العراق: إنجاز مسودة الاتفاق والجلاء الصيف المقبل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بغداد: قال مسؤولون أميركيون وعراقيون إن المفاوضين قد أنجزوا مسودة الاتفاق الأمني بين بغداد وواشنطن والتي تنص على إجلاء القوات الأميركية عن المدن العراقية في غاية يوم الثلاثين من يونيو/حزيران المقبل. فقد وصف مسؤول عسكري أميركي بارز لوكالة الأسوشييتد برس للأنباء مسودة الاتفاق المذكورة بأنها "مقبولة" من الجانب الأميركي، وذلك في حال إقرارها بشكل رسمي من قبل الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش.
كما يتطلب إقرار الوثيقة أيضا الموافققة النهائية عليها من قبل القادة العراقيين، إذ أن بعض أعضاء الحكومة العراقية ما زالوا يعترضون على بعض ما ورد في نص مسودة الاتفاق.
"اتفاقية إطار العمل الاستراتيجي"
وأضاف المسؤول العسكري الأميركي الرفيع قائلا: "إن المفاوضين قد أنجزوا أيضا مسودة وثيقة أخرى عُرفت باسم اتفاقية إطار العمل الاستراتيجي التي تحدد الخطوط العريضة للعلاقات السياسية والأمنية والاقتصادية بين العراق والولايات المتحدة." وقد شرح المسؤول الأميركي للوكالة ما جاء في مسودتي الاتفاقين، مشترطا عدم ذكر اسمه، "لأنه لم يتم الإعلان عن الصفقتين بعد وهما لم تصلا بعد إلى صيغتهما النهائيتين."
وقال المسؤول إن الجانب العراقي ضغط باتجاه أن ينص الاتفاق الأمني بين الطرفين صراحة على جلاء القوات بشكل كامل عن الأراضي العراقية بنهاية عام 2011، ناهيك عن تحديد أواسط الصيف المقبل كموعد لإتمام الجلاء عن مدن البلاد.
قواعد "مستورة"
ومما جاء في مسودة الاتفاق أيضا تمركز بعض القوات الأميركية في قواعد متفرقة في أنحاء أخرى من العراق، وذلك بغية جعل القوات مكشوفة بشكل أقل أثناء تمركزها في تلك المواقع التي تهدف إلى تقديم المساعدة للقوات العراقية عند الحاجة.
إلا أن المسؤولين الأميركيين رفضوا الالتزام بشكل قاطع بإعطاء موعد محدد لإتمام الانسحاب النهائي من العراق، معللين ذلك بقولهم إنه لمن الحكمة أن يتم تحديد موعد لذلك بناء على أهداف محددة يجري الاتفاق بشأنها بين الطرفين، ولا تكون مقتصرة على التحسن الأمني في البلاد فحسب، بل تشمل أيضا التقدم الذي يتم إحرازه على الجبهتين السياسية والاقتصادية.
ومع انقضاء يوم الأربعاء، لم يكن قد تبين كيف توصل الطرفان إلى تحديد ورسم تلك الأهداف في مسودة الاتفاق الأمني الذي تشير إليه حكومتا البلدين بمصطلح "مذكرة التفاهم"، والتي يتعين التصديق عليه من قبل البرلمان العراقي الذي دخل في عطلة برلمانية تمتد حتى أوائل الشهر المقبل.
توقيت الانسحاب
وكان مسؤول عسكري أميركي رفيع آخر قد أكد يوم أمس الأربعاء، شريطة عدم ذكر اسمه أيضا، أن الجانبين قد توصلا إلى مسودة اتفاق تعالج قضية توقيت عمليات الانسحاب المستقبلية للقوات الأميركية من العراق، إلا أن المسؤول لم يذكر ما إذا كان الطرفان قد اتفقا على عام 2011 كموعد للانسحاب النهائي. إلا أن المسؤول أقر بأن المسودة تنضوي على سلسلة من قوائم المواعيد الزمنية لعمليات انسحاب يجري ربطها بالأوضاع على الأرض، وبأن المسودة التي جرى التوصل إليها من قبل المفاوضين ما زالت تتطلب إجراء مباحثات على مستويات رفيعة لمسؤولين في حكومتي البلدين.
وقال المسؤول الأميركي إن مسودة الاتفاق تنسجم مع الأهداف الأميركية التي تتضمن تحديد "أفق زمني" أكثر مما هو تثبيت تاريخ محدد للانسحاب المستقبلي للقوات الأميركية من العراق.
رسم الأهداف
وقال جوردن جوندرو، المتحدث باسم البيت الأبيض: "إن تحسن الوضع الأمني في العراق يسمح لنا بإجراء محادثات مع العراقيين بشأن رسم الأهداف وتحديدها من أجل إجلاء المزيد من القوات الأميركية وإفساح المجال أمام القوات العراقية لقيادة العمليات القتالية." وأضاف جوندرو قائلا: "إن أي تاريخ في أي اتفاق لا بد أن يستند على الأوضاع على الأرض لأننا لا نريد أن نخسر المكاسب التي ناضلنا من أجلها ببسالة ضد المسلحين."
إلا أن جوندرو كان قد قال في وقت سابق: "إن المفاوضات مع العراقيين بشأن الاتفاق الثنائي بين البلدين ما زالت جارية على قدم وساق." ولدى سؤاله ما إذا كان ذلك يعني أنه لم يتم بعد التوصل إلى صفقة بين الطرفين، أجاب بقوله: "هذا صحيح".
مفاوضات متواصلة
كما أكدت دانا بيرينو، المتحدثة باسم البيت الأبيض أيضا، "أن المحادثات بين الطرفين مازالت جارية ونحن نسعى للتوصل إلى نهاية للاتفاق الذي لم يُنجز بعد." من جانبه، قال آدم إرلي، وهو مسؤول في السفارة الأميركية في العراق، "إن المفاوضات المتعلقة بالاتفاقية مازالت مستمرة، لطالما أن الاتفاق يظل عملا قيد الإنجاز ويحرز تقدما".
وكان محمد الحاج حمود، كبير المفاوضين العراقيين، قد قال في مقابلة مع وكالة رويترز للأنباء في وقت سابق من يوم أمس الأربعاء "إن المفاوضين الأميركيين والعراقيين قد أنهوا مسودة الاتفاق التي ستُرسل الآن إلى القادة السياسيين في كلا البلدين من أجل مناقشتها."
وقال الحاج حمود إن مسودة الاتفاق لم تتضمن برنامجا لانسحاب القوات الأميركية من العراق، كما لم توضح ما إذا كان أفراد الجيش الأميركي سيخضعون لسلطة القانون العراقي في حال ارتكابهم لجرائم على التراب العراقي أم لا.
قضيتان شائكتان
وأضاف الحاج حمود قائلا إن هاتين القضيتين الشائكتين ستُبحثان من قبل الطرفين في مفاوضات ستجري في وقت لاحق. إلا أن مسؤولين عراقيين آخرين أكدوا أن المفاوضين أنهوا العمل بمسودة الاتفاق الأمني المذكور التي "تنص على ضرورة مغادرة القوات الأميركية كافة المدن العراقية في موعد أقصاه الثلاثين من شهر يونيو/حزيران المقبل والجلاء عن بقية أنحاء البلاد مع نهاية عام 2011."
لكن المسؤولين أقروا بأن الاتفاقية ما تزال بحاجة إلى موافقة حكومتي البلدين وبأن بعض أعضاء مجلس الوزراء العراقي مازالوا يعترضون على بعض ما جاء في نص الوثيقة.
"آخر صيغة"
وكان مسؤول عراقي آخر، قال إنه منخرط بالمفاوضات المتعلقة بالاتفاق الذي طال انتظاره، قد أكد إن الطرفين توصلا إلى آخر صيغة للاتفاقية الأسبوع الماضي حيث تم إرسال النص النهائي إلى حكومتي البلدين بغرض المصادقة عليه." وقال مسؤول عراقي ثالث على صلة أيضا بالمفاوضات إن الطرفين توصلا إلى صفقة بشأن قضية منح الحصانة لعناصر القوات الأميركية ضد الملاحقة القضائية وفق القانون العراقي.
معتقلون عراقيون
وأضاف المسؤول قائلا إن مسودة الاتفاق تشير إلى أنه يتوجب على القوات الأميركية أن تسلم إلى السلطات العراقية من تلقي عليهم القبض من العراقيين خلال العمليات العسكرية، وذلك خلال فترة لا تتعدى الـ 24 ساعة من تاريخ اعتقالهم.
وفي مقابلة مع وكالة الأسوشييتد برس للأنباء، قال المسؤول العراقي إنه لم يكشف عن اسمه لأنه غير مخول بالإدلاء بتصريحات أو الكشف عن معلومات تتعلق بالاتفاق المذكور.
من جهته، قال مسؤول عراقي مقرب من رئيس الحكومة نوري المالكي، إن القيادة السياسية في البلاد اعترضت على أجزاء معينة من نص الاتفاقية، ومن ضمنها الجزء المتعلق بمنح الحصانة لأفراد الجيش الأميركي. وقال المسؤول: "هنالك وجهات نظر متباينة. لقد عبرنا عن وجهة نظرنا، كما أعرب الطرف الآخر عن آرائه أيضا."
ملاحظات المالكي
وأضاف المسؤول قائلا إن المالكي نفسه قد قرأ نص مسودة الاتفاق ودون عليه بعض الملاحظات، حيث ضمنها اعتراضاته على بعض النقاط الواردة فيه. وكان مسؤولون أميركيون قد أشاروا مؤخرا إلى إحراز تقدم بشأن التوصل إلى اتفاق على وضع جدول زمني لانسحاب القوات الأميركية من العراق، إلا أنهم قالوا في الوقت ذاته إن قضية منح الحصانة لأفراد الجيش ظلت هي العقبة الكأداء أمام إنجاز الاتفاق.
وكانت جهود إعادة هيكلة وبناء القوات المسلحة وقوات الأمن العراقية قد اكتسبت أهمية استثنائية خلال الفترة الماضية، وذلك بعد تشديد كبار المسؤولين السياسيين العراقيين على ربط أي انسحاب للقوات الأجنبية من العراق باستكمال بناء العراق لقدراته العسكرية والأمنية.
140 ألف عسكري
ويرتبط موضوع استكمال بناء هذه الأجهزة مع المفاوضات بشأن الاتفاق الأمني بغية إعطاء غطاء قانوني لتواجد القوات الأميركية في العراق بعد انتهاء تفويض الأمم المتحدة لوجود القوات الأجنبية في العراق مع نهاية هذا العام. يُشار إلى أن الولايات المتحدة لا زالت تحتفظ بأكثر من 140 ألف عسكري في العراق. وتعتقد الحكومة العراقية أنها أمست الآن في وضع قوي يساعدها على التفاوض لوضع جدول زمني لانسحاب القوات الأجنبية من البلاد.
وقد شكل موضوع الانسحاب من العراق مادة ساخنة بين المتنافسين على خلافة بوش في البيت ألأبيض أواخر العام الجاري، إذ تعهد المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية باراك أوباما بسحب القوات في غضون 16 شهرا من وصوله إلى البيت الأبيض في حال فوزه، بينما لا يرى منافسه الجمهوري جون مكاين ضير في بقاء القوات في العراق ولو "لمائة سنة أخرى."