العلاقات بين طالبان والقاعدة تسودها الخلافات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يبدو تحالف حركة طالبان مع اسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة أقوى مما كان عليه منذ سنوات لكن هناك توترات تحت السطح توفر فرصا للقوى الغربية لاذكاء شقاق وحرمان تنظيم القاعدة من حماية مضيفيه.
لندن: كان حرمان اكثر رجل مطلوب القبض عليه في العالم من ملاذ امن على الحدود بين افغانستان وباكستان هدف السياسة الغربية منذ هجمات 11 سبتمبر ايلول عام 2001 حين رفضت حركة طالبان مطلبا للولايات المتحدة بتسليم ابن لادن. ويقول خبراء انه كان على ابن لادن الذي لا يملك جيشا ولا ارضا والذي يتعرض بشكل متزايد لهجمات الطائرات الاميركية دون طيار العمل باستمرار على تعزيز صلاته بمضيفيه من قبائل البشتون لتأمين ملاذ على الحدود واظهار الولاء لحليف يدين له بكل شيء. ويعني هذا أن على تنظيم القاعدة أن يثبت جدارته باستمرار بتوفير اتصالات في الخليج ومعدات وتمويل وخبرات في المتفجرات ونصائح بمجال الدعاية لمساعدة حركة طالبان على قتال القوات الاميركية حتى اذا سعى الى تحقيق هدفه العالمي بالتحريض على شن هجمات ضد أهداف غربية في أنحاء العالم بما في ذلك باكستان المجاورة.ويعتقد بروس ريدل من معهد بروكينجز في واشنطن أن الصلات بين الجماعتين "تزداد توطدا على الارجح" في اشارة الى النصائح الخاصة بالعمليات التي أعطاها تنظيم القاعدة لمقاتلي طالبان البشتون في الاونة الاخيرة حول التفجيرات الانتحارية.
وأضاف أنه "قد تكون هناك اختلافات في الرأي بين القاعدة وطالبان ولكن حتى الان الاكثر اثارة للاعجاب هو كيف استمر ارتباطهم مهما كانت الخلافات بينهم." وقال ريتشارد باريت منسق لجنة مراقبة طالبان والقاعدة بالامم المتحدة ان مقاتلي القاعدة في أفغانستان يتمتعون عادة بالخبرة ويتسمون بالعزيمة دائما. وأضاف "ليست لهم أسر ليرجعوا اليها او حقول ليزرعوها." لكن البعض يرى أن ميزان الحاجة بالتحالف يميل باطراد في كفة طالبان بفضل المكاسب التي حققها المتمردون في الاونة الاخيرة في ميدان القتال مما عزز الاحتمالات بأن ينظر ذات يوم الى القاعدة كعائق يمكن التخلص منه. ويقول نعمان بن عثمان المحلل الليبي والمتشدد السابق الذي قاتل ذات يوم في افغانستان ان تنظيم القاعدة عمل على تعميق علاقاته مع زعيم طالبان الملا عمر واستطرد "لكن العلاقات مع الناس على مستوى أدنى ليست كلها جيدة. على الصعيد العملي لا تحتاج طالبان للقاعدة. طالبان تمارس التمرد ولا تحتاج لدروس من القاعدة في هذا." والتحالف بين القاعدة وحركة طالبان الافغانية مثار اهتمام كبير للغرب لان الرئيس الاميركي باراك اوباما يراجع استراتيجية افغانستان وسط تزايد القلق بشأن الحرب في الداخل ونداءات بتركيز الجهود بدقة اكبر على ملاحقة أعضاء تنظيم القاعدة.
ويرفض بعض المعلقين فكرة أن حركة طالبان يمكن أن تخون تنظيم القاعدة اذ يقولون ان البشتون ملتزمون بميثاق شرف يقتضي حسن ضيافة لا تنتهي للضيوف. لكن في عام 1998 عقدت طالبان صفقة لتسليم ابن لادن للسعودية بعد أن دب خلاف بينه وبين الملا عمر. وعلى الرغم من أن حركة طالبان حنثت بوعدها في نهاية المطاف يشير خبراء الى هذه الواقعة كدليل على أن كرم طالبان له نهاية. وقال مايكل سيمبل نائب رئيس بعثة الاتحاد الاوروبي السابق في العاصمة الافغانية كابول وهو ايرلندي "وراء دعاية طالبان المروجة للحرب هناك مؤشرات ذات مصداقية على أن هناك نزعة براجماتية قوية داخل القيادة." وأضاف أن هذه النزعة داخل القيادة "تتوقع أن تنخرط في عملية سياسية ما مع الحكومة الاميركية والحكومات الافغانية في احدى المراحل." وقال خبير في شؤون الاسلاميين طلب عدم نشر اسمه لحساسية الموضوع ان رجال طالبان يتذكرون بسرعة دون أن يعلنوا هذا أن استضافتهم لتنظيم القاعدة عام 2001 كلفتهم الحكم. وأعلنت حركة طالبان مرارا أنها لا تمثل تهديدا للغرب في اختلاف ضمني عن تنظيم القاعدة. وهناك اختلافات بين طالبان وتنظيم القاعدة تتجاوز أهدافهما الرئيسية وتختلف مواقف تنظيم القاعدة من التنديد الشديد بالعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز ورغبته في الاطاحة بحكومات عربية وازدرائه لبعض الساسة الاسلاميين الافغان الى تسامحه مع القتل الجماعي للمدنيين اختلافا كبيرا عن مواقف حركة طالبان الافغانية.
ويعتقد محللون أن الجماعتين استطاعتا في الوقت الراهن السمو فوق عوامل الكراهية بينهما والتي تشمل توترات قديمة بشأن استراتيجية الدعاية والامن ويرون أن ذلك في صالح استمرارهما. وقال الكاتب الباكستاني احمد رشيد "الصف الثاني والعناصر العادية من طالبان لا يحبون العرب كثيرا... هناك توترات لكن احتياجات القيادة العليا تتجاوزها." ويقول البعض ان مشاركة تنظيم القاعدة في العمليات بافغانستان معلقة مؤقتا في تناقض مع روابطها المتزايدة بالمتمردين الباكستانيين بما في ذلك حركة طالبان الباكستانية. ويشكك رشيد في هذا قائلا ان حركة طالبان الافغانية "على منحنى مستمر للتعليم" يحتاج الى نصح متكرر من القاعدة.
وقال باريت "ليس هناك سبب في الوقت الحالي ليتخلى اي من الجانبين عن الاخر. التغير الذي قد يحدث هو اذا استطاع الملا عمر السيطرة على الحكم او الوصول الى اتفاق مع (الرئيس حامد) كرزاي. "يبدو واضحا أن الولايات المتحدة وأصدقاءها سيواصلون اجهاد الملا عمر بالهجمات المتكررة ما دام يوفر المأوى للقاعدة... في نهاية المطاف هكذا بدأت المسألة برمتها وسيكون هذا الفيصل بالنسبة للولايات المتحدة في اي اتفاق للانسحاب يتم التوصل اليه في النهاية." ويرى جيسون بيرك المؤرخ البريطاني المتخصص في شؤون تنظيم القاعدة "توترات فعلية ومحتملة " بين الجماعتين يمكن استغلالها لكنه يقول ان هذا يحتاج وقتا واعدادا على مستوى اقليمي. وقال ريدل ان باكستان تلعب دورا حاسما. وأضاف "ما دامت باكستان تعتبر طالبان الافغانية مصدر قوة على المدى الطويل وتوفر على الاقل ملاذا امنا سلبيا فسيكون من الصعب جدا انهاء هذا التحالف."