تقرير: مخاوف من انخفاض عدد المسيحيين في سوريا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
دمشق: تتزايد هجرة المسيحيين من بلاد الشام عاماً بعد عاماً وخاصة في العقود الثلاثة الأخيرة، فبينما كانت نسبتهم تشكل 20% من سكان سورية عند الاستقلال عام 1945 لم تتجاوز هذه النسبة الآن 7% من عدد السكان، وهذا يشكّل حسب رأي المثقفين السوريين خطراً على ثقافة المنطقة وتنوعها الحضاري ويدعون للتصدي لهذه الهجرة، حيث يرى بعضهم أن بقاء المسيحيين في المشرق هو ترسيخ لفكرة الدولة العصرية والتنوع الثقافي والتعددية والديمقراطية، ولمنع استنزاف الطاقات العلمية والفكرية والثقافية.
يرى البعض أن المشهد العربي كله سيختلف حضارياً وإنسانياً مع هجرة المسيحيين، وسيصبح أكثر فقراً، لو أن هذه الهجرة تُركت للتجاهل والتغافل، ويشيرون إلى الخسارة الكبيرة لو أحس مسيحيو الشرق أن لا مستقبل لهم ولأولادهم فيه، ثم بقي الإسلام وحيداً في المشرق. وإذا كان وجود المسيحيين من وجهة نظر المثقفين العرب ضروري لتفاعل الحضارة العربية الإسلامية لما لهم من دور فيها، فإن بعض الدوائر تحاول أن تلعب على هذه الورقة بحجة الاضطهاد الذي يتعرضون له للتدخل في شؤون البلدان العربية. رغم تأكيد جميع ممثلي الكنائس أن مثل هذا الاضطهاد لا وجود له.
المسيحية هي ديانة سكان سورية منذ القرن الأول، حيث كان سكان نصفها الشرقي وغرب العراق قبل الفتح الإسلامي من القبائل العربية الصرفة التي هاجرت من الجزيرة العربية، فقد كانت مملكة غسان (جنوب سورية) ومملكة المناذرة (جنوب غرب العراق) مشكلة من قبائل عربية معروفة، كما سكنتها قبائل تنوخ وتميم وتغلب وكلب وغيرها وكانت جميعها تدين بالمسيحية، وسهلت هذه القبائل دخول العرب والإسلام إلى بلاد الشام وبين النهرين، وساعدت العرب على هزيمة الحكم البيزنطي في سورية (معركة اليرموك) والفارسي في العراق (معركة القادسية)، وقد اعتمدت الدولة الأموية في القرن الأول لمجيء الإسلام على المسيحيين لتعريب إدارة الدولة وكان لهم حظوة لدى الدولة الأموية.
تعايش المسيحيون مع الدولة الإسلامية طوال القرون الأربعة الأولى من مجيء الإسلام (من القرن السابع حتى الحادي عشر ميلادي) وأعطيت لهم جميع الحقوق المدنية لكنهم لم يحصلوا على الحقوق السياسية كالمسلمين، وساءت أحوالهم بعد الغزو الصليبي (نهاية القرن الحادي عشر) إذ اتهموا من الصليبيين بمساعدة الإمارات الإسلامية، ومن المسلمين بمساعدة الصليبيين، وبينما كانت نسبة أعدادهم تشكل (90%) من السكان طوال القرن الأول بعد مجيء العرب المسلمين تناقص إلى النصف عند الغزو الصليبي ثم بدأ ينقص بسب تحولهم إلى الدين الإسلامي إما دفعاً للظلم أو سعياً وراء المكاسب المحصورة بالمسلمين فقط، وزاد الظلم عليهم أيام حكم المماليك (من نهاية القرن الثاني عشر حتى بداية القرن السادس عشر) وتغيرت أحوالهم نسبياً نحو الأفضل أيام الحكم العثماني، ثم ساهموا في القرنين التاسع عشر والعشرين في حركة النهضة العربية، والعمل ضد الإمبراطورية العثمانية فلعبوا دوراً هاماً في النهضة الثقافية والسياسية العربية كفتح المدارس، إحياء اللغة العربية، إصدار الصحف، تأسيس الجمعيات.. الخ، والأهم المساهمة في تأسيس الجمعيات السياسية العربية مع المسلمين والمطالبة باللامركزية وبجعل اللغة العربية رسمية في إدارة الدولة والمحاكم وغيرها.
تناقص عدد المسيحيين في سورية حالياً إلى أقل من 7% من السكان بعد أن كان نحو 20% عند الاستقلال عام 1945، ونظراً لكون النظام السياسي (رسمياً) هو نظام علماني فقد منح الدستور والقانون السوري للمسيحيين كامل حقوقهم منذ استقلال سورية، وقد كان منهم رئيس مجلس النواب فارس الخوري ووزراء وعدد من رؤساء أركان الجيش وفي مختلف المسؤوليات السياسية والإدارية، ولكن هجرتهم إلى خارج سورية ازدادت في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين بشكل خاص بحثاً عن أوضاع أفضل في أوروبا وأميركا، فضلاً عن تخوفهم من صعود التيار الإسلامي الأصولي المتطرف.
ينتمي المسيحيون في سورية إلى جميع الطوائف المسيحية، وأكثرهم من الطائفة الأرثوذكسية، ويقيم بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذوكس في دمشق، وتعتبر ثقافة المسيحيين السوريين وتقاليدهم وعاداتهم عربية إسلامية ويختلفون عن المسيحيين في الغرب بطقوسهم وصلواتهم.
والمسيحيون في سورية كالمسلمين موزعين على مختلف الأحزاب والتيارات السياسية، كما لهم كل الحرية في بناء الكنائس والمعابد واستقلالية في إدارتها، ويقضي قانون الأحوال الشخصية في سورية موافقة الكنيسة على الزواج والطلاق وما عدا ذلك تتعامل المسيحيات في القانون كالمسلمات، وبالإجمال من المؤكد أن العيش المشترك بين أتباع الديانتين في سورية كان دائماً في أفضل أحواله.
بلغت الهجرة من سورية أوجها عام 1980 وما بعد واستطاع قسم من الراغبين أن يهاجر عن طريق أقرباء لهم أو مقيمين في بلدان الهجرة، كندا، أميركا، السويد، وكان قسم منهم ميسوراً، وله مشاريع حيوية في سورية ولبنان، ومن بينهم من يشغل مسؤوليات إدارية عالية، وعدد من الكفاءات العلمية، أطباء مهندسون ومحامون.. الخ. وفاقمتها الأحداث التي اندلعت بين السلطة في سورية والأخوان المسلمين منذ عام 1980 وبعدها، ثم تعاظمت الهجرة حتى بدت واضحة تماما بعد أن انحسرت نسبة المسيحيين لدرجة ملحوظة. ففي عام 1980 كانت نسبتهم في سورية حوالي 9%، انخفضت خلال ربع قرن إلى 10%، ولم تكن النسبة هي التي انخفضت فقط بل العدد نفسه، إذ كان عدد المسيحيين في تلك الفترة 2.5 مليون، بينما الآن لا يصل هذا العدد إلى 2 مليون.
وعن أسباب الهجرة قال الكاتب والناشط السوري سليمان يوسف يوسف لوكالة (آكي) الايطالية للأنباء، إن مسألة الهجرة "ترتبط بشكل مباشر بقضية الديمقراطية وحقوق الإنسان ولهذا فبقاء المسيحيين عامة واستقرارهم في دول المشرق رهن بقيام دول مدنية ديمقراطية تحترم حقوق الجميع، تقوم على العدل والمساواة وعلى مبدأ حقوق المواطنة الكاملة لكل مواطنيها بدون تمييز أو تفضيل"، وأشار إلى أنه "تتداخل في هجرتهم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية السيئة مع الأحوال السياسية الأسوأ فضلاً عن تشابك العوامل الدينية والتاريخية مع الجغرافية السياسية والديمغرافيا البشرية" وفق تعبيره.
ورأى ممثل مجلس كنائس الشرق الأوسط في حلب (شمال) أن الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية غير المتجانسة في الوطن العربي تعزز حالة عدم التجانس في العلاقات بين المسيحيين والمسلمين في هذه البلدان، وأن التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي تعصف بالمنطقة العربية تثير عند الشباب المسيحي والمسلم حالة من الخوف والقلق على مستقبلهم وعلى حالة العيش المشترك بينهم.
وقال رازق سرياني مدير مكتب حلب ومدير قسم التربية في مجلس كنائس الشرق الأوسط لوكالة (آكي) الايطالية للأنباء "من الواضح أن هناك حالة من عدم التجانس في العلاقات بين المسيحيين والمسلمين في البلدان العربية تعززها الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية غير المتجانسة أيضاً. لذلك، فإننا بحاجة إلى نشر ثقافة قبول الآخر واحترامه واستخدام كل الوسائل التربوية والإعلامية والثقافية المتاحة". وأضاف "هذا يتطلب جهود جماعية مشتركة ومنظّمة بين المسلمين والمسيحيين، وعمل على أرض الواقع، وعدم الاكتفاء بالخطابات العاطفية. بل يتطلب أيضاً تحديث الخطاب الديني وتطويره بحيث يساهم في إعادة اللحمة بين أبناء الوطن الواحد، وإزالة الأحكام والتصورات المسبقة عن الآخر، والسعي للتعلم والفهم عن الآخر الذي أجهله ولكنه يشاركني الأرض وخيراتها وبيئتها وثقافتها وحياتها" حسب قوله.
كما أعرب الأب طوني دورة من مطرانية الموارنة بدمشق عن خشيته من أن تؤثر الهجرة المتزايدة للمسيحيين الشرقيين على التركيبة الديموغرافية للسكان في الشرق الأوسط، مؤكداً أن المسيحيين في البلاد العربية هم أول المتضررين من الأوضاع الأمنية المتردية في المنطقة. وقال "لدى المسيحيين إجمالاً هاجس يتعلق بالعامل الديموغرافي، وهو هاجس كبير ومؤثر. وأضاف "لقد أدى التعقيد الطائفي المتفجر في البلدان المجاورة لسورية إلى ظهور مخاوف جديدة لدى المسيحيين، ومع ذلك، لدينا أمل أن نحافظ على طبيعة بلادنا، وعلى التعددية الرائعة فيها، وعلى الاستقرار الأمني والإصرار على التعايش" على حد تعبيره.
التعليقات
انخفاض عدد السوريين
العامودي -و الله انا اللي مخوفني ان ينخفض عدد السوريين في سوريا و ليس المسيحيين فقط نتيجة السياسات الاقتصادية الفاشلة التي تتبعها الحكومة العتيدة في مواجهة الشعب المسكين و الذي اصبح حلم الهجرة يراود الصغير قبل الكبير .
مفا رقه واضحه
عدنان احسان- امريكا -المسيحيون في بلاد الشام اضطهدهم العثمانيون , وخذلهـــم الآوربيون , وغدر بهم الآكراد ( المرحله السابقه ) وهم جزء لايتجزء من تاريخ الثقافه العربيه والإسلاميه من قبل ظهور الإسلام ومن بعده , والثقافه الأسلاميه والمسيحيه تكملان بعضمها البعض ان لم نقل ثقافه واحده تعكس مرحلتين تاريخيتتين من الوعي ....بدأت هجرتهم القسريه في اواخر القرن الثامن عشر واوائل القرن الماضي , والهجره.... والطوعيـــه في اواخر القرن التاسع عشر .. ولن يعود المسيحيون الذين هاجروا , ولكن المسيحيه ستعود بثوب اخر , ...وهنا تكمن الخساره الحقيقيه للمنطقه , لثقافتها ومثقفيها الحقيقيين .فامثال جورج حبش ... وميشيل عفلق , وانطون سعاده ...وكابوتشي , والمطران قرياقس .. والآب حنا عطالله ...والمئات بل الاف من الرواد المثقفين المسيحيين ورواد النهضه القوميه ... ستنتهي مدرستهم لتقع المنطقه بين ثقافه العولمه الإستعماريه الجديده ولإسلاميين الجدد الذين لايرون المنطقه الا من خلال افقهم الضيق ....ومع ذلك الدور الذي يلعبه المسيحيين في الغربه , في المحافظه على الهويه والثقافه العربيه ربما افضل من غيرهم بكثير ....
الاصرار من طرف واحد
الراشدي -الاصرار على التعايش من طرف واحد لايخدم احدا. ان الهجرة بذاتها تشير بوضوح الى انعدام الثقة الفعلية. لهذا السبب يجب ترسيخ الثقة بقوانين تحمي المواطنة وتجرم الدعوات الى انتهاك الحقوق على اساس الدين او الطائفة او الجنس او القومية. ان الاصوات الداعية الى اقامة دولة دينية اصبحت اصوات تهدد الوحدة الوطنية وتهدد حقوق المواطن السوري المسلم والمسيحي على السواء
Christian immigrant
Imad -I truly believe that all Christian should leave the Middle East. This is sad but the truth is we have no dignity and no safety there and future will only be worse.
لماذا يهاجرون؟
محمد الشامي -سورية أكثر دولة عربية دعماً ورعاية للمسيحيين لدرجة أن الدولة تهتم بأعياد المسيحيين أكثر من اهتمامها بأعياد المسلمين. رغم ذلك يهاجرون المسحيون سورية والسؤال هنا هو: لماذا؟ لا أعتقد أن سبب هذه الهجرة ;الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية غير المتجانسة في الوطن العربي ; بمعنى اخر يريد نفر من المسيحيين اقناعنا ان سبب هجرتهم هو انعدام الفرص وهذا غير صحيح اطلاقاً في دولة مثل سورية بل الوضع العكس تماماً. ثم يذهب أحدهم ليطالب ;تحديث الخطاب الديني وتطويره بحيث يساهم في إعادة اللحمة بين أبناء الوطن الواحد وإزالة الأحكام والتصورات المسبقة عن الآخر والمقصود هنا أن المسيحي يريد من المسلم أن يغير بعض المعتقدات الدينية في الاسلام التي تخص المسيحيين لكي يرتاح بال المسيحي ويطمأن لجاره المسلم، وهذا شيء مرفوض بكل تأكيد لأن موقف الاسلام واضح بشأن المسيحيين وهو موقف متسامح ويقبل بالتعايش على عكس المعتقدات العنصرية عند كثير من الاوروبيين المسيحيين تجاه المسلمين في الغرب. اعتقد ان السبب الحقيقي لهجرة مسيحيي سورية هو سبب بسيط وواضح وهو الوضع الاقتصادي المتأزم منذ عقود من الزمن. فالمسيحي يسهل عليه الهجرة الى الغرب لانه لا يجد صعوبة في العيش هناك بل ينسجم في المجتمعات الغربية وينصهر فيها بينما المسلم لديه بعض القضايا الثقافية والدينية التي تحول بينه وبين الانسجام والاندماج في الغرب. هذه هي القضية ببساطة ولا اعتقد أن التمييز الديني أو الإسلام له دور بهجرة المسيحيين عن سورية. على كل حال نأمل ان يبقى المسيحيين في سورية وأن تقوى الروابط المسيحية الاسلامية لما هو خير لسورية وللوطن العربي.
التعليق 2
رودي من أمريكا -أستغرب من السيد عدنان إزدواجيته و زجه للكلمات مثل من يريد أن يكتب أي شيء أستغرب كيف غدر الأكراد بالمسيحيين مع العلم أن الكردية هي قومية و ليست ديانة فهناك الكثير من الكرد يدينون بالمسيحية و اليهودية و وووووووووو و هذه ليست مشكلة لأنه أعيد و أقول أن الكردية هي قومية و ليست دين فالأكراد في وجهة نظر العرب خائنون و فقط لأنهم ليسو عرباً يكفي هذا التزوير و الحقد يكفي أنظروا إلى أنفسكم و ما حل بكم كل مشاكل الدنيا ي بلادكم كل الأمم تشتكي منكم و من تصرفاتك المناطق الأكثر توتراً في العالم هي مناطقكم هل هذا بسبب الأكراد عيب
شو هالحكي؟
طافش ابن طفشان -لك حاجة حكي كبير، لسى ديموغرافية وما بعرف شو. كان من زمان يلي يسافر لبلاد برا يجو الناس لعند أهلوا يواسوه ويقلولو الله يرجعو بالسلامة. هلء يلي ابنو عميسافر عمتجي الناس تهنيه وتقلو انشالله إلهي ما بيرده. شو ديموغرافية ولحمة وطنية ...خلي الطابق مستور. شباب مسلمين ومسيحيين عميهربو...وقفت بس عالمسلمين...وللأسف الدول العربية الغنية بتحترم الغربي وما بتحترم العربي...يمكن لأنو مزمار الحارة لا يطرب...بقا الله يديم علينا أوروبة وأمريكا يلي فيهن ركبنا سيارات كنا نشوفها عالتلفزيون وبس...والجماعة الأميركان والله ما عميقصرو وكتر خيرهن عميعاملونا متلنا متل ابن البلد...والله يفرج أحسن الشي. والسلام
مسيحي سوري
مسيحي سوري -ان اغلب المسيحيين في سوريا وخاصة في الجنوب السوري اصولهم من قبيلة الغساسنة العربية ونحن ابناء سوريا منذ قدم التاريخ ونعيش مع اخوتنا المسلمين وثقافتنا عربية اسلامية مسيحية ان صح التعبير ، لذلك ادعو المسيحيين بعدم هجرة بلدهم وذلك حفاضا على التعددية الثقافية في سوريا كما ادعو الحكومة الى تحسين الاوضاع الاقتصادية لجميع المواطنيين لأنه اذا بقيت الاوضاع على حالها سوف لن تجد الحكومة شعبا تحكمه
هجرة
monsef -ياجماعة السوريون بكامل اطيافهم يهاجرون ولن يبقى منهم الا عائلة الاسد واذنابهم سوريا اصبحت الان مثل ايام سفر برلك لم يبق الا الجوع والفقر والجهل والعصابات المأجورة