البيشمركة ترفض أوامر المالكي بالإنسحاب من مناطق تنتشر فيها

العراق يخصص مليار و700 مليون دولار لأمن الحدود
البيشمركة ترفض أوامر المالكي بالإنسحاب من مناطق تنتشر فيها

أسامة مهدي من لندن: رفضت قيادة قوات البيشمركة الكردية أوامر أصدرها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بسحب فصائلها المسلحة من مناطق تنتشر فيها بمحافظة ديالى أو تفتيش مقرات الحزبين الكرديين بحثًا عن الإرهابيين خلال عمليات "بشائر" الخير "الدائرة هناك حاليًا... بينما كشف وزير الداخلية جواد البولاني عن رصد مبلغ مليار و700 مليون دولار لتطوير مؤسسات قوات الحدود وتأهيل البنية التحتية للوزارة.

وقالت مصادر كردية اليوم أن وفدًا عسكريًا عراقيًا رفيع المستوى قد تفقد ناحية قرة تبة بمحافظة ديالى شمال شرق بغداد المتاخمة لمحافظة السليمانية الشمالية حاملاً رسالة من رئيس الوزراء نوري المالكي يطلب فيها سحب قوات البيشمركة الكردية من مناطق في المحافظة يطالب الاكراد بضمها الى اقليم كردستان الذي يحكمونه منذ عام 1991. وضم الوفد القائد العام لقوات المشاة والمدير العام للشرطة العراقية واللواء محمد العسكري المتحدث باسم وزارة الدفاع وعدد من كبار ضباط الجيش العراقي حيث تفقد منطقة قرة تبة وأطرافها في المحافظة واجتمع مع مدير ناحيتها، وقائد اللواء 34 لقوات البيشمركة هناك. وقال سيروان شكر مدير ناحية قرة تبة أن الوفد سلمه رسالة من المالكي تضمنت قرارًا بسحب قوات البيشمركة من المناطق التي تنتشر فيها بمحافظة ديالى. وأوضح أن الوفد قد ابلغه ان المالكي اتصل به هاتفيًا وطلب تنفيذ هذه المهمة في المنطقة. وقد قرر المالكي القائد العام للقوات المسلحة أن يتمركز اللواء الرابع التابع للفرقة الاولى في الجيش العراقي في مكان اللواء 34 للبيشمركة التي انتشر في المنطقة منذ بدء عملية "بشائر الخير" العسكرية الواسعة في المحافظة قبل اسبوعين مستهدفة مسلحي القاعدة والخارجين على القانون وأفراد عصابات الجريمة المنظمة.

لكن محمود سنكاوي ممثل الرئيس جلال طالباني زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني في قيادة قوات البيشمركة أكد قائلاً "لحين صدور بيان من رئاسة اقليم كردستان فلن تترك قوات البيشمركة أماكنها في هذه المنطقة". يذكر أن ناحية قره تبة التي تسكنها غالبية من التركمان الشيعة هي إحدى المناطق التابعة الى محافظة ديالى حاليًا بعد أن فصلها النظام السابق عن محافظة كركوك. وكان مدير ناحيتها قال مؤخرًا إن سكان المدينة بكل يطالبون مكوناتهم "بعودة ناحيتهم كما كانت ضمن حدود الاقليم" .

ويدخل قرار المالكي هذا ورفض قيادة البيشمركة ضمن صراع خفي بين سلطات اقليم كردستان والحكومة المركزية للسيطرة على بعض المناطق المتنازع عليها، ويطالب الاكراد بضمها الى اقليم كردستان . ففي محافظة ديالى نفسها رفض مسؤولو الحزبين الكرديين الرئيسيين الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة طالباني تفتيش القوات العراقية لمقراتها خلال حملتها لملاحقة الإرهابيين ضمن عمليات بشائر الخير الجارية فيها منذ اسبوعين.

وأكد مصدر كردي ان الجيش العراقي كان ينوي تفتيش المقرات الحزبية للديمقراطي والإتحاد الوطني خلال الحملة الامنية الحالية الامر الذي فجر خلافًا بين الجيش والأكراد. واشار المصدر في تصريح نشرته صحيفة "اسو" الكردية الصادرة في السليمانية اليوم الى ان "مسؤولي مقرات الحزبين رفضوا مطلب الجيش بشدة وحالوا دون قيامه بالتفتيش".

ويوم أمس رفض رئيس اللجنة الأمنية في مجلس النواب العراقي والقيادي في منظمة بدر التابعة للمجلس الاعلى الاسلامي هادي العامري نشر ميليشيات حزبية كردية في محافظة كركوك المتنازع عليها . واكد قائلا "نرفض وجود تنظيمات حزبية مسلحة للبيشمركة خارج اجهزة الدولة من الجيش والشرطة... وعملها بعنوان حزبي امر مرفوض".

وكان نواب يمثلون كركوك قد اشاروا مؤخرًا الى ان المدينة شهدت مؤخرًا انتشارًا ملحوظًا لعناصر مسلحة تابعة لأحزاب كردية نتيجة اتساع الخلاف حول قانون انتخابات مجالس المحافظات وان قوات من البيشمركة قد تحركت نحو محيط المدينة الامر الذي نفته قيادة القوات الكردية.

ويعتبر سحب قوات البيشمركة من المناطق المتنازع عليها وخاصة من كركوك احد مطالب عرب وتركمان كركوك اضافة الى شروط اخرى للقبول بعرض قدمه بارزاني الجمعة الماضي للدخول في حوار من اجل التصالح وايجاد حل توافقي لمشكلة المدينة .

وكان بارزاني اطلق خلال زيارة مفاجئة لمدينة كركوك الجمعة نداء الى مكونات المدينة من التركمان والاكراد والعرب والمسيحيين للدخول في حوار ديمقراطي شفاف يحل مشاكلها والى المكاشفة والتصالح الا انه اكد كردستانية المدينة مشددًا على دعمه لمطالب ضمها الى الاثليم ووصف معارضي المادة الدستورية 140 بأنهم ساعون الى الفتنة. وناشد بارزاني ممثلي اطياف المدينة الدخول في حوار ديمقراطي شفاف للمكاشفة... وقال "دعونا نجلس معًا ونستمع للبعض ونتكاشف ونصالح بعضنا البعض لأننا بهذه الطريقة سنصل الى النتائج الجيدة ولا ننتظر اجندة من هنا وهناك". وشدد بالقول " نحن لا نعادي من يخالفنا فكريًا وأيدلوجيا... ونريد أن تظل كركوك مدينة للتآخي بين القوميات والتعايش بين الأديان".

العراق يخصص مليار و700 مليون دولار لأمن الحدود

إلى ذلك كشف وزير الداخلية العراقي جواد البولاني عن رصد مبلغ مليار و700 مليون دولار لتطوير مؤسسات قوات الحدود وتأهيل البنية التحتية للوزارة. وقال في ختام زيارة قام بها الى ألمانيا وايطاليا والولايات المتحدة ان اتفاقات قد وقعت مع روما وبرلين لتدريب قوات الشرطة وتفعيل التعاون في مجال مكافحة الارهاب والجريمة اضافة الى تأمين متطلبات برنامج خاص لتدريب قوات حرس الحدود . واشار في تصريح لصحيفة "الصباح" الحكومية اليوم الى ان الوزارة تتجه نحو مرحلة انتقالية لتطوير العمل الامني باستخدام وسائل حديثة في الكشف عن الجرائم وجمع المعلومات والبيانات عن المتهمين واستقدام أجهزة متطورة للكشف عن البصمة العشرية وقزحية العين ليتم نصبها في المنافذ الحدودية والمطارات.

وكشف عن بناء قاعدة معلومات لأكثر من مليون مواطن حتى الان يتم استخدامها في الجوانب الاستخبارية والتحقيقية. واوضح انه وقع مع نظيره الايطالي مذكرة تفاهم في اطار تبادل المعلومات وملاحقة المطلوبين وتطوير العمل الامني تبعاً لتطور ظروف الجريمة وأدواتها كمكافحة المخدرات وغسيل الاموال والجرائم الالكترونية.

واضاف البولاني ان وزارة الداخلية رصدت مبلغ مليار و700 مليون دولار لتطوير المنشآت الحدودية والبنى التحتية للوزارة، . وقال انه سيتم فتح مراكز تدريب لاستيعاب الاعداد المتزايدة من قوات الشرطة اضافة الى تطوير المخافر الحدودية وتشكيل افواج جديدة للشرطة، معلنًا في هذا الشأن ان الوزارة عينت خلال العام 2008 أكثر من مئة الف منتسب جديد. وبشأن موقف الوزارة من الاتفاقية الامنية المزمع توقيعها مع الولايات المتحدة، عدّ الوزير هذه الاتفاقية أحد متطلبات تحقيق السيادة العراقية مقترحاً عرض مضامينها على الشعب العراقي للاستفتاء. وشدد على ان أهمية الاتفاقية تكمن في تنظيم العلاقات مع الولايات المتحدة الاميركية على أساس التكافؤ واستقلالية الطرفين والمصالح المشتركة.

وفي ما يخص اجراءات الوزارة في منح اجازات حمل السلاح، أكد الوزير انخفاض رغبة المواطن في اقتناء السلاح بعد التحسن الامني الذي شهدته معظم مدن البلاد الا انه اشار الى ان هناك اجراءات ادارية وفنية لتسهيل منح هذه الاجازات. واوضح انه تم زج اكثر من 50 موظفًا في مديرية الهويات المتخصصة بتنظيم اجازات السلاح مع سعي الوزارة لافتتاح أربعة مراكز جديدة في بغداد لاستقبال المواطنين الراغبين في الحصول على الاجازات على ان يتم ذلك على وفق الضوابط التي وضعتها الوزارة واستنادا الى قانون الاسلحة النافذ.

واشار الى ان قوات وزارة الداخلية واجهزتها المتخصصة تمكنت خلال العامين الماضيين من مصادرة نحو 30 مليون قطعة سلاح متنوعة وقدمت أكثر من 179 ألف خدمة قضائية متمثلة بتنفيذ اوامر القبض ومتابعة القرارات القضائية . واضاف ان هذه الاجهزة استطاعت ايضا تفكيك 377 شبكة ارهابية ومثل هذا الرقم من المجاميع المسلحة والميليشيات .. وقال انه مع حلول نهاية العام الحالي ستكون الوزارة قد خرجت ستة الاف ضابط في كلية واكاديمية الشرطة جميعهم من خريجي الكليات والدراسات الاعدادية .