أخبار

البابا يدعو في فرنسا للتوفيق بين الإيمان والعلمانية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

باريس: بدأ البابا بنديكتوس السادس عشر الجمعة زيارة تستمر أربعة أيام الى فرنسا البلد ذي النظام العلماني، مؤكدا أن العلمانية "لا تتعارض مع الايمان" ومشددا على الأهمية الجوهرية "للقيم المسيحية" في المجتمع. وكان الرئيس نيكولا ساركوزي وزوجته كارلا في استقبال البابا لدى وصوله بعيد الساعة 11,00 (9,00 تغ) الى مطار اورلي الباريسي وقد توجه بعد ذلك مباشرة الى قصر الاليزيه حيث اعد له مراسم استقبال ولقاء مع السلطات الفرنسية.

وهذه اول زيارة يقوم بها البابا لفرنسا منذ انتخابه قبل ثلاث سنوات ونصف سنة وسيكون برنامجه خلالها مثقلا بالمواعيد اذ انه سيلقي 11 كلمة وعظة وسيزور السبت مدينة لورد في جنوب غرب فرنسا حيث ظهرت مريم العذراء والتي تشكل القبلة الثانية للكاثوليك بعد روما. وقال البابا في الطائرة التي اقلته الى فرنسا ان "الايمان ليس سياسة والسياسة ليست ديانة".

ومواقف البابا حول مكانة الدين في المجتمع موضع ترقب كبير في فرنسا المتمسكة بنظامها العلماني والتي تشهد بانتظام جدلا حول التداخل بين الدين والعلمانية. ورأى بنديكتوس السادس عشر متطرقا الى هذه المسألة "من الواضح ان العلمانية لا تتعارض مع الايمان" مؤكدا ان "القيم المسيحية جوهرية في بناء الدولة والمجتمع". وقال "انهما عالمان ينبغي ان يكونا منفتحين الواحد على الاخر. من المهم ان يكون في وسع المرء ان يعيش ايمانه في حرية". وطرح هذا الجدل مجددا في فرنسا خلال الاشهر الماضية اثر تصريحات ساركوزي حول "العلمانية الايجابية".

وكان الرئيس الفرنسي دعا خلال زيارة الى الفاتيكان في كانون الاول/ديسمبر الى علمانية اكثر انفتاحا على الاديان، داعيا الى عدم اعتبار "الديانات بمثابة خطر بل مكسبا". ولقيت هذه التصريحات اصداء ايجابية في الفاتيكان فيما اثارت ردود فعل حادة في الاوساط العلمانية الفرنسية ومعظمها الى يسار المروحة السياسية.

وطرح ساركوزي الموضوع مجددا الجمعة اذ شدد في كلمة القاها امام البابا في الاليزيه على "الجذور المسيحية" لفرنسا، داعيا الى "علمانية ايجابية". وقال "اننا لا نقدم ايا كان على سواه، لكننا نتمسك بجذورنا المسيحية" مضيفا "من الجنون ان نحرم انفسنا (من الديانات)، سيكون هذا بكل بساطة خطأ في حق الثقافة والفكر. لذلك ادعو الى علمانية ايجابية". واعتبر ان "التحاور مع الاديان حق مشروع للديموقراطية وفيه احترام للعلمانية. ان الديانات ولا سيما الدين المسيحي الذي نتقاسم معه تاريخا طويلا، هي تراث حي من التأمل والفكر، ليس في الله فحسب بل ايضا في الانسان والمجتمع، وحتى في الطبيعية وحماية البيئة اللذين يشكلان الموضوع المحوري المطروح اليوم".

وبدوره دعا البابا في الاليزيه الى "التأمل مجددا في مغزى العلمانية الحقيقي واهميتها"، مشددا على "الدور الداعم للحضارة" الذي لعبته الكنيسة في فرنسا حيث "طبعت (هذا) البلد بشكل باهر وجلي على مدى قرون". وقال "في هذه اللحظة التاريخية حيث تتداخل الثقافات، بات من الضروري التأمل مجددا في مغزى العلمانية الحقيقي واهميتها". واعتبر من "الجوهري .. التشديد على التمييز بين ما هو سياسي وما هو ديني"من اجل "ضمان الحرية الدينية للمواطنين ومسؤولية الدولة حيالهم على حد سواء". لكنه شدد على "وظيفة (الدين) التي لا يستعاض عنها في تطوير الضمائر واسهامها الى جانب مؤسسات اخرى في قيام اجماع اخلاقي جوهري في المجتمع".

وقد حذرت الصحف الفرنسية الجمعة البابا وساركوزي من اي محاولة للمس بالتوازن بين الديانات والعلمانية في فرنسا، احدى الدول الاكثر علمانية في العالم حيث يشكل الفصل بين الكنيسة والدولة مبدأ جوهريا مدرجا في المادة الاولى من الدستور. وكتبت صحيفة لوموند ان "للديانات مكانتها في المجتمع. لكن الجمهورية حيادية". وكان البابا صرح في الطائرة "احب فرنسا والثقافة الفرنسية العظيمة والفن الفرنسي". وسيسعى بنديكتوس السادس عشر خلال الايام الاربعة التي يمضيها في فرنسا لضخ حيوية جديدة في الكنيسة الكاثوليكية الفرنسية التي يتراجع عدد اتباعها.

وبات 51% فقط من الفرنسيين يعتبرون انفسهم من الكاثوليك في مقابل 80% في مطلع التسعينات، بحسب استطلاع للرأي نشر العام الماضي. ومن اصل نسبة 51% هذه، فان 10% فقط يحضرون القداس بانتظام. وسيلقي البابا الجمعة خطابا امام شخصيات ثقافية في ثانوية البرنارديين في حضور اكثر من 700 مدعو يتقدمهم ساركوزي وسيقيم بعدها صلاة العصر في كاتدرائية نوتردام في باريس.

وسيحيي صباح السبت قداسا يحضره مئتا الف شخص في ساحة الانفاليد بوسط باريس قبل التوجه الى لورد (جنوب غرب) للمشاركة في احتفالات الذكرى المئة والخمسين لظهور مريم العذراء "الاول" على برناديت سوبيروس.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف