زيارة جيلاني إلى واشنطن .... النجاح والفشل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
بوش وافق على مساعدة عسكرية لتحديث المقاتلات الباكستانية
زيارة جيلاني إلى واشنطن .... النجاح والفشل
عبد الخالق همدرد من إسلام آباد: عاد رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني من باكورة زيارة له إلى واشنطن مع رفاقه في الحكم المدني الجديد الذي لا يزال يبحث عن موطئ قدم له في الحكم؛ لأن الكثير يرون أن زمام الأمور لا يزال بيد الجنرال مشرف، ولو اختفى عن الساحة السياسية وأضواء الكاميرات على ما يبدو. ويرى خبراء سياسيون أن حزب الشعب بقيادة أصف زرداري لم يتمكن من كسر شوكة قصر الرئاسة بناء على الفخ الذي وقعت فيه بينظير بوتو قبيل هبوطها على تراب البلاد في 18 أكتوبر عام 2007 ، بعد نفي اختياري لمدة ثماني سنوات. وذكرت الصحافة أن بعض كبار المسؤولين الأميركيين قدموا إلى القيادة الباكستانية "دلائل" على تورط المخابرات العسكرية الباكستانية في الهجمات على السفارة الهندية في كابول الشهر الماضي ما أدى إلى مقتل 41 شخصا، إضافة إلى دلائل على تحالف بعض العناصر من تلك المخابرات مع المسلحين على الحدود الباكستانية الأفغانية. وطالبوه بكبح جماح الجهاز الذي قد لعب أكبر دور في كسر شوكة الاتحاد السوفياتي في أفغانستان زمن الجهاد في الربع الأخير من القرن الماضي. وقد أصبح ذلك الجهاز شوكة في حلقوم القوى الغربية بعد نزول القوات الأميركية على الأراضي الأفغانية رغم أنه قدم أكبر خدمة في الحرب المزعومة على الإرهاب باعتقال واغتيال المئات من عناصر القاعدة.
وتلبية لتلك الدعوة الأميركية أصدرت الحكومة تعميما بوضع المخابرات العسكرية العامة التي عادة تتعامل مع الأخطار الخارجية للبلاد أكثر من الشؤون الداخلية، تحت قسم من الداخلية الباكستانية؛ بيد أن ذلك القرار غير الناضج أثار ضجة كبيرة في البلاد ولم يمكن للحكومة سوى استعادة ذلك القرار. وذلك الأمر طبعا منح للأميركيين إشارة خاطئة - وهي طبعا صحيحة في الحقيقة - أن رئيس الوزراء ليس بيده زمام الأمور، بل يعمل عن " طريق التحكم عن بعد". وبناء على ذلك فإن موضوع المخابرات العسكرية العامة والسيطرة عليها كان ثاني أكبر محور لمحادثاته مع المسؤولين الأميركيين بعد الحرب على الإرهاب.
انعدام الحفاوة به في الولايات المتحدة
ومن المعروف أن هناك شكليات في العلاقات الدولية تشيرإلى مدى متانة العلاقات بين أي اثنتين من الدول، خلال زيارات القيادات؛ لكن مع الأسف الشديد فإن رئيس الوزراء لم يتلق من الحفاوة ما كان يستحقه. وقد استقبله نائب وزيرة الخارجية على قاعدة أيندريو دون أن يفرش له أي نوع من السجاد ناهيك عن السجاد الأحمر، ليمشي على قدميه برفقة عقيلته إلى الصالة لدقيقتين، بينما بقي وفده المرافق في نفس الطائرة لمدة ثماني ساعات قبل ختم الجوازات. وإذا كانت هذه حفاوة به، فلا نعرف ما ذا تكون الإهانة؟!
المحادثات ووابل الطلبات
وكتب صحفي من واشنطن أن الصحافة والمؤسسات الفكرية والبيورقراطيين والجنرالات القدامى - الذين يمثلون واشنطن الحقيقية- كانوا ينتظرون زيارة رئيس الوزراء إلى واشنطن ليروا بأم عيونهم الشخص الذي يقال إنه بديل عن الجنرال مشرف وتحتاج الولايات المتحدة إلى التعامل معه في ضوء الوضع الراهن؛ بيد أنهم وجدوا أن الرجل لا يمكن أن يكون بديلا لصديق واشنطن،جراء ضعف سيطرته على الأمور وقلة فهمه للشؤون الدولية الشائكة إلى جانب ضيق باعه في اتخاذ القرارات. وأضاف أنه بدا خلال حديثه المباشر غير ما بدا خلال كلماته المكتوبة؛ لأن أداءه خلال الحديث مع الصحفيين والمؤسسات الفكرية لم يكن على المستوى، بينما كلماته المكتوبة أوهمت بدقة فهمه للشؤون الدولية.
وقد تعرض لأسئلة صعبة عن دور المخابرات العسكرية العامة على كل الأصعدة، في حين أكد له الرئيس الأميركي أنه "يؤيد" سيادة باكستان؛ بيد أن ذلك التأييد ثبت عن طريق هجوم صاروخي داخل وزيرستان الجنوبية ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، يقال بينهم أحد أهم صانعي القنابل لتنظيم القاعدة. أما رئيس الوزراء فقد فضل التزام الصمت على ذلك الحادث لئلا يتسبب في إحراج مضيفيه. وهذا هو الاحترام للسيادة الوطنية بعد تلك الحفاوة بالقيادة الوطنية لباكستان.
المساعدات الأميركية
هذا ويقال إن زيارة رئيس الوزراء تكللت بالنجاح بحيث وافقت الولايات المتحدة على منح باكستان 115 مليون دولار في مجال المواد الغذائية خلال سنتين، كما أن بوش وافق على مساعدة عسكرية من ضمن ميزانية الحرب على الإرهاب لتحديث المقاتلات الباكستانية من نوع أف-16 ؛ إلا أن بعض أعضاء الكونجرس رفعوا مشروع قرار ضد تلك المساعدة مبررين بأن تحويل ذلك المبلغ الهائل إلى المقاتلات قد يخفض من ميزانيات الأسلحة والعتاد العسكري الخفيف الذي يحتاج إليه الجيش الباكستاني. ومن الواضح أن الجيش الباكستاني هذه الأيام يقتحم معركة شرسة ضد مواطنيه على أراضيه في إقليم الحدود الشمالية الغربية وبلوشستان، وهذا العتاد من حاجيات تلك المعركة، في حين قد يمثل تحديث المقاتلات خطرا على الهند أو أي عدو خارجي آخر.
الجبهات الجديدة
كما ذُكر من قبل أن الحرب على الإرهاب ودور باكستان فيها قد طغت على المحادثات خلال زيارة رئيس الوزراء؛ لكن الجديد في هذا الصدد ما أشير إليه في البيان المشترك هو "زيادة التعاون بين الولايات المتحدة وحرس الحدود الباكستاني لخوض معركة ضد التطرف العنيف في المناطق الحدودية وإقليم الحدود الشمالية الغربية وإقليم بلوشستان". ويرى محللون أن هناك حاجة إلى قراءة ما بين السطور؛ لأن التعاون بين الحرس - بدلا عن ذكر باكستان- وبين الولايات المتحدة و " خوض معركة ضد التطرف العنيف" يوحي بفتح جبهات حرب جديدة في المناطق الهامة من الحدود الباكستانية. وتلك خطة شيطانية لتمزيق وحدة باكستان؛ لأن المناطق المشار إليها مشتعلة من قبل. وأي محاولة أخرى لكبت سكانها أو حل مشاكلها بالحديد والنار ستكون سلاحا ذا حدين في حق باكستان، لكن عاقبتها ستنصب في صالح الولايات المتحدة؛ لأن الحروب الداخلية ستشعف القوات الباكستانية إلى حد يبرر لها بنزولها على الأراضي الباكستانية لضبط الوضع وثم الوصول إلى الترسانة النووية الباكستانية. وذلك حلم طالما تحلم به الولايات المتحدة منذ أمد بعيد.
انسحاب القوات من مناطق قبائل محسود
ولا تفوتنا الإشارة في هذا المقام إلى أن قوات حرس الحدود بدأت تنسحب من المناطق التي تسكنها قبائل محسود في وزيرستان الشمالية، بعد زيارة رئيس الوزراء. وبرر أحد المسؤولين بصعوبة مواصلة خط الإمدادات للقوات في تلك المناطق، لكن انسحاب القوات قد تسبب في إفشاء ذعر شديد بين أهالي المنطقة إذ يرون تلك العملية نذير شر قادم. ويرى البعض أن ذلك الأمر قد يكون تمهيدا لعملية عسكرية شاملة ضد المسلحين بقيادة بيت الله محسود، من جانب القوات الباكستانية أو القوات الأميركية.