أنباء عن استقالة عباس نهاية العام

أكَّد مسؤولون فلسطينيّون أنّ رئيس السلطة الفلسطينيّة محمود عباس قد يستقيل إذا فشلت الجهود الأميركيّة لتحريك عملية السلام مع اسرائيل، محذرين من انهيار السلطة الفلسطينيّة اذا حدث ذلك، وكان عباس قد أعلن الخميس انه لن يترشح لولاية رئاسية جديدة خلال الانتخابات الفلسطينيّة العامة التي دعا إليها في 24 كانون الثاني/يناير بسبب توقف عملية السلام منذ الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة شتاء 2008.

رام الله: توقع مسؤول فلسطيني كبير أن يقدم الرئيس محمود عباس استقالته من منصبه رئيسًا للسطة الفلسطينية على الارجح نهاية العام الحالي، "ما لم يتحقق ما هو غير متوقع حاليًا"، أي قبول الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية مطالبه بشأن استئناف عملية السلام

وقال المسؤول لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء "بالنسبة إلى الرئيس ابو مازن، فإن القضية ليست شخصية وانما لها علاقة بعملية السلام، فهو يريد لها النجاح ولكن في حال لم ترد الحكومة الاسرائيلية ولم تضغطها الإدارة الأميركية للقبول بمتطلبات عملية السلام فعندها فلا تكون هناك عملية سلام قائمة، وبالتالي فإن الرئيس يرى ان عليه الاستقالة من منصبه".

وأضاف المسؤول الفلسطيني "هذا ما ابلغه الرئيس لكل القادة الذين اتصلوا او اجتمعوا به، ولكن حتى الان يمكن القول إن هناك حالة من الشلل الكامل، إذ لا الحكومة الاسرائيلية تقبل بما يطالب به الرئيس ابو مازن ولا الادارة الاميركية في وارد الضغط على اسرائيل للقبول بهذا المتطلبات"، على حد تعبيره

ولم تتوفر لدى المسؤول إجابة عما إذا كان الرئيس سيستقيل ايضا من منصبه كرئيس لدولة فلسطين وللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وللجنة المركزية لحركة (فتح) وجميعها مناصب باهمية رئاسة السلطة ان لم تكن أكثر أهمية.

من جهته، صرح كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات الثلاثاء ان عباس، الذي اعلن سابقًا انه لن يترشح لولاية رئاسية ثانية في كانون الثاني/يناير، يمكن ان يستقيل دون انتظار الانتخابات اذا فشلت الجهود الاميركية لتحريك عملية السلام مع اسرائيل.

وقال لوكالة فرانس برس ان "الرئيس لا يناور بل هو غير متمسك بمنصب الرئاسة (...) ولن يبقى رئيسا لمجرد ان يكون رئيسا".

واضاف "اذا اعتقدت اسرائيل انها ستدمر فكرة الدولة فهو (عباس) في غنى عن هذا المنصب. لكن ما اقوله هو رأيي الشخصي، اذ ان عباس لم يبلغ حتى الان اي مسؤول فلسطيني بالخطوات القادمة التي ينوي اتخاذها".

واكد ان عباس "لا يريد ان يبقى رئيسًا لمجرد لقب رئيس" بل "يريد ان يكون رئيسًا لدولة فلسطين لأن الشعب الفلسطيني انتخبه رئيسًا لمشروع دولة فلسطينيبة وعاصمتها القدس الشرقية"، على حد تعبيره.

وتابع عريقات ان "الرئيس يشعر ان مشروعه وفكرة الدولة في خطر"، مشيرا الى انه في حال استقال عباس "لن يكون هناك مؤسسات للسلطة لا رئاسة ولا وزارة".

الى ذلك، حث الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الرئيس الفلسطيني محمود عباس على العدول عن قرارة بعدم الترشح لولاية ثانية على راس السلطة الفلسطينية، بحسب الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية.

وقال نبيل ابو ردينه لوكالة فرانس برس "تلقى السيد الرئيس محمود عباس اليوم اتصالا هاتفيا من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي حثه خلاله على العدول عن قراره بعدم الترشح لولاية ثانية".

وقال "وطرح الرئيس الفرنسي على السيد الرئيس بعض الأفكار وهي قيد الدرس".

واوضح ابو ردينه ان عباس وضع ساركوزي في "صورة التعنت الاسرائيلي الذي ادى الى تعثر العملية السلام وخاصة رفض اسرائيل لوقف الاستيطان ورفضها لوجود مرجعيات لعملية السلام من اجل استئناف المفاوضات".

وقال ابو ردينه ان ساركوزي "عرض افكار على الرئيس ينوي مناقشتها غدًا مع رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي سيزور باريس في طريق عودته من واشنطن "

من ناحية أخرى، ابلغ السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون الرئيس الفلسطيني محمود عباس امس ان اعلانه الاسبوع الماضي العزوف عن الترشح للرئاسة الفلسطينية كان "جرس انذار بصوت عال وواضح ودعوة إلى التنبه والاستيقاظ".

وقام بنقل رسالة بان لعباس في رام الله منسق الامم المتحدة الخاص لعملية السلام بالشرق الأوسط الذي قال ان بان كي مون نقل دعمه القوي لقيادة عباس واعباره بانه احد المساهمين الاساسيين في عملية السلام.

من جهته، قال مساعد المتحدث باسم الامم المتحدة فرحان حق للصحافيين ردًّا على سؤال خلال ايجازه الصحافي اليومي ان اعلان عباس اثار قلقًا واسعًا لدى السكرتير العام حول حالة عملية السلام في الشرق الاوسط والوضع على أرض الواقع.

وقال "ان السكرتير العام يحترم الرئيس عباس ويتطلع الى مواصلة العمل في شراكة وثيقة معه وهو يشعر شعورًا قويًّا بأن هناك ضرورة ملحة لتجاوز الوضع الراهن ودفع عملية السلام قدمًا نحو حل الدولتين".

واعلن محمود عباس الخميس انه لن يترشح لولاية جديدة في الانتخابات العامة المقررة في 24 كانون الثاني/يناير بسبب تعثر عملية السلام. كما اعلن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات الثلاثاء ان عباس قد يستقيل اذا فشلت الجهود الاميركية لتحريك عملية السلام مع اسرائيل.

وجاء اعلان عزوف عباس عن الترشح تعبيرا واضحا عن تخوف الفلسطينييين من فشل التحرك الاميركي وشعورهم بانهم الجهة الوحيدة التي يتعين عليها تقديم تنازلات.

ويشترط الفلسطينيون لاستئناف المفاوضات وقف النشاط الاستيطاني اليهودي بالكامل في الاراضي الفلسطينية.

لكن اسرائيل اقترحت تجميدًا جزئيًا لهذه النشاطات وطلبت استئناف المفاوضات من دون شروط مسبقة.

واصرت ادارة اوباما في مرحلة اولى على تجميد كامل للاستيطان قبل ان تتبنى موقفا يدل على تحول تمثل باشادة وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون اثناء زيارة لاسرائيل باقتراح تجميد الاستيطان جزئيا.

وسعت الادارة الاميركية جاهدة اثر ذلك الى الحد من الاستياء الذي اثارته تصريحات كلينتون لدى الفلسطينيين عبر تأكيدها انها لا تزال تعتبر مواصلة الاستيطان الاسرائيلي غير شرعي واصرارها في الوقت نفسه على ان اقتراح نتانياهو يشكل تقدما.

واكد مسؤول فلسطيني طلب عدم الكشف عن اسمه لفرانس برس ان "الخطوات المقبلة التي ينوي اتخاذها الرئيس هي الاستقالة من منصب الرئاسة".

وحذّر هذا المسؤول من انه "في هذه الحالة ستنهار السلطة ولن يكون هناك مؤسسات حكومية فلسطينية ولن يكون هناك داع لحل السلطة بل ان السلطة ستنهار بمجرد استقالة ابو مازن".

وكان الرئيس الاميركي باراك اوباما اعلن فور تولي مهامه وخلافا لسلفه جورج بوش، عزمه على حل نزاع الشرق الاوسط المستمر منذ ستين عاما.

غير أنّ كل الجهود التي بذلها اصطدمت برفض رئيس الوزراء الاسرائيلي نتانياهو تجميد الاستيطان اليهودي بشكل كامل.

وفي رسالة وجهها لمناسبة الذكرى ال 14 لاغتيال رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق اسحق رابين، أكد اوباما الطابع الثابت للعلاقات بين الولايات المتحدة واسرائيل غير انه اضاف ان اسرائيل لن تعرف الامن "طالما عاش الفلسطينيون في اليأس".

وكان مقر الرئاسة الفلسطينية شهد اليوم حركة نشطة تركزت أساسًا على محاولة إقناع الرئيس عباس التراجع عن موقفه عدم الترشح للانتخابات، إذ تلقى اتصالاً هاتفيًّا من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني واستقبل القنصل الأميركي العام في القدس دانيال روبنشتاين كما استقبل مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط روبرت سيري ومبعوث اللجنة الرباعية الدولية توني بلير.