أخبار

القوات الروسية تباشر مغادرة جورجيا وهي تلوح بأعلام النصر

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

في أكبر حرب خاضتها بدولة أجنبية بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي
القوات الروسية تباشر مغادرة جورجيا وهي تلوح بأعلام النصر

فالح الحمراني من موسكو: بعد زهاء شهر من اندلاع العمليات العسكرية في القوقاز انسحبت القوة الروسية من ميناء بوتي على البحر الاسود وفق الاتفاق الذي وقعته روسيا مع الاتحاد الاوروبي. وتحرك الجنود الروس بالياتهم نحو حدود روسيا تاركين الميناء ذو الاهمية الاستراتيجية حيث سيروا دوريات لاعاقة وصول سفن الناتو ونقل الاسلحة لجورجيا. وبذلك تباشر روسيا بوضع اللمسات الاخيرة على اكبر عملية عسكرية في دولة اجنبية منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. واذا كانت قوات الاتحاد السوفياتي السابق قد خرجت من افغانستان اخر دولة غزتها قوات سوفياتية بشعور المهزوم ومجروح الكرامة فان وريثتها الروسية اليوم خرجت وهي تلوح باعلام النصر معززة بذلك المشاعر القومية وفاتحة الطريق الطريق لعودة روسيا بثقل على الساحة الدولية. وتقول ان المواجهة ليس مع جورجيا وانما مع الالية العسكرية الامريكية.

وكان الرئيس الفرنسي بعد مباحثاته التي اجراها في 8 ديسمبر الحالي مع نظيره الروسي دمتري ميدفيديف قد اعلن ان المعابر التي نصبتها القوات الروسي بين سيناكي وبوتي ستزال بعد اسبوع وعقب شهر سيغادر جندي روسي الاراضي الجورجية. في غضون ذلك يدرس خبراء الناتو الان في جورجيا حجم الاضرار التي لحقت بالبلاد جراء الرد الروسي على دخول القوات الجورجية لاوسيتيا الجنوبية في اغسطس الماضي. ومازال الخلاف قائما بين والغرب حول المكان الذي سيجري نشر المراقبيين فيه. روسيا ترى انهم سيقفون في المناطق المحاذية لاوسيتيا الجنوبية وابخازيا، وليس داخل اراضي الجمهوريتن.

اوكرانيا: الجولة القادمة

وتحول النزاع المحلي في القوقاز الى مواجهة بين روسيا والغرب ليكون مرحلة انعطاف جديدة في السياسة الدولية. واضفت المواجهة حدة اكثرة للعلاقات بين روسيا والولايات المتحدة، واصبحت العلاقات بين موسكو وواشنطن في وضع صعب. وظهر الغرب في المواجهة التي اشتدت بسبب الحرب بين روسيا وجورجيا في اوسيتيا الجنوبية في8/8/ 2008 غير موحد، فالاتحاد الاوروبي شهد انقساما في صفوفه حول كيفية التعاطي مع روسيا، وانتصر التوجه الداعي الى رفض لغة التهديد وفرض العقوبات على روسيا ووضع الرهان في بداية الأمر على الحوار والاقناع، ووجدت الولايات المتحدة الاميركية نفسها وحيدة في موقفها القائم على استخدام البوارج العسكرية في البحر الاسود وانزال عقوبات شديدة بروسيا.

في غضون ذلك اقدمت روسيا على خطوات اضافية في سياساتها الرامية الى جعل استقلال جمهوريتي ابخازيا واسيتيا الجنوبية امر واقعي ولارجعة منه،فاقامت علاقات دبلوماسية مع الجمهورتين ووقعت معهما اتفاقية للتعاون والصداقة يتيح لروسيا من بين قضايا اخرى اقامة قواعد عسكرية في اراضيهما، وسحب قوات حفظ السلام التابعة لها مقابل نشر مراقبين دوليين على الشريط الحدودي بين جورجيا واوسيتيا الجنوبية.

وفي الوقت نفسه صعدت روسيا من تحركها العسكري الرامي للرد على تزويد الولايات المتحدة الاميركية جورجيا بالاسلحة ونشر اجزاء نظام الدفاع المضاد للصواريخ في اوروبا. وبادرت القيادة الروسية بخطوات تهدف لتكثيف الحضور العسكري الروسي في البحر الكاريبي عند حدود الولايات المتحدة، واعلن في هذا السياق عن ان روسيا تخطط لاجراء مناورات بحرية مع القوة البحرية الفنزولية في بحر الكاريبي في 10 ـ 14 نوفمبر المقبل. وفي 100/9/2008 هبطت القاذفات الاستراتيجية من طراز تو 160 في فنزولا ترافقها مقاتلات سوخوي 27 للحماية.

وجددت روسيا تهديدها لبولندا وانها يمكن ان ان تكون هدفا للصواريخ النووية الروسية اذا مضت قدما في نشر الدرع الصاروخي الاميركي على اراضيها. ان تفاقم الوضع في القوقاز الذي افضى الى اشتداد المواجهة بين روسيا والغرب هو امتداد للتداعيات التي افرزها انهيار الاتحاد السوفياتي، والصراع على تعزيز النفوذ في منطقة القوقاز والقزوين الغنية بالنفط والغاز والثروات الطبيعية الاخرة ناهيك عن الموقع الاستراتيجي، ومحاولة احتواء الغرب لروسيا كي لاتصبح قوة منافسة في العالم.

ومن ناحية اخرى فانه مؤشر على خروج روسيا من حقبة انتهاج سياسة غير مستقلة تلحق الاضرار بمصالحها، ومن ايمانها العميق بان الولايات التي جرت اوروبا خلفها باتت تمارس سياسية لخنق روسيا بنشر القواعد العسكرية حولها وتطويقها بنظام الدفاع الاستراتيجي المضاد للصواريخ واقامة سور من الدول المنضمة لحلف الناتو،والتضييق على مصالحها الاقتصادية وفرض مواقف سياسية عليها بشان علاقاتها مع الدول الاخرى، ومد النفوذ في اسيا الوسطى والقوقاز التي ترى روسيا انها مناطق لمصالحها الحيوية.

ان المواجهة بين روسيا واوربا والولايات المتحدة تهدد بالحاق الضرر بالغرب بالمصالح السياسية والمالية وبالتعاون في مجال الفضاء والمرور الجوي الذي منحته روسيا للناتو في رحلاته لامداد قواته المرابطة في افغانستان. وهناك احتمال اقل بان تتعرض امدادات النفط والغاز الروسية للغرب للاخطار نظرا لوجود مصلحة مشتركة لكافة الاطراف فيها.

وتشير كافة الدلائل على دورة المواجهة ستستمر وستكون الجولة القادمة في اوكرانيا لتهديد تواجد اسطول البحر الاسود الروسي المربط في القرم ( الاوكراني) وكذلك النفوذ الروسي المتبقي في اوروبا الشرقية. والتطور اللاحق سيقرر فيما اذا ستسطيع القوى المتفاعلة فيه قيادة العالم نحو نظام متعددة القطبية ام ستؤكد الدولة العظمى الوحيدة الان انفرادها بصياغة القرار على الساحة الدولية، وهذا سيجر حتما لحرب باردة ولو باسلوب مختلف عن الحرب السابقة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف