باكستان تتحدى التشدد والإرهاب بالتسلية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
تتصاعد أعمال العنف في باكستان في ظل إجراءات أمنية ضعيفة ووضع إقتصادي سيء.
إسلام آباد: على الرغم من ان التفجيرات الانتحارية وعمليات إعتقال المسلحين والمراجعات الأمنية والتحذيرات قد أصبحت أمرا معتادا في باكستان الا ان اعمال العنف المتصاعدة والاجراءات الامنية البائسة والوضع الاقتصادي في البلاد قد فشل في حرمان الناس من الاستمتاع باللحظات السعيدة في حياتهم.
وقد بدا ذلك واضحا في احتفال فاطمة وهي خريجة شابة مفعمة بالنشاط والحيوية وتتمتع بفكر غربي مع أصدقائها بعيد ميلادها في مطعم محلي بمنطقة (بوش ديفينس) في مدينة لاهور الليلة الماضية. وقد تضمنت الاحتفالات ايضا حفلة رقص وسط اجراءات امنية مشددة بعد انفجارين انتحاريين هزا مدينة بيشاور قبل يومين كما وردت تقارير استخباراتية تفيد باحتمال تعرض مدينة لاهور هي الاخرى لعمل إرهابي.
وقد غطت موسيقى الحفل على صافرات سيارات الشرطة التي كانت تقوم بدوريات خارج المطعم. وقالت فاطمة "لقد كان الأمر (الاحتفال) محفوفا بالمخاطر لكننا قررنا جميعا تحدي انعدام الامن والفوضى والبيئة المزعجة في البلاد والاحتفال بالمناسبة بالشكل الذي يحلو لنا". وبينما اندمجت فاطمة واصدقاؤها من الذكور والاناث مع الموسيقى دخلت قوات الشرطة الى الفندق وطلبت وقف الموسيقى لاعتبارات امنية.
ورغم ما هو معروف عن باكستان بأنها بلد اسلامي محافظ الا ان الجانب الليبرالي كان مصدر دهشة للعالم الخارجي وهو ما دعا مهندسا فرنسا كان برفقة احد اصدقاء فاطمة في حفل عيد الميلاد للقول "لقد اندهشت فعلا لرؤية هؤلاء الشبان الباكستانيين وهم يتحدون علانية حركة طالبان المتطرفة ويستمتعون بحياتهم بالشكل الذي يرونه". ومعروف ان الاشهر الخمس الاخيرة من كل عام في باكستان هي اشهر الزفاف حيث يقيم معظم الناس حفلات زواج خلال هذا النصف الاخير من العام ويقومون بحجز صالات الافراح قبل اشهر واحيانا قبل عام من الحفل.
وقال صاحب احد صالات الأفراح في اسلام اباد "لقد تعرضنا للخسارة في هذا الموسم بسبب خوف الناس حيث اجل معظمهم مواعيد حفلات الزفاف بسبب خطورة الوضع الامني". وعقد برلماني سابق وعضو في حزب الشعب الباكستاني قران ابنته الاسبوع الماضي لكنه عقده في منزله مع اتخاذ تدابير امنية مشددة على عكس ما يحدث في الظروف العادية. وقال البرلماني السابق الذي طلب عدم ذكر اسمه "لم يكن امامنا خيار اخر ورغم ان الامر كان محفوفا بالمخاطر الى حد ما الا اننا لم نرد ارجاء احتفالاتنا من اجل اقلية مجنونة من الاشخاص".
كما شهد هذا الاسبوع حدثا للموضة واطلق عليه اسم (اسبوع الموضة) وذلك للمرة الاولى وسط مثل هذه الظروف حيث اقيم الحدث في مدينة كراتشي الساحلية جنوبي البلاد وهي أكبر مدينة تجارية في باكستان وذلك بعد أن تأجل مرتين في السابق بسبب تهديدات طالبان وقد شهد أسبوع الموضة في باكستان حضور 30 مصمما للازياء بعضهم من المشاهير في دول الجوار أيضا.
وقال أحد كبار منظمي الأسبوع "انها ليست المرة الأولى التي يتم فيها تنظيم عروض للموضة لكن المختلف هذه المرة هو الوضع والتوقيت".
فيما قال أحد الرعاة الرئيسيين للحدث "توجد تهديدات أمنية وهناك مخاطر أيضا لكن تحدينا تمثل في طريقة تعاملنا مع هذه التهديدات" مشيرا الى أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تنظيم حدث للموضة بهذا الشكل الجدي في باكستان.
وهذا مثال آخر دال على الشجاعة في تحدي تهديدات طالبان وقد تمثل في تنظيم مسابقة غنائية في أحد المدارس الكبيرة بمدينة لاهور حيث شارك عدد كبير من الطلاب في المسابقة وسط انتشار أمني كثيف حول مدرسة (لاهور جرامر) والتي لديها أفرع في اقليمي السند والبنجاب الباكستانيان. وقد اغلقت المدرسة لاسبوع كامل بعد تلقيها تهديدات أمنية لكن في النهاية أجريت المسابقة الاسبوع الماضي. وقال اصف موليك احد حكام المسابقة "يريد المتطرفون والمسلحون ان يخطفوا منا الفرحة والسعادة لكننا لن ندع هذا يحدث".
إلى ذلك قال متحدث باسم حركة طالبان الباكستانية ان الحركة بدأت حرب عصابات ضد الجيش الباكستاني وانها ستخوض قتالا شرسا وممتدا في معقل المتمردين في وزيرستان الجنوبية. وبدأ الجيش الباكستاني في 17 أكتوبر تشرين الاول حملة في وزيرستان الجنوبية وهي منطقة مضطربة تعيش فيها قبائل البشتون وتقع على الحدود مع أفغانستان بهدف القضاء على متشددي طالبان الباكستانية الذين يقفون وراء موجة من أعمال العنف في المناطق الحضرية.
وتراقب الولايات المتحدة وقوى أخرى تشارك في حرب أفغانستان الحملة عن كثب بعدما أصبحت وزيرستان الجنوبية بتضاريسها الوعرة وجبالها وغاباتها وأوديتها مركزا عالميا للتشدد الاسلامي. وقال الجيش الباكستاني ان جنوده يتقدمون نحو معقل المتشددين من ثلاثة اتجاهات وانهم سيطروا على عدد من القواعد المهمة كما دخلوا مقر طالبان في بلدة مكين. لكن عزام طارق المتحدث باسم طالبان قلل من أهمية الخسائر التي تكبدها المتشددون.