الإسرائيليون والفلسطينيون... تفاصيل الدائرة المغلقة
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الإسرائيليون والفلسطينيون... تفاصيل الدائرة المغلقة
خلف خلف- إيلاف: يصادف اليوم الأحد، مرور 8 سنوات على نشوب الانتفاضة الفلسطينية الثانية، ما يستدعي تلخيص التطورات الرئيسية التي طرأت على ملف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، بوجوهه المتعددة، ومعانيه المختلفة، وواضح بشكل لا لبس فيه، أن الشروط التي يفترض أن يبنى على أساسها السلام بين الجانبين باتت معقدة، وليست أسهل من ذي قبل. لا سيما أن الساحتين في رام الله وتل أبيب، تعرضتا لأحداث ووقائع جردتها من الكثير من أدواتها، وقلصت من حبل آمالها، فالنظام المؤسسي الفلسطيني أنقسم على نفسه، وتحول لمعسكرين، أحدهما في الضفة الغربية مؤيد للعملية السلمية، وآخر في غزة رافض. أيضا المحادثات التي أطلقها مؤتمر أنابوليس العام الماضي، شبه مجمدة بفعل متغيرات يعيشها النظام السياسي الإسرائيلي، وحتى ولو سارت هذه المفاوضات قدمًا بعد تشكيل تسيبي ليفني لحكومة إسرائيلية، فلا يتوقع أن تثمر عن نتائج مرضية لكلا الطرفين. وهو ما يستشف بوضوح من تصريحات المسؤولين الفلسطينيين، حيث أكد الرئيس محمود عباس (أبو مازن) في عدة مناسبات، أن الفجوة بين الجانبين ما زالت كبيرة، كما هدد رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض أحمد قريع في وقت سابق، بإعلان الفلسطينيين دولة من طرف واحد. بل أن مجمل الظروف السيئة جعلت الحديث يدور عن إمكانية تجدد انتفاضة فلسطينية ثالثة.
هكذا اندلعت المواجهة
في 28/9/2000، زار ارييل شارون رئيس المعارضة الإسرائيلية آنذاك، الحرم القدسي، وكانت الظروف مختمرة لاندلاع المواجهة، نتيجة فشل محادثات كامب ديفيد، فاندلعت شرارة الانتفاضة من ساحة الحرم لتمتد بعدها لكافة الأرضي الفلسطينية، سقط المئات من قتلى وجرحى خلال أيام فقط، واتسعت المواجهة لتشمل الفلسطينيين داخل إسرائيل، فسقط المزيد من القتلى، واتخذت المواجهة الثوب اليومي، وازدادت حدتها تدريجيًا.
ولم تكن تمر أشهر قليلة حتى تسلم ارييل شارون رئاسة الوزراء في إسرائيل بداية عام 2001 محققاً فوزا على ايهود باراك، واستهدفت القوات الإسرائيلية مؤسسات السلطة الوطنية، ونفذت الفصائل الفلسطينية ومن ضمنها حركة "فتح" التي انبثق عنها جناح عسكري "كتائب شهداء الأقصى"، عدة عمليات نوعية أوقعت العديد من القتلى والإصابات في صفوف الإسرائيليين. ذروة الصراع
أصبح معدل القتلى بين الجانبين في مرحلة ما، من الصراع: 3 فلسطينيين مقابل كل إسرائيلي. ولكن سجلت نقطة تحول إثر عملية "السور الواقي" التي بدأت في نيسان 2002 والتي عاد الجيش الإسرائيلي في نطاقها وسيطر على مراكز المدن في الضفة الغربية، فسقط المئات من الفلسطينيين قتلى وجرحى، ودمرت البنية التحتية في الأراضي الفلسطينية على نحو كبير. وشرعت إسرائيل بعد ذلك بقليل في بناء جدار الفصل العنصري، بذريعة تقليص تسلسل الفلسطينيين إلى داخل أراضيها ومنع تنفيذهم لعمليات فدائية. وفي الفترة الواقعة بين التاسع والعشرين من أيلول 2000 والواحد والثلاثين من تشرين الأول 2007 قتلت قوات الأمن الإسرائيلية 4.304 فلسطينيين، وانهار الاقتصاد الفلسطيني، ذكر تقرير نشره البنك الدولي في أيلول 2007 انخفاض الإنتاج المحلي الخام للفرد في السلطة الفلسطينية من 1612 دولارا في 1999الى 1129 دولارا في 2006. ولكن المرحلة السابقة من الانتفاضة تخللها، عدة محاولات لتهدئة الخواطر، فبذلت جمهورية مصر العربية من جانبها، عدة محاولات من أجل وقف التصعيد، ومنتصف 2003، عم هدوء نسبي، ومارست الولايات المتحدة الأميركية عدة ضغوطات على السلطة من أجل إجراء إصلاحات إدارية ومالية عن طريق الوفود المصرية التي كانت تزور عرفات.
