أخبار

قصف غزة في الإعلام الأميركي

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

واشنطن:في واحدة من أعنف الهجمات منذ عام 1967 بدأت إسرائيل عملية، أطلقت عليها "الرصاص المتدفق"، ضد قطاع غزة، أو كما تقول ضد حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، في محاولة منها لإسقاط حكم الحركة وسيطرتها على القطاع في العام قبل الماضي (يونيو 2007)، ومن أجل وقف الهجمات الصاروخية التي تتعرض لها المستوطنات الإسرائيلية التي تطلقها الحركة من القطاع. وخلفت هذه الهجمات - وما تزال- المئات من القتلى والجرحى. وهذا الأسبوع سيطر القصف الإسرائيلي لقطاع غزة على متابعات الإعلام الأمريكي، الذي حاول أن يقدم رؤية للأحداث انطلاقًا من مجموعة من الثوابت التي تحكم العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

تاريخ الصراع

وفي المعالجة الإعلامية لتلك الأحداث استعرضت شبكة CBS تقريرًا أعده Sheila MacVicar عن تاريخ الصراع بين إسرائيل وحركة حماس، أكد أن الصراع بين الجانين كان أمرًا حتميًّا، منذ أن أقدمت حماس على الاستيلاء على قطاع غزة الذي كانت تسيطر عليه قوات الأمن الفلسطينية المعتدلة منذ أكثر من ثمانية عشر شهرًا. واستعرض التقرير بعض الحقائق الخاصة بالقطاع ، حيث أشار إلى أن غزة تُعتبر من أكثر مناطق العالم كثافة من حيث عدد السكان، وقد حكمت مصر القطاع حتى عام 1967، إلى أن استولت عليه إسرائيل بعد حرب يونيو من العام ذاته، وظل القطاع تحت الإدارة الإسرائيلية حتى عام 2005 عندما نفذ رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون خطته للانسحاب أحادى الجانب من القطاع، تاركًا فراغًا كبيرًا في السلطة وفى كل شيء داخل غزة.

هذا الفراغ - كما يؤكد التقرير - جعل حركة حماس - التي لا تعترف بحق إسرائيل في الوجود كما يذكر التقرير - تتحرك لملئه، وأضحت حماس القيادة المنتخبة لقطاع عزة خاصة بعد النجاح الكبير الذي حققته في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في عام 2006. وفى سياق مواجهتها مع الحركة أشار التقرير إلى أن إسرائيل استطاعت أن تقنع الولايات المتحدة أن ما تواجهه من مخاطر في الأراضي الفلسطينية نتيجة عمليات المقاومة، خاصة من جانب مقاتلي حركة حماس، لا يختلف عما تواجهه الولايات من خطر تنظيم القاعدة في حربها ضد الإرهاب.

ولفت التقرير الانتباه إلى أنه منذ عام 2005 استطاعت حماس وغيرها من الحركات المسلحة الأخرى داخل القطاع إطلاق أكثر من ستة الآف صاروخ على أهداف إسرائيلية. وأسفرت هذه الهجمات الصاروخية عن قتل عشرة إسرائيليين، الأمر الذي جعل كثيرًا من المستوطنين الإسرائيليين في كثيرٍ من المستوطنات القريبة من القطاع خاصة مستوطنة سيدروت، يعيشون في حالة هلع وخوف دائم من أن تصيبهم هذه الصواريخ.

وأكد التقرير أيضًا أن العنف لم يكن من طرف واحد من الجانب الفلسطيني فقط، ولكن إسرائيل أيضا ارتكبت كثيرًا من جرائم القتل المستهدفة، والأكثر من ذلك أنها فرضت حصارًا مشددًا على سكان القطاع، أدى إلى نقص شديد في إمدادات الغذاء والوقود والطاقة، وكانت إسرائيل تهدف من هذا الحصار إلى أن يرفض الشعب الفلسطيني حكم حماس ويسعى إلى إسقاطها، باعتبارها السبب في كل المعاناة التي يعيشونها، ولكن هذه المحاولة لم تفلح، ومن ثم يشير التقرير إلى أن عدم الرغبة في التفاوض مع حماس، واقتراب موعد الانتخابات في إسرائيل، كلها عوامل دفعت إسرائيل إلى القيام بمثل هذه العملية الاجتياحية لغزة في هذا التوقيت.

من بوش إلى أوباما: هل يتغير الموقف الأميركي ؟!

وعلى إذاعة NPR قدم برنامج All Things Considered تقريرًا - أعدته جاكى نورثمان Jackie Northam - عن الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، وتناول الموقف الأمريكي من هذا الهجوم، خاصة في ظل حقيقة أن الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة الرئيس بوش أظهرت دعمًا غير مسبوقًا لإسرائيل في كل مواقفها، وتجلى هذا الدعم الكبير أثناء هذا الهجوم، حيث ألقت الإدارة الأمريكية - على لسان كبار مسئوليها - باللائمة في اندلاع هذا العنف على عاتق حركة حماس الإسلامية، التي تعتبرها واشنطن جماعة إرهابية.

وقد بررت الإدارة الأميركية ما تقوم به إسرائيل بأن لديها كل الحق في الدفاع عن نفسها وعن أمنها بكل الوسائل المتاحة، وأشار التقرير إلى أن هذا الضوء الأخضر الذي حصلت عليه إسرائيل من الإدارة الأميركية سوف يؤثر بالتأكيد على المدى الزمني لعملية الهجوم على غزة.

وعن الأسباب وراء اختيار إسرائيل هذا التوقيت بالتحديد قبل رحيل إدارة بوش مباشرة بأقل من شهر، أشار التقرير إلى أن الإدارة الأمريكية الحالية من أكثر الإدارات الأمريكية التي تشعر إسرائيل أنها تدعمها بقوة وتقدم لها كل العون الممكن، لذلك أرادت أن تنفذ هذه العملية قبل رحيلها، في ظل عدم تيقنها من مواقف الرئيس القادم، باراك أوباما، وما إذا كان سيدعم عملية من هذا النوع في أولى أيام حكمه، لذلك رغبت في ألا تضع أوباما في موقف صعب في هذه الفترة الحرجة.

وبعيدًا عن الإدارة الأميركية الحالية أكد التقرير أن كثيرًا من المحللين ينتظرون مواقف الرئيس المنتخب باراك أوباما- الذي سيتولى مهام منصبه رسميذًا في العشرين من يناير الحالي - والكيفية التي سيتعامل بها مع هذا الصراع المتأزم والمحتدم.

واستعرض التقرير أيضًا آراء عدد من الخبراء في هذا الأمر، فمن جانبه شدد السفير السابق والخبير في معهد الشرق الأوسط Middle East Institute ديفيد نيوتن David Newton على ضرورة أن تكون الإدارة القادمة حذرة تمامًا فيما تقوله وما تفعله، بشأن هذا السلوك الإسرائيلي قبل أن تتولى مهام الرئاسة رسميًّا، لأنها لو ظهرت كما لو كانت موالية تماما لإسرائيل، ومؤيدة لمواقفها إلى حد كبير، فإن هذا من شأنه أن يشعل غضب الرأي العام العربي ضدها، ويثير سخط المواطن العربي ضد إدارة ما تزال تخطو أولى خطواتها في الحكم.

أما ديفيد أكسلورد David Axelrod، كبير مستشاري الرئيس المنتخب، فقد أكد أن أوباما يُقدر كثيرًا الروابط الهامة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وأنه سيعمل جاهدًا من أجل إحلال السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وفى المنطقة بأسرها، فهذا هو الطريق الذي اختاره الرئيس ليسير فيه رغم أي صعوبات يمكن أن تواجهه.

أوباما والصراع العربي- الإسرائيلي

وعن الكيفية التي سيتدخل بها الرئيس أوباما في ملف الصراع العربي - الإسرائيلي، أكد التقرير أن هناك شخصين مرشحين بقوة من أجل شغل منصب المبعوث الخاص للولايات المتحدة في الشرق الأوسط في إدارة أوباما هما دينس روس Dennis Ross ذو الباع الطويل في عمليات حفظ السلام في الشرق الأوسط في عهد إدارتي الرئيسين بيل كلينتونBill Clinton وجورج بوش الأب George H.W. Bush، أما الثاني فهو دانيال كورتزر Daniel Kurtzer الخبير بشئون الشرق الأوسط خاصة الصراع العربي الإسرائيلي. وتظل هذه الجهود والسياسات والأشخاص هامة في فاعلية الدور الأمريكي لإيجاد حل للصراع، إلا أن نجاحها يظل مرهونًا- طبقًا لما ذكره التقرير - بمدى رغبة الإدارة الأميركية الفعلية في التدخل في الصراع، وأن تتوفر لديها الإرادة القوية على إيجاد تسوية نهائية له.

وبالرغم من هذه التحليلات إلا أن التقرير لفت الانتباه إلى أنه يصعب التكهن بالمواقف التي يمكن أن تتخذها إدارة أوباما لعديدٍ من الاعتبارات، أهمها أن الرئيس الجديد أعطى أهمية كبيرة - أكثر من إدارة الرئيس بوش - لتحسين صورة الولايات المتحدة على مستوى العالم بصفة عامة وفى العالمين العربي والإسلامي على وجه الخصوص. وإذا كانت الأزمة الحالية التي يمر بها قطاع غزة نتيجة الهجوم الإسرائيلي قد تمثل فرصة كبيرة لأوباما ليجد نقطة بداية جديدة في جهود الولايات المتحدة لإدارة هذا الملف الساخن، إلا سياساته وممارسته في هذا الصدد سوف تواجه بمجموعة من الحقائق على أرض الواقع في الساحة السياسية في الولايات المتحدة، يأتي على رأسها الدعم الكبير الذي تحظى به إسرائيل من جانب قطاع كبير من الشعب الأمريكي، ومن جانب كثيرٍ من القيادات والنخبة الأمريكية سواء على المستوى الرسمي أو المستوى غير الرسمي، وكل هذه العوامل سوف تمثل محددات هامة سوف يأخذها أوباما في حسبانه عند صياغته لسياسات أمريكية تتعلق بالتعامل مع هذا الصراع المزمن.

ليفني تتحدث إلى الإعلام الأميركي

استضاف برنامج واجه الصحافة Meet The Press الذي يقدمه ديفيد جريجوري David Gregory على شبكة MSNBC، وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبى ليفني Tzipi Livni، التي أكدت أن المدى الزمني لهذا الهجوم على قطاع غزة سيتحدد فقط بتحقيق الأهداف التي ابتغتها إسرائيل من ورائه، وهي تأمين المواطنين الإسرائيليين من هجمات الصواريخ التي تُطلق عليهم من القطاع، الذي تركته إسرائيل منذ سنوات ليكون بمثابة بادرة حسن نية - كما تقول ليفني Livni - على رغبتها القوية في السلام مع الفلسطينيين.

وعن زيارتها الأخيرة التي قامت بها إلى مصر والرسالة التي أرادت أن توجهها للحكام العرب، أكدت ليفني Livni أنها أرادت أن تقول : إن حركة حماس لا تخدم مطلقًا الصالح الفلسطيني ولا تمثل على الإطلاق المصالح القومية لهذا الشعب، أو مصالح القادة المعتدلين من الحكام والدول العربية، فهي تمثل أيديولوجية الكراهية التي تريد أن تنشرها ليس فقط في فلسطين، وإنما أيضًا في المنطقة كلها، ومن ثم فهي الحائل الوحيد أمام إقامة الفلسطينيين لدولتهم المستقلة.

وعن الإدانات الدولية التي تم توجيهها لإسرائيل على خلفية هذه الأحداث، خاصة بسبب الخسائر الكبيرة التي وقعت في صفوف المدنيين الفلسطينيين، لفتت ليفني Livni الانتباه إلى أن هذه الإدانة يجب أن توجه إلى حركة حماس التي تعتبرها ليفني "جماعة إرهابية"، وتضيف ليفني أنها لا تريد الاعتراف بوجود إسرائيل، وتستخدم "الإرهاب" والعنف ضدها وضد مواطنيها الآمنين، ومن ثم فإسرائيل لديها كل الحق في الدفاع عن نفسها وعن مواطنيها. وفى سياق هذه الرؤية لابد أن يعمل المجتمع الدولي، لأنه إذا ظلت حماس ترى المجتمع الدولي يدين أفعال وتصرفات إسرائيل، فإنها ستصبح أقوى، ولن تسعى إلى إحداث أي تغيير في مواقفها المعلنة، لذلك فإنها تتوقع أن يرسل المجتمع الدولي بما في ذلك الدول العربية رسالة إلى حماس مفادها "إنكم وحدكم تتحملون مسئولية ما يحدث الآن في غزة."

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف