الاتفاق النووي الاميركي الهندي.. نهاية عقود من العزلة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
نيودلهي: ادت موافقة المجتمع الدولي على اتفاق التعاون في المجال النووي المدني بين الولايات المتحدة والهند، الى فتح ابواب سوق بعشرات مليارات الدولارات امام شركات تصنيع المفاعلات الاميركية وكذلك الروسية واريفا الفرنسية. وقد وافقت مجموعة الدول ال45 المزودة للطاقة والتي تراقب تصدير هذه التكنولوجيا في العالم، السبت في فيينا على معاهدة تعود للعام 2005 وتسمح للولايات المتحدة - في حال صادق الكونغرس عليها نهائيا - ببيع الهند محطات نووية مدنية.
وبذلك تكون مجموعة الدول المزودة للطاقة قد رفعت فعليا الحظر الدولي المفروض منذ 34 عاما على التجارة النووية مع الهند التي ليست عضوا في معاهدة الحد من الانتشار النووي ولكنها قوة نووية عسكرية منذ اول تجربة لها في هذا المضمار في العام 1974. وبالطبع، فان المجموعة تحظر اي تجارة مع الدول التي لم توقع على معاهدة الحد من الانتشار النووي.
اما بالنسبة الى الهند، فقد رحب رئيس وزرائها مانموهان سينغ بالاتفاق، وقال انه "نهاية عقود من العزلة". واعتبر "ان بدء تعاون كامل في مجال الطاقة النووية المدنية بين الهند والمجتمع الدولي سيشكل امرا جيدا بالنسبة الى الهند والعالم". وخلص رئيس وزراء احدى اكثر الدول الناشئة تلويثا، الى القول ان ذلك سيوفر للعملاق الاسيوي "مواصلة نمو اقتصادي دائم مع احترام المعايير البيئية".
وينبغي القول ان للهند حاجات هائلة في مجال الطاقة بالنظر الى معدل النمو الاقتصادي (8%) وتبعيتها للمشتقات النفطية التي تستورد 70% منها للاستهلاك المحلي. وتحلم الدولة العظمى الشابة في اسيا في ان يكون لديها 40 الف ميغاوات من القدرة الانتاجية في مجال الكهرباء من مفاعلات نووية بحلول 2020. وبحسب كونفدرالية الصناعة الهندية، فان الهند بحاجة لنحو عشرين مفاعلا جديدا تضاف الى 22 مفاعلا قيد الخدمة حاليا، اي 30 مليار دولار من العقود خلال السنوات الخمس عشرة المقبلة.
وسترتفع الاستثمارات الى 100 مليار دولار من الان وحتى 2030. وتقف الشركات العالمية الناشطة في هذا القطاع في طوابير على امل الفوز بهذه العقود. والشهر الماضي، اختارت وكالة الطاقة الذرية الهندية الشركة الاميركية "وستنغهاوس الكتريك كومباني" والتحالف الاميركي الياباني "جنرال الكتريك-هيتاشي" والشركة الفرنسية "اريفا" ووكالة الطاقة الذرية الروسية "روساتوم" لتقديم مفاعلات.
وكان مسؤولون حكوميون المحوا انذاك الى انهم يفضلون التكنولوجيا الروسية والفرنسية. وكانت موسكو قد جهزت محطة في جنوب الهند، واصبح اتفاق فرنسي هندي في مجال النووي المدني جاهزا منذ زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى الهند في كانون الثاني/يناير. وفي اب/اغسطس، قالت مجموعة "اريفا" مع ذلك لوكالة فرانس برس في باريس ان المباحثات لا تزال في المستوى "السياسي" ولم تنتقل بعد الى المرحلة "الصناعية".
مع العلم ان الملف يشكل موضوعا متفجرا في الهند. وكاد الائتلاف الحكومي بقيادة حزب المؤتمر يسقط في تموز/يوليو امام البرلمان. فقد دفعت الاحزاب الشيوعية واليسارية التي كانت تدعم الحكومة في السابق، الى التصويت على الثقة على خلفية تنديدها بالاتفاق النووي الذي "يرمي الهند في احضان الاميركيين" على حد تعبيرها، والذي يقضي على "السيادة الوطنية" لجهة حق نيودلهي في اجراء تجارب ذرية جديدة.
ومنذ ثلاثة اعوام، يشكل الاتفاق الهندي الاميركي حجر الزاوية في التقارب الدبلوماسي بين الدولتين بعد سنوات الريبة وانعدام الثقة بينهما ابان الحرب الباردة. وندد ياشوانت سينها، زعيم الحزب القومي الهندوسي المعارض الذي يامل في العودة الى السلطة بعد الانتخابات التشريعية المتوقعة في العام 2009، قائلا "لقد سقطت الهند في فخ حظر الانتشار النووي الذي نصبته لها الولايات المتحدة".