أخبار

مسعى أوباما لتحقيق السلام قد يصطدم بالواقع

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

بيروت: يبدو أن تأكيد الرئيس الأميركي باراك أوباما أن "اللحظة مواتية" لتجديد محادثات السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين يواجه العديد من الحقائق القاسية. ومن بين هذه الحقائق سيطرة حركة حماس على قطاع غزة - على الرغم من الحملة الاسرائيلية التي استمرت 22 يوما فضلا عن مواصلة الحركة الكفاح المسلح ورفضها حق اسرائيل في الوجود. اما تضاؤل نفوذ الرئيس محمود عباس خصم حماس المدعوم من الغرب وشرعيته التي يجري التشكيك فيها فحقيقة أخرى.

ويخيم على مشاحناتهما صراع اقليمي يضع ايران وسوريا وحزب الله في مواجهة دول عربية تعتمد حكوماتها على الدعم الأميركي لكن معظم شعوبها معادية للسياسة الأميركية. واذا كان الفلسطينيون غير قادرين على التفاوض من أجل السلام بسبب انقساماتهم فقد يكون الاسرائيليون غير راعبين. ويدلي الاسرائيليون بأصواتهم في الانتخابات التي تجري في 10 فبراير شباط التي قد تأتي بزعماء الى السلطة أقل تقبلا من رئيس الوزراء المنتهية ولايته ايهود اولمرت لحل قائم على خطوط تحظى بموافقة دولية اي اقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة في الضفة الغربية وقطاع غزة والتوصل الى تسوية بشأن القدس ونتيجة متفق عليها بصدد اللاجئين.

ونمت المستوطنات الاسرائيلية بالضفة الغربية المحتلة في ظل حكومات متعاقبة. وربما لن تستطيع اي حكومة الآن تفكيكها - وقد تكون هذه أقسى حقيقة بالنسبة لمسعى أوباما لتحقيق السلام. وكتب المحللان السياسيان معين رباني وكريس تونسينج في "ميدل ايست ريبورت" هذا الاسبوع "استمر توسع المستوطنات الاسرائيلية لمدى كبير جدا وفترة طويلة للغاية فيما يبدو بحيث لا تستطيع اي حكومة اسرائيلية تريد الاحتفاظ بشرعيتها أن تلغي هذا حتى اذا تمت ممارسة ضغط أميركي حقيقي."

أوباما الذي عقد العزم على تنشيط جهود السلام التي أهملها سلفه طويلا أرسل مبعوثه الخاص جورج ميتشل الى الشرق الاوسط ليستمع ويلتقي مع "جميع الاطراف الكبرى" باستثناء حماس التي يصنفها الغرب على أنها منظمة ارهابية. وقد وعد الرئيس الأميركي الجديد بالانخراط دبلوماسيا مع خصوم مثل ايران وسوريا لكن ليس مع حماس او حزب الله. وحتى الآن تشير تصريحات أوباما الى تغيير طفيف في السياسة الأميركية بشأن الصراع العربي الاسرائيلي باستثناء شعور بضرورة التحرك بسرعة بصدده مصمم جزئيا لدعم تواصله مع "العالم الاسلامي."

وقال ارون ديفيد ميلر المفاوض الأميركي السابق بالشرق الاوسط في مقابلة نشرها مجلس العلاقات الخارجية ومقره واشنطن ان اختيار ميتشل كمبعوث له يظهر أن الادارة الجديدة اختارت العملية وليس المحتوى. وأصبح تقرير ميتشل الذي صدر عام 2001 عن العنف الاسرائيلي الفلسطيني أساسا لخطة "خارطة الطريق" للسلام التي وضعت عام 2003 وتدعمها الولايات المتحدة والتي لم تؤد الى أي شيء حتى بعد أن دفع الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الاطراف الى تجديد المفاوضات في مؤتمر انابوليس عام 2007.

ويرى ميلر أن أوباما لا ينوي اجراء تغييرات كبرى في السياسة "لانه في الوقت الحالي فان احتمالات التوصل الى اتفاق من اي نوع لانهاء الصراع بين الاسرائيليين والفلسطينيين منعدمة."لكن الهجوم المدمر الذي شنته اسرائيل على غزة وكان هدفه المعلن وقف اطلاق حماس للصواريخ على بلدات جنوبية وضع ضغطا على الولايات المتحدة لتفعل شيئا في وقت مبكر. وقد تجد نفسها متورطة لعدة اشهر في مجرد ادارة الصراع بدلا من السعي الى التوصل لحلول شاملة.

وإبرام تهدئة قابلة للاستمرار بين اسرائيل وحماس والترتيبات الامنية وتبادل الاسرى واعادة فتح المعابر الحدودية لغزة واعادة الاعمار كلها تحديات قاسية بالفعل تعقدها مقاطعة اسرائيل والغرب لحماس. وتعين على واشنطن وحلفائها الاوروبيين أن يعلقوا آمالهم على مصر التي توسطت في محادثات غير مباشرة بين اسرائيل وحماس وتريد عقد مصالحة بين حماس وحركة فتح العلمانية التي يتزعمها عباس والجمع بينهما لتشكيل حكومة "وحدة".

وقال توني بلير مبعوث المجموعة الرباعية للسلام بالشرق الاوسط يوم الاربعاء "المصريون الآن سيأخذون على عاتقهم عملية محاولة جمع الفلسطينيين معا." وأضاف في القاهرة "اذا لم نبدأ اعادة اعمار (غزة) والوحدة الفلسطينية على أسس سليمة سنعود الى هذا الوضع مجددا. وتابع أن الاستراتيجية التي اتبعت في الماضي "لم تنجح." ولم يحدد بلير ما الذي يجب أن يتغير في سياسة الغرب الذي نبذ حماس منذ فوزها بالانتخابات الفلسطينية عام 2006. وتدفقت أموال الغرب على الضفة الغربية لتعزيز عباس وقوات الامن التابعة له بعد سيطرة حماس على قطاع غزة عام 2007 الذي فرضت عليه اسرائيل بعد ذلك حصارا مشددا.

ووافقت الولايات المتحدة ضمنيا على حصار غزة الذي يعتبره حتى بعض الاسرائيليين عقابا جماعيا. وأشار يوسي الفر المحلل الامني الاسرائيلي الى أنه من الافضل رفع الحصار مقابل تهدئة مع حماس واجراءات تتخذها مصر والقوى الغربية لمكافحة تهريب الاسلحة. وكتب في رسالة بيتر ليمونز دوت اورج الاخبارية على الانترنت "يجب أن ندرك أن حماس مهما كانت مكروهة حقيقة واقعة وهي جارتنا وأن تجويع جموع الفلسطينيين استراتيجية ستأتي بنتائج عكسية."

وطرح ناثان براون في بحث صدر مؤخرا لمؤسسة كارنيجي انداومنت فكرة أنه بدلا من الاستمرار في "عملية السلام" التي فشلت في تحقيق اي شيء بشكل متكرر يستطيع أوباما أن يختار العمل الذي يحقق درجة أقل من المجد بدعم المفاوضات غير المباشرة بين اسرائيل وحماس. وقال "ربما لن تكون هناك جائزة نوبل لتمنح هنا لكن ضمان نجاح هذه المفاوضات الحقيقية ثم الاهتمام على الفور بالخطوة التالية نهج واعد اكثر كثيرا من ادعاء أن الاطراف يمكن مداهنتها واجبارها واقناعها للتوصل الى تسوية نهائية وشاملة في ظل الظروف الراهنة."

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف