أخبار

الجورشي لإيلاف: المشهد الإعلامي في تونس لا يستجيب لمطالب الصحفيين

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
إسماعيل دبارة من تونس: أثار حجز العدد الأخير من صحيفة "الطريق الجديد" التونسية المعارضة و مصادرة تجهيزات راديو "كلمة" بعد يوم واحد من تحوّله من إذاعة الكترونيّة إلى البثّ عبر الأقمار الصناعيّة ، موجة استياء عارمة في صفوف عدد من الإعلاميين التونسيين.
و شهدت الأيام الأخيرة من شهر يناير / جانفي سلسة من الإجراءات التي وصفها عدد من المتابعين بـ"المعادية لحرية التعبير و الإعلام في البلاد".
و اعترفت السلطات التونسيّة بمصادرتها للعدد 113 من صحيفة "الطريق الجديد" المعارضة لسان حال حركة التجديد اليسارية بتعلة خرقها لـ"نصوص في قانون الصحافة".
وصودر العدد 113 من الصحيفة بتاريخ السبت 31 يناير /كانون الثاني لمخالفة الفصل 63 من مجلة الصحافة على حدّ تعبير المسؤولين ، كون هذا الفصل يمنع نشر الأعمال المتعلقة بالإجراءات الجزائية، وهو ما حصل لما نشرت "الطريق الجديد" مقالا يتضمّن محضرا لاستجواب احد المتهمين على خلفية ما بات يعرف باحتجاجات الحوض المنجمي الاجتماعيّة التي جرت في العام 2008 بالجنوب التونسي، وتحديدا في منطقة المناجم.
لكن إدارة تحرير الصحيفة وعلى لسان الصحفي سفيان الشورابي أحد محرريها كشفت لإيلاف أن وزارة الداخلية التونسية اتخذت قرار الحجز دون إعلام إدارة الصحيفة بذلك. ويقول:" قرار الحجز استند طبقا للبلاغ الرسمي على الفصل 63 من مجلة الصحافة، وهو فصل ينصّ على أنه يحجر نشر قرارات الاتهام وغيرها من الأعمال المتعلقة بالإجراءات الجزائية قبل تلاوتها في جلسة عمومية ،في حين أنّ نص استنطاق أحد المتهمين في قضية الحوض المنجمي، الذي نشرته "الطريق الجديد" في عددها المحجوز تم تداوله أمام العموم في الجلسة الأولى للدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بمحافظة قفصة المنعقدة يوم 4 ديسمبر الماضي وقد وقع بناء عليه إصدار الحكم بالسجن في جلسة يوم 11 ديسمبر 2008 لنفس الدائرة بالمحكمة المذكورة، و بالتالي فإنّ قرار مصادرة العدد غير قانونيّ ويعتبر قرارا سياسيا يندرج ضمن التضييقات المسلطة على حرية التعبير وحرية الصحافة".
الشورابي قال إنّ إرادة السلطة في كبح جماح الصحافيين ومصادرة حقهم في التعبير الحرّ ستصطدم دوما بعزيمة الصحافيين المستقلين التي لا تلين من اجل تكريس حرية إعلام حقيقية في تونس ، ودعا إلى ضرورة السعي لتغير جذري لمجلة الصحافة المعادية لحرية الإعلام في شاكلتها الحالية على حدّ تعبيره.
وقبل حجز العدد 113 من صحيفة الطريق بيوم واحد ، رفعت الجهات المعنيّة دعاوى قضائية ضدّ الصحفية و الناشطة الحقوقية سهام بن سدرين رئيسة تحرير مجلة "كلمة" الالكترونيّة مع مصادرة كافة تجهيزات البث الإذاعي بعد أن اتهمتها الحكومة بالعمل دون ترخيص اثر إطلاقها الإذاعة المُموّلة من مركز الدوحة لحرية الإعلام الذي يرأسه روبار مينار الأمين العام السابق لمنظمة مراسلون بلا حدود ومقرها باريس.
وعلى الرغم من أنّ عددا من الصحفيين التونسيين تأمّل خيرا في العام 2009 الذي تستعدّ فيها البلاد للانتخابات العامة ، تحديدا فيما يتعلّق بحريّة الصحافة و توسيع هامش الصحفيين للإخبار و الجرأة على الخوض في بعض "المحرمات" ، إلا أنّ عدة مؤشرات أعطت انطباعا سلبيا لدى كثيرين من إمكانية حصول انفراج أو تغيّر ايجابيّ في المشهد لإعلامي التونسي في القريب العاجل، خصوصا مع تكرّر الاعتداءات المعنوية و الجسدية التي طالت صحافيين مستقلين بالإضافة إلى رفع عدد من القضايا ضدّ صحف المعارضة و تواصل سياسة حجب عدد من المواقع الالكترونية الإخبارية و المعارضة و الحقوقية.
الكاتب الصحفيّ صلاح الدين الجورشي اعتبر في حديث له مع "إيلاف" المشهد الإعلامي في تونس "غير مستجيب لتطلعات ومطالب ليس الإعلاميين فقط ، ولكن لكلّ مكونات النخبة التونسيّة خاصة و إنّ هذا الإعلام يخضع لدرجتين من الرقابة.
و بحسب الجورشي وهو نائب رئيس "الرابطة التونسيّة للدفاع عن حقوق الإنسان" فإنّه و إلى جانب الرقابة الحكوميّة و التي تتخذ أشكالا متعدّدة يوجد رقابة ذاتيّة لم يستطع الصحفيون التونسيون التخلّص منها رغم مرور فترة طويلة على اضطرارهم لممارستها. ولهذا لا يزال القراء في تونس غير مقتنعين بجدوى وسائل إعلامهم مما يضطرهم إلى البحث عن الخبر و تحليله في وسائل إعلام خارجيّة.
الجورشي لا يرى أن الصحافة التونسية تخلو من حين لآخر من محاولات تبدو جريئة و إنما القصد مما تقدّم أنّ المسار العام لا يمكن أن يستجيب للقراء و الصحفيين.ويقول:"لعلّ ما يُنقذ المشهد الإعلامي المحلي شيئا ما هو تسامح السلطة مع بعض صحف المعارضة مثل "الموقف" ومواطنون" و الطريق الجديد" و لكن ومع وجود هذا التسامح و أهميته إلا أنّ هذه الصحف تتعرّض بدورها إلى صعوبات وقرارات قاسية تجعلها خاضعة لإجراءات قضائية أو إدارية مما يحدّ من فاعليتها.
و لأنّ الصحافة المعارضة في تونس ليست جماهيرية ، فهي محدودة التوزيع و التأثير على حدّ تعبير الكاتب الصحفي صلاح الدين الجورشي ، فإنّ بعضا من جرأتها و خروجها عن السياق العام قد يجعلها عرضة بين الفينة و الأخرى للجدار الرسميّ، وضمن هذا السياق يأتي حجز العدد الأخير من صحيفة الطريق الجديد.
أما رفع دعاوى قضائية ومصادرة ممتلكات راديو "كلمة" فهي مسألة تطرح مستوى آخر من إشكالية الإعلام في تونس ، فالاحتكار الكامل الذي مارسته الدولة على مجال الإعلام السمعي أضحى معلوما لدى الجميع و إن حاول بعض الصحفيين وضع حدّ له من خلال تقديم عدد من المطالب للحصول على رخصة البث الإذاعي.
يعتبر الجورشي المحاكمة التي يمكن أن تتعرض لها الزميلة سهام بن سدرين محاكمة رأي بالأساس قد تعيد الجدل حول حرية الإعلام في تونس وحرية المؤسسات الإعلامية في المجال الإذاعي و تعدّدها.
وقال الجورشي إنه و زملائه في الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ( المنظمة الحقوقية القانونيّة الوحيدة في تونس) يتابعون "بقلق شديد هذه القضايا المتعلقة بحرية التعبير فهي معركة متأخرة من الناحية التاريخية لأننا مع الألفية الجديدة نعتقد أنّ حركة المعلومات وحرية التعبير و الصحافة أصبحتا من المسلمات".
ومع تزامن تكرّر الاعتداءات التي تطال حرية التعبير في تونس مع السنة الانتخابية ، التي من المفترض أن يكون فيها المشهد الإعلاميّ ثريا ومنفتحا ومتحرّرا ، قال الجورشي إنّ هذا التزامن يثير استغرابه بالفعل و استغراب جميع المتابعين،حيث أنّ التوقعات خصوصا فيما يتعلق بالحريات و الشأن السياسي تعتبر أن العام 2009 سيكون بكلّ حال أفضل من غيره نظرا لكونه عاما انتخابيّا بامتياز ومع رواج أخبار عن قرب صدور قرارات ايجابية تصبّ في هذا السياق ، لكن ما فاجأ الجميع تكاثف و تواتر القضايا التي لها علاقة مباشرة بعدد من الحريات السياسية و بالتالي أضحى من المشروع السؤال عن خلفية هكذا مؤشرات سلبية.
و لا يخف الجورشي أمله بزوال هذه "الانتهاكات" و "الضغوطات" على الإعلاميين التونسيين في الأشهر القليلة القادمة خصوصا مع اقتراب الموعد الانتخابيّ أكثر فأكثر، إذ أنّ "المصلحة العامة ومصلحة هذه المحطة الانتخابية تقتضي تنقية الأجواء و المناخ العام و معالجة المسائل الخاصة بحقوق الإنسان و بالحريات الفردية و الجماعيّة بأسلوب مختلف تماما عن الأسلوب الحاليّ". بن سدرين تدعو الأحرار عبر "إيلاف" إلى مساندة راديو "كلمة"
https://elaph.com/amp/Web/AkhbarKhasa/2009/1/404190.htm

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف