أخبار

أوباما: التزام أميركا بأمن العالم لن يتزعزع

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

أوباما يعتبر القرار حول أفغانستان الاصعب خلال رئاسته

يرجع أوباما استلامه لجائزة نوبل للسلام وهو في بداية عمله كرئيس للولايات المتحدة إلى أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة في دولة تخوض حربين، إحداهما تقترب تدريجيًّا من نهايتها.

واشنطن: تسلم الرئيس الأميركي "باراك أوباما" جائزة نوبل للسلام من رئيس اللجنة ثوربيورن ياجلاند يوم الخميس الماضي الموافق 10 من كانون الأول/ديسمبر، في احتفال أقيم في مبنى بلدية أوسلو، ليكون رابع رئيس أميركي يفوز بالجائزة وواحدًا من بين 21 أميركي في جميع الميادين منذ عام 1906، منحتهم هذه الجائزة لجنة نوبل النرويجية تقديرًا لإنجازاتهم الخارقة في الترويج للوئام والسلام الدوليين. فقد فاز الرئيس "ثيودور روزفلت" بالجائزة في 1906 لما قام به من جهود وساطة بين اليابان وروسيا خلال الحرب التي نشبت بينهما.

ومنح الرئيس الأسبق وودرو ويلسون جائزة نوبل للسلام في 1919 تقديرًا لبرنامجه للسلام المستند إلى 14 نقطة وتأسيس عصبة الأمم، وهي منظمة دولية أراد لها أن تعزز الوفاق العالمي. وعلى الرغم من أن الكونجرس الأميركي لم يصادق على انضمام الولايات المتحدة إلى عصبة الأمم، إلا أن مساعي ويلسون أسهمت في رسم هدف إنشاء منظمة أممية مكرسة للعلاقات السلمية بين الدول والتي كانت البذرة لمنظمة الأمم المتحدة التي تم إنشاؤها عقب الحرب العالمية الثانية.

وعلى مدى حياته، نشط الرئيس الأسبق جيمي كارتر في العمل على تسوية وفض النزاعات الدولية والأعمال الخيرية العالمية لاسيما من خلال منظمته المعروفة بمركز كارتر الذي يتخذ من مدينة أتلانتا مقرًّا له. وقد منحت لجنة نوبل كارتر جائزة السلام في عام 2002.

وفي خطاب تسلمه الجائزة، سلط أوباما الضوء على مفهومين قد يبدوان متعارضين، وهما السلام العادل والحرب العادلة. وأشاد بالذين سبقوه في نيل هذه الجائزة منذ أوائل القرن العشرين. وفي تقريرنا التالي نعرض لأهم النقاط التي جاءت بكلمة أوباما، وتعليق رئيس مجلس العلاقات الخارجية "ريتشارد هاس" عليه.

رد على فوزه بالجائزة

في بداية كلمته أشار أوباما الى الجدل الكبير الذي ولده قرار اللجنة باختياره لجائزة نوبل، ويرد ذلك أنه في البداية، وليس عند نهاية نشاطه على المسرح العالمي. وبالمقارنة مع بعض من عمالقة التاريخ الذين تلقوا هذه الجائزة- شوايتزر وكنج؛ مارشال ومانديلا- فإن منجزاته طفيفة.

ويرجع أوباما استلامه للجائزة وهو في بداية عمله كرئيس للولايات المتحدة إلى أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة في دولة تخوض حربين، إحداهما تقترب تدريجيًّا من نهايتها. أما الحرب الأخرى فهي نزاع لم تسع إليه أميركا؛ نزاع تشترك معنا فيه 42 دولة أخرى - من بينها النرويج - في محاولة للدفاع عن الولايات المتحدة وعن كل الأمم من هجمات أخرى. ويضيف أنه جاء إلى أوسلو بإحساس حاد بالتكاليف الباهظة للنزاع المسلح "إحساس يفيض بأسئلة صعبة عن العلاقة بين الحرب والسلام، وعن جهودنا لاستبدال أحدهما بالآخر".

وأشار أوباما في كلمته إلى أسباب الحروب تاريخيًّا، وإلى سعى الفلاسفة ورجال الدين والساسة إلى تنظيم قوة الحرب المدمرة. وبزوغ مفهوم "الحرب العادلة" الذي يقول: إن الحرب لا يجوز تبريرها إلا عندما تلبي شروطًا معينة: أي إن كانت تُشن كملاذ أخير أو دفاعًا عن النفس؛ أو إذا استخدمت القوة بصورة متناسبة؛ أو إذا تم تجنيب المدنيين العنف، حيثما أمكن.

ولم يغفل أوباما دور الولايات المتحدة في تحقيق السلم والأمن الدولي بداية بعصبة الأمم التي رفض الكونجرس الأميركي التوقيع عليها، مضيفًا " قادت أميركا العالم في بناء صرح لصون السلام: مشروع مارشال والأمم المتحدة، وآليات تحكم شئون الحرب، ومعاهدات تحمي حقوق الإنسان، وتمنع الإبادة البشرية وتحد من أخطر الأسلحة". تلك الجهود ـ حسبما أشار أوباما ـ منعت العالم من حرب عالمية ثالثة.

الحل في التعاون الدولي والمؤسسات الإنسانية

بعد طرحه لتاريخ الحروب ودور الولايات المتحدة في منع حرب عالمية ثالثة، تحدث أوباما عن صعوبة الاعتماد على الولايات المتحدة في كل مشكلات الحروب، فيقول: "إنني لا أحمل معي اليوم حلاًّ محددًا لمشاكل الحرب. ولكن ما أعرفه هو أن مواجهة هذه التحديات سوف تتطلب الرؤيا والعمل الشاق والمثابرة التي تحلى بها أولئك الرجال والنساء الذين تصرفوا بجرأة وجسارة بالغتين قبل عقود من الزمن. وسوف تتطلب منا أن نفكر بطرق مختلفة إزاء مفاهيم الحرب العادلة وضرورات السلام العادل".

ويردف: "إننا لن نستأصل كل النزاعات العنيفة في حياتنا. ستكون هناك أوقات حينما تجد الدول- سواء منفردة أو مجتمعة - أن استخدام القوة ليس فقط ضروريًا بل له ما يبرره أخلاقيًا". ويقتبس من مارتن لوثر كينج ـ زعيم الحقوق المدنية التي فاز بجائزة نوبل للسلام في 1964 ـ أن: "العنف لا يجلب السلام الدائم أبدًا. إنه لا يحل أي مشكلة اجتماعية: فهو يخلق مجرد مشاكل جديدة وأكثر تعقيدًا."

وأشار أوباما في كلمته إلى تحدي التوفيق بين حقيقيتين متعارضتين "اللتين تبدوان أنهما لا توافق بينهما، وهما أن الحرب ضرورية أحيانا؛ وأن الحرب، عند مستوى ما، تكون تعبيرًا عن الحماقة الإنسانية". مقتبسًا الحل من الرئيس كينيدي المتمثل في التطور التدريجي للمؤسسات الإنسانية.

يمثل هذا التطور بداية ـ حسب أوباما ـ في التزام الدول بقطع النظر عن قوتها في الالتزام بالمعايير التي تحكم استخدام القوة. لكنه أشار إلى أنه كأي رئيس يحتفظ بحق التصرف من جانب واحد عند الضرورة للدفاع عن بلاده. ولكنه أضاف "ومع ذلك، فأنا على قناعة بأن الالتزام بالمعايير، المعايير الدولية، يقوّي أولئك الذين يلتزمون بها ويعزل - ويضعف - أولئك الذين لا يفعلون".

ويبرر أوباما استخدام القوة لأسباب إنسانية كما كان الحال في البلقان. قائلاً "فعدم العمل يمزق ضمائرنا ويمكن أن يؤدي إلى تدخل أكثر تكلفة فيما بعد. لهذا السبب يجب على كل الدول المسئولة أن تتبنى الدور الذي تستطيع القوات العسكرية أن تلعبه في حفظ السلام بتفويض واضح".


خلال مقابلة مع قناة CBS

وتحدث أوباما على أن التزام أميركا بأمن العالم لن يتزعزع أبدا، إلا أنها "في عالم تتوزع وتتباعد فيه الأخطار وتتعقد فيه المهام، لا تستطيع العمل وحدها. فأميركا وحدها لا تستطيع تأمين السلام. وهذا صحيح في أفغانستان. هذا صحيح في الدول الفاشلة كالصومال حيث انضمت المجاعة والمعاناة الإنسانية إلى الإرهاب والقرصنة".

بناء سلام عادل ودائم

ذكر أوباما في كملته ثلاثة طرق يمكن من خلالها بناء سلام عادل ودائم، هي:

أولاً: بالنسبة للتعامل مع تلك الدول التي تنتهك القواعد والقوانين، أهمية العمل على تطوير بدائل للعنف تكون صارمة بما فيه الكفاية لتغيير السلوك "لأننا إذا ما أردنا تحقيق سلام دائم، عندها يجب يكون لكلمة المجتمع الدولي معنى. فتلك الأنظمة التي تخرق القواعد يجب أن تتحمل المسئولية. والعقوبات يجب أن تترتب عليها تكلفة حقيقية. والعناد يجب أن يواجه بضغوط متزايدة - ومثل هذه الضغوط لن توجد إلا حينما يتضافر العالم ويقف صفًّا واحدًا". ضاربًا أمثلة بالجهود المبذولة الرامية إلى منع انتشار الأسلحة النووية، والسعي من أجل تحقيق عالم خال منها.

ثانيًا: السلام ليس مجرد غياب النزاع أو الصراع الظاهر. فالسلام العادل الوحيد الذي سيدوم حقًّا هو السلام الذي يقوم على الحقوق المتأصلة والكرامة لكل فرد. والتى كانت الدافع لواضعي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. مضيفًا "أن السلام لا يستقر في الأماكن التي يحرم فيها المواطنون من حقهم في التعبير بحرية أو ممارسة العبادة كما يشاءون؛ واختيار زعمائهم أو التجمع دون خوف". ويرى أوباما أن تعزيز حقوق الإنسان لا يمكن أن يتحقق بالدعودة إليها فحسب. ففي بعض الأحيان، يجب أن يكون ذلك مقرونًا بدبلوماسية جادة ومضنية.

ثالثًا، إن السلام العادل لا يقتصر على الحقوق المدنية والسياسية فحسب- وإنما يجب أن يشمل الأمن الاقتصادي وإتاحة الفرص. لأن السلام الحقيقي لا ينحصر في التحرر من الخوف، وإنما التحرر من العَوَز.

وفي نهاية كلمته رفض أوباما استخدام الدين الإسلامي في تبرير الهجمات الإرهابية لأن هذا يضر بالدين الإسلامي قائلاً: "أما الخطورة القصوى ، فإننا نراها في الطريقة التي يُستخدم بها الدين لتبرير قتل الأبرياء على يد أولئك الذين شوهوا وأساءوا إلى دين الإسلام العظيم، والذين هاجموا بلدي من أفغانستان". مشيرًا أن التطرف ليس مقترنًا بالإسلام فقط فيقول: "وأولئك المتطرفون ليسوا أول من قتل مستخدمًا اسم الله؛ فبشاعة الحملات الصليبية مسجلة بإسهاب. ولكنهم يذكروننا بأن أي حرب مقدسة لا يمكن أن تكون حربًا عادلة على الإطلاق".

رؤية هاس لكلمة أوباما

في تعليق منشور لرئيس مجلس العلاقات الخارجية Council on Foreign Relations، ريتشارد هاس، يقول هاس:" ليس من السهل على رئيس يقود بلاده في حربين لم تنتهيا ـ حرب أفغانستان والعراق ـ من الحديث في حفل لجائزة نوبل للسلام، ولكن الرئيس أوباما نجح في الخروج من تلك المعضلة بالحديث باقتدار انطلاقًا من المقولة الرومانية التقليدية "إذا أردت السلام فلابد من التخطيط للحرب". ففي خطابه بمناسبة تسلمه جائزة نوبل للسلام تحدث أوباما عن أن الحرب ـ في أوقات ـ تكون حرب ضرورة لأن اللاحرب قد لا تكون قادرة على مواجهة الأعداء مثل ألمانيا النازية وتنظيم القاعدة، فقد تحدث أوباما عن أن الحرب قد تكون ضرورية وهي منطلقة في إرسال مزيد من الجنود الأميركيين إلى أفغانستان رغم معارضة كثيرين.

ويرى هاس أن خطاب أوباما في حفل تسلمه جائزة نوبل للسلام يذهب أبعد ممَّا ذهبت إليه نظرية الحرب التي تحدد متى تستخدم القوة ونطاق استخدامها والتي كانت تركز بالأساس على أن الهدف من شن الحروب هو الحفاظ على مصالح الدولة العليا. فيرى أوباما أن الحرب قد تكون شرعية إذا لم تكن من أجل حماية المصالح العليا للدولة المهددة من قوى خارجية مثل حالات الإبادة الجماعية.

وبالنظر إلى خطاب الرئيس الأميركي بأسلو نجد أنه تخطى قضيتي الحرب والسلام فقد كان موجهًا إلى قطاعين: الأول المجتمع الدولي بدعوة إلى التكاتف لفرض مزيد من العقوبات على طهران لإثنائها عن برنامجها النووي، مذكرًا المجتمع الدولي أن السلام لا تحققه دولة واحدة كبرى حتى ولو كانت الولايات المتحدة ولكنه يحتاج إلى جهد غير عادي وإلى تقديم التنازلات من جانب الولايات المتحدة أكثر من أي دولة أخرى وتطرق كما تحدث في أكثر من محفل آخره في جامعة القاهرة أن الإرهابيين الذي ينفذون عمليات إرهابية باسم الإسلام يسيئون إليه.

أما القطاع الثاني: فقد كان لمنتقديه داخل الولايات المتحدة الذي انتقدوا تواصله وانخراطه مع دول سلطوية وقمعية مذكرهم بسياسيات الرئيسين الجمهوريين السابقين ريتشارد نيكسون ورونالد ريجان الذي تواصل مع الصين وروسيا السلطويتين.

وذهب إلى طمأنة منتقديه من المحافظين والجمهوريين الذي انتقدوه للتخلي عن دعم حقوق الإنسان ودعم المعارضين في إيران وبورما وزيمبابوي كميا فقط.

ويرى هاس أن الرئيس الأميركي باراك أوباما حاول أن يصور نفسه في أسلو على أنه مثالي وواقعي في الوقت ذاته. فقد أظهر أنه لا يسعي إلى السلام فقط بل أيضًا إلى العدل. وتمثلت واقعيته في الحديث عن وجود الشر في العالم، والقيود المفروضة على المؤسسات الدولية، والحاجة لإجراء محادثات مع الطغاة، وحتمية الحرب.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الجماعات الارهابيه
nero -

خارج الموضوع