قلق في إيطاليا إزاء هيمنة برلسكوني على المحطات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
روما: حين جردت المحكمة العليا في ايطاليا رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني من حصانته من المحاكمة تعهد بالدفاع عن نفسه في الساحة الوحيدة التي تمثل اهمية.
وقال "القضيتان الموجتهان ضدي مزيفتان وسخيفتان وتثيران الضحك. ساوضح للايطاليين ذلك بالظهور على شاشة التلفزيون".
وفي قاعة المحكمة يواجة برلسكوني قضيتين من المتوقع ان يستأنف تداولهما في وقت لاحق من العام. واتهم برلسكوني بالتهرب الضريبي وتزوير حسابات عند شراء شبكة ميدياست حقوق تلفزيونية ورشوة المحامي البريطاني ديفيد ميلز للادلاء بشهادة كاذبة لحماية امبراطوريته التجارية. وينفي برلسكوني ارتكاب اي خطأ.
ويعتبر 80 في المئة من المواطنين الايطاليين التلفزيون مصدرا رئيسيا للمعلومات وهو يضطلع بدور مهم في تشكيل الراي العام الايطالي.
وليس هناك من هو اكثر ادراكا لقوة التلفزيون من رئيس الوزراء الذي تعطيه ملكيته لشبكة ميدياست وسيطرته على تلفزيون الدولة (ار. ايه.اي) نفوذا في قنوات يشاهدها نحو 90 في المئة من الايطاليين يوميا.
وقال برلسكوني لاحد معاونيه المقربين ذات مرة "الا تفهم اذا لم يظهر شيء على شاشة التلفزيون فانه لم يحدث".
ويخشى كثيرون ان يستغل رئيس الوزراء قبضته المحكمة على وسائل الاعلام لتضييق الخناق على منتقديه بعد شهور امضاها يدافع عن نفسه في مواجهة فضائح جنسية ونكسات قانونية.
وحين امر قاض شركته فينينفست القابضة بدفع 750 مليون يورو تعويضا عن دفع رشى في معركة استحواذ على شركة في التسعينات توعد برلسكوني قائلا "ستسمعون اخبارا جيدة عنه".
وبعد ايام لاحق فريق من القناة الخامسة لشبكة ميدياست القاضي في شوارع ميلانو وانتقد تدخينه بشراهه وجوربه بلونه الفيروزي الغريب مما اثار احتجاجات من القضاة واقبال معارضين على ارتداء جوارب مماثلة.
وقال المؤلف الايطالي اليكس ستيل "دائما ما يستغل برلسكوني قنواته الاعلامية لتدمير وتشويه خصومه والسخرية منهم واهانتهم. ولكن كثافة الحملة الاخيرة متفردة ومزعجة للغاية من حيث اختيارها لشخص تحدث ضد برلسكوني لتدميره".
وشارك نحو مئة الف شخص في احتجاج من أجل حرية الصحافة في روما الشهر الحالي. وتقول منظمة مراسلين بلا حدود ان تصنيف ايطاليا تراجع للعام الثاني لتهبط للمركز 49 وان برلسكوني اقترب من ان يدرج اسمه على قائمة منتهكي حرية الصحافة وهي المرة الاولى لزعيم اوروبي.
وقال دانييل البرتازي المحاضر في الاعلام الاوروبي من جامعة برمنجهام "الوضع مقلق للغاية اذ يحظى برلسكوني بنفوذ خطير للغاية يؤثر على نوعية الديمقراطية في ايطاليا".
وتفادى برلسكوني باعجوبة توبيخا محرجا من المشرعين الاوروبيين يوم الاربعاء الماضي حين رفض قرار توجيه لوم له بفارق ثلاثة اصوات بفضل تأييد حلفائه المحافظين. غير ان التحرك كان رمزيا الى حد بعيد.. اذ ليس لبروكسل سلطة التدخل ولم ينتهك برلسكوني قانون ملكية وسائل الاعلام في ايطاليا.
وينص قانون الاعلام لعام 2004 الذي صاغته حكومته السابقة على انه لا يجوز فرض عقوبات الا في حالة سيطرة الفرد على أكثر من 20 في المئة من وسائل الاعلام وتشمل كل شيء من الانترنت الى 800 قناة تلفزيونية محلية و150 صحيفة.
وبالاضافة الى قبضة برلسكوني على التلفزيون يسيطر على اكبر دار نشر ووكالة اعلام في ايطاليا ومجلة اخبارية اسبوعية ولكنها نسبة ضئيلة من وسائل الاعلام ككل.
وقال البرتازي "المشكلة في ايطاليا ان التلفزيون هو الوسيلة الوحيدة التي تحظى باهمية بالنسبة لاسلوب تفكير الناس والادلاء باصواتهم".
ولا تزال نسبة انتشار الانترنت في ايطاليا اقل من المتوسط الاوروبي وتوزيع الصحف ضعيف ويقتصر على اصحاب الدخول المرتفعة وتبيع اكثر الصحف مبيعا في ايطاليا كورييري ديلا سيرا نصف مليون نسخة وهو قدر ضئيل من مبيعات جريدة ذا صن البريطانية التي تصل الى ثلاثة ملايين نسخة.
وعلى العكس يمضي 46 في المئة من الايطاليين بين ساعتين واربع ساعات يوميا امام شاشات التلفزيون وتمضي نسبة 17 في المئة أكثر من اربع ساعات.
وابدي كثيرون من مؤيدي الحزب الديمقراطي المعارض من بينهم زعيمه الحالي داريو فرانسيستشيني اسفهم علنا لان اليسار لم يقر قانون لمكافحة تضارب المصالح رغم انه تولي الحكم مرتين منذ انخراط برلسكوني في العمل السياسي في عام 1994.
بل وينوي برلسكوني اصدار تشريع الان اذ تعهد ببدء عملية اصلاح دستورية تهدف لزيادة سلطات رئيس الوزراء واخضاع ممثلي الادعاء لمزيد من السيطرة المباشرة من جانب الحكومة.
وقال جيمس والتسون من الجامعة الاميركية في روما "من شأنه ان يجري تعديلا بالغ الخطورة على الدستور. تغير في الشكل الشعبي للحكومة دون التوازنات والقيود التي تعمل وفقها الديمقراطية. اصبح في حكم المؤكد الان ان تأتي الاصلاحات الاقتصادية الملحة في المؤخرة".