنية والإدارية يمثل عنصرا مهما في معادلة الاستثمار الإماراتية في كازاخستان والتي لم تعد محصورة في المشروعات التي تنفذ عبر آليات التعاون الرسمي بل امتدت بقوة للقطاع الخاص الذي أصبح لاعبا رئيسيا في هذا المجال.
والبعد الاستراتيجي الثالث للعلاقة مع كازاخستان فهو البعد الثقافي الذي مثل على الدوام ركنا أساسيا في الاتصالات التي كانت تجري بين قيادتي البلدين وبين المسؤولين فيهما على مختلف المستويات .
ولا يشكل التراث الاسلامي المشترك القاسم الوحيد والمحفز للتعاون والتواصل في هذا المجال..فهناك رغبة من الجانبين في إغناء معرفتهما كل بالآخر لإحياء علاقات تاريخية ربطت آسيا الوسطى بالمنطقة والتأسيس لجسور ثقافية واجتماعية جديدة وهو ما يسهم في رفد حركة التعاون الاقتصادي بقاعدة من التقارب التي تحصن تلك الحركة وتجعلها حركة دائمة ومتصاعدة باستمرار.
في ظل هذه الأبعاد الاستراتيجية للعلاقة مع كازاخستان فإن تنامي العلاقات بين البلدين يبدو بمثابة قطف لثمار معطيات أدرك صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد مبكرا أهميتها وجهد لتجسيدها على شكل برامج تعاون متعددة لا ينخرط في تنفيذها العمل الرسمي فحسب بل يرفدها حماس واضح من القطاع الخاص .
ولا شك أن زيارة الشيخ خليفة لكازاخستان قد أعطت قوة دفع إضافية لبرامج التعاون تلك وفتحت أمامها آفاقا جديدة تساهم في المحافظة على زخم تنفيذ ما هو قائم من برامج أو تسريع خطوات ما ينتظر دوره في التنفيذ.