وسعت مصر التي أيدت خطوة استحداث منصب رئيس الوزراء فلسطيني لإقناع عرفات في هذه الخطوة لتجاوز الرفض الإسرائيلي الأمريكي بمنع التعامل معه، ومن ثم تسهيل الإطلاق الرسمي لخطة خريطة الطريق، وفعلا تم تعيين محمود عباس في منصب أول رئيس وزراء في السلطة، بتاريخ 29/4/2003، ولكن لم يطل الجلوس في منصبه الجديد، واستقال بتاريخ 6/9/2003، واندلعت المواجهة من جديد، بموجبها، حوصر الرئيس عرفات في مقر المقاطعة حتى ساءت حالته الصحية في تشرين الثاني 2004، نقل إلى مستشفى في باريس، ولكنه فارق الحياة، وسط شكوك دس السم له. هدوء جزئي
وفي آذار2005 عم من جديد هدوء جزئي، حيث وافقت حركة حماس على ذلك، بعدما وافق عباس، الذي انتخب قبل ذلك بنحو شهرين رئيسا للسلطة الفلسطينية، على أن تشترك في الانتخابات للمجلس التشريعي. وفي العام ذاته، قرر ارييل شارون تنفيذ سياسة الانفصال من جانب واحد، فتم إخلاء المستوطنات اليهودية المحيطة بقطاع غزة. واستمر إطلاق القذائف والصواريخ المحلية الفلسطينية من القطاع، وكان يرمي في هذه المرحلة إلى تجسيد إسهام منفذيه - حماس والجهاد الإسلامي - في قرار إسرائيل الانسحاب من القطاع. مواجهة سياسية
في تشرين الثاني 2006 بعد جولة تصعيد أخرى في المواجهة مع إسرائيل، تم الإعلان عن هدوء آخر بيد أنه آنذاك بعد انسحاب إسرائيل من غزة وفوز حماس في انتخابات كانون الثاني 2006 للمجلس التشريعي، تعرضت السلطة الفلسطينية التي باتت حركة حماس جزءا منها لحصار دولي خانق، لم تتمكن من دفع رواتب موظفيها. وباتت المواجهة تتخذ الوجه السياسي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، في ظل رفض حركة حماس الاعتراف في إسرائيل، كما تعرضت حركة فتح لصدمة كبيرة بعد فوز حماس، ورفضت المشاركة في حكومة شكلتها حماس، وبدأ التجاذب السياسي وتضارب الصلاحيات يتسع بين حماس وفتح. وأصبح هناك مناوشات مسلحة بين الطرفين، تعالت وتيرتها مع الوقت، وكمخرج من هذا المأزق، طرح من جديد سيناريو، ضم فتح إلى حكومة حماس، في إطار إجراء دبلوماسي إقليمي. فقامت المملكة العربية السعودية برعاية اتفاق مكة، شكلت على أثره حكومة وحدة فلسطينية. وأدت الحكومة اليمين الدستوري في السابع عشر من آذار 2007، ولكن الصراع الداخلي الفلسطيني استمر، فحدثت عدة تفجيرات داخلية، وتعرض بعض كوادر فتح وحماس لمحاولات اغتيال، مما أفضى إلى تجدد الصراع المسلح، انتهى بسيطرة حركة حماس على قطاع غزة بشكل كامل في 14/7/2007. انقلاب في الصورة
الظروف السابقة، أحرفت دفة الصراع، حتى أن المواجهة بين فتح وحماس طغت في أحيان كثيرة على الصراع مع إسرائيل، وبات الفلسطينيون يعيشون ظروفًا، هي الأصعب، بعدما انقسمت الضفة عن غزة بفعل فلسطيني، بعدما كانت إسرائيل المتهمة بهذا الفعل. على أية حال، واصل معسكر الضفة الغربية، ممثلا في حركة فتح أكبر فصائل منظمة التحرير، بإدارة المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، بعدما أطلقها مؤتمر انابوليس نوفمبر 2007، في وقت لا يبدو أن هناك آمال كبيرة معقودة على نتائج هذه المباحثات. أما قطاع غزة فأمسى يعيش حصارا، يتخلله إدخال بعض المواد الأساسية لإبقاء المواطنين على قيد الحياة، وفق منظومة تحكمها تهدئة ضمنية عقدت بين حماس وإسرائيل برعاية مصرية، تم الإعلان عنها قبل بضع شهور فقط، أرادت إسرائيل من خلالها تحقيق الهدوء لسكانها في الجنوب، الذين يتعرضون لرشقات الصواريخ المحلية الفلسطينية، كما أرادت الوقت لترتيب بيتها الداخلي، لا سيما أنها تعيش مرحلة عدم استقرار سياسي، بالإضافة إلى وجود الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليت في قبضة حركة حماس، وتحريره، قد يكون الهدف الرئيس للموافقة على التهدئة من الأساس. نهاية القول، إن الانتفاضة التي بدأها الفلسطينيون قبل 8 سنوات، موحدين، انطفأت شعلتها، وهم متفرقون، ومنقسمون على ذاتهم، ما يستوجب على قيادتهم، التوقف طويلا عن مكامن الخلل، واستخلاص العبر، بيد أن الانتفاضة أيضا أكدت لإسرائيل أن السلاح لا يمكن أن يتجاوز حقائق التاريخ، فدائرة العنف ستبقى مرشحة للاشتعال، ما دام الفلسطينيين لم يمنحوا حقهم في دولة مستقلة قابلة للحياة.
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف