لاجئون عراقيون وصوماليون في القاهرة يحتفظون بالأمل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
مصر التي يبلغ عدد مواطنيها ثمانين مليون نسمة لا يعيش فوق ترابها مصريون فقط بل يمتد الأمر إلى لاجئين أتوا إليها لظروف مختلفة وبقوا فيها لأسباب متباينة. الشريحة الأكبر من أولئك اللاجئين هي من السودانيين. وغني عن الذكر أن الحروب والأوضاع السياسية والأمنية المتأزمة تسبب مثل تلك الهجرات وهو الأمر الذي يتضح أيضا في حالتي اللاجئين العراقيين والصوماليين وغيرهم من الجنسيات المختلفة. في هذا التقرير تبرز شبكة الأنباء الإنسانية مسألة اللاجئين في مصر عبر سيدة عراقية وشاب صومالي هربا من الحرب في بلديهما ليعيشا في أرض الكنانة.
يصل عدد اللاجئين العراقيين المسجلين رسمياً لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة حتى شهر أيلول\ سبتمبر الماضي إلى 9126 لاجئاً، وهم بذلك يشكلون ثاني أكبر مجموعة من اللاجئين في البلاد بعد السودانيين.
وقد بدأ معظم العراقيين في القدوم إلى مصر في أواخر عام 2006 وأصبحوا في عام 2007 أكبر مجموعة لاجئين في البلاد، وفقاً لمفوضية شؤون اللاجئين. ولكنهم بدأوا منذ 2008 في العودة إلى ديارهم في العراق. وخلال الفترة بين يناير وسبتمبر 2009، ساعدت المفوضية 619 لاجئاً عراقياً على العودة كما شهدت نفس الفترة مغادرة 774 لاجئاً آخر، معظمهم عاد إلى العراق.
تقول نور إنها غادرت بغداد جواً عام 2006 مع ابنتيها بعد أن تلقت تهديدات عدة بالقتل من المقاتلين. شغلت قبل ذلك منصب نائب رئيس منظمة لحقوق الإنسان في بغداد وكانت نقوم بالكثير من الأعمال لمساعدة الناس لكن المقاتلين اعتبروا المنظمة وموظفيها خونة لتعاونهم مع الحكومة الجديدة. تضيف أن الأمر لم يكن له علاقة بالطائفية لأن المنظمة كانت مكونة من المسلمين الشيعة والسنة معاً.
بدأت التهديدات بمكالمة هاتفية من شخص أخبرها أنه قد تم اختيارها للمشاركة في الانتخابات المحلية. وطلب منها الذهاب إلى موقع معين للحصول على المصادقة الرسمية على ترشيحها. لكنها شعرت على حد قولها أن الموضوع كان مجرد كذبة لأنها لم تظهر أي رغبة في الترشح كما أن بعض أصدقائها كانوا قد تعرضوا للقتل بعد استجابتهم لمثل هذه المكالمات الهاتفية المخادعة.
لم تذهب يومها فبدأت التهديدات الهاتفية تصبح أكثر مباشرة وبدأ المتصلون يهددون بقتلها وقتل ابنتيها إذا لم تتوقف عن عملها. لذلك جمعت كل مدخراتها وغادرت إلى مصر.
حياتها في القاهرة كانت جيدة في البداية حيث كانت تملك بعض المال. تمكنت من تسجيل ابنتيها في مدرسة خاصة وفي الجامعة. لكن بعد حوالي أربعة أعوام هنا، بدأت المدخرات تنفذ وبدأت نور بالإعتماد كليا على المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمة كاريتاس.
وتحصل نور اليوم على 4500 جنيه سنوياً من المفوضية (حوالي 823 دولارا) من أجل تعليم ابنتيها، رغم أن ذلك يكلفها 5500 جنيه. كما تحصل على معونة شهرية من منظمة كاريتاس باعتبارها محتاجة، تستعملها لدفع إيجار شقتها في مدينة نصر بقيمة 880 جنيهاً (161 دولار) شهرياً.
اضطرت ابنتها الكبرى للتوقف عن الدراسة في الجامعة حيث لم تعد قادرة على دفع تكاليفها. ولن تتمكن كذلك من إبقاء الصغرى في المدرسة لمدة أطول.
حاولت نور الحصول على عمل لكنها وجدت أن ذلك صعب للغاية. حصلت على عمل كسكرتيرة واضطررت إلى التخلي عنه قبل مرور شهر واحد. شعرت بالذل -على حد قولها- لأنها كنت تعامَل بقلة احترام ويطلب منها القيام بأعمال "وضيعة" مثل تحضير الشاي أو القهوة لباقي الموظفين. أما اليوم فهي تقوم أحياناً ببعض أعمال الخياطة لنساء عراقيات تعرفهن كما تقوم بخياطة ملابس ابنتيها. وتتكفل المفوضية بدفع مصاريف تعلم نور اللغة الإنكليزية في الوقت الذي تقوم فيه بالبحث عن عمل آخر.
العودة إلى العراق غير واردة حاليا لدى نور في ظل الأمن الذي لم يتحقق بعد بحسب اتصالاتها مع اهلها واصدقائها هناك. وكل أملها اليوم أن تتمكن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين من إرسالها مع ابنتيها إلى الولايات المتحدة والعمل على استقرارها هناك.
لا إختلاف
اللاجئون الصوماليون في مصر المسجلون رسمياً لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة يصل عددهم حتى شهر أيلول\سبتمبر الماضي إلى 6108 لاجئين، وبذلك يحتلون المرتبة الثالثة من حيث العدد بعد اللاجئين السودانيين والعراقيين.
وتقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن معظم الصوماليين الذين يصلون إلى الأراضي المصرية يحصلون بشكل تلقائي على صفة اللجوء، وهو ما يعني أنهم ليسوا بحاجة الى إجراء مقابلات من أجل تحديد وضعهم.
بالنسبة لعبد الله فقد غادر مقديشو بعد أن احتدم القتال هناك وشعوره بالخوف على حياته. فباع منزله ليتمكن من شراء تذكرة طائرة تقله إلى مصر. وجاء بمفرده إلى البلد الذي اعتقد ان فيه المزيد من الفرص، خاصة أنه سمع ضياع حياة صوماليين في طريقهم إلى اليمن عبر القوارب.
حلم عبد الله توقف مع وصوله إلى القاهرة واكتشافه زيف ما كان يظن حين وجدها ليست أفضل حالاً من مقديشو، فالعثور على عمل فيها يعتبر أمراً شديد الصعوبة بسبب عدم السماح للصوماليين بالعمل بشكل رسمي. الأمر الذي جعله يسجل اسمه ككثير من اللاجئين غيره لدى مفوضية الأمم المتحدة للاجئين وبدأت بالحصول على بعض الدعم منهم.
يعتبر عبد الله أن ما يساعد الصوماليين في التعايش مع الشعب المصري هو اتقانهم وتحدث معظمهم باللغة العربية. وهذا ما أسس لهم مجموعة من العلاقات الجيدة.
يتمنى عبد الله أن يتغير الوضع في الصومال ليعود يوما إلى وطنه. يحلم بالعودة ويعيش أيامه الحاضرة في القاهرة التي على الرغم من كل الصعوبات التي تواجهه فيها فهي تقدم له مكانا آمنا للعيش عكس بلده.