نساء العراق يجبرن على المخاطرة ليتمكن من العمل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
بعقوبة (العراق): "هدفنا واحد واسبابنا مختلفة"، بهذه الكلمات اختصرت احدى نساء مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالى شرقي العراق اسباب تواجدها مع عدد من زميلاتها عند بوابة ثكنة عسكرية بانتظار الاعلان عن اسماء الفائزات بفرصة عمل ضمن تنظيم امني يطلق عليه بنات العراق الذي يعتبرنه سفينة نجاة من البطالة، برغم المخاطر المحيطة بهذه الخطوة.
ففي طابور طويل يتعدى مئة متر، واجواء حارة، واجراءات امنية مشددة، اجتمعت سعاد الارملة، ودعاء المطلقة، ونسرين المهجرة، وفهيمة العانس، وهن أمثلة لنساء عراقيات من شرائح موجودة في المجتمع ،في ذلك المكان بحثا عن فرصة عمل حيث قدمت هؤلاء النسوة ملفات الطلب بانتظار الفوز، سعيا للحصول على مورد مالي لتلبية متطلبات الحياة وتوفير مدخلات للعوائل.
وقالت مسؤولة تنظيم بنات العراق في محافظة ديالى وجدان عادل أن موافقات رسمية حصلت مؤخرا من قبل القيادات الامنية المشتركة على طلب لزيادة عدد منتسبات تنظيم بنات العراق "مئة متطوعة جديدة من أجل الاستفادة من العنصر النسوي المتدرب في عمليات التفتيش قبيل الانتخابات البرلمانية المقبلة"،مشيرة إلى أنه سيتم جعلهن خطا امنيا في مراكز الاقتراع ".واضافت عادل" جرى الاعلان قبل ايام عن توفر فرص للعمل في صفوف التنظيم، كان الاقبال كبيرا جدا ووصل إلى عدة مئات من النساء، بالرغم من مخاطر هذا العمل، وتم تشكيل لجنة مختصة لتدقيق طلبات المتقدمات ووضع شروط واليات للقبول".
واوضحت ان القبول اعطى الاولوية للمتقدمات للانخراط في صفوف تنظيم بنات العراق للارامل بسبب اعمال العنف ،أو المطلقات، وكذلك النساء من العوائل المهجرة، فضلا عن العوانس، في اطار برنامج يهدف الى دعم هذه الشرائح. يذكر أن مشروع تنظيم بنات العراق تم تشكيله عام 2007 باشراف القوات الاميركية، ويعتمد على العنصر النسوي في اعمال التفتيش، لمواجهة ظاهرة النساء الانتحاريات، وتمنح كل متطوعة راتبا شهريا يقرب من 300 دولار عندما كانت تلك القوا تشرف على تمويله.
وتمر ساعات الانتظار وترتسم علامات القلق على بعض الوجوه ،بعد إجراء المقابلات من قبل اللجنة المختصة لجميع النساء المتقدمات، وكانت النتائج من نصيب، سعاد، ودعاء، ونسرين، وفهيمة إلى جانب عدد اخر ممن تم قبولهن كمتطوعات في التنظيم ،فتبددت تلك الهواجس، وزال الخوف لديهن من فقدان هذه الوظيفة التي تعد موردا ماديا لعوائلهن الفقيرة.
وتبدأ سعاد(40عاما) بسرد قصتها قائلة"فقدت زوجي قبل عامين بعد مقتله على يد مسلحين غربي مدينة بعقوبة، ولدي اربعة اطفال صغار، وجئت اليوم بحثا عن فرصة عمل". واوضحت والابتسامة تعلو وجهها بعد أن عرفت بوجود اسمها بين الفائزات"اتيت للانخراط في تنظيم بنات العراق لاني اردت أن اعمل، من أجل عائلتي الصغيرة بعدما تقطعت بي السبل ،ولم اجد وظيفة ،لاني لا املك شهادة دراسية، فقد حرمتني الضروف من اكمال الدراسة"،مؤكدة انها تخشى على مصير اولادها ومستقبلهم لانها تنحدر من عائلة فقيرة، و زوجها كان عاملا بسيطا ،لم يكن موظفا حكوميا، وتنسى المخاطر المحيطة بهذا العمل.
طبعا "سعاد بدات تظهر شيئا من الابتهاج والسرور عندما علمت أن اسمها ضمن قوائم الفائزات، وهي تردد ..الحمد لله.. ،وكادت الدموع تسيل على وجنتيها لشدة الفرح". أما دعاء فهي ام لطفلين صغيرين، انفصلت عن زوجها بعد مغادرته العراق منذ سنوات، ليقيم في احدى دول الجوار، متناسيا عائلته واحتياجاتها، وقالت" قررت الانفصال عنه والاعتماد على نفسي في تربية الطفلين ،إن هدف الانخراط في تنظيم بنات العراق هو تأمين مورد مادي لاطفالي الصغار وهي فرصة حظيت بها اخيرا، والحصول على وظيفة أول الطريق بالنسبة لي"،موضحة أن كل إمرأة معتمدة على نفسها في كسب قوتها تكون اقوى في مواجهة مصاعب الحياة.
من جهتها قالت نسرين (35عاما) "تعرضت وزوجي للتهجير منذ عامين وعدنا إلى المنزل قبل اشهر قليلة في منطقة التحرير جنوبي بعقوبة، ووجدناه مهدما بفعل هجمات المسلحين، وفقدت اثنين من اشقائي اثناء العنف، واحترقت حافلتنا الصغيرة التي كانت تساعدنا في مصاريف البيت".
واضافت"لدي ثلاثة اطفال وزوجي مريض بالعجز الكلوي، ويتوجب علي أن اجد حلا واقوم بواجبي اتجاه عائلتي فقدمت طلبي للانخراط في تنظيم بنات العراق أملا في الحصول على الوظيفة".
واشارت انها لا تخشى التهديدات بعد ألان رغم أن بعض صديقاتها نصحنها بالعدول عن قرار التقديم، إلا أنها تؤكد "لابد أن اعمل، اسرتي محتاجة لجهودي الان"،وبالرغم من صلابتها، إلا أنها اجهشت بالبكاء حينما تلقت خبر فوزها مع من تم قبولهن ...ولم تستطع قول شي.
وفي ذات الطابور تلقت، فيهمة (35عاما) التي فاتها قطار الزواج وصارت في قائمة العوانس، لتجد نفسها أمام مسؤولية إعالة الاسرة بعد وفاة ابيها ،وقالت "إن الحروب والعنف كبدت المجتمع خسائر لا تعوض، وحملته الاحزان"،مؤكدة أنها تقدمت بطلب للانخراط في صفوف بنات العراق باعتبارها فرصة جيدة لها وسفينة نجاة من البطالة المستشرية بشكل كبير، لانعدام فرص العمل، بعدما تسببت اعمال العنف بتوقف أو تدمير عشرات المعامل والمصانع.
واختتمت فيهمة حديثها بتصفيق وابتسامة عندما سمعت اسمها ضمن الفائزات، معربة عن سعادتها للخبر، وتعتقد أن الحظ إبتسم لها، وربما سيسمح لها باللقاء بشخص تكمل معه مسيرة حياتها.