الحرب الباردة الجديدة: الغرب يخسر معركة جورجيا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لندن: استحوذت أزمة القوقاز الجديدة على اهتمام نشرات يوم الأحد لبعض الصحف البريطانية، تغطية وتعليقا. وتكاد هذه الصحف أن تجمع على أن الحرب الجورجية الروسية، أول فصول حرب باردة جديدة، وعلى ضرورة الحكمة والروية، في التعامل مع الوضع المتفجر في المنطقة.
الغرب يخدم مصالح روسيا
ترى الصنداي تايمز في افتتاحيتها أن الغرب خبر فيما مضى إبان الحرب الباردة فنون الرد على الاتحاد السوفياتي، ولكن يبدو أنه فقد هذه الخبرة في التعامل مع الأزمة الجديدة.
"فهل ثمة قواعد جديدة للحرب الباردة الجديدة" مختلفة عن سابقتها، تتساءل الصحيفة.
ومن علامات فشل الغرب في التعامل مع الأزمة -في اعتقاد الصحيفة- اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسط الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من أجل التوصل إليه.
هذا الاتفاق يعد -حسب الصحيفة- انتصارا لرئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، ومهانة للرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي لأنه يسمح لروسيا -" التي استدرجت هذا الأخير إلى كمين وقع فيه مغمض العينين"-، بأن تخترق التراب الجورجي على مدى عشرة كيلومترات، وهو ما يجعل من تصريحات الرئيس الجورجي بأن حكومته لن تسمح "أبدا" بأن يحتل شبر من ترابها مجرد "مسخرة".
أضف إلى ذلك -تقول الصحيفة- أن الاتفاق لم يحد من "التحدي" الروسي. فقد ذكرت موسكو واشنطن -التي دعتها إلى الانسحاب- بأن القوقاز، منطقة تقع داخل دائرة نفوذها.
ومما قد يثير القلق -في رأي الصحيفة- أن تكون الأزمة الجورجية فاتحة أخريات مماثلة، فها هي ذي أوكرانيا تعلن استعدادها لأن تكون قاعدة للصواريخ الباليستية الغربية.
وتتطلب هذه التطورات السريعة التفكير بسرعة أكبر في "استراتيجية صارمة وواقعية في الآن ذاته"، للتصدي للطموح الروسي، وإلا فسيكون الغرب الهدف المقبل، حسب الصنداي تايمز.
"لا تستفزوا الدب"
تتفق الإندبندنت أون صنداي مع زميلتها على ضرورة التفكير في خطة أكثر فعالية للتعامل مع روسيا، لكنها على العكس منها لا ترى أن توسيح حلف شمال الأطلسي هو الحل.
بل إن الإندبندنت أون صنداي ترى أن العالم أفلت من كارثة. فالرئيس الجورجي رئيس "يفتقر إلى الحكمة والتروي" وما كان يطمح إلى انضمام بلده إلى الحلف إلا ليورطه في حرب مع روسيا.
لكن الموقف الغربي -حسب الصحيفة- خلال هذه الأزمة شابه التخبط، وقلة التبصر.
فروسيا الغارقة في "هواجسها" اللامعقولة، في حاجة إلى من يهدئ روعها، لا من يستفزه.
وهذا ما أفلح الغرب في تجنبه -تقول الصحيفة- عن قصد أو عن غير قصد. فعندما يقول الرئيس بوش إن حقبة الدول التي تدور في فلك قوة عظمى قد ولت، وإن الحرب الباردة قد انتهت، سيترجمها الروس على الشكل التالي: " نحن الغرب هم المنتصرون، وما عليكم أنتم الروس إلا التكيف مع الوضع".
وتختم الصحيفة افتتاحيتها بالقول إن الغرب لن يستفيد من أزمة صيف 2008 إلا إذا تفهم المخاوف الروسية، وغير من لهجته، ومن موقفه من روسيا.
أفكار جديدة
التغيير وفقا للأوبزيرفر يكمن في أن يتسلم الاتحاد الأوروبي زمام المبادرة من الولايات المتحدة، ليقنع روسيا بضرورة أن تغير بدورها أسلوب تعاملها.
فواشنطن تتعامل مع روسيا وفق منطق الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة.
لكن ثمة فروق جوهرية بين الأمس واليوم، اولها أن بين روسيا الغرب روابط اقتصادية متينة: "روسيا في حاجة إلى السوق الأوربية و الغرب -وأوروبا على وجه الخصوص- في حاجة إلى النفط والغاز الروسيين."
أما الفرق الثاني - وهو الأكثر إثارة للقلق- فيكمن في موقف الرأي العام الروسي من الغرب.
فإذا أخفقت شعارات الزعماء السوفيات المعادية للغرب، من أن تنطلي على العديد من المواطنين الروس، فإن القومية العسكرية لبوتين تحظى بدعم شعبي حقيقي، بفضل السياسة المضادة للمثقفين الموالين للغرب التي انتهجها رئيس الوزراء الحالي.
إن مثل هذا البلد لا يمكن أن يحجم عن الصدام مع حلف شمالي الأطلسي احتراما للديمقراطية التي يتمتع بها، ولكنه قد يقتنع بضرورة حل الخلافات عبر المؤسسات الدولية، ولكن هذا لن يتم عبر المزايدات التي تعتمد أسلوب الحرب الباردة، بل عبر الاندماج الاقتصادي الذي كان ضمانة الأمن والسلام في أوروبا بعد توقف الحرب الباردة، تنهي الأوبزرفر افتتاحيتها.
الحياة بعد مشرف
اهتمت صحيفتا الإندبندنت اون صنداي والأوبزرفر بمصير الرئيس الباكستاني برفيز مشرف، الذي يواجه "انقلابا برلمانيا" يوم غد الإثنين.
وبينما تذكر الإندبندنت أون صنداي بالزيارة التي يقوم بها الأمير السعودي مقرن بن عبد العزيز لإسلام آباد، يرى جيزن بورك في الأبزيرفر أن الظرف الراهن في باكستان لا يصب في مصلحة الرئيس مشرف.
وتقول الإندبندنت أون صنداي أن زيارة الأمير السعودي هي بهدف إيجاد مخرج مُشرِف للعسكري المتقاعد الذي قاد انقلابا على نواز شريف قبل تسعة أعوام، خصوصا وأن رئيس الوزراء المطاح به هذا مُصر على أن يُذيق خصمَه ما ذاقه هو نفسه عام 1999.
وترى الأوبزرفر من جهتها أن الوضع برمته ليس في صالح الرئيس البالغ من العمر 65 سنة.
ومن سخرية الأقدار -حسب الكاتب- أن الرفاهية النسبية التي ساهم في جلبها إلى البلد، تمخضت عن طبقة وسطى تطالب الآن بتنحيه.
لكن من بين العوامل الحاسمة التي أدت به إلى هذا الوضع، تضاؤل الثقة التي وضعها الغرب -والولايات المتحدة على الأخص- فيه لخوض "الحرب على الإرهاب"، وذلك بعد سلسلة الهزائم التي تكبدتها القوات الباكستانية في الآونة الأخيرة، مما أعطى الانطباع أن الرجل غير قادر على التصدي للحركات الإسلامية المسلحة بلاده، فكيف بالقاعدة وطالبان خارجها.