أخبار

الإعلام العربي بين التعاطف والتشكيك في ذكرى 11 سبتمبر

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

دبي: في الوقت الذي يحيي فيه سكان نيويورك الخميس الذكرى السابعة لهجمات 11 سبتمبر/أيلول على برجي مركز التجارة العالمي والتي أودت بحياة أكثر من 2700 شخص ودمرت البرجين، تناولت الصحف العربية العديد من المقالات والتحليلات التي تظهر تعاطفا مع الشعب الأميركي لكنها تشكك في بعض الحقائق حول تلك الهجمات وتبحث في جدوى الحرب على الإرهاب التي بدأتها الولايات المتحدة انطلاقا من تلك الهجمات.

وركزت الصحف العربية على استطلاع للرأي أجرته شبكة "وورلد بابليك أوبينيون" في 17 بلدا والذي أظهر أن "أغلبية بسيطة في تسعة بلدان فقط تقبل الرواية الرسمية الأميركية بأن تنظيم القاعدة هو الفاعل. فيما يتهم 15 في المائة ممن استطلعت آراؤهم حكومة الرئيس الأميركي جورج بوش بتدبيرها بينما يعتقد 7 في المائة أن إسرائيل وراءها وقال سبعة في المائة أن فاعلين آخرين قاموا بالهجمات."

رواية "زائفة"

من جهتها قالت صحيفة الدستور إنه في كتاب "الحادي عشر من سبتمبر والإمبراطورية الأميركية" يشدد مفكرون معظمهم من الأميركيين على "زيف" الرواية الرسمية الأميركية عن هجمات 11 سبتمبر. وأضافت الصحيفة "يقول ديفيد راي جريفين وبيتر ديل سكوت محررا الكتاب إن باحثين لا ينتمون إلى التيار السائد توصلوا إلى أدلة تفند الرواية الرسمية "بشأن المسؤول النهائي عن تلك الهجمات التي أصبحت بمثابة الأساس المنطقي وراء ما يقال إنها حرب عالمية على الإرهاب استهدفت حتى الآن كلا من أفغانستان والعراق وبمثابة المبرر وراء التدني المسرف في سقف الحريات الممنوحة للشعب الأميركي."

وبحسب الصحيفة فإن ستيفن جونز أستاذ الفيزياء بجامعة بريجهام يرى أن طبيعة انهيار البرجين التوأمين والمبنى رقم 7 بمركز التجارة العالمي لا تفسرها الرواية الرسمية فالطائرات لم تسقط البنايات والتفسير "الأقرب أن تدمير تلك البنايات كان من خلال عملية هدم بالتفجير المتحكم به تمت باستخدام متفجرات مزروعة سلفا".

هل انتهت "القاعدة؟"

وفي صحيفة الحياة اللندنية كتب غسان شربل يقول "في ذكرى هجمات 11 سبتمبر يستطيع كل طرف إجراء جردة حسابات انطلاقا من رؤيته. يستطيع بوش القول إنه رد على الهجمات بسحق نظام طالبان في أفغانستان. وبتشتيت تنظيم القاعدة ومطاردته في كل مكان. وهو قادر على الادعاء أن القوات الأميركية منعت القاعدة ومن يدورون في فلكها من تأسيس ملجأ آمن على ارض العراق. وانه نجح في إشراك باكستان في الحرب على الإرهاب. وان جاذبية القاعدة في العالم الإسلامي اقل مما كانت عليه. وان قدرتها على توجيه الضربات الكبرى المدوية سجلت تراجعا. لكن جورج بوش لا يستطيع بالتأكيد القول إن القاعدة انتهت."

وتابع شربل "في المقابل يستطيع أسامة بن لادن الابتهاج لأنه لا يزال حيا. ولأنه يواصل معركته فيما يجمع بوش أوراقه استعدادا لمغادرة البيت الأبيض. ويستطيع القول إن حلمه باستدراج أميركا إلى حرب بلا أمل في وديان أفغانستان لم يتبدد."

ومضى الكاتب يقول "كل شيء يشير إلى أن هذه الحرب تتجه نحو فصول اشد ضراوة. يمكنه الادعاء أن القاعدة أعادت بناء قسم من قدراتها. نجحت في إعادة إحياء الملاذ الآمن في منطقة الحدود الباكستانية - الأفغانية. وان الدور الباكستاني في الحرب على الإرهاب اقل بكثير مما تشتهيه واشنطن. وان هذه الدولة النووية المسلمة تتلوى على وقع الضربات الانتحارية داخل أراضيها. ومن شأن هذه العناصر أن تجدد آمال أسامة بن لادن بأن يكرر مع الجيش الأميركي تجربته وتجربة المقاتلين الأفغان مع الجيش السوفييتي. وأن يراهن على التعب الذي سيصيب الدول الأطلسية التي تقاتل إلى جانب الأميركيين على الأرض الأفغانية."

وقال الكاتب إن "إدارة بوش ارتكبت خطأ فادحا حين اندفعت في المغامرة العراقية التي بدت باهظة وخطيرة وغير مبرّرة. والأكيد أنها لو اختارت التركيز على أفغانستان ووضع قدرات مالية كبيرة لإعادة بنائها ومساعدة باكستان لألحقت بـالقاعدة ضربة قاصمة. ثم أن سابقة غزو العراق ساهمت في تفكيك الجبهة الدولية المناهضة للإرهاب ولو بقراءات متباينة. ثم ان الطريقة القصيرة النظر في إدارة الشأن الدولي وفرت لروسيا فرصة التقدم للثأر وهو ما شهدناه في الأزمة الأخيرة في جورجيا. وهكذا تجد واشنطن اليوم نفسها في بداية فصل أصعب من الحرب في أفغانستان بعدما بددت خارج هذا الملعب قدرات عسكرية ومالية كبيرة ووسط شعور متزايد بأن هذا الفصل قد يؤدي إلى زعزعة استقرار باكستان أيضا مع كل ما يمكن أن يعنيه."

حالة "الإسلاموفوبيا"

وفي صحيفة القدس العربي كتب عبد الباري عطوان يقول "قبل عامين تقريبا، وقف الرئيس الأميركي جورج بوش أمام عدسات التلفزة معلنا كشف خطة لتنظيم القاعدة لتفجير عدد كبير من الطائرات الأميركية فوق المحيط الأطلنطي بقنابل سائلة، الحكومة البريطانية أكدت اعتقال ما يقرب من 30 بريطانيا من أصول إسلامية متورطين في هذه المؤامرة، واتخذت إجراءات صارمة في جميع المطارات البريطانية منعت خلالها حمل أي سوائل إلى الطائرات، مما احدث حالة من الارتباك غير مسبوقة في تاريخ الطيران والسفر."

وأضاف "قبل عامين أيضا، شككنا في هذا المكان، بهذه المؤامرة المزعومة، وقلنا إنها تأتي في إطار حالة 'الإسلاموفوبيا' التي تعم أوروبا وأميركا والغرب عموما، وتستهدف زيادة الكراهية ضد الإسلام والمسلمين، لتبرير الحروب الدموية التي يخوضها بوش في العراق وأفغانستان وتحصد أرواح مئات الآلاف من الأبرياء."

وتابع عطوان "لا أحد ينكر وجود جماعات إسلامية متطرفة تعتمد العنف والإرهاب وسيلة لمحاربة الغرب ردا على الحرب في العراق وانتقاما لضحاياها مثلما حدث أثناء هجمات السابع من يوليو/ تموز الدموية في لندن قبل ثلاثة أعوام، ولكن يمكن القول أيضا أن هناك مبالغات في الوقت نفسه في تضخيم خطر هذه الجماعات من قبل بعض الأجهزة الأمنية والصحافة الشعبية، لتبرير الإجراءات والقوانين المتشددة التي استهدفت الجاليات الإسلامية في الغرب على وجه الخصوص وتصويرها على أنها مصدر كل الشرور، وهي إجراءات وقوانين قد تعطي اثرا عكسيا تماما مثل الحرب على الإرهاب."

ومضى الكاتب يقول "هجمات 11 سبتمبر استخدمت كذريعة لانطلاق الحرب على الإرهاب واحتلال بلدين مسلمين هما أفغانستان والعراق وقتل مليون ونصف المليون عربي ومسلم حتى الآن، علاوة على أربعة آلاف أميركي، وخسارة 700 مليار دولار يمكن أن ترتفع إلى خمسة تريليونات دولار حسب تقديرات الخبراء وأحدهم فائز بجائزة نوبل في الاقتصاد."

وقال "يمكن قياس نجاح هذه الحرب أو فشلها من خلال فحص الهدف المعلن لبدئها مثلما جاء على لسان الرئيس بوش في حينها، أي إلقاء القبض على زعيم طالبان الملا عمر، و'القاعدة' الشيخ أسامة بن لادن أو قتلهما، وتدمير الحركتين تماما، وجعل العالم أكثر أمنا وسلاما."

ولفت عطوان إلى أن "الحرب على الإرهاب أطاحت فعلا بحكم طالبان في أفغانستان، وبعد ذلك نظام الرئيس العراقي صدام حسين، واحتلال البلدين، ولكنها لم تنجح في إلقاء القبض على زعيمي طالبان والقاعدة أو قتلهما، ولم تجعل العالم أكثر أمانا، بل جعلته أكثر خطورة. فالحركتان أعادتا تنظيم صفوفهما في أفغانستان وباكستان، وباتتا تسيطران على معظم الأولى ونصف الثانية، وتقيمان ملاذات آمنة ومعسكرات تدريب للمتطوعين الجدد وهم بعشرات الآلاف."

عالم ما بعد 11/9

أما ممدوح طه، فكتب في صحيفة البيان الإماراتية يقول "بغير جدال تبدو صورة عالم ما بعد 11 سبتمبر غير صورة العالم قبله، فلا شك أن صورة العالم اليوم في 11 سبتمبر عام 2008 قد تغيرت، وأن صورة أميركا قد تغيرت قبل أن تتغير صورة العالم.. فهل تغير العالم من تلقاء نفسه؟ وهل أصبح أكثر أمنا وأقل إرهابا، وأكثر ديمقراطية وصيانة لحقوق الإنسان وسيادة الأوطان أم العكس؟"


وأضاف "لا مبالغة في القول إن أميركا غيرت العالم قبل سبتمبر سواء بهزيمتها للنازية والفاشية في أوروبا في الأربعينات، لتصعد كإحدى القوتين العظميين بعد الحرب العالمية الثانية.. وبإسهامها في الخمسينات في زوال الاستعمار الإنجليزي والفرنسي القديم من آسيا وأفريقيا بمبادئ ويلسون بحق الشعوب في تقرير المصير."

وقال طه "حينما اتجهت إدارتها الجديدة برئاسة بوش وقيادة تشينى بسياسة إمبراطورية جديدة تعتمد الترهيب بالقوة العسكرية والترغيب بالقوة الاقتصادية لتحويل القرن الحادي والعشرين إلى 'القرن الأميركي' حسب الإستراتيجية التي وضعها المحافظون الجدد للهيمنة على العالم، فاجأتها في 11 سبتمبر الضربة المذهلة لرموز القوة والثروة الأميركية في بداية عهد بوش، لترد بسرعة وطيش في الاتجاه الخاطئ ضد العرب والمسلمين لاستعادة القوة والهيبة باسم الحرب على الإرهاب، لتقع في الخلط بالربط بين الإسلام والإرهاب، وتسقط في الورطة الأفغانية وتغرق في المستنقع العراقي."

وزاد الكاتب "مع انهيار برجى الثروة الأميركية في نيويورك الأعلى بنيانا، وضرب مبنى البنتاغون رمز القوة في واشنطن الأعلى تحصينا بضربة إرهابية إجرامية في مشهد فاق أكثر المشاهد السينمائية الهوليوودية إثارة انهارت أسطورة الثروة الأميركية، وانكشفت أسطورة القوة الأميركية أمام ذاتها وأمام العالم، فاهتزت أميركا ارتباكا وعنفا، واهتز العالم قلقا وخوفا مما يمكن أن يصيب العالم سواء بطول يد الإرهاب لأقوى قوة في الأرض، أو برد الفعل الانتقامي الأعمى لهذه القوة التي بدت كالأسد الجريح أو كالفيل الذي فقد صوابه."

ومضى يقول "لم يتفوق على هاتين الضربتين على مدينتي نيويورك وواشنطن التي ذهب ضحيتها أكثر من 3000 أميركي بغير ذنب إرهاباً وإجراما، سوى الغارتين النوويتين الأميركيتين على مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين قبلها بنحو نصف قرن ذهب ضحيتهما 250000 ياباني بغير ذنب في أكبر جريمتين عالميتين غير مسبوقتين في التاريخ ضد الإنسانية كلها."

رسالة عشق إلى نيويورك

وبعيدا عن التحليل والسياسة، بعثت الكاتبة حنان الهاجري رسالة "عشق" إلى نيويورك نشرتها في صحيفة القبس الكويتية، وقالت فيها "تمر اليوم ذكرى جُرحك الغائر، وأقصى ما أتمناه هو أن تنبت لي ذراعان هائلتان لكي أضمك بهما، وأهمس في أذنك انك أصبحت جزءا مني، أقرب لجوف قلبي من شغافه، مصباحي في عتمة الليل وسكينتي وسط معمعة البشر."

وأضافت الكاتبة "كيف أخفف عنك وطأة الذكرى يا مدينة انتصاراتي وهزائمي، يا أيتها الصعبة المتناقضة، يا من احتضنتني وصبرت عليّ وحنوت وقسوت ومسحت بكفك دموعا، وضربتني بالكف ذاتها صفعات علمتني أن أكون أقوى، لكي أصبح جديرة بأن أنتمي اليك. مرت السنوات بسرعة البرق، تسللت خلالها إلى كل ذراتي فملأتها بأنفاسك وفرشت طباعك ملامحها على جلدي وتنفستك بحلوك ومرك، وكرهتك دقيقة وعشقتك عمرا."

وتخاطب الكاتبة المدينة قائلة "قصدتك لأخوض معركة، فمنحتني حربا لم تنته إلى اليوم، بعد أن سلحتني وقذفت بي في عين العاصفة. اعترف أنك صعبة، ومتقلبة، وأفسدك التدليل، ولكن اختلافك يعوضني عن الدنيا بأكملها... ان استثنيت وطني. ألونك اليوم خيوطا تملأ الدنيا حياة ذات وقع على الأذن صاخب ولكنه عذب. أكتبك صفحة، بل صفحات لا تعرف سوى اللونين الأبيض والأسود للتاريخ ولا تزور أو حتى تجامل. أصرخك ملء فمي احتجاجا في إحدى ساحاتك النبيلة المتخمة بمعارك الإنسان، ليصل الى كل العالم.. سيدتي ما حدث لك ظلم كبير، ولكنك الكبرى."

وتمعن الكاتبة في اختيار الصور العاطفية، فتقول "كم أتمنى أن أدعي أنني لم أعد أبكيك في ذكرى هذا اليوم، ولكنها ستكون كذبة، فكلما قرأوا على شاشة التلفاز أسماءهم غافلتني دمعة. رحلوا هم، وتركوا لنا عالما جديدا ومدينة نهضت على رجليها بعد محنة، لو كانت قد حدثت لأخرى لتوقف بها الزمن، مدينة كلما حاولنا أن نواسيها خربشتنا بأظافرها، ثم دثرتنا بلحاف صبرها، لتثبت لنا أن تناقضها جوهري لمرونتها وقدرتها على تجاوز الأزمات. كم خجلت في ذلك اليوم، وكم غصت في الخجل ذاته بعد ذلك أمتارا في الذكرى الأولى عندما سئلت بالقرب من موقع الفاجعة: "هل تحسين بالذنب؟". والذنب يا سيدتي أخطبوط في بلادنا، نكاد أن نغرق في كحل عينيه.. ولكنه عندما يصل عقبيك يتلاشى بحجة الخطف والاختطاف وسوء الفهم والتفسير."

وختمت الكاتبة "خاطرتها" بالقول "رغم كل ما جرى، اعلمي انك اليوم أجمل وأقوى وأعظم في عيني، واليوم أيضا زادت سنوات استقراري بين أحضانك عاما آخر، ستظل شمعته متوقدة داخل صدري حبا وعشقا واحتراما لك.. يا مدينة الأنوار والألوان والإنسان."

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف