جهود دبلوماسية كثيفة لمعالجة أزمة الإنتخابات الأفغانية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يبدو ان الوضع السياسي المتأزم مستمر في كابول اذ ما زالت النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية في 20 آب/اغسطس لم تنشر بعد. وقد شابت عمليات الاقتراع اتهامات كثيرة بالتزوير فيما يتفاوض المرشحان الرئيسيان الرئيس المنتهية ولايته حميد كرزاي ووزير الخارجية السابق عبد الله عبد الله بهدف التوصل الى حل. وحذرت الإدارة الأميركية القادة الأفغان من تراجع دعم واشنطن إذا لم يتوصلوا لحل لأزمة انتخابات الرئاسة المتنازع عليها بعد مضي نحو شهرين على إجرائها، وقالت إنها تريد شريكا أفغانيا جديرا بالثقة.
كابول، واشنطن: تواصلت الجهود الدبلوماسية الكثيفة الاحد لمعالجة الجدل حول الانتخابات الرئاسية الافغانية، في وقت بدا المتنافسان الرئيسيان مستعدين للعمل معا، بحسب وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير. وافاد دبلوماسيون غربيون ومسؤولون افغان ان الامر يقضي باقناع الرئيس المنتهية ولايته حميد كرزاي بقبول نتائج الانخابات، ما يعني اجراء دورة ثانية، او في حال عدم حصول ذلك التوصل الى اتفاق سياسي مع خصمه وزير الخارجية السابق عبدالله عبدالله الذي سيحصل بذلك على ترضية.
ورجحت الصحف الاميركية خلال الايام الاخيرة احتمال اجراء دورة ثانية للانتخابات، اذ ان لجنة الطعون الانتخابية التي تحقق في التزوير المفترض قدرت نسبة الاصوات التي حصل عليها كرزاي في الجولة الاولى بنحو 47%. وتناقض هذه الارقام النتائج الرسمية الاولية التي تفيد بحصول كرزاي على 54,6% من الاصوات مقابل 27,8% لعبد الله.
ويرى الامين العام للبيت الابيض راحم ايمانويل، الذي يثق به اوباما، انه مهما كان الاتجاه، سواء عبر دورة ثانية او اتفاق بين عبد الله وكرزاي، "ينبغي في النهاية، ان يؤول الامر الى حكومة شرعية ذات مصداقية في نظر الافغان".
وقال وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير في كابول "انا قلق لانه يبدو ان الجميع غير مستعدين للقبول بنتائج" الانتخابات التي لم تعلن بعد، في اشارة الى كرزاي، وطلب الوزير الفرنسي الذي التقى المرشحين المتنافسين السبت والاحد على حدة ان "يتم تطبيق القواعد الانتخابية التي قبل بها الجميع".
وشابت انتخابات 20 اب/اغسطس اتهامات بحصول عمليات تزوير كبيرة. والمتهم الرئيسي هو كرزاي نفسه الذي حصل وفق النتائج الاولية على 54,6 في المئة من الاصوات في مقابل 27,8 في المئة لعبدالله. لكن هذه الارقام تتناقض مع تلك التي كشفتها الجمعة صحيفة "واشنطن بوست" ومفادها ان 47 في المئة فقط من الناخبين صوتوا فعلا لمصلحة كرزاي.
ويبدو ان اعلان النتائج النهائية بات وشيكا. وقال كوشنير "اذا لم يحصل اي مرشح على نسبة 50 في المئة (...) فسيتم اجراء دورة ثانية". والوزير الفرنسي واحد من مسؤولين غربيين عديدين سبق ان تحدثوا الى المرشحين في محاولة لايجاد مخرج للازمة.
لكن اجراء دورة انتخابية ثانية في ظل نسبة مشاركة خجولة لم تتجاوز 37,8 في المئة في الدورة الاولى لن يؤدي الى حل المشكلة وفق المراقبين، بل قد يساهم في زعزعة استقرار افغانستان التي تشهد تصاعدا لحركة التمرد. ويرى هؤلاء ان الحل الابسط يكمن في ايجاد تسوية ودية بين كرزاي وعبدالله.
وبحسب الوزير الفرنسي فان العلاقات بين كرزاي وعبدالله "ليست سيئة الى هذا الحد وهناك رغبة فعلية لديهما في العمل معا على اساس برنامج حكومي موحد". وتابع كوشنير "هناك فرضيات عدة : دورة انتخابية ثانية قبل الشتاء او في الربيع اذا كان الامر مستحيلا قبل ذلك"، او ان "يعزف عبدالله عن الترشح في الدورة الثانية" ليترك كرزاي يفوز في شكل شرعي وهو فوز مرجح اصلا.
وفي حال حصلت الفرضية الثانية فسيحصل عبدالله على ترضية يجري التفاوض بشأنها حاليا بحسب ما افاد دبلوماسي غربي، قد تكون عبارة عن مشاركته في وضع البرنامج السياسي للحكومة المقبلة واقامة "وضع قانوني له". كما قد يكلف عبدالله مهمة لاصلاح الدولة الافغانية الفاسدة وغير الفاعلة، وهو طلب يكرره على الدوام الغربيون، وقد يكون عبارة "عن ممثل خاص للرئيس مكلف القضاء على الفساد.
وتعرب الدول الغربية وخصوصا التي تشارك في القوات المنتشرة في افغانستان عن ضيقها مما اعترض الانتخابات الرئاسية الاخيرة من شوائب تحول حتى الان دون اعلان نتائجها. وطالب قائد القوات الاميركية في افغانستان الجنرال ستانلي ماكريستال بارسال ما لا يقل عن اربعين الف جندي اضافي الى افغانستان للتمكن من وضع حد لتمرد طالبان. وفي مقابلة مع شبكة "سي ان ان" قال السناتور الديموقراطي الاميركي الفاعل جون كيري ان قرار ارسال مزيد من القوات الى افغانستان "في الوقت الذي لم نعرف بعد من هو الفائز بالانتخابات الرئاسية هو قرار غير مسؤول".
الى ذلك، اكد البيت الابيض الاحد ان اتخاذ قرار بارسال تعزيزات الى افغانستان سيكون عملا "غير مسؤول" ما دام ليس هناك "حكومة ذات مصداقية" تقود البلاد حيث لم تعلن النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية حتى الساعة. وصرح الامين العام للبيت الابيض راحم ايمانويل صباح الاحد لشبكة "سي.ان.ان" ان "المسألة بالنسبة الينا والى الرئيس (باراك اوباما) هي كالتالي، هل هناك حكومة ذات مصداقية وعملية (انتخابية) شرعية؟".
وبينما يجري اوباما مشاورات قبل ان يقرر ارسال تعزيزات او لا لارساء استقرار في افغانستان، اعتبر ايمانويل ان "من غير المسؤول (...) اتخاذ قرار حول عديد الجنود من دون القيام بتحليل معمق لمعرفة هل هناك حقا شريك افغاني مستعد لتولي العمل الذي ستقوم به القوات الاميركية".
وفي خطوة تعتبر تحذيرا جديدا لكرزاي الذي يشتبه في انه استفاد من التزوير، انضم ايمانويل الى تحليل رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، المرشح الديمةقراطي السابق للانتخابات جون كيري. وفي تصريح لشبكة "سي.ان.ان" اعتبر كيري ايضا ان "من غير المسؤول" ارسال قوات اضافية الى افغانستان في الوقت الراهن.
وصرح في حديث من افغانستان "سيكون من غير المسؤول تماما بالنسبة الى رئيس الولايات المتحدة ارسال قوات اضافية (الى افغانستان) في وقت لم تنته الانتخابات الرئاسية بعد ولا نعلم من سيكون الرئيس ومع اي حكومة سنتعامل". وفيما دخلت الحرب في افغانستان سنتها التاسعة ويلقى النزاع الذي يشتد عنفا اعتراضا متزايدا لدى الراي العام الاميركي، وعد اوباما باتخاذ قرار "خلال الاسابيع المقبلة" حول ارسال تعزيزات محتملة.
وقد طلب القائد الاعلى للقوات الاجنبية في افغانستان الجنرال ستانلي ماكريستال ارسال 45 الف جندي اضافي للتصدي لطالبان ومنع القاعدة من ترسيخ حضورها في البلاد التي كانت قاعدتها الخلفية لشن اعتداءات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر 2001.