نتنياهو متخوف من عدم تجنيد الأغلبية لصالح صفقة شاليط
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تل أبيب: في ظلّ صمت إسرائيلي رسمي، وقيود الرقابة العسكرية، باستثناء تلميحات من الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، لم يبق أمام الصحف الإسرائيلية اليوم إلا الاعتماد ( كما جرت العادة) على المصادر الأجنبية والعربية في تغطيتها للمستجدات الأخيرة في ملف شاليط. وقد خرجت الصحف الإسرائيلية صباح اليوم، وهي تعلن عن يوم مصيري في القاهرة، وعن قلق الإسرائيليين وترقبهم لما سيسفر عنه لقاء "حماس غزة" و"حماس دمشق" في العاصمة المصرية بشأن ملف شاليط، مع التركيز على التقارير الصحافية العربية والدولية التي تشير إلى تقدم ملموس في المفاوضات بين إسرائيل وحماس بفعل الوساطة الألمانية. في المقابل انتقدت الصحف الإسرائيلية قيود الرقابة الشديدة التي تفرضها إسرائيل على تفاصيل الصفقة وأشارت إلى أن عائلات إسرائيلية ثكلى توجهت للمحكمة الإسرائيلية لإلزام الحكومة بالكشف عن تفاصيل الصفقة المذكورة في حال توقيعها.
ومقابل اعتمادها على التقارير العربية والدولية، فإن الصحف الإسرائيلية، كشفت، كما فعلت يديعوت أحرونوت، النقاب عن قلق يساور رئيس الحكومة الإسرائيلية من خطر عدم تجنيد أغلبية في صفوف الوزراء تؤيد الصفقة المقترحة مع حماس. فيما ذهبت الجيروزاليم بوسط إلى القول إن إقرار الصفقة سيعني قبل كل شيء قلب موازين القوى الحالية وترسيم موازين قوى جديدة، لصالح حماس وقوتها في الشارع الفلسطيني، وعلى حساب قوة ومكانة السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس.
ولم تخل الصحف الإسرائيلية من تعليقات ومقالات تناولت "معضلة" تحرير أسرى فلسطينيين ( أياديهم ملطخة بدماء إسرائيليين)، بل إن المعلق العسكري في يديعوت أحرونوت، اليكس فيشمان قال في مقالة خاصة : إن الحسم في الاقتراحات المقدمة لإسرائيل صعب للغاية لأننا نتحدث ليس فقط عن تحرير أسرى أياديهم ملطخة بالدماء بل أسرى "غارقون حتى آذانهم بدماء الإسرائيليين"، وبالتالي سيكون لكل قاتل في المستقبل أمل: يمكنك قتل اليهود، لأنه سيتم في نهاية المطاف الإفراج عنك".
إلى ذلك وبموازاة الاحتفاء بتعيين سفير إسرائيلي جديد في القاهر، بعد أن كان المنصب شاغرًا لأكثر من سنة، أبرزت معاريف أن مصارف مصرية قدمت دعوى رسمية تطالب فيها إسرائيل بمنحها جزءًا من حقوق ملكية فندق الملك داوود، الذي يعتبر من أرقى الفنادق الإسرائيلية، وكانت منظمة مناحيم بيغن، قد قامت في الثلاثينات من القرن الماضي، وإبان الانتداب البريطاني، بمحاولة لتفجير الفندق المذكور، الذي كان محط ترحال كثير من الشخصيات المصرية المشهورة، وفي مقدمتها الفنانين والصحافيين المصريين خلال فترة الانتداب البريطاني.
وأفردت معاريف اليوم صفحتين كاملتين لتقرير تحت عنوان تسلل نظام إيران إلى الجامعات الأميركية قالت فيه إن صحيفة النيويورك بوسط كشفت النقاب عن قيام صناديق دعم إيرانية بتقديم مئات ألاف الدولارات سنويًا لجامعات وكليات أميركية وفي مقدمتها جامعة كولومبيا المصنفة على رأس الجامعات الأميركية والعالمية.
يديعوت أحرونوت: بيبي يخشى ألا يصادق الوزراء على الصفقة
في الحيز الضيق الذي أبقته الرقابة العسكرية للصحافة الإسرائيلية في تغطية جوانب صفقة شاليط، كتبت يديعوت أحرونوت على لسان محللها السياسي شمعون شيفر تقول: "من دون أدنى شك"، قال الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز "إن هناك تقدمًا حقيقيًا في الاتصالات للإفراج عن غلعاد شاليط". مع ذلك اقترح بيريز إبقاء تفاصيل التطورات وراء الكواليس. يمكن الافتراض أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على وشك اتخاذ أحد أكثر قراراته دراماتيكية، بل وربما أكثرها أثرًا من الناحية التاريخية. بكلمات بسيطة نتنياهو سيحسم المسألة المبدئية" متى يمكن للدولة الخضوع للإرهاب؟
فبالنسبة إلى نتنياهو، لا يدور الحديث هنا فقط عن قرار لا سابق له، وإنما عن تخلي مطلق عن كل ما دعا إليه في كتبه، وخطاباته ومنطقه السياسي.هذه الأقوال نسوقها اعتمادًا على الافتراض القائل بأن نتنياهو لن يتمكن من إتمام الصفقة بسعر اقل من السعر الذي عرضته حكومة أولمرت، في ساعاتها الأخيرة في ديوان رئاسة الحكومة.
فكما سبق وأن نشر في الماضي، فقد كان آخر اقتراح قدمته حكومة أولمرت، عبر الوسيط عوفر ديكل ورئيس الشاباك يوفال ديسكين لقادة حماس، قد نص على الإفراج عن 324 أسيرًا فلسطينيًّا من بين 450 أسيرًا "ثقيلاً" وردت أسماؤهم في قوائم حماس. رفض الجانب الإسرائيلي بشدة الإفراج عن 125 أسيرًا حكم عليهم بالسجن المؤبد مدى الحياة، لأنهم كانوا وراء تخطيط وتنفيذ أقسى العمليات في إسرائيل.
ووفقًا لمصادر أجنبية فقد وافقت حماس على تبديل أسماء 70 أسيرًا وردت أسماؤهم في القائمة الأصلية، وذلك على أساس الاتفاق بين الطرفين (حماس وإسرائيل) بأن ينقل هؤلاء الأسرى للقطاع أو يتم ترحيلهم إلى الخارج لكل دولة تقبل باستيعابهم. ولم يقف الأمر عند هذا الحد فقد نشر أيضا انه تم الاتفاق بأن تفرج إسرائيل عن 1000 أسير بعد أن ينقل شاليط إلى القاهرة، وlsquo;ن أسرى آخرين كبادرة حسن نية من إسرائيل تجاه أبو مازن.
السؤال الذي يواجهه اليوم كل من رئيس الحكومة، نتنياهو، ووزير الأمن براك، هو من سيصادق على إبرام الصفقة.
يقول من علموا بأمر التخبط الذي يعيشه نتنياهو، بضرورة تشكيل لجنة وزارية يكون هناك ميل واضح عند أعضائها لبلورة موقف مؤيد للصفقة، أن تبلور هذه اللجنة قرار تخول الحكومة بموجبه نتنياهو من إبرام الصفقة. ويأتي هذا في ظل الخوف والقلق من ألا تحظى الصفقة المقترحة بتأييد أغلبية وزراء الحكومة. يمكن الافتراض بأن يرفق نتنياهو عند اتخاذ القرار بالمصادقة على الصفقة قرار رئيس المحكمة العليا السابق، شمجار، بأن حكومة إسرائيل لن تطلق في المستقبل سراح عدد كبير من الأسرى مقابل أسير إسرائيلي واحد، وستدفع إسرائيل مقابل "جنودها القتلى" بجثث قتلى تحتفظ بها.
الأمر الأكيد أنه بعد إبرام الصفقة ستتعاظم الضغوط الدولية على حكومة نتنياهو لرفع الحصار عن قطاع غز بدعوى أنه لا يوجد هناك جندي إسرائيلي واحد في الأسر. ولن يأبه أحد بادعاءات نتنياهو أنه لا يجوز الحديث مع حماس. يجب قول الحقيقة حتى لو كانت قاسية: الإفراج عن مئات القتلى الفلسطينيين سيعزز سلطة حماس في قطاع غز، وسيضطر حكومة نتنياهو في نهاية المطاف إلى التسليم بالوصفة التي طبختها. بعد ذلك سنرى ما إذا كانت ستجرؤ على مقارعة موفاز الذي يقترح التفاوض مع حماس " إذا توفرت شروط معينة"
الجيروزاليم بوسط: ليس بكل ثمن
تحت العنوان أعلاه كتبت صحيفة الجيروزاليم بوسط افتتاحيتها المعارضة لصفقة شاليط كما ترسمها التقارير الصحافية العربية والدولية. وقالت الصحيفة: " تدعي التقارير في وسائل الإعلام العربية، التي تعتمد على تصريحات مسئول رفيع المستوى في حركة حماس، تدعي إتمام بنود وتفاصيل صفقة شاليط. وخلافا للماضي فإن إسرائيل لم تتحفظ هذه المرة من هذه التقارير وصحتها، بل إن الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز أوضح في ختام لقائه بالقاهرة بالرئيس المصري حسني مبارك، انه تم فعلا إحراز تقدم في الاتصالات."
" مع ذلك فإن تجربة الماضي تعلمنا أنه في كل ما يتعلق بشاليط- فمن الصعب أن نميز بين الأخبار الحقيقية وبين الخدع الإعلامية. فمنذ اختطافه في حزيران 2006، لم تتراجع حماس عن مطالبها بالإفراج عن 1000 مخرب محبوسين في إسرائيل ثمنا له، وبضمنهم "مخربين كبار" كانوا وراء تخطيط عمليات وحشية، أزهقت أرواح إسرائيليين كثيرين. وفق لما نشر فإن من بين المخربين الذي تطالب حماس بالإفراج عنهم، أولئك المسئولين عن تخطيط العملية التفجيرية في سبارو وفي مقهى مومينت في القدس، وفي الدولفيناريوم في تل أبيب ومذبحة فندق بارك في نتانيا". (كانت العملية الأخيرة ذريعة إسرائيل عام 2002 لشن حملة "السور الواقي" وفرض الحصار على أبو عمار في المقاطعة، ن.و)
"إن معضلة رئيس الحكومة صعبة، فهو لا يريد أن يكون رئيس الحكومة الذي يطلق سراح أسوأ مخربين أوغاد واجهتهم إسرائيل. وفي جهاز الأمن يخشون من التبعات الصعبة لتحرير كم هائل من المخربين". إن الإفراج عن المخربين بالجملة، قد يؤدي إلى تعزيز قوة حماس في الشارع الفلسطيني وأن يقود إلى انهيار المكانة المهتزة لأبي مازن. ففي خطوة ذكية، تطالب حماس أيضًا بالإفراج عن مروان البرغوثي".
"زيادة على ذلك، فإن الإفراج عن مئات المخربين المنبوذين، قد يشجع أيضاً عمليات اختطاف جديدة تستهدف الإسرائيليين. لقد سبق لحركة حماس أن عرضت جائزة مالية بقيمة مليون دولار لكل عربي إسرائيلي يخطف جنديا إسرائيليا".
"صحيح أن الجمهور الإسرائيلي ينتظر بفارغ الصبر رؤية غلعاد شاليط في حضن عائلته، وأن الإفراج عنه قد تحول إلى رمز لاستعداد الدولة لبذل كل شيء من أجل استعادة جندي وقع في أسر العدو، ولكن يجب أن نقول الحقيقة أيضًا: الابتزاز العاطفي من أجل الإفراج عن شاليط يضر بالمصالح القومية".
على الدولة أن تبذل كل ما في طاقتها من أجل إعادة الجندي المخطوف إلى منزله ولكن ليس مقابل ثمن ينطوي على أخطار أمنية وإستراتيجية بعيد المدى. على نتنياهو أن يقلب كل حجر في محاولاته للإفراج عن شاليط، ولكن دون المس بالمصالح القومية".