العاهل السعودي: الواجب الديني والوطني والنخوة العربية عوامل دفعت نحو نبذ الخلافات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
إيلاف من الرياض: أكد العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز أن الواجب الديني و الوطني بالاضافة الى النخوة العربية عوامل دفعته للأخذ بزمام المبادرة نحو نبذ الخلافات العربية العربية. وقال خلال استقباله لرئيس مجلس الشورى وكبار المسؤولين فيه ( أنا لم أقل شيئاً إلا من واجبي الديني وواجبي الوطني والنخوة العربية).
وأضاف يقول ( إخواني .. تحملت هذه المسألة من سنين وأنا أجابه الشيطان والعقل وتكررت هذه أياماً وليالي ، والحمد لله رب العالمين قررت أن استخدم العقل وأنبذ الشيطان والحمد لله أنني تمكنت من الضغط على النفس وأنتم تعرفون النفس والشيطان يصعب التخلص منهما ، ولكن فوقهما إرادة الرب عز وجل ثم إيمان وإخلاص وثقة بشعبي وثقة بكل إنسان يحس بمسئوليته العربية والإسلامية والأخلاقية - والله سبحانه وتعالى هو الذي أعانني والحمد لله تمكنت من الذي سمعتموه ، ووالله لا رياءً ولا أطلب أي شيء أو أن يقال عني أنني عملت شيئاً. هذه هي الحقيقة ، وهذه التي صدرت من أخيكم. وشكراً لكم).
وفي بداية الاستقبال ألقى رئيس مجلس الشورى الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد الكلمة التالية :
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
خادم الحرمين الشريفين :
أعزكم الله ونصركم وجعل التوفيق حليفكم.
لقد شاهدنا وشاهد العالم معنا مفاجأة القائد شاهد التحول الكبير في مسار القمة ، فقد كنتم بحق - يا خادم الحرمين - القائد العظيم ذا الحضور الكبير في كل المحافل ، يترك أثره الفاعل في كل مجريات الأمور ، تقدمون حين يحجم الآخرون.
قمة الكويت كانت علامة فارقة في تاريخ القمم العربية الاستثنائية منها والعادية ، والطارئة منها والدورية. كان العرب ومن ورائهم العالم كله يترقب لحظة الحقيقة ، كل المؤشرات كانت متشائمة ، وكانت حالات الحذر والترقب والتوجس وظروف الأمة تحيط بالمؤتمر وبدت حالة العرب وكأنها حالة مستعصية ، فعلى الرغم من الجراح والدماء والقتلى والأشلاء والدمار كانت الثقة مهزوزة ، والأولويات مشوشة ، والعرب الذين اشتغلوا بالتسميات والتقسيمات في محاور وتحالفات لا يدرون أين يتجهون.
في هذه الظروف والأجواء تحدث الكبار وكان حديثهم حاسماً جازماً. يعلن قائدنا بصراحة وبقوة وصرامة رفض السير في ركاب الخلافات ويزيح الهم الجاثم على الصدور.
وقلتم في نقد مسؤول للذات أمام هؤلاء الأعضاء في افتتاح السنة الرابعة من الدورة الرابعة لمجلس الشورى : ( يشهد الله تعالى أنني ما ترددت يوماً في توجيه النقد الصادق لنفسي إلى حد القسوة المرهقة كل ذلك خشية من أمانة أحملها هي قدري وهي مسؤوليتي أمام الله - جل جلاله - ) ، وهذا هو ديدنكم في توجيه النقد الصادق للنفس مستمدين من ذلك عزيمة وقوة تسقط الباطل وتعلي الحق بإذن الله.
بدأتم بنفسكم فأسقطتم خلافاتكم مع أي دولة ومع أي نظام.
هذه الشجاعة النادرة من قائد عظيم بحجم قمة وقامة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ، قوة وشجاعة نحسب أنك أبرأت بها الذمة ووضعت الجميع على محك الشجاعة واختبار المصداقية.
أطفأتم نيران التوتر وفتحتم الباب واسعاً للصلح وجمع الكلمة ووحدة الصف ، مجسدين الديانة وصلاح القلب وروح الأصالة والنخوة. إنه خطاب القوي بربه ثم القوي بشعبه وبأمته ، لم تقدموا أي تنازل ؛ المبادرة العربية مطروحة ، ولكنها لن تكون مطروحة إلى الأبد والسلام خيار ولكنه ليس الخيار الوحيد.
كانت كلمتكم في أقل من عشر دقائق ولكنها كانت كافية لقلب الموازين بل لضبط الموازين غيرتم اللغة فغيرتم المواقف. لقد عد العادون الكلمات بحروفها وزمنها شخصت الداء ووصفت الدواء.
إنها كلمة استثنائية نعم استثنائية ولكنها ليست استثنائية في قاموس الملك عبدالله ولا في شخصيته ونهجه. وثيقة تاريخية أغلقت باب التدخل الخارجي وأعادت الهيبة وأمسكت زمام المبادرة وغيرت صورة المعادلة في منطقتنا.
إنها كلمة رجل الإسلام وفارس العروبة وملك الإنسانية في قيادته الحكيمة ودبلوماسيته الناجحة. كلمات قليلة ليس فيها مراوغة أو محاولة لكسب أو تبرير ليس فيها حديث شخصي ولا منجزات ذاتية كلمات صادقة حكيمة ، نابعة من القلب فكان موقعها الرضا والقبول.
جاء حديثكم ليقطع الصمت الرهيب وليبدد الهواجس ويمزق التشاؤم ، حديث من الفؤاد بنبرة معبرة وعبارات مؤثرة ومشاعر عربية إسلامية صادقة ومصارحة متناهية ومصالحة خالصة.
قلتم ( مضى الذي مضى واليوم أناشدكم بالله جل جلاله ثم باسم الشهداء من أطفالنا ونسائنا وشيوخنا في غزة باسم الدم المسفوح ظلماً وعدوانا على أرضنا في فلسطين الغالية باسم الكرامة والإباء باسم نفوسنا التي تمكن فيها اليأس أناشدكم ونفسي أن نكون أكبر من جراحنا وأن نسمو على خلافاتنا وأن نهزم ظنون أعدائنا بل نقف موقفاً مشرفاً يذكرنا التاريخ به وتفخر به أمتنا ) .
ثم أعلنتم باسم الجميع تجاوز مرحلة الخلافات وفتح باب الأخوة العربية والوحدة لكل العرب دون استثناء أو تحفظ ومواجهة المستقبل - بإذن الله - نابذين الخلافات صفاً واحداً كالبنيان المرصوص.
ولئن كنت رجل المبادرات الجادة الحكيمة المحكمة فإن هذه أم المبادرات وقمتها .. وما عليك بعد اليوم يا أبا متعب وأنت رجل الإصلاح والحوار والعرب والإسلام والإنسانية نحسب أنك قد أديت الذي عليك ونصحت لأمتك ونرجو أن الله سبحانه قد أذن لهذا الليل الحالك أن ينجلي بفضل الله ثم بمبادرتكم وصدقكم وطهارة قلبكم ونقاء سيرتكم وصفاء سريرتكم. لقد أحرجتم الخصوم والمشككين في مواقفكم بل لقد أنطقتموهم ليقولوا ما أردتم أن يقولوه لا ما أرادوا أن يقولوه عجزوا أن يلوذوا بالصمت بل ألجأتموه بصدقكم ومصداقيتكم ليقولوا الحق ويشيدوا بدوركم ويقدروا مواقفكم وليعترفوا بفضلكم.
لقد ارتفع مقامكم فوق القامات وعلا دوركم فوق الأدوار وتحلق حولكم أخوانكم الزعماء والقادة كما تتحلق الكواكب حول مدارها. لم تقفوا عند الماضي متسائلين أو معاتبين بل انتقلتم إلى المستقبل.
أما ما أعلنتم من تبرع باسم الشعب فجاء خالياً من الترفع أو المنة بل لقد قلتم وصدقتم أن أي مبلغ مهما بلغ لا يوازي قطرة من دم فلسطيني. وهكذا فليكن الصدق وهكذا فلتكن الدبلوماسية ، واسمحوا لي - يا خادم الحرمين - أن أرفع لمقامكم الكريم التحية والتقدير باسمي واسم زملائي أعضاء مجلس الشورى على مواقفكم المخلصة وجهودكم الصادقة تجاه الوطن والأمة ، فسيروا - يا خادم الحرمين - على طريق الحق والعزة والإباء ، ونحن لكم - بعون الله - بعد ولي عهدكم السند والعضد والنصير.
خادم الحرمين الشريفين واسمحوا لي كذلك وقبل أن أختم كلمتي أن أقف عند إشارة لها دلالتها تسجل حضوركم ومواقفكم وتقدير العالم لكم أقف مهنئاً لمقامكم الكريم بالجائزة التي نلتموها من برنامج الغذاء العالمي ( البطل العالمي لمكافحة الجوع ) ، ولن ينس شعبكم زيارتكم الشهيرة لبعض الأحياء في مدينة الرياض ووقوفكم الشخصي مع هموم شعبكم فهنيئاً لكم هذه المواقف والانجازات حفظكم الله.
أمدكم الله بعونه وتسديده ووفقكم وسمو ولي عهدكم لما يحبه ويرضاه ، وحفظ علينا ديننا وأمتنا وبلادنا ، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
إثر ذلك دار حوار بين العاهل السعودي والحضور اتسم بالصراحة والوضوح حيث أجاب على أسئلتهم وتطرق إلى ما تم تقديمه من مساعدات طبية للفلسطينيين, مؤكداً حرصه على الأنفس السعودية والعربية والمسلمة وقال ( ما من شك أن ذلك واجب والمطلوب منا أكثر وأكثر).
ودعا الملك عبد الله بن عبد العزيز الفلسطينيين إلى التكاتف ونبذ الشيطان, مشيراً إلى أن تنافسهم هذا خطأ كبير سيؤدي إلى تفريقهم أكثر مما عملته الصهيونية فيهم وقال ( أرجوهم رجاء مسلم إلى إخوانه المسلمين أن ينبذوا الشيطان ويتعوذوا منه ويلتفون حول بعضهم وهو الأمر الذي سيرفعهم ويرفعنا ويرفع العرب جميعاً .. أرجو منهم عدم التنافس ، عدم الانتحار ، عدم حب الذات ، لا بد أن ينكروا ذاتهم في خدمة دينهم ووطنهم فلسطين).
وفي نهاية إجابات الملك على أسئلة أعضاء المجلس أكد على الترابط الكبير بين قيادة وشعب المملكة العربية السعودية وعلى اعتزازه بذلك الترابط قائلاً ( أنا لولا شعبي لا شيء ، أنا فرد).