ظاهرة البسطات في غزة.. بديلاً عن الوظائف الحكومية
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
ظاهرة البسطات في غزة.. بديلاً عن الوظائف الحكومية
نجلاء عبد ربه من غزة: دفعت الأوضاع الاقتصادية الصعبة وقلة فرص العمل، الكثيرين من خريجي الجامعات الفلسطينية، والعمال الذين فقدوا أعمالهم بسبب الحصار، إلى البحث عن أعمال بديلة، وباتت "البسطات" المنتشرة في شوارع غزة، تشكل ظاهرة بعدما أصبحت مصدر الرزق الرئيس لتلك الشرائح في المجتمع الغزي تحديداً، الذي تجاوزت نسبة البطالة فيه أكثر من 80%، فيما يعيش 75% تحت خط الفقر. إلا أن الشرطة الفلسطينية التابعة للحكومة المقالة تقوم بين الفينة والأخرى بحملات لإزالة تلك البسطات والتعديات على الأراضي الحكومية لفرض القانون وتسيير حركة السير للسيارات على المفترقات العامة. الإشكالية التي تواجهها شرطة غزة من وجهة نظر الكثيرين، هو عدم وجود بديل لتوفير عمل لهؤلاء الناس.. الأمر ذاته يقع على أصحاب البسطات، فمصادر الرزق في غزة شحيحة لدرجة أن الكثيرين إضطروا لبيع مصاغ زوجاتهم ليفروا رأس مالٍ بسيط يبدؤوا به مشروع صغير يساعدهم في حياة الضنك التي يعيشونها. المواطن أحمد أبو عرمانه يقف بجوار بسطته، التي تتكون من عربة يجرها حمار، ينتظر خروج المصلين بعد انتهاء صلاة الظهر كي يبيع بضاعته. هو يدرك انه هذا الأمر مخالف للقانون، إلا أنه قال لـ إيلاف "لا مفر أمامي، خصوصاً وأن غالبية المبيعات تتم على أبواب المساجد، أو في المناطق الأكثر حركة في البلد كالجامعات والمفترقات الرئيسية". ومن وجهة نظر المواطن ذو الملامح السمراء، فإن الموظفين يفضلون شراء حاجياتهم من البسطات الجوالة كي تريحهم من مشقة الذهاب إلى الأسواق، منوهاً إلى أنه يفضل القدوم إلى ساحة مسجد الشهداء، لأن الغالبية العظمى من الذين يصلون فيه هم من الموظفين وأصحاب المكاتب والمصالح التجارية، والذين لا يذهبون إلى الأسواق في العادة. وأكد أبو عرمانه لـ إيلاف أن الشرطة طلبت منه أكثر من مرة مغادرة المكان وعدم التبسيط فيه، إلا أنه تحايل عليهم أكثر من مرة. وأشار إلى أن الشرطة تتغاضى عن المخالفين نظراً لسوء أوضاعهم الاقتصادية. خالد غنيم (25 عاماً)، واحد من عشرات الشبان الذين لم يستسلموا للظروف القاهرة بعد حصولهم على الشهادة الجامعية الأولى، فقرر عدم الانتظار لسنوات طلباً لفرصة عمل في الوزارات والمؤسسات الرسمية. وقال غنيم لـ إيلاف إنه اتخذ من البسطة مصدر رزق له. ويعتزم خالد الزواج مما تحققه له هذه البسطة ذات البضائع المتنوعة من أرباح، لافتاً إلى أنه يعمل في هذه المهنة منذ أن كان طالبا ولم يكلف نفسه عقب التخرج عناء البحث عن عمل في الحكومة أو القطاع الخاص لإنعدام الفرص المتاحة للحصول على وظيفة. وعكست الأوضاع الإقتصادية بشكل أساسي على الوضع العام في قطاع غزة، وباتت شريحة الخريجين والعمال الذين أوقفتهم إسرائيل عن العمل داخل مدنها منذ إندلاع إنتفاضة الأقصى في العام 2000، بظلالها على الشارع الفلسطيني. وبات البسطات المتنقلة والثابتة إحدى أهم معالم المدن الغزية الثلاثة الأساسية (غزة وخان يونس ورفح). وتدنت الأوضاع الاقتصادية بشكل خطير منذ قرار إسرائيل بإتهام قطاع غزة ككيان معادٍ، وفرض حصار شامل عليه بعد خطف أحد جنوده "جلعاد شاليط" قبل عام ونيّف. من جانبها قالت بلدية غزة أنها تتعامل مع جميع المسائل ذات الصلة بها وبالمواطنين وفق النظم والقوانين البلدية. وأكدت في بيان لها أنه "ليس هناك أي تغيير في سياستها المجابهة والمناهضة بصورة دائمة لجميع صور وأشكال ضد التعدي على المرافق العامة والبسطات العشوائية، وإقامة المنشآت والمباني بدون ترخيص، وغير ذلك من صور وأشكال التجاوزات". وأعتبرت البلدية أن البسطات تشكل أرقاً كبيراً وتجلب المعاناة الشديدة لجميع أبناء المدينة وتسبب الازدحام المروري الخانق، مؤكدةً أن هذه البسطات سببت حوادث مرورية وتزاحم المشاة على الأرض نتيجة انتشارها العشوائي بأعداد كبيرة جداً في جميع شوارع المدينة والميادين "فابتلعت الأرصفة المخصصة للمشاة وقضمت الطرق المخصصة لسير المركبات، وأدت إلى تحويل شوارع المدينة إلى كتل مزدحمة جداً لا يطاق السير عليها". ودعا البيان أصحاب البسطات العشوائية إخلاء البسطات والامتثال للغة النظام والقانون، "لأن البلدية لا تستطيع أن تحول المدينة بأسرها إلى غول يسمى البسطات يسيطر عليها ويدمر واقعها الحضري والجمالي والاجتماعي". المواطن محمود نصر صاحب بسطة في احد الشوارع بمدينة غزة قال لـ إيلاف "أن تلك الحملات التي تقوم بها شرطة غزة بين الحين والآخر تعيق عملنا". وأشار إلى أنه يسترزق من هذا العمل، ويؤكد أنه لا بديل لنا في ظل الظروف التي نعيشها والأوضاع الاقتصادية الصعبة، مطالباً حكومة غزة بإيجاد حل بديل عن وجود بسطات لمواصلة حياتهم بشكلها الطبيعي. وأكد الموظف في أحد المؤسسات الحكومية وليد عبد الله أن تلك البسطات تؤوي كثير من العائلات في قطاع غزة وتعتاش من وراءها وطالب شرطة غزة بأن تشعر بالمواطن والناس وتراعيهم لأنهم يعشون من وراء تلك البسطات التجارية. وقال حتى تستطيع الشرطة أن تقنع المواطن بضرورة إزالة بسطته، يجب عليها أن توفر البديل له، كون البسطة أصبحت مصدر رزق له. وتحولت الساحات والشوارع المحاذية للمساجد والمفترقات الهامة في قطاع غزة إلى أسواق تجارية. ويتوافد عشرات من الباعة المتجولين على عربات تجرها الحمير أو الأيدي إلى هذه الأماكن. وفي غالب الأحيان يسبب هؤلاء الباعة أزمة مرورية حادة.
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف