أخبار

حرب باكستان مع طالبان تفتح الباب للتيارات الاسلامية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

تدخل حرب الجيش الباكستانى فى مرحلتها الثانية على مسلحى حركة طالبان باكستان فى أقليم وزيرستان الجنوبى جنوب غرب البلاد اليوم الثلاثاء يومها العاشر وسط مؤشرات تفيد بتحقيقه مكاسب ميدانية على الارض مقابل تراجع وانهيار شبه ملموس فى صفوف طالبان باكستان. وكانت المرحلة الاولى من هذه الحرب قد بدأت فى مطلع أغسطس الماضى واستمرت قرابة شهرين حيث جرت فصولها على ساحة اقليم وزيرستان الشمالى على الحدود الباكستانية الافغانية وتحديدا منطقة وادى سوات .

هذه المرحلة من الحرب اطلقت عليها القوات الباكستانية اسم طريق النجاة ويشارك فيها نحو ثلاثين الف جندى تعززهم وحدات من الدبابات والمدفعية والكوماندوز وتساندهم الطائرات المقاتلة والهليوكبتر فى مواجهة ما لايقل عن عشرة الاف مسلح طالبانى يملكون أسلحة خفيفة ومتوسطة ومدافع هاون وبعض الصواريخ فضلا عن مهارتهم فى استخدام الالغام والمتفجرات. وقد اوقعت هذه الحرب حتى الان حوالى مئتى قتيل فى صفوف حركة طالبان باكستان وعشرات الجرحى ونحو خمسين قتيلا فى صفوف الجيش ومثلهم عددا من الجرحى الى جانب تدمير عشرات المنازل والممتلكات العامة فى الاقليم. كما أدت الحرب الى تشريد ونزوح ما يقرب من مئتى الف مواطن باكستانى عن قراهم وبلداتهم فى الاقليم الى مخيمات ايواء اقيمت على عجل فى مناطق آمنة.

واذا كانت هذه الحرب تفتح الباب للحديث عن التيارات والجماعات الاسلامية فى باكستان فإن من الضرورة بمكان التركيز والقاء الضوء على حركة معينة من بين هذه التيارات والجماعات الا وهى حركة طالبان باكستان وذلك لطبيعة الصراع الدامى بينها وبين الجيش بخلاف معظم التيارات الاسلامية الاخرى فى باكستان التى نأت بنفسها عن خوض مواجهات مسلحة مع الجيش واقتصر نشاطها على الجوانب الدعوية الدينية والخيرية الانسانية وأحيانا السياسية . وللوقوف على طبيعة هذه الحركة وكيفية نشأتها واهدافها ومشروعها السياسى او الدينى ومراحل تطورها يمكن القول ان نشأة حركة طالبان باكستان تتشابه الى حد بعيد مع نشأة حركة طالبان أفغانستان .

فمقاتلو الحركتين هم من طلاب المدارس الدينية التى تنتشر فى المناطق الحدودية من باكستان مع افغانستان وهى مناطق وزيرستان القبلية.وكانت ارهاصات البداية بالنسبة لطالبان باكستان قد تمت عبر تحركات لبعض المسلحين فى منطقة القبائل بهدف محاربة عصابات تهريب الاسلحة والمخدرات والفساد وذلك ابان حكم حركة طالبان لافغانستان فى منتصف تسعينيات القرن الماضى واثناء فترة الغزو الاميركى لافغانستان فى اكتوبر من عام 2001. ثم كان الظهور الحقيقى لطالبان فى شكل هيكل تنظيمى على الساحة الباكستانية فى اواخر عام 2007 م .

وتقدر مصادر باكستانية غير حكومية عدد المقاتلين فى صفوف حركة طالبان باكستان بعشرات الالاف . بينما تشير بعض الاحصاءات الرسمية الحكومية وشبه الحكومية الى ان عددهم يتراوح ما بين ثلاثين وخمسة وثلاثين الف مقاتل مسلح. وشهدت الحركة بعد نشأتها عدة مراحل من التطور. .ففى عهد الرئيس الباكستانى السابق الجنرال برويز مشرف واثر ضغط الولايات المتحدة على بلاده وتهديدها فى ذلك الوقت باجتياح مناطق القبائل غرب البلاد لما تدعيه من دور لتلك القبائل فى دعم ومساندة حركة طالبان افغانستان وتنظيم القاعدة ووجود عناصرهما وقياداتهما فى تلك المناطق بدأ الجيش الباكستانى تدخلا عسكريا فى وزيرستان هو الاول من نوعه الذى يقوم به الجيش فى تلك المناطق حيث اعلن الجيش فى بداية تدخله انه يستهدف ما اسماه العناصر الاجنبية الموجودة فى وزيرستان الجنوبية الى جانب تنظيم القاعدة وطالبان افغانستان ومن يساندهم من المسلحين المحليين.

ثم بدأ الهجوم الاميركى هو الاخر على تلك المنطقة وصارت الطائرات الاميركية بدون طيار تستهدف ما يقال انها اهداف ثمينة وتقصد بها مقاتلى القاعدة وطالبان افغانستان حتى تجاوز عدد القتلى خمسة عشر الف قتيل معظمهم من المدنيين ...وقامت الطائرات الاميركية بقصف العديد من المدارس وحتى تجمعات الافراح ومراسم العزاء بحجة انها تجمعات للقاعدة او طالبان افغانستان وهو الامر الذى اثار حفيظة سكان هذه المناطق ...ولعبت الطبيعة النفسية لسكان تلك المناطق القبلية دورها فى ظهور حركة طالبان باكستان كتنظيم ذى قيادة موحدة

ويعود أول ظهور لاسم طالبان باكستان الى عام 1998 فى مقاطعة اوركزائى القبلية حيث تشير بعض التقارير الى ظهور اسم مشابه فى المقاطعة نفسها تحت مسمى حركة الطلبة إذ أنشئت حينها محكمة شرعية فى المنطقة.. وفى اواخر اكتوبر عام 2007 بدأت تلك التنظيمات المتفرقة فى التجمع حيث اشارت صحف باكستانية حينها الى انضواء خمس مجموعات مسلحة فى مقاطعة مهمند القبلية تحت قيادة واحدة ..

واشار وقتذاك المتحدث باسم هذه الحركة الى انشاء مجلس شورى مكون من ستة عشر عضوا لتنسيق انشطة هذه المجموعات المسلحة .. ولم يسمع عن هذا التنظيم منذ ذلك الحين وحتى الان. وبعد اقل من شهرين على ظهور ذلك التنظيم اعلن عن تشكيل حركة طالبان باكستان فى ديسمبر 2007 والتى تتكون من 13 فصيلا مسلحا من اهمها.. جماعة بيت الله محسود من وزيرستان الجنوبية حيث توجد قبيلتان اساسيتان فى المنطقة قبيلة محسود التى ينتمى اليها هو وقبيلة وزير وبين القبيليتين تنافسات تاريخية

جماعة ملا نذير وهو زعيم طالبانى اخر فى وزيرستان ينتمى الى قبيلة وزير ويركز معظم نشاطه المسلح ضد القوات الامريكية فى افغانستان دون ان يتعرض للقوات الباكستانية خلافا لمحسود الذى تبنى كثيرا من العمليات ضد قوات الجيش والامن الباكستانية واعلن انه سيواصل هذه العمليات على الصعيدين الباكستانى والافغانى الى ان تتوقف الغارات الاميركية على مناطق القبائل غربى باكستان . جماعة ملا فقير فى منطقة باجور والذى يقول انه يريد من خلال انشاء جماعته الدفاع عن الشعب الباكستانى ضد الغارات والهجمات الجوية الاميركية عليهم

جماعة صوفى محمد الذى ينتمى الى منطقة ملا كند وبرز اسمه فى بداية التسعينيات عندما رفض مبدأ الانتخابات وطالب بتطبيق الشريعة الاسلامية فى منطقته.و جماعة ملا فضل الله زوج بنت ملا صوفى محمد ومعقله وادى سوات فى اقليم وزيرستان الشمالية ومطلبه الاساسى تطبيق الشريعة فى الاقليم.

وتتهم السلطات الباكستانية حركة طالبان باكستان بالوقوف وراء عملية اغتيال رئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو فى هجوم بالاسلحة والقنابل على موكبها فى مدينة روالبندى فى شهر ديسمبر من عام 2007. ومعظم مقاتلى حركة طالبان باكستان هم من عرقية الباشتون الذين يتركزون فى مناطق شمال غربى باكستان المحاذية للحدود مع افغانستان وهم يدعمون حركة طالبان افغانستان وكثير منهم فروا من افغانستان بعد ازاحتهم عن الحكم هناك فى اواخر عام 2001 .

ويضم مجلس شورى حركة طالبان باكستان اعضاء من جميع المناطق القبلية خاصة باجور وخيبر كورم ومهمند واوركزائى وشمال وزيرستان وجنوب وزيرستان اضافة الى مقاطعة وادى سوات ومناطق دير وبونير وملكند وكوهستان وديرا اسماعيل خان وبنو وتانك ولاكى ومروت. ومن اهم الاهداف التى تسعى حركة طالبان باكستان لتحقيقها اولا تطبيق الشريعة الاسلامية والاتحاد فى القتال ضد قوات حلف شمال الاطلسى فى افغانستان وتنفيذ ما يسمى بالجهاد الدفاعى ضد الجيش الباكستانى وثانيا الرد بقوة فى حال عدم توقف العمليات العسكرية الباكستانية فى وادى سوات وشمال وجنوب وزيرستان ..

وثالثا المطالبة بالغاء جميع النقاط العسكرية فى منطقة القبائل .. ورابعا المطالبة باطلاق سراح امام المسجد الاحمر فى اسلام اباد مولوى عبدالعزيز. وتتميز الشخصية الطالبانية بثلاثة عوامل رئيسية شكلت طبيعة هذه الشخصية وهى العامل القبلى والتعليم االشرعى من خلال المدارس الدينية والدور التاريخى للقبائل فى مقارعة الاستعمار وممارسة الحكم الذاتى وصعوبة انقيادهم لحكم مركزى فضلا عن طبيعة مناطقهم الجغرافية ذات التضاريس الجبلية الصعبة والوعرة مما اضفى على شخصيتهم مزيدا من القساوة والقدرة على تحمل المعاناة والصعاب .

وتقول مصادر الحركة انه لم يكن من اهدافها الرئيسية فى يوم من الايام مهاجمة الجيش الباكستانى الا ان هناك مجموعة من الامور دفعت مقاتلى الحركة الى استهداف الجيش ومن اهمها هجوم الجيش على المسجد الاحمر فى اسلام اباد فى يوليو 2007 ثم اعتقال العديد من عناصر الحركة ثم الحرب الاولى التى شنها الجيش على معاقل الحركة فى وادى سوات ووزيرستان الشمالية بالاضافة الى استمرار الغارات الجوية الاميركية على مناطقهم .. وقد شنت الحركة سلسلة هجمات نوعية بين اقتحامات لمواقع عسكرية ومهاجمة مقرات امنية بالمتفجرات والسيارات المفخخة والانتحاريين وعمليات اغتيال لعدد من ضباط وجنود الجيش فى عدة مدن باكستانية اوقعت ما لايقل عن سبعين قتيلا فى صفوف الجيش فضلا عن اكثر من مئة من المدنيين وذلك خلال شهر اكتوبر الجارى فقط

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
تشجيع العنف الجهادي
Neeran -

.......فمقاتلو الحركتين هم من طلاب المدارس الدينية