أخبار

متى سينتهي شهر العسل بين أوباما والشعب الأميركي؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

أجندة عمل جديدة لبنتاغون يتدنى بمستوى خدماته العسكرية
متى سينتهي شهر العسل بين أوباما والشعب الأميركي؟

واشنطن: في يوم أقل ما يُوصف بالأسطوري التاريخي، شهدت الولايات المتحدة الأميركية يوم الثلاثاء الماضي العشرين من يناير تنصيب باراك حسين أوباما الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة، وكأول رئيس من أصول إفريقية يعتلي أرفع المناصب السياسية في البلاد منذ نشأة الولايات المتحدة. يوم مميز في ذاكرة الشعب الأميركي لن ينسى، وسر تميزه ليس فقط لأن بطله هو أول رئيس أسود سوف يمكث في البيت الأبيض لمدة أربع سنوات قادمة وقد تمتد لتكون ثماني، وإنما تميزه أيضًا ينبع من اللحظة التي تعيشها الولايات المتحدة في الوقت الحالي، فهي لحظة أزمة بكل المقاييس، لحظة تحديات جسام، سوف يكون على الرئيس الجديد التعامل معها بذكاء، من أن أجل أن يعبر بالأمة الأميركية إلى بر الأمان.

تحديات ليس فقط على المستوى الداخلي الذي يعاني أسوأ أزمة اقتصادية تعصف باقتصاد القوة الأكبر في العالم، وتهدد وضعها الدولي باعتبارها المسيطرة على مقاليد الأمور في النظام الدولي، ولكن أيضًا تحديات على المستوى الخارجي، بعد ثماني سنوات عجاف عاشتها الولايات المتحدة، تحت قيادة الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش، لم تحصد خلالها سوى كراهية غالبية شعوب العالم عامة والعالم الإسلامي خاصة، بعد حرب شعواء - بلا هدف محدد وبلا مدى زمني معين - أعلنتها على ما تسميه الإرهاب، ودخلت بسببها في حربين في أفغانستان والعراق، سوف تزال تعاني آثارهما في المستقبل، حتى يتمكن الرئيس الجديد إيجاد استراتيجية ملائمة لتسوية الأوضاع في هاتين الدولتين والخروج من هناك، وتحسين صورة الولايات المتحدة التي تسببت سياسات إدارة بوش في تدهورها بشكل غير مسبوق.

في ظل هذه الأوضاع يأتي الرئيس الجديد باراك حسين أوباما حاملاً الإيمان بإمكانية التغيير الذي كان رمزًا لحملته الانتخابية، والأمل في إنجاز هذا التغيير بشعاره Yes We Can. والسؤال هو: هل سيتمكن أوباما من إنجاز الوعود التي قطعها على نفسه خلال الفترة الماضية ومواجهة التحديات التي تروم بها الولايات المتحدة الأميركية.

براغماتية أوباما والبعد عن الأيديولوجية

على شبكة MSNBC استضاف برنامج واجه الصحافةالذي يقدمه ديفيد غريغوري - عددًا من الخبراء للحديث عن المستقبل عقب تنصيب أوباما رئيسًا للولايات المتحدة، وهل سيكون قادرًا على استثمار اللحظة التي تعيشها الولايات المتحدة في الوقت الحالي، وفي هذا الإطار أكد ديفيد بروكس أن استثمار اللحظة التي تحدث عنها باراك أوباما في خطابه في فيلادلفيا منذ أيام قليلة قبل تنصيبه، كان يعني - في أحد معانيه - التحرر من قيد الأيديولوجية في السياسة الأميركية، وأشار إلى كتاب كان قد صدر في عام 1961 بعنوان "نهاية الأيديولوجية" للمؤلف دانيال بيل حيث كان الفكر الأيديولوجي والصراع الأيديولوجي مسيطرين على الساحة السياسية في الولايات المتحدة الأميركية، وشهدت حقبة الخمسينات ما يعرف بالحقبة المكارثية، والتي كانت من أسوأ الفترات التي شهدتها الولايات المتحدة على مستويات عدة، خاصة على مستوى حرية الرأي بحجة محاربة الشيوعية.

وأكد أن هذا الكتاب اكتسب شهرة كبيرة خاصة وأنه بعد ثلاثين عامًا من صدوره تحققت بالفعل تنبؤات المؤلف، وأنه بالنظر إلى أن أوباما قد ولد في عام 1961، ومن ثم فهو يرى نفسه بعيدًًا من تلك السياسات الأيديولوجية التي سادت خلال حقبتي الخمسينات والستينيات. فهو الآن ينتهج سياسات عملية براغماتية يحاول من خلالها الخروج من حالة الأزمة التي تعيشها البلاد، فنجده قدم خطة اقتصادية لتحفيز نمو الاقتصاد الأميركي والخروج من حالة الركود التي يعيشها، وبعدها وخلال عام 2010 سوف يبدأ إصلاحًا شاملاً في مجالات الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي، ومن ثم فإنه إذا استطاع أن يضع رؤيته موضع التنفيذ، فبلا شك سوف يكون رئيسًا عظيمًا.

من لينكولن إلى أوباما وطريق البحث عن مكان في التاريخ

وبالنسبة إلى إمكانية أن يكون أوباما رئيسًا عظيمًا، طرح البرنامج فكرة المقارنة التي تسود في الولايات المتحدة الآن بين باراك أوباما والرئيس الأميركي السابق أبراهام لينكولن، هذا الرئيس الذي ما يزال - رغم مرور حوالى 141 عامًا على وفاته - القدوة للرؤساء خاصة في أمانته وشجاعته وطموحه الكبير، ومن ثم فهل أوباما باعتباره أول رئيس من أصول إفريقية للولايات المتحدة، وينتمي إلى الولاية ذاتها التي انتمى إليها لينكولن، هذه الولاية التي وقع قادتها على إعلان تحرير العبيد، سيتمكن من استغلال هذا التراث العظيم، وهل ستكون هذه التركة أحد العوامل لأن يأخذ مكانه بين عظماء الرؤساء الأميركيين.

وفي هذا الصدد أكدت دورث كيرنز غودوين أن لينكولن كان من القادة الذين وقعوا على إعلان تحرير العبيد ، وبدأ بذلك خطوة كبيرة أوصلت مواطني الولايات المتحدة الأميركية إلى انتخاب أول رئيس أميركي من أصول إفريقية، ولكن في الوقت ذاته لا يمكن بسهولة أن تجد شخصًا مثل لينكولن ، ولكن أوباما يحاول أن يصل إلى هذه المرتبة، من خلال إحاطة نفسه بمجموعة من الشخصيات القوية، ما يتيح له مجموعة أكبر من الخيارات، ومن ثم فهو يحاول استدعاء روح أبراهام لينكولن وطريقته في إدارة العملية السياسية.

أما تافز سمايلي فقد أكد أن "الرؤساء العظماء لا يولدون وإنما يصنعون"، وفي هذا السياق أشار سمايلي إلى استطلاع للرأي تم بين صفوف الجمهوريين الذين أيدوا المرشح الجمهوري جون ماكين، أكدت نتيجة الاستطلاع أن 58% منهم يريدون أن يبلي أوباما بلاء حسنا في أثناء فترة ولايته، ومن ثم فإن هذا يعني بالنسبة للسنوات الأربع القادمة في حكم أوباما أن الولايات المتحدة ومواطنيها يريدون أن يبلي الرئيس الجديد بلاء حسنا، ومن ثم "فإننا نريده أن يكون عظيمًا، وهو يمتلك المقومات التي تؤهله لذلك ، فالرؤساء - كما أكد سمايلي Smiley - يجب أن يتم دفعهم من قبل الشعب ليكونوا عظماء.

وفي هذا السياق لفت الانتباه إلى أن الرئيس أبراهام لينكولن اكتسب عظمته ومكانته الكبيرة في التاريخ الأميركي، ليس فقط بسبب أفكاره العظيمة والنخبة القوية المحيطة به، وإنما كان كذلك لأنه كان هناك رجل يدعى فريدريك دوغلاس إلى جواره ويستلهم منه أفكاره. وجدير بالذكر أن دوغلاس هو إحدى أبرز الشخصيات في التاريخ الأميركي عامة، وفي تاريخ الأميركيين من أصول إفريقية، ولد في عام 1818 وكان من أشد المناصرين لإلغاء العبودية وحق المرأة في التصويت، وفي عام 1872 أصبح أول أميركي من أصول إفريقية يرشح لمنصب نائب الرئيس في الولايات المتحدة عن حزب الحقوق المتساوية ، واشتهر عنه إيمانه الشديد بالمساواة بين الجميع. وبالتالي فإن سمايلي أكد أنه لابد من أن يكون هناك من يلعب دور فريدريك دوغلاس ، إذا أردنا أن نرى أوباما رئيسًا عظيمًا للولايات المتحدة الأميركية.

أوباما والشعب الأميركي: متى ينتهي شهر العسل؟

وفي صحفية نيويورك تايمز كتب آدم ناجورني مؤكدًَا أن انطباعات تسود الآن في الشارع الأميركي، بأنه مع تنصيب أوباما رئيسًا للولايات المتحدة، ورحيل جورج بوش بعد ثماني سنوات قضاها في الحكم، فإن الاقتصاد الأميركي سوف يستعيد عافيته وقوته قريبًا، وأن الجنود الأميركيين في طريقهم إلى الوطن قادمين من العراق، وسوف تمتد مظلة الرعاية الصحية لتشمل كل المواطنين.

ولكن الكاتب يشير إلى أنه يجب عدم الإفراط في التفاؤل، بأن هناك حلولاً سحرية سوف تطبق في الحال فتنهى حالة الأزمة التي تعيشها الولايات المتحدة، واستشهد في هذا الإطار بنبرة الخطاب الهادئة التي اتسمت بها كلمات أوباما التي ألقاها قبل تنصيبه بساعات قليلة، الأمر الذي ينم عن الحذر الشديد من جانبه في بداية عهده الرئاسي. ولفت ناجورني الانتباه إلى أن الأميركيين سوف يعطون الرئيس الجديد وقتًا أكبر من أي وقت حظي به رئيس جديد للولايات المتحدة الأميركية، لأنهم يعلمون جيدًا أن أوباما جاء في وقت تواجه فيه البلاد تحديات غير مسبوقة.

ومن ناحية أخرى أشار الكاتب إلى أنه إذا كان منطقيًا أن يحظى الرئيس الآن ببعض الوقت أو ما يسميه الأميركيون فترة شهر العسل ، فإن السؤال الأهم الآن كم من الوقت سوف سيسمح به الشعب الأميركي للرئيس الجديد، ليتمكن من تحويل دفة الأمور ويعيد الولايات المتحدة إلى المسار الصحيح؟

ويشير الكاتب في هذا السياق إلى محاولات المستشارين المحيطين بالرئيس الجديد التأكيد على أن مواجهة هذه التحديات سوف يحتاج إلى وقت كبير، مع الحذر الشديد في تقديم أي تفصيلات حول المدى الزمني الذي من الممكن أن تستغرقه هذه العملية، بل إنهم في كثير من المقابلات الإعلامية التي تمت معهم، شددوا على أن الأمر لن يستغرق فقط مجرد أشهر، ولكنه قد يحتاج إلى سنوات حتى تعاد الأمور إلى نصابها الصحيح.

وساق ناجورني في مقالته نتائج استطلاع للرأي قامت به شبكة CBS الإخبارية مؤخرًا، أكد غالبية المستطلعين أن أوباما سوف يحتاج إلى مهلة لن تقل عن العامين من أجل تصحيح الأوضاع وتنفيذ الوعود التي قطعها على نفسه في أثناء حملته الانتخابية، ومن أهمها تحسين الأوضاع الاقتصادية، وتوسيع مظلة الرعاية الصحية، وإنهاء الحرب في العراق. وعندما سئل هؤلاء عن الفترة التي بعدها يمكن اعتبار أوباما هو المسؤول عن الركود وليس الرئيس الأميركي الأسبق "بوش"، أكدوا أن هذا الركود سوف يستمر إلى مدة عامين أو أكثر.

وأورد المقال عددًا من التحليلات التي تشير إلى الكيفية التي يمكن أن يكتسب أوباما بها مزيدًا من الوقت، وذلك من خلال تغيير في لهجة الخطاب، وتغيير في الأولويات، مع الأخذ في الاعتبار أن الوقت المتاح للتعامل مع معضلات بعينها يعتمد على طبيعة هذه المعضلات ومدى تعقيدها من جهة، وطبيعة الحلول والوعود التي قدمت من أجل مواجهتها من جهة أخرى، وهذا الأمر يشير إلى أن أوباما لديه - واعتمادًا على هذه المؤشرات - متسع من الوقت للتعامل مع معضلة الاقتصاد، وأيضًا متسع من الوقت للتعامل مع موضوع الرعاية الصحية، ولكن موضوعات أخرى - كما يشير الكاتب - لن يكون مسموحًا بأي تأخير في التعامل معها وتأجيل تنفيذ وعوده الانتخابية بشأنها، وعلى رأس هذه الموضوعات يأتي سحب الجنود الأميركيين من العراق خلال ستة عشر شهرًا، طبقًًا للجدول الزمني الذي طرحه الرئيس الجديد أثناء حملته الانتخابية. فالرأي العام الأميركي بصفة عامة وغالبية أعضاء الحزب الديمقراطي لن يقبلوا بأي تأخير في تنفيذ هذا الأمر.

ولكن في نهاية المقال أشار ناجورني إلى أن خبرة السنوات الماضية تؤكد أن كل شيء في السياسة يتغير بسرعة كبيرة خاصةً في الوقت الحالي أكثر من أى وقت مضى، فالرأي العام يمكن أن يتحول من اتجاه إلى اتجاه آخر مختلف أو حتى مناقض للسابق سريعًا، والإدراك أيضًا يتغير مع مرور الوقت.

أجندة جديدة للبنتاغون

على الرغم من كون وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الأفضل على مستوى العالم، إلا أن ما واجهته من إخفاقات في السنوات الثماني المنصرمة سواء في العراق أو في أفغانستان، فرضتالعديد من التحديات والضغوط مما يحتم على الرئيس الأميركي الجديد، باراك أوباما، ضرورة السرعة في اتخاذ القرارات التي من شأنها تجنيب الولايات المتحدة الأميركية مخاطر جمة محتملة، خاصة في ظل ما تواجهه وزارة الدفاع الأميركية من تدني في مستوى الخدمات العسكرية المقدمة، وارتفاع تكاليف الحرب، لاسيما في ظل سلسلة من الضغوط تتمثل في تدهور الاقتصاد الأميركي، والعجز في الميزانية، والدَيْنِ الأجنبي، مع ارتفاع تكاليف الحرب، إلى جانب الالتزامات تجاه موظفيها.

وهو الأمر الذي سيفرض على فريق البنتاغون الجديد نوعين من التحديات، يتمثل أولاها: في تقديم النصيحة، أما ثانيها: فيتمثل في تقديم الدعم، وتوفير القيادات اللازمة لإعداد القوات المسلحة الأميركية لاسيما القوات الخاصة، في وقت تعاني فيه الولايات المتحدة الأميركية خلال السنوات الماضية من سوء تقدير التطورات التي يشهدها النظام الدولي.

وفي هذا الإطار نعرض لدراسة بعنوان "ميراث وزارة الدفاع: التحديات والاختيارات التي سيواجهها فريق البنتاغون القادم، أعدها كلٌّ من ميشيل إيه. فلورنوي وشوان بريملي ، ونشراها في عدد خريف عام 2008 من دورية واشنطن الفصلية.

تركز الدراسة بصورة أساسية على التحديات والخيارات المطروحة أمام فريق البنتاغون الجديد، وفي هذا الصدد تعرض الدراسة عدد من التطورات التي شهدها النظام الدولي على المستوى العسكري، والحروب التكنولوجية. خاصةً وأن وزارة الدفاع الأميركية قد صرحت بأن الصين تقوم بعمليات اختراق لأجهزة حكومية حساسة تسعى من ورائها لبناء قيادة عسكرية في الفضاء الإلكتروني على أساس حرية الحركة في الحصول على معلومات الحرب في الفضاء الإلكتروني.

الرئيس الجديد يرث ميزانية محطمة

بدايةً، أكدت الدراسة أنه لا شك في أن الرئيس الأميركي الجديد،باراك أوباما، سيواجه ضغوطًا شديدة تتعلق بالميزانية، بالنظر إلى مؤشرات انخفاض النمو الاقتصادي الواضحة، وما تواكبه من تكاليف عدة في برامج مثل الأمن الاجتماعي، الرعاية الطبية، المساعدة الطبية للفقراء، التي تؤثر بصورة أو بأخرىفي خيارات الإنفاق المطروحة أمام البنتاغون.

وقد أشارت الدراسة إلى ثلاثة أمثلة، هي: "أنظمة الحرب المستقبلية والعربات المدرعة التي ارتفعت بنسبة 54% إلى 131 بليون دولار. كذلك فقد ارتفعت تكاليف وحدة رابتور إف المقاتلة التكتيكية للقوات الجوية الأميركية بنسبة 177 بينما انخفض رقم الشراء بنسبة 71%.

وأشارت الدراسة إلى أن الأمر يفرض تساؤلات، وخيارات عدة على الإدارة الأميركية الجديدة تدور في فلك حجم الإنفاق الذي ينبغي على الولايات المتحدة الأميركية أن تحدده. وهو تساؤل يفرض خيارات يصعب على الإدارة العسكرية، أو الكونغرس حتى اليوم تحديد إجابته.

الموازنة بين الأولويات الحالية والمستقبلية

يفرض واقع التغيرات في النظام الدولي، وما يواكبه من أزمة مالية في السوق الأميركية على فريق البنتاغون الجديد جملة من الخيارات الصعبة حول عدد من السياسات المختلفة، وقد عرضت الدراسة في هذا الشأن بعض التحديات التي سيواجهها فريق البنتاغون الجديد. يتمثل التحدي الأول في توزيع حجم المخاطرة بين عدد من القرارات الاستراتيجية الحالية، مثل الحرب في العراق، العمليات العسكرية في أفغانستان، الحرب الدولية على الإرهاب، وتقليل التدفقات العسكرية الأميركية. في حين يتمثل التحدي الثاني في الاستثمار في أجهزة حرب المستقبل، على سبيل المثال تطوير الإمكانيات الأميركية لتتمكن من خوض الحرب غير نظامية المرتبطة بمواجهة التهديدات اللا تماثلية، أو منع انتشار الأسلحة النووية.

أما التحدي الثالث، والأكثر صعوبة فهو الموازنة بين العمليات الحالية مع توفير حسابات للاستثمار، سواء لتطوير أو الحصول على أجيال جديدة من أنظمة الأسلحة، وذلك في ظل ما تواجهه العسكرية الأميركية من مخاوف، تتمثل أولها في ظهور أسلحة لا تماثلية تعتمد على تكنولوجيا بدائية، مثل العبوات الناسفة، و"المتمردين الانتحاريين" في أفغانستان والعراق. فضلاً عن أهمية التعامل مع خطر الأسلحة المتقدمة، بتطوير مضادات الطائرات، الأقمار الصناعية، أو السفن الحربية، وربما حتى أسلحة الدمار الشامل.

ومن هنا على الإدارة الأميركية الجديدة المفاضلة عند صياغة استراتيجية الأمن القومي الجديدة، التي توضح المهام الأساسية التي على القوات المسلحة الأميركية أن تقوم بها. ومن ثم لابد أن يكون فريق وزارة الدفاع الجديد واضحًا بشأن الخيارات التي يريدها الجيش الأميركي ليكون قادرًا على توفيرها للرئيس سواء الآن أم في المستقبل.

أجندة عمل وزارة الدفاع المستقبلية

أشارت الدراسة إلى أن فريق البنتاغون الجديد سيكون ملزمًا بالنظر في عشر قضايا رئيسة، هي كالتالي:

1-زيادة حجم عدد القوات البرية الأميركية، وتحديد نوعية الجنود الذين سينفذون المهام الأميركية.

2-مستقبل قدرات القوات البحرية، وما تطرحه البيئة الأمنية من تحديات أمامها، ما يستدعي النظر في متطلبات البحرية، والتخطيط لمستقبل البيئة الأمنية، مع الأخذ في الاعتبار هدفين: أولهما: التوصل بصورة أفضل للمطالب الاستراتيجية الجديدة للبحرية الأميركية، بالنظر لخطط استثمار البحرية. وثانيها وضع برامج لبناء سفن البحرية.

3-إعادة توازن القوات الجوية، فمنذ نهاية الحرب الباردة وقد ظهرت مهمات قتالية جديدة للقوات الجوية، ومن ثم ففريق وزارة الدفاع لابد أن يشجع القوات الجوية لصياغة رؤية واسعة لأدوارها، ومهامها، ومساعدتها في إعادة توازن برنامجها مع الميزانية.

4-تطوير مفاهيم جديدة للعمليات في مناطق العمل الجديدة، فعلى سبيل المثال، تطوير الصين قدرات جديدة مضادة للأقمار الصناعية، وهو ما عرض الولايات المتحدة للهجوم بشكل يومي. وأشارت الدراسة إلى أن الإدارة الجديدة ستحتاج إلى العمل مع القطاع الخاص، والاستفادة من القادة السابقين، في تطوير مفاهيم وخطط الإدارة الدفاعية، وعمليات الهجوم الإلكتروني المحتملة.

5-مواجهة أسلحة الدمار الشامل، فعلى الرئيس الجديد أن يقوم بتقييم مواضع القوة والقصور في جهود الولايات المتحدة الحالية بشأن وقف انتشار هذه الأسلحة، ومنع الإرهاب النووي، والتعامل مع القوى الإقليمية (قوي الممانعة) المسلحة نوويًا، وتطوير خطة تحدد الفجوات الحادة في هذه القدرات.

6-تخفيض القدرات الأميركية النووية، فهناك اتفاق حول تخفيض الولايات المتحدة من اعتمادها على الأسلحة النووية، ومن ثم على الإدارة الأميركية الجديدة تحديد ما إذا كانت الولايات المتحدة ستقوم بذلك أم لا؟، وإذا كان ذلك فماذا عن الكيفية التي تتم بها؟

7-لابد أن تقوم الإدارة الأميركية الجديدة بإعادة فحص الخطط الموضوعة، وتقييم وضع القوات المسلحة الأميركية في العالم، فعلى سبيل المثال، كيف ستحقق القوات العسكرية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط احتواء النفوذ الإيراني المتزايد في منطقة الخليج العربي. مع مراعاة الحاجة إلى الدعم ضد الحركات المتطرفة المسلحة خلال الفترة القادمة؟، وتوفير الإمكانيات الأمنية التي تدعم إنفاذ الالتزامات الأميركية في مساعدة حلفائها.

8-دعم وتحسين قدرات المتطوعين، فقد قبلت العسكرية الأميركية نسبة كبيرة من المتطوعين ينقصها التعليم العالي. وأشارت الدراسة إلى أن الإدارة الجديدة لابد أن تؤسس على مستوى عالٍ لجنة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري لتتولى القيام بمراجعة واسعة لشروط الخدمة، التي لابد أن تشمل إعادة فحص سياسات عديدة، منها على سبيل المثال تقييم وضع النساء في القتال، وفرص الخدمة لغير المواطنين الأميركيين، عقود خدمة أكثر مرونة.

9-إصلاح خلل الأداء في عملية الإدارة، فلابد أن يقوم وزير الدفاع الجديد بالاهتمام بإصلاح عملية إدارة البنتاغون على الأقل في أربعة مجالات: مفهوم التنمية، المحددات الضرورية، الاكتساب، إدارة مجموع الموظفين والقوى. وفي كل هذه المجالات، سيكون عليه الاختيار إبان خوضه المعارك البيروقراطية، وخاصة عندما تتنافس القضايا الاستراتيجية.

10-تحسين إمكانيات الدمج وتوحيد الجهد.

11-تخلص الدراسة في نهايتها إلى أن قدرة البنتاغون على إسهامه في إنجاز الأهداف الاستراتيجية للأمة توقف على حسن الأداء، والتعاون مع الأجهزة الحكومية الأميركية الأخرى. وأشارت الدراسة إلى أن فريق البنتاغون الجديد يمكن أن يساعد الإدارة الجديدة من خلال: عرض إمكانيات وزارة الدفاع وخبراتها في دعم الإصلاح، مثل عرض المخططات العسكرية للتدريب، والعمل جنبًا إلى جنب مع المخططين في وكالات أخرى، عرض تسهيلات في التدريب والتعليم.

12-وأيضاً يمكن أن يوفر البنتاغون النصائح الحاسمة، وأن يدعم جهود الكونغرس في الإصلاح المؤسسي. وتؤكد الدراسة على الحاجة الملحة لوزير الدفاع لأن يكون لديه ملكات البصيرة والقيادة للتعامل بفاعلية مع تلك الصعوبات والتحديات.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف