ما هو موقع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي عند الرأي العام العربي؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الفلسطينيون العالقون في العراق: الحل هو السودان؟
محامو اولمرت يشككون في ذاكرة تالانسكي
أهالي الأسرى الفلسطينيين يتعرضون لأبشع وسائل التفتيش
وضمت الحلقة النقاشية ثلاثة شخصيات أسياسية، أولها مُعد الدراسة "شبلي تلحمي"، والذي يشغل أستاذ كرسي أنور السادات للسلام والتنمية Anwar Sadat Professor for Peace and Development بقسم العلوم السياسية بجامعة ميرلاند University of Maryland، كلية بارك College Park، وقد كان مستشاراً بلجنة دراسة العراق (لجنة بيكر - هاملتون)، وبعثة الولايات المتحدة بالأمم المتحدة، وله العديد من الكتب ومقالات الرأي، وله حضور تلفزيوني لمناقشة العديد من القضايا السياسية لاسيما المتعلقة بالصراع العربي - الإسرائيلي. وهذه الدراسة تستند على سلسلة زمنية من استطلاعات الرأي في ست دول عربية حول الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي أجرت في تسعينيات القرن المنصرم وخلال الست سنوات الماضية.
وخلال الحلقة النقاشية قدم " ستيفن كول" Steven Kull لنتائج استطلاع يقيس الرأي العام الدولي تجاه الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي أُجري في 18 دولة. و"كول" أحد أعضاء كلية السياسة العامة School of Public Policy التابعة لجامعة ميرلاند University of Maryland، وأحد أعضاء مجلس العلاقات الخارجية Council On Foreign Relation والجمعية العالمية لبحوث الرأي العام World Association of Public Opinion Research.
وقد أدار الجلسة "مارتن إنديك Martin Indyk" مدير مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط، والباحث ببرنامج السياسة الخارجية بمعهد بروكينجز. وقد كان سفير للولايات المتحدة الأميركية بتل أبيب، وعمل خلال إدارة كلينتون مستشاراً للرئيس ولمستشار مجلس الأمن القومي، كما أسس معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى Washington Institute for Near East Policy، ودرس بجامعة جونز هوبنكز للدراسات الدولية المتقدمة Johns Hopkins University school of Advanced International Studies، وبمعهد الشرق الأوسط التابع لجامعة كولومبيا Colombia University، وبجامعة تل أبيب و ماكواري Macquarie University بسيدني Sydney باستراليا.
نتائج واستخلاصات الدراسة
بدأ شبلي بعرض ورقته وإبراز مجموعة التساؤلات التي تُثيرها استطلاعات الرأي العام العربي. وقد شملت الاستطلاعات عينة من ست دول عربية، هي: مصر، المملكة العربية السعودية، المغرب، لبنان، دولة الإمارات العربية المتحدة والأردن، ووصل عدد المستطلعين إلى ما يقرب من أربعة ألاف مستطلعاً كل سنة. ويُشير شبلي إلى أنه توصل في دراسته من خلال استطلاعات الرأي إلى أن هناك نسبة من المستطلعين يصنفون القضية الفلسطينية ضمن أولوياتهم الشخصية، في حين يصنف آخرون تلك القضية ضمن القضايا الأكثر أهمية Most Important أو ضمن أهم ثلاثة قضايا تشغل اهتمامهم.
وفكرة الدراسة تستند إلى قاعدة نظرية مفادها أن ترتيب القضايا والأولويات حسب أهميتها يُعد مؤشراً قوياً للسلوك وما سيترتب عليه. وقد أظهر الاستطلاع أن هناك "شبة" ثبات في الإجابات والآراء على مدار سنوات الاستطلاع. وأن عامل الديمغرافيا كان له تأثير طفيف على أراء المستطلعين، مع علاقة ضعيفة بين الدخل وترتيب الأولويات. فالأفراد الأغنياء يتبنون الأجندة السياسية لحكوماتهم. وتوصلت الدراسة إلي نتيجة في غاية الأهمية تتمثل في ارتباط الاتجاه العام لنتائج الاستطلاعات، بصورة قوية، بالقضايا التي كانت تشغل وسائل الإعلام وقت إجرائها.
كما سعي الاستطلاع إلى قياس اتجاهات الرأي العام العربي حيال الانقسام بين حركتي "حماس" و"فتح" في الكثير من القضايا، وقد تُساعد نتائج الاستطلاع في تقييم القضية الفلسطينية. وتُشير نتائج الاستطلاعات إلى أن الاتجاه المسيطر على الرأي العام العربي وهو تقديم أكبر دعم لحركة حماس في كل الدول، لاسيما بين الرجال ومن ذوي الدخل المنخفض. فضلاً عن تفضيل الأغلبية في الدول - محل الاستطلاع - إلى حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية. بالإضافة لتزايد الدعم لحزب الله اللبناني. وعلى النقيض لم ينخرط المعتدلون في الخدمات العامة وتحقيق الأمن، ويُنظر لهم على أنهم موالين لإدارة بوش.
هذا، وقد أولي الاستطلاع أهمية لمعرفة رؤية المستطلعين للإجراءات التي يجب على واشنطن انتهاجها، والتي من شأنها العمل على تحسين رؤية المستطلعين للولايات المتحدة الأميركية. وجاء في مقدمة إجاباتهم لعب الإدارة الأميركية دور الوسيط "النزيهة" في عملية السلام على أساس حدود 1967، ثم سحب القوات الأميركية من دول المنطقة. وتشير الاستطلاعات إلى 75% من المستطلعين يقولون أن الحكم على الولايات المتحدة معتمد على سياساتها أكثر من القيم والمبادئ الأميركية.
وهدف الاستطلاع إلى اكتشاف رؤية الرأي العام العربي لإسرائيل. وقد طُرح التساؤل حول الرؤية العربية لإسرائيل مرتين، فقط، خلال عام 2006 و2008، وتُظهر النتائج إلى تراجع نسبة من يرون أن إسرائيل في طريقها إلى الهزيمة والقضاء عليها.
وهذا ما يفسر رغبة الكثير من العرب والإسرائيليين في حل الدولتين، ولكن الأغلبية لا تتوقع أن مثل هذا الاتفاق قد يكون مقبولا من الطرف الأخر، مع التوقع باستمرار العنف حتى الوصول لحل لهذا الصراع.
وسعي شبلي تلهامي إلى معرفة رأي العرب في الولايات المتحدة، وقد توصل إلى أن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي يُشكل التصور العربي تجاهها ، فالرأي العام العربي يري أن إسرائيل والولايات المتحدة تُُشكلان أكبر تهديد، على الرغم من القرب الجغرافي لإيران. فالعرب يرون إيران تهديداً لهم، ولكن إجاباتهم على التساؤل كانت في إطار ترتيب الأولويات والتهديدات.
والسؤال الأخير الذي كان محور استطلاع شبلي هدف لقياس شعبية القيادات بالعالم العربي، وقد أظهرت النتائج إلى أن هناك اتجاه نحو المعارضة. وأكثر القيادات شعبية بالعالم العربي هي تلك القيادات تبنياً للعنف والقوة. وقد كان الأمين العام لحزب الله اللبناني "حسن نصر الله" في صدارة القائمة.
وختم شبلي عرضه بتفسير لماذا الرأي العام مهم للحكومات عند صياغة واتخاذ سياساتها، فيؤكد أنه في كل الدول الست التي كانت محل الاستطلاع، وكذلك الدول الخليجية يُعد الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي قضية مهمة مثل باقي القضايا الأمنية الأخرى، والذي يرتبط بقوة بقضايا العلاقات الإقليمية والخارجية.
الرأي العام العالمي للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي
وفي إطار الحلقة النقاشية عرض "كول" Kull لنتائج استطلاع المنظمة العالمية لبحوث الرأي العام World Public Opinion لعام 2008 الذي أُجري في 18 دولة، وهي الدول الأكبر عالمياً، والتي تمثل 59% من سكان العالم. وقد ضم الاستطلاع بعض الفلسطينيين، في حين أنه لم يضم إسرائيليين هذا العام. وتشير نتائج الاستطلاع إلى ضعف الثقة في القيادات التي انخرطت في حل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وهي القيادات الإسرائيلية والأميركية والفلسطينية والعربية.
وعلى المستوي العالمي يري الكثيرون أن أي منهم لم يبذل الجهد الكافي لحل الصراع. وجاءت إجابة أغلبية المستطلعين على تساؤل عن أهمية أن يكون للأمم المتحدة دور نشط في حل الصراع بالموافقة. فقد دعمت 16 دولة من 17 دولة في إطار إجابتها على هذا التساؤل هذا الدور، في حين أشارت الاستطلاعات السابقة إلى الرؤية السلبية لشعوب تلك الدول حيال الأمم المتحدة، وتُرجع الاستطلاعات هذا إلى الرؤية للأمم المتحدة على أنها منظمة لا تقوم بالجهد الكافي في حل الصراعات والنزاعات. ويُشير "كول" إلى أن نتائج الاستطلاع تُوضح مدي الاهتمام العالمي بالقضية، وتفضيل اتخاذ حكوماتهم خطوات في حل هذا الصراع لا تنحاز إلى أي طرف من أطراف الصراع.
الموقف من استمرار الوجود الإسرائيلي بالمنطقة
وقد أثار "إنديك" تساؤلاً مفاده هل هناك اتجاه عام في الرأي العام العربي حيال استمرار الوجود الإسرائيلي؟. وفي إطار الإجابة على هذا التساؤل شرح شبلي معضلة الأسري التي تدفع الدولتين لتنبي العنف والقوة في الوقت الذي يُفضل فيه حل الدولتين، مؤكدا على دور الدبلوماسية في تحقيق الكثير، ويري شبلي أن التساؤل حول استمرار الوجود الإسرائيلي ليس مطروحا عربياً؛ لأن الكثير يؤمن بأن انهيار اتفاق إقامة دولتين يؤدي إلى استمرار الصراع وليس إلى اختفاء الدولة.
وقد أجاب كول على هذا التساؤل في إطار ما يُطلق عليه لعبة المساومات السيكولوجية والتي تتمثل في التساؤل حول أي منهما الوقت في صالحه. إسرائيل تستخدم قضية المستوطنات لتُشير إلى أن الوقت في صالحها مستندة على أن العرب سيقبلون بحل الدولتين. ويتفق كول مع شبلي في إجابته على تساؤل لماذا الرأي العام مهم. فهو يري أن الرأي العام هو المحرك لسلوك الدولة وهو الذي يُفسر الاهتمام العالمي بالقضية الفلسطينية. وحسب كول يُعد الرأي العام مؤشراً لأشياء ستحدث بالمفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية.