الإعلام الأميركي يخوض التدهور الأمني عراقيا وأفغانيا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
واشنطن: تحديات متجددة سوف يكون على الإدارة الأميركية برئاسة باراك أوباما مواجهتها - خلال الفترة القادمة - في مناطق الصراع والحرب التي تديرها الولايات المتحدة في كل من أفغانستان والعراق. ففي الوقت الذي تناقش فيه الإدارة الأميركية الاستراتيجية الجديدة التي ستتبعها للتعامل مع الأوضاع غير المستقرة في أفغانستان، وذلك لاتخاذ قرار بشأن إرسال مزيدٍ من القوات الأميركية هناك، سقط عديدٌ من الجنود الأميركيين في أفغانستان بين قتيل وجريح، نتيجة سلسلة من الهجمات شنها مقاتلو حركة طالبان.
وفي العراق حيث تستعد حكومة نوري المالكي لإجراء الانتخابات البرلمانية في يناير القادم، فضلاً عن استمرار جهودها لإتمام استعداداتها لاستلام المهام الأمنية من القوات الأميركية في ظل عملية الانسحاب المنظمة التي أقرتها الإدارة الأميركية بعد قدوم الرئيس أوباما إلى السلطة، شهدت العاصمة العراقية خلال الأسبوع المنصرم سلسلة من التفجيرات المدوية، والتي أوقعت مئات القتلى والجرحى بين صفوف المدنيين. هذه الهجمات أعادت إلى الأذهان موجة العنف التي شهدتها البلاد منذ الغزو الأميركي وحتى عام 2007، حيث بدأت الأمور منذ ذلك الحين تهدأ نسبيًّا مع تطبيق الاستراتيجية الأميركية هناك، وقرار الرئيس بوش بزيادة عدد القوات الأميركية في العراق.
وفي ظل تصاعد وتيرة العنف وعدم الاستقرار الأمني في البلدين، نتيجة وقوع هذه التفجيرات والهجمات المنظمة، كان لابد من أن تثور كثيرٌ من علامات الاستفهام في وسائل الإعلام الأميركي حول جدوى السياسات التي اتبعها الرئيس الأميركي، خاصة مع اقتراب مرور عام على انتخابه رئيسًا للولايات المتحدة الأميركية في الرابع من نوفمبر القادم.
العراق ومخاطر المرحلة القادمة
من جانبه أعد برنامج - الذي يبث على شبكة CBS ويقدمه الإعلامي بوب شيفر - تقريرًا مع كل من سيناتور ولاية أريزونا الجمهوري جون ماكين، وسيناتور ولاية ويسكونسن الديمقراطي روس فينغولد.
في البداية أشار شيفر إلى أن العراق شهد على مدار الأيام القليلة الماضية حالة من عدم الاستقرار الأمني تمثلت في سلسلة التفجيرات التي أودت بحياة كثيرٍ من المدنيين العراقيين وجراح المئات وأضاف أن هذه التفجيرات - التي تعتبر الأسوأ منذ شهور -. وتشير التقارير إلى أنها محاولة لإعادة إنتاج الصراع الطائفي والإثني بين القوى والتيارات المتناحرة داخل العراق من أجل السيطرة على مقدرات السلطة هناك، ومن ثم فإن مثل هذا الأمر - كما يشير شيفر - كثيرًا من التساؤلات حول استقرار العراق في ظل انسحاب القوات الأميركية من المدن الرئيسة، واستعدادها لإتمام الانسحاب خلال الشهور القادمة.
واستهل شيفر حديثه مع السيناتور ماكين بالتساؤل عن التأثيرات السلبية المحتملة لمثل هذه التفجيرات خاصة على قدرة العراقيين على الاضطلاع بالمهام الأمنية في البلاد عقب إتمام الانسحاب الأميركي، ومدى قدرتها على فرض حالة من الاستقرار في مختلف أرجاء العراق.
وفي هذا السياق أكد ماكين أن الأوضاع في العراق بالفعل هي أوضاع مأساوية في ظل وقوع مثل هذه الهجمات، ولكن على الرغم من ذلك فإن العراقيين سوف يجدوا طرقًا ووسائل مناسبة للتغلب على مثل هذه الأوضاع الأمنية المتدهورة، خاصة في ظل حقيقة أن غالبية الشعب العراقي يرفض مثل هذا النوع من السلوك من جانب أي فصيل مسلح. فضلاً عن أن القوات المسلحة العراقية سوف تكون قادرة على التعامل مع تحديات هذه الفترة الانتقالية التي يمر بها العراق في الوقت الحالي. هذه الفترة التي بالتأكيد لن تخلو من مثل هذه الاضطرابات وحالات عدم الاستقرار.
وعن إمكانية أن تدفع حالة التدهور الأمني هذه الإدارة الأميركية إلى إعادة التفكير في خططها المتعلقة باستكمال الانسحاب من العراق. أكد سيناتور أريزونا أن مثل هذه الأمور لن تؤثر على الخطط الأميركية هناك، مضيفًا أنه بالرغم من أن الجماعات المسلحة داخل العراق سوف تحاول في الفترة القادمة إشعال الصراعات الطائفية مرة أخرى، ولكن مثل هذه الأمور لن تؤدي بأي حال من الأحوال إلى تأخير تنفيذ خطط الانسحاب الأميركي من العراق، لأن من المحتم أن تكون هناك طريقة للتعامل مع هذه الأوضاع الأمنية المتدهورة.
ماكين يعلن تأييده لخطط أوباما في أفغانستان
وانتقل شيفر بعد ذلك إلى الأوضاع في أفغانستان، حيث لفت الانتباه إلى أن الرئيس أوباما بصدد مناقشة قرار إرسال مزيد من القوات الأميركية إلى أفغانستان، في ظل توصية القيادات العسكرية هناك بضرورة إرسال ما لا يقل عن أربعين ألف جندي أميركي، إلا أن هؤلاء القادة لم يؤكدوا ما إذا كان تنفيذ مثل هذه الخطط والتوصيات سوف تنعكس على تحسن البيئة الأمنية في البلاد، تمهيدًا لتنفيذ خطط إعادة الإعمار وبناء الدولة هناك.
وتعليقًا على هذا الطرح - خاصة في ظل ما صرح به السيناتور كيري Kerry خلال الأسبوع الماضي حول ضرورة أن يؤجل الرئيس أوباما قراره بإرسال مزيد من القوات لما بعد تشكيل الحكومة الأفغانية وتسوية أزمة الانتخابات الرئاسية - أكد ماكين أنه لا يتفق مع ما صرح به كيري Kerry لأنه يرى أن الولايات المتحدة وقواتها المسلحة في أفغانستان لا تعمل في فراغ، وقد تعرضت هذه القوات مؤخرًا لعديدٍ من الهجمات التي أسفرت عن مقتل عدد من الجنود الأميركيين. وشدد ماكين في هذا السياق على أن أحد الأسباب الأساسية في حدوث هذا التدهور ووقوع هذه الخسائر هو عدم وجود الدعم الكافي للقوات الموجودة بالفعل على أرض أفغانستان والبالغ عددها 68 ألف جندي، لذلك فلابد من التعجيل باتخاذ قرار إرسال مزيد من القوات إلى هناك.
وأضاف أن الولايات المتحدة ما يزال أمامها كثير الذي يجب أن تفعله في أفغانستان، خاصة فيما يتعلق بأزمة الحكم هناك، وتحفيز الرئيس الأفغاني كرازي، لأن جولة الإعادة المنتظر عقدها في السابع من نوفمبر سوف تسفر في الغالب عن نجاح الرئيس الأفغاني الحالي، والذي بدوره سوف يلعب دورًا كبيرًا في القضاء على الفساد هناك. ولذلك فعلى الولايات المتحدة أن تسرع في اتخاذ قرارها المتعلق بزيادة القوات الأميركية في أفغانستان، من أجل أن تنجح في وضع الاستراتيجية الجديدة موضع التنفيذ.
ماكين يرفض نهج ديك تشيني
ومن ناحية أخرى عاد نائب الرئيس الأميركي السابق ديك تشيني خلال الأيام القليلة الماضية إلى مهاجمة سياسة الإدارة الأميركية في أفغانستان، ولكن هذه المرة استخدم - في محاضرة له ألقاها مؤخرًا في مركز سياسة الأمن- ألفاظًا شديدة اللهجة في انتقاده طريقة تعاطي الإدارة الأميركية مع الأوضاع في الأراضي الأفغانية، لأنها من وجهة نظره تعرض القوات الأميركية لمزيد من المخاطر، وذلك بتأخيرها اتخاذ قرار بشان زيادة القوات في أفغانستان، حيث طالبها بالحفاظ على وعودها والتوقف عن الارتجاف أمام الأخطار المحدقة بالوجود الأميركي في أفغانستان، لأن حالة عدم القرار التي تمر بها الإدارة الأميركية في الوقت الحالي - من وجهة نظره - سوف تهدد وضع القوات الأميركية وحلفائها هناك، مما سيضر في نهاية الأمر - على حد وصفه - بالقضية برمتها.
وتعليقًا على هذه التصريحات أكد ماكين أنه لا يوافق على هذه اللهجة القاسية، وذكر أنه أكد مسبقًا على أن الولايات المتحدة لديها رجال ونساء - هم أفراد القوات المسلحة الأميركية - يخدمون هناك في أفغانستان يواجهون أخطارًا عديدة، لذلك فمن الأفضل أن تسرع الإدارة الأميركية في تنفيذ استراتيجيتها حتى تضمن أمن وسلامة جنودها، لأن كل تأخير في اتخاذ القرار يعني تأخير النجاح الأميركي في أفغانستان، ولذلك أكد ماكين تأييده للرئيس الأميركي واستراتيجيته الجديدة، اعتقادًا منه أنها سوف تكون فعالة في التعامل مع الأوضاع المتدهورة هناك.
العراق ودروسه المستفادة في أفغانستان
أما افتتاحية صحيفة لوس أنجلوس تايمز فقد جاءت تحت عنوان "العراق وأفغانستان وسياسات الحرب،" أشارت فيها إلى أن أطنانًا من المواد المتفجرة في إطار سلسلة من الهجمات المنظمة، ضربت مقر وزارة العدل العراقية ومقر المجلس المحلي لمحافظة بغداد خلال الأسبوع الماضي، هذه التفجيرات كانت بمثابة تأكيد مهم لقوى التحالف الموجودة هناك أنها لن تكون قادرة على فرض الأمن والسلام في دولة منقسمة على ذاتها.
وذكرت الافتتاحية أنه بعد عامين من تطبيق الإدارة الأميركية لاستراتيجية جديدة أقرها الرئيس الأسبق جورج بوش - والتي قضت بإرسال مزيد من القوات العراق في عام 2007 - استطاعت هذه القوات من أن تهدأ من وتيرة الحرب الطائفية التي استعرت في العراق آنذاك وترسي قواعد الأمن هناك. ولكن بعد عامين من تطبيق هذه الاستراتيجية، بدأت مؤشرات لحرب أهلية تظهر من جديد مع زيادة وتيرة الهجمات والتفجيرات التي شهدها العراق مؤخرًا، وهذا الأمر يؤكد حقيقة أنه لكي تستقر الأوضاع في العراق، لابد أن تترافق الجهود العسكرية مع عملية سياسية قوية، تعبر عن وتمثل جميع طوائف الشعب العراقي، وأكدت الافتتاحية أن هذه الحقيقة تنطبق أيضًا على الأوضاع في أفغانستان، ويجب الاستفادة منها لإرساء الأمن والاستقرار.
ولفتت الصحيفة الانتباه إلى أن الرئيس بوش كان قد اتخذ قرارًا بزيادة القوات في العراق من أجل المساعدة في وقف تدهور الأوضاع الأمنية، وإعادة الاستقرار الذي فقدته البلاد منذ الغزو الأميركي في عام 2003، وذلك من أجل تهيئة المناخ للمصالحة بين مختلف الطوائف والإثنيات داخل العراق، وعلى الرغم من أن الصراع الطائفي قد تراجع إلى حد كبير - على حد وصف الافتتاحية - فإن السنة والشيعة والأكراد والعرب فشلوا في التوصل إلى اتفاق حول عدد من المسائل المهمة المرتبطة بمستقبل العملية السياسية في العراق، مثل الثروة واقتسام السلطة، وهذا الاختلاف يعتبر بمثابة جذور لعنف وتوتر ممكن أن ينشب في أي لحظة.
وأضافت الافتتاحية أن الصراع الدائر حاليًا هناك حول إقرار قانون الانتخابات، الذي سينظم إجراء الانتخابات البرلمانية القادمة المقرر عقدها في السادس عشر من يناير القادم، فضلاً عن الخلاف حول وضع مدينة كركوك، هذه المنطقة الغنية بالنفط، كلها عوامل من الممكن أن تؤدي إلى تأخير استكمال عملية الانسحاب الأميركي من هناك.
وعلى صعيد التفجيرات التي شهدتها العاصمة بغداد، أشارت الصحيفة أيضًا إلى أن أصابع الاتهام تتجه إلى أعضاء الجماعات السنية المتشددة، التي تهدف إلى الإطاحة بحكم رئيس الوزراء نوري المالكي، والذي يعتبر تعهده بإرساء الأمن والاستقرار في العراق كان بمثابة أساس حملته الانتخابية. وأضافت أنه بالرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الولايات المتحدة في مساعدة وتدريب القوات العراقية، فإن العنف لن يتوقف إلا بتوصل الأحزاب والقوى السياسية في العراق إلى اتفاق فيما بينها حول الأمور الخلافية التي تمثل لب الصراع السياسي في العراق الآن، لأن العراقيين أنفسهم - على حد تأكيد الصحيفة - هم المنوط بهم والقادرون على إقرار قانون الانتخابات، وهم الذين بأيديهم اختيار شكل الحكومة التي يريدونها، فضلاً عن تقسيم إيرادات النفط بالطريقة التي يرتضيها الجميع، وذلك على اعتبار أن حل مثل هذه المعضلات سوف يكون حاسمًا في هزيمة المتطرفين.
وانتقلت الافتتاحية إلى الأوضاع في أفغانستان، مؤكدة أن المبادئ والسياسات التي اتبعتها الولايات المتحدة في العراق يجب أن تكون مرشدًا لهؤلاء الساعين إلى توطيد دعائم الأمن والاستقرار في أفغانستان، من خلال إرسال مزيد من القوات الأميركية إلى هناك، وعلى هذا الصعيد أكدت الافتتاحية أن الجنود الأميركيين والأفغان يمكن أن يضطلعوا بمهمة محاربة مقاتلي حركة طالبان، ولكن هذا القتال يمكن أن يستمر إلى أجل غير مسمى، إذا لم توجد حكومة شرعية ومعترف بها من جانب الشعب الأفغاني.
وأضافت أن قرار الرئيس الأفغاني بإجراء جولة إعادة للانتخابات الرئاسية ليس كافيًا لبناء مثل هذه الشرعية، فهناك كثيرٌ من الإجراءات والسياسات التي يجب على الحكومة هناك اتباعها من قبيل مواجهة الفساد المنتشر في مختلف الأجهزة الحكومية، حتى تكون في نهاية الأمر قادرة على كسب دعم الشعب في مواجهة المتمردين.
تقرير واشنطن