الحراك الدبلوماسي التركي مستوحى من نظريات أوغلو
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
شهدت منطقة الشرق الأوسط في الفترة الاخيرة ما يمكن تسميته أياما كانت الدبلوماسية التركية فيها أكثر حراكاً وفعالية خصوصا في الازمة العراقية - السورية الطارئة والملف النووي الايراني.
أنقرة: حمل لواء هذا الحراك اللافت في المنطقة رئيس الدبلوماسية التركية احمد داود اوغلو الذي يعمل وفق نظريات سياسية سنها حينما كان في منصب كبير مستشاري رئيس الوزراء قبل ان يتولى حقيبة الخارجية في مايو الماضي وهي تفسر سبب الانخراط القوي للسياسة الخارجية لتركيا في محيطها الاقليمي.
وتستند اطروحات داوود اوغلو وهو الضليع بقضايا المنطقة الى نظرية (العمق الاستراتيجي) وتعني ببساطة ان موقع تركيا وتاريخها يضطرانها الى التحرك في كل اتجاه للحفاظ على مصالحها وامنها خصوصا في جوارها الجغرافي كما تعني ان قطيعة تركيا لمنطقة الشرق الاوسط وقضاياها لعقود طويلة يجب ان تنتهي اذا ما ارادت "دورا عالميا".
ولعل اطلاق داوود اوغلو عبارة "شهر السلام" على شهر اكتوبر هو عنوان هذا التحرك الدبلوماسي التركي القوي وهي تلخص ايضا مسار السياسة الخارجية في المرحلة الحالية والمقبلة أي السعي لاحلال السلام والاستقرار في المنطقة وذلك من خلال التفرغ لمعالجة الملفات الشائكة والطارئة خصوصا الازمة بين دمشق وبغداد من جهة والخلاف بين الغرب وايران بشأن طموحاتها النووية.
وتعليقا على هذا الحراك التركي اللافت قال الكاتب الصحفي في صحيفة (تركيا) اليومية اسماعيل كابان لوكالة الانباء الكويتية (كونا) "لعل الحدث الأبرز في الحراك التركي كان هو الوساطة التركية في الازمة السورية - العراقية واستضافة اسطنبول لاجتماع رباعي (تركي - عراقي - سوري بحضور جامعة الدول العربية) فكان حدثا غير مسبوق بكل معنى الكلمة اذ ان تركيا تتوسط هذه المرة بين بلدين عربيين (سوريا والعراق) على خلاف وساطتها السابقة في محادثات السلام السورية - الاسرائيلية".
واضاف كابان "اهتمام أنقرة في الأزمة بين دمشق وبغداد يعود إلى انه وقع في جوارها الجغرافي المباشر " معتبرا ان زعزعة عملية استقرار العراق واضطراب العلاقة بين جارين قد يغذي الصراع داخل العراق الذي يكافح لضمان وحدة اراضيه. واوضح ان من صالح تركيا ان تعود العلاقة الى طبيعتها بين بغداد ودمشق على اعتبار ان التعاون بين البلدين يكفل الامن والاستقرار في ربوع العراق كما يمكن الحكومة المركزية في بغداد من التصدي لاخطار الارهاب الذي يؤثر على تركيا.
ولفت الى ان تسارع وتيرة عجلة الدبلوماسية بدات مع وصول حزب العدالة والتنمية ذي الطابع الاسلامي الى السلطة في نهاية عام 2002 وانتهاج سياسة جديدة تجاه العالمين العربي والاسلامي مع تباعد نسبي عن اسرائيل وهو الذي اعاد تركيا الى مكانها الحقيقي كما انه اتاح مجالات جديدة للحضور والتأثير لم تكن سابقا في عهد الحكومات التركية السابقة طيلة العقود الماضية.
من جانبه قال الخبير الاستراتيجي عمر تشاغلار تعليقا على الدور التركي في الازمة الايرانية ان "البعد السياسي من التدخل التركي في الازمة الايرانية يمكن تلخيصه كالتالي هو ان المشهد الاقليمي في منطقة الشرق الأوسط قابل للانفجار اذ ما انفلتت الاعصاب على احدى الجهتين سواء في ايران او في الغرب". واضاف ان "المخاوف من التهديدات الاسرائيلية بضرب المنشات النووية الايرانية تارة والتسريبات عن مواجهة بين ايران والغرب تارة اخرى تثير هواجس في انقرة من انفجار الوضع في المنطقة" وهذا بدوره يؤثر على مساعيها الرامية الى احلال الامن والاستقرار في المنطقة.
واوضح تشاغلار ان تركيا على خلاف اي دولة أخرى في المنطقة تمتلك مؤهلات الوساطة بالنظر لعلاقتها القوية مع ايران ونجاحها في حل هذه الازمة يعزز من نفوذها وموقعها كدولة رائدة في الاقليم كما يمنحها دورا عالميا بصفتها "دولة سلام".
واكد انه في الوقت الذي تراقب تركيا باهتمام الحوار الدائر بين طهران والقوى الخمس الكبرى زائد المانيا الذي بدات فصوله في جنيف الاسبوع الماضي فانها اعلنت رفضها صراحة فرض أي عقوبات جديدة على ايران خشية ان يتسبب ذلك بتصلب الموقف الايراني وبالتالي "حدوث ما لايحمد عقباه".
وتامل الدبلوماسية التركية ان يثمر الحوار بين الجانبين تفاهما يفضي الى التسليم بضرورة تقديم تنازلات من كلا الطرفين في مسالة الطموح النووي وتستعد في هذا الاطار الى الذهاب لطهران في وقت لاحق من الشهر الحالي لاقناع القيادة الايرانية بالمضي في هذا الحوار الى نهايته كما قال داوود اوغلو في وقت سابق